وتحول الصراع الخفى بين الميليشيات المسلحة على مدار الأشهر القليلة الماضية إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الميليشيات المسلحة جنوب غربى العاصمة طرابلس، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين الكتائب، ما أدى لحدوث حالة من الفزع والرعب بين سكان طرابلس، مشيرا لنزوح عدد كبير من سكان بعض مناطق العاصمة الليبية بسبب الاشتباكات العنيفة التى تعصف بضواحى طرابلس.
وقال مصدر ليبى لـ"برلمانى"، إن اشتباكات عنيفة اندلعت صباح اليوم الاثنين، بين ميليشيات مسلحة تتبع حكومة الوفاق الوطنى برئاسة فائز السراج، موضحا أن الأطراف المتصارعة هى كتيبة ثوار طرابلس والكتيبة 301 التابعة للمنطقة العسكرية فى طرابلس من جهة، واللواء السابع "ترهونة" وأحد قادة الميليشيات التابعين لحكومة الانقاذ الوطنى ويدعى محمد دامونة من جهة أخرى.
وبدورها أعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، عن قلقها البالغ إزاء اندلاع أعمال العنف والاشتباكات المسلحة بمناطق جنوب غرب طرابلس منذ مساء يوم أمس الأحد وتجدد الاشتباكات فجر اليوم الاتنين، والتى تشكل تهديدا وخطرا كبيرين على سلامة وحياة المدنيين وأمنهم بالعاصمة طرابلس.
وطالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، جميع أطراف النزاع بالوقف الفورى لإطلاق النار والاقتتال الدامى الدائر فى مناطق جنوب غرب طرابلس المكتظة بالسكان المدنيين والقصف العشوائى بالأسلحة الثقيلة والذى يشكل خطرا كبيرا على حياة وسلامة المدنيين وممتلكاتهم.
وحذرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، طرفى الصراع من مغبة الاستمرار فى استهداف المدنيين خلال القصف بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة فيما بينها.
وحملت اللجنة المسئولية القانونية التامة لجميع أطراف النزاع المسلح وللمجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى حيال سقوط أى ضحايا أو مصابين فى صفوف المدنيين نتيجة هذه الاشتباكات والقصف العشوائى.
اشتباكات عنيفة فى ضواحى طرابلس
وطالبت اللجنة بتطبيق قرارى مجلس الأمن الدولى رقم (2174) و(2259)، واللذين ينصا على ملاحقة كل من يخطط أو يوجه أو يرتكب أفعالا تنتهك القانون الدولى أو حقوق الإنسان فى ليبيا"، وكذلك "حظر السفر وتجميد أموال الأفراد والكيانات الذين يقومون بأعمال أو يدعمون أعمالا تهدد السلام أو الاستقرار أو الأمن فى ليبيا، أو تعرقل أو تقوض عملية الانتقال السياسى فى البلاد".
ودعت اللجنة مجالس الحكماء والشورى والمصالحة الوطنية إلى سرعة التحرك لوقف إطلاق النار وإيجاد حل للتهدئة فيما بين طرفى النزاع.
وتعانى العاصمة الليبية طرابلس من الصراع الدائر بين عدد من الميليشيات والكتائب المسلحة التى تسعى لبسط سيطرتها الكاملة على العاصمة طرابلس، والتغلغل فى مفاصل الدولة ومواجهة أى جهود لبناء مؤسسات قوية فى الدولة الليبية.
وأشارت مصادر لـ"برلمانى" إلى أن الميليشيات المسلحة فى ليبيا باتت تتحكم فى كافة مقدرات الشعب الليبى من خلال بسط سيطرتها الكاملة على مصارف العاصمة طرابلس، فضلا عن تورطها فى عمليات تهريب الوقود إلى دول الجوار الليبى والحصول على نسبة فى الأموال جراء تجارة تهريب النفط الليبى إلى دول جوار ليبيا.
وتسيطر على طرابلس العديد من المجموعات المسلحة الآخرى التى تكونت إثر انطلاق عملية فجر ليبيا التابعة للمؤتمر الوطنى السابق المنتهية ولايته نهاية 2014 ، والتى طرحتها جماعة الإخوان الليبية للانقلاب على المشهد السياسى فى ليبيا والهيمنة على مقدرات الشعب الليبى.
وتختلف المجموعات المسلحة التى تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس فى انتماءاتها وإيديولوجياتها كما زاد عدد المقاتلين فى صفوف تلك الميليشيات بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التى تعيشها العاصمة طرابلس، ويقدر عدد المقاتلين فى صفوف الميليشيات بالآلاف خلال السنوات الأخيرة.
وتستعين حكومة الوفاق الوطنى فى العاصمة الليبية طرابلس لتأمينها وشراء ذمم قادة بعض الكتائب المسلحة بالمال، وتوفير لهم الرواتب والسلاح اللازم كى تمارس الميليشيات دورها على أكمل وجه، والحفاظ على حكم حكومة فائز السراج التى تسعى لترسيخ نفوذها فى العاصمة الليبية طرابلس.
وتختلف الميليشيات في طرابلس عن غيرها فى المدن الليبية الأخرى فغالبية الكتائب المسلحة والمقاتلين الذين أنخرطوا فى القتال تكونوا على أساس المال والمصالح على أسس دينية ومناطقية بعيدا عن الجهوية أو القبلية، وهو ما يفسر سبب الصراع والاقتتال بين هذه الكتائب والميليشيات المسلحة.
كانت الأمم المتحدة قد دعت حكومة الوفاق الوطنى فى ليبيا التى تسيطر على العاصمة طرابلس إلى شن حملة ضد الجماعات المسلحة التى تعرقل عمل مؤسسات الدولة.
وأعربت بعثة الأمم المتحدة فى ليبيا فى بيان لها منذ أيام عن "إدانتها الشديدة لأعمال العنف والتخويف وعرقلة عمل المؤسسات السيادية الليبية من قبل رجال الميليشيات".
ودعت بعثة الأمم المتحدة حكومة الوفاق الوطنى إلى "اتخاذ الخطوات اللازمة لمقاضاة المسؤولين عن هذه الأعمال الإجرامية".