وبعد خسارة العملة التركية أكثر من 50% من قيمتها أمام الدولار الأمريكى، خلال الأيام القليلة الماضية، وارتفاع مؤشر التضخم لمستويات قياسية، وكسره حاجز الـ18%، أقدمت حكومة أردوغان على تعديل شروط منح الجنسية التركية للمستثمرين الأجانب، فى محاولة لوقف هروب رؤوس الأموال الأجنبية، وهى الشروط التى اعتبرها مراقبون بمثابة تنازلات واضحة من النظام التركى الذى بدأ يشعر بتراجع شعبيته فى ظل استمرار الأزمات السياسية التى تشهدها أنقرة.
وصباح الأربعاء، نشرت الجريدة الرسمية التركية قرارًا رئاسيًا بتوقيع الرئيس رجب طيب أردوغان ينص على إجراء تعديلات على اللائحة المنظمة لشروط حصول المستثمرين الأجانب على الجنسية التركية، وخفضت التعديلات الأخيرة الشروط المالية للحصول على الجنسية التركية إلى نحو السدس تقريبا.
وبحسب التسهيلات الجديدة، يحق للمستثمر الأجنبى برأس مال ثابت بقيمة 500 ألف دولار على الأقل الحصول على الجنسية التركية. بينما كانت 2 مليون دولار فى التعديل السابق، ويحق الحصول على الجنسية التركية لمن يمتلك عقارا بقيمة 250 ألف دولار أمريكى، بشرط عدم بيعه لمدة 3 سنوات، حيث كانت تنص القيمة فى التعديل السابق على 1 مليون دولار أمريكى.
ونص التعديل على يحق للأجنبى الذى يوفر فرص عمل لـ50 شخصا على الأقل فى تركيا الحصول على الجنسية. بعد أن كانت اللائحة تنص على شرط توظيف 100 شخص فى السابق، ويحق لمن يودع مدخرات بقيمة 500 ألف دولار أمريكى على الأقل فى البنوك التركية لمدة 3 سنوات الحصول على الجنسية. فيما كانت قيمة المودعات فى التعديل السابق 3 ملايين دولار.
القرارات الاستثنائية الأخيرة، جاءت بالتزامن مع خروج لافت للمستثمرين الأجانب وعزوف العديد من رجال الأعمال الأتراك عن المخاطرة بالتوسع فى مشاريعهم فى ظل استمرار حالة عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى التى تشهدها السوق التركية.
وأغلقت شركة "Bilstore" عملاق الملابس الفاخرة أفرع محلاتها التجارية العشرة فى تركيا، بسبب الأوضاع الاقتصادية، حيث قال رئيس الشركة سلمان بلال فى تصريحات نشرتها وسائل الإعلام التركية، أن الشركة تتجه إلى تقليص نشاطها فى السوق الداخلية لتركيا والتركيز على توجيه الإنتاج للصادرات إلى الخارج. وتابع: "لقد غلقنا جميع المحال التجارية الخاصة بـ"Bilstore" الموجودة فى تركيا، ونتجه للتصدير بسبب الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد، لذلك أوقفنا نشاط المحال التجارية التابعة لنا داخل تركيا.
وأوضح بلال أنهم اتخذوا تدابير احترازية طويلة الأمد بسبب الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها الاقتصاد التركي، قائلًا: "يجب أن يتم جمع الموارد المالية فى مكان واحد، خلال هذه الفترة. لذلك جمدنا نشاطنا فى السوق الداخلى التركي. وتوجهنا أكثر نحو التصدير. نحن ناجحون فى هذا المجال. وحجم صادراتنا جيد للغاية".
فيما تقدمت أكبر شركتين للألمونيوم فى تركيا بطلب تسوية إفلاس كالعديد من الشركات التى توشك على الغرق فى الديون.
وبإمكان الشركات فى تركيا إعلان تسوية إفلاس للحماية من الإفلاس والحجز على ممتلكاتها، وتعنى الخطوة إرجاء الإفلاس مؤقتًا، وبفضل هذا الإجراء تصبح ممتلكات الشركة خاضعة للحماية بقرار قضائى ولا يتم اتخاذ أية إجراءات حجز عليها، لكن يتوجب على الشركات سداد نصف ديونها كى يُقبل طلبها هذا.
وتم اتخاذ تدابير التحفظ القضائى على شركتى بوراك ألمونيوم، وتكنيك ألمونيوم التان تأسستا فى ستينات القرن الماضى كأول شركة منتجة لألواح الألمنيوم فى تركيا، وعُينت لجنة تسوية إفلاس على إدارة الشركتين.
وتقع الشركتان ضمن أكبر مئة شركة مصدرة فى تركيا.
بدورها، تعانى شركة تكنيك ألمونيوم من ديون بقيمة 400 مليون ليرة، بينما تعانى شركة بوراك ألمونيوم من ديون تبلغ 300 مليون ليرة.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية ضاعفت مؤخرًا الرسوم الجمركية على المنتجات التركية من الصلب والألمونيوم ما ضاعف من خسائر الشركات العاملة فى المجال فى ظل الأوضاع الاقتصادية السئة التى تعانى منها البلاد مع تراجع قيمة العملة المحلية.
ومنذ أبريل الماضى تقدمت 12 شركة تركية بطلب تسوية إفلاس للحماية من حجز الدائنين عليها، وذلك عقب الأزمة الاقتصادية التى تعصف بالبلاد إذ فقدت الليرة التركية حوالى 40% من قيمتها أمام الدولار الأميركي، كما وصل التضخم إلى نسبة غير مسبوقة ببلوغ نحو 18%.