أوروبا ترفض العيش فى جلباب أمريكا

"السؤال الحقيقى هو ليس إن كنت سأمسك بذراع دونالد ترامب فى القمة المقبلة، ولكن كيف سنقوم بفهم جماعى للحظة التحولات الكبرى التى نعيش فيها ومجتماعاتنا، ولم يعد بإمكان أوروبا الاعتماد على أمريكا حصرا فى أمنها، فضمان أمن الأوروبين مسؤوليتنا جميعا، بتلك التصريحات التى أدلى بها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أمس الاثنين، فى خطابه أمام نحو 250 دبلوماسيا ونائبا وخبيرا فى العلاقات الدولية، نرى تطورا جديدا فى العلاقات ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والشركاء الأوروبين. 

ولم يكن الاتحاد الأوروبى ينتظر سياسة تقترب من العدائية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الأمر الذى جعل وزير الخارجية الألمانى هيكو ماس يصرح الشهر الماضى بأنه لا يمكن الثقة بشكل مطلق فى البيت الأبيض، حيث بدأ الأوروبيون يقدمون على خطوات برغماتية ومنها الانفتاح على روسيا والصين بل وحتى إيران والابتعاد عن أجندة واشنطن فى أفق تحقيق استقلالية القرار.

وكان الرئيس الأمريكى انقلب على حلفائه الأوروبيين، خلال سحبه تأييده لبيان مشترك صدر فى نهاية قمة مجموعة السبع الماضية، فيما اعتزم الرئيس الفرنسى قيادة "جبهة أوروبية" أمام نظيره الأمريكى دونالد ترامب، فى خلال قمة مجموعة السبع الكبرى التى في كيبيك بكندا خلال شهر يونيو الماضى. 

ماكرون: نعارض كل القرارات الأمريكية بشأن سياستها الخارجية

فى البداية أكد إيمانويل ماكرون أن بلاده تعارض الولايات المتحدة فى قرارتها الخارجية، وتعمل عن كثب مع بريطانيا وألمانيا من أجل المحافظة عل الاتفاق النووى المبرم وتعززه من خلال مفاوضات أكثر صرامة، معقبًا :"يجب أن نتخذ العبرة من الحرب الباردة، ونعيد النظر فى الهيكلة الأوروبية للدفاع".

وأضاف ماكرون أن هناك أزمة تشهدها المنظومة متعددة الأطراف، وسببها الأساسى إجراءات الولايات المتحدة الأمريكية بشأن مشكلاتها مع حلف الناتو والحرب التجارية والخروج من اتفاق باريس للمناخ وكذلك الاتفاق النووى، وهى الآن تضرب عرض الحائط بمبادئ المنظومة متعددة الأطراف.

الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ونظيره الأمريكى دونالد ترامب

الرئيس الفرنسى: أمريكا تسعى لموجة من العزلة وأحادية الطرف

وتحدث رئيس فرنسا عن موجة من العزلة وأحادية الطرف، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، موضحا : "هذا قد يؤدى لإنشاء مبادئ مهيمنة لا تحترم مبادئنا وقيمنا، كما نرى الصين تسعى لإنشاء منظومة مهيمنة بشكل أكبر وفقا لمصالحها هى".

وتابع ماكرون أن أولئك الذين آمنوا بظهور شعب معولم كانوا مخطئين للغاية، لقد عادت الهوية العميقة للشعوب فى كل مكان فى العالم، وهذا فى الأساس أمر جيد".

وشدد: ستبقى المعركة من أجل كوكب الأرض فى قلب سياستنا الخارجية، ويجب أن يؤدى ذلك إلى التفاوض بشأن اعتماد ميثاق عالمى جديد للبيئة، والذى أعتقد أنه هدف له أولوية وإعداد نشط للغاية للمفاوضات الرئيسية بشأن التنوع البيولوجى فى عامى 2019 و2020".

السياسة العدائية بين الاتحاد الأوروبى وترامب

لم يتفهم المسؤولون فى أوروبا على مستوى الحكومات والمفوضية الأوروبية تصريحات دونالد ترامب عندما قال إن اللقاء مع الرئيس فلادمير بوتين أفضل بكثير من الاجتماع مع رؤساء الدول والحكومات لمنظمة الحلف الأطلسى وهو الاجتماع الذى جرى فى يونيو الماضى فى العاصمة بروكسل، ثم عاد ترامب ليصف "الاتحاد الأوروبى بالعدو التجارى للولايات المتحدة" بل ونصح رئيسة حكومة بريطانيا تريزا ماى برفع دعوى ضد الاتحاد الأوروبى فى المحاكم الدولية بسبب المفاوضات الصعبة حول البريكسيت.  

انقلاب ترامب على مجموعة السبع

وكان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب انقلب على حلفائه الأوروبيين وكندا وسحب فى شكل مفاجئ تأييده لبيان مشترك صدر فى نهاية قمة مجموعة السبع الماضية، بعدما أغضبته تصريحات ترودو، وأمر ممثليه بسحب الموافقة الأمريكية على البيان الختامى للقمة.

وقال فى تغريدة كتبها على متن طائرة "إر فورس وان": "بناء على تصريحات جاستن المغلوطة فى مؤتمره الصحىفى، ونظراً إلى أنّ كندا تفرض رسوماً جمركية هائلة على مزارعينا وعاملينا وشركاتنا، فقد طلبت من ممثلينا الأمريكيين سحب التأييد لبيان (مجموعة السبع).

ماكرون: نحتاج لتعزيز لتعزيز روح الدفاع بين الأوروبيين

وعن أوروبا أشار الرئيس الفرنسى إلى أن أمور الدفاع لم تتقدم بسرعة فى عدة ملفات منها، تعزيز سياستنا الدفاعية المشتركة منذ صيف 2017، وإنشاء صندوق دفاع لتمويل مبادرات ملموسة، وإبرام اتفاقيتين استراتيجيتين (للدبابات والمقاتلات النفاثة) بين فرنسا وألمانيا، واتفاقية مع 8 دول أعضاء أخرى فى مبادرة التدخل الأوروبية التى اقترحتها فى سبتمبر 2017 لتعزيز "روح الدفاع" بين الأوروبيين.

كلمة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون

جانب من كلمة إيمانويل ماكرون

حديث إيمانويل ماكرون