على مدار يومين اختلفت تعليقات الصحف الإيرانية، فلا يمكن اختزالها فى تعلق صحيفة واحدة بينما تنوعت الردود بين الرفض القاطع أو بحث الطلب، فالصحف المحسوبة على التيار الإصلاحى، طرحت سيناريوهات مختلفة وناقشت الفائدة التى على ستعود على طهران، بينما كانت لهجة الصحف المتشددة أكثر صرامة إذ نعت بعضها ترامب بلاعب القمار وهو الوصف الذى وصفه به قائد فيلق القدس قاسمى سليمانى.
إبعاد المتشددين فى البيت الأبيض أولا
قدرا من المرونة والإرتياب يمكن أن يلاحظ فى الصحف الإصلاحية، ففى صحيفة "آرمان" الإصلاحية كتبت على صدر صفحتها عنوان "إيران-أمريكا، المفاوضات الكبيرة؟"، ناقشت الاحتمالات وردود الأفعال تجاه طلب الرئيس الأمريكى، وتساءلت فى بداية تقريرها "هل سيجلس كلا من إيران والولايات المتحدة بعد سنوات على طاولة المفاوضات؟" وقالت أن لدى الإيرانيين عدم ثقة تجاه واشنطن لا يمكن بسهولة أن يجلسوا على طاولة المفاوضات، وقال حميد رضا آصفى الرئيس الأسبق لمركز الدبلوماسية العام التابع لوزارة الخارجية فى حكومة الرئيس الأسبق محمد خاتمى، ينبغى أن يحدد ترامب موقف متشددو البيت الأبيض، نحن نرى تخبط داخله، وأفضل وسيلة لترامب إذا كان حقا يسعى للتفاوض مع إيران هى إبعاد الأشخاص المتشددة عنه، وهم مايك بامبيو وزير الخارجية وجون بولتون مستشار الأمن القومى.
عدم الرفض ومناقشة طلب ترامب فى "الأعلى للأمن القومى"
حتى بين المسئولين فى الداخل الإيرانى تباينت ردود الأفعال بين الرافض للدعوة والمتمهل فى إبداء رد فعل والداعى لدراسة المطلب أولا، وينتمى حجة الاسلام ناطق نوري عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام إلى القسم الأخير، ونقلت الصحف الإصلاحية قوله "مبادرة ترامب سيتم بحثها فى المجلس الأعلى للأمن القومى، وقال "ينبغى على إيران عدم رفض مبادرة التفاوض لساكن البيت الأبيض فى البداية، ينبغى دراسة الموضوع بتأمل فى المجلس الأعلى للأمن القومى، علينا التأمل وألا نرتبك أو نتحمس فى الوقت نفسه، لأن ترامب من الممكن أن يستغل حماسنا أسوء استغلال"، وأكد نورى الذى كان مقربا من القيادة الإيرانية وكان يشغل منصب المفتش العام في مكتبه على أنه لا ينبغى أن نرفض هكذا الإقتراح حتى لا يقولون إيران تسعى للعنف والحرب ونتهم بذلك، يجب بحثه ودراسته مع المسئولين المعنيين ومن ثم اتخاذ القرار.
انقسام إعلامى وداخلى
وفى السياق نفسه نظر الإعلام المقرب من التيار الاصلاحى بارتياب، وفى صحيفة "افتاب يزد" وصفت دعوة ترامب بحركة على رقعة الشطرنج، وكتبت "الرئيس الأمريكى أطلق مقترح للتفاوض مع إيران بدون شروط مسبقة، والآن يجب على طهران الاختيار الحساس والمصيرى"، وتحت عنوان "طبول الحرب ونغمة المفاوضات" قالت صحيفة ابتكار الاصلاحية، أن تصريحات ترامب الأخيرة تتضمن إشارات متناقضة نظرا لسياسات البيت الأبيض أمام طهران فى العام ونصف الماضية.
أما صحيفة "اعتماد" الاصلاحية نشرت على غلافها صورة لترامب ووصفت الدعوة بالفخ وكتبت تحت عنوان "فخ ترامب"، أن ترامب القى بالكرة فى ملعب إيران، مشيرة إلى أن بعض المحللين اعتبروا دعوة التى جاءت بعد تصعيد كلامى وتهديدات متبادلة بين قادة البلدين إنما هو تراجع للولايات المتحدة الأمريكية أمام صمود إيران، وقالت أنه ينبغى على روحانى باعتباره الشخص التنفيذى الأولى فى البلاد، أن يختار بين المفاوضات أو رفضها، وفى حال اختيار سيناريو المفاوضات قالت الصحيفة أن المفاوضات فى أفضل حالتها لا يمكن أن نأمل فى نجاحها، أما فى حالة اختيار السيناريو الثانى أى رفض المفاوضات سيكون لها مردود داخل البلاد وعلى مواقع التواصل الإجتماعى وسيوحى البعض بأن انقاذ الاقتصاد الإيرانى سيكون فى المفاوضات، ليس ذلك فحسب بل أن بعض الصحف دعت للدخول فى مفاوضات من أجل البلاد وكتبت صحيفة "بهار" الاصلاحية على صدر صفحتها "المفاوضات من أجل إيران" على الجانب الأخر أخذت صحف التيار المتشدد توجه الحرس الثورى الذى رفض بشكل قاطع دعوة ترامب، ووصفت صحيفة "جوان" التابعة للمؤسسة النافذة فى السياسة الإيرانية، ترامب بلاعب القمار.
دبلوماسى سابق يطالب روحانى بدعوة نظيره الأمريكى لزيارة إيران
وكما جرت العادة لا يخلو الحديث حول الصراع بين الولايات المتحدة وإيران دون حدوث انقسام داخلى بالأمور المتعلقة بالسياسة الخارجية، لذا نجد تغيير واضح فى مواقف بعض السياسيين الإيرانيين، على نحو ما قال سيد حسين موسويان الدبلوماسى الإيرانى السابق، فى مقاله بصحيفة "اعتماد" الذى كتبه بعنوان "لو كنت مكان روحانى.."، قائلا لو كنت مكانه لدعوت ترامب لزيارة طهران أولا، وقبل بدء الحوار لاصطحبته فى برنامج للتعريف بإيران ولقاء أسر شهداء وضحايا السلاح الكيماوى بالحرب العراقية الايرانية، حتى يلمس عن قرب عواقب السياسة الأمريكية تجاه إيران ويتعرف عن سبب انعدام الثقة بين البدين،.. وغيرها من المقترحات طرحها الكاتب الإيرانى. لكن اللافت للانتباه أن الدبلوماسى الإيرانى اعتبر أن دعوة ترامب تطور ملحوظ يصب فى صالح إيران، معتبرا أن تصريحات ترامب ستثير جنون حلفاءه فى المنطقة.
إشارات متناقضة
رأى أيضا اعلام طهران أن هناك تناقض أمريكى، وكتبت صحيفة "إيران" الحكومية فى مانشيتها الصادر "التناقضات الأمريكية" معتبرة أن سياسات الإدارة الأمريكية المتناقضة ظهرت واضحة فى دعوة ترامب للمفاوضات المباشرة غير المشروطة وإلزامها بتحقيق الشروط الـ 12 التى طرحها بومبيو فى السابق.