بات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على بعد خطوات قليلة من السجن، حيث أوصت الشرطة الإسرائيلية بمقاضاته بشبهة تلقى الرشوة والنصب والاحتيال وإساءة الائتمان، وتلقى شيء ما عن طريق الاحتيال فى ظروف مشددة، فى الملف المعروف إعلاميا برقم 4000 والخاص بعلاقاته مع صاحب شركة بيزيك شاؤول الوفيتش.
وجاء فى توصيات الشرطة فى ختام تحقيقات مطولة اجرتها فى هذه القضية أن نتنياهو تدخل وعمل لصالح الوفيتش وشركة "بيزيك"، وبالمقابل طالب بصورة مباشرة وغير مباشرة بالتدخل فى المضامين الإخبارية التى نشرها موقع والا التابع لبيزيك.
كما أوصت الشرطة بتقديم سارة نتنياهو زوجة رئيس الوزراء إلى المحاكمة، بشبهة تلقى الرشوة والاحتيال وإساءة الائتمان وتشويش سير العدالة.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية "مكان" أن توصيات الشرطة الإسرائيلية شملت أيضا كلا من الوفيتش وزوجته ايريس وابنه اور، وضد المديرة العامة السابقة لبيزيك ستيلا هيندلير وموظف كبير فى الشركة عميكام شورير. ورجل الاعمال زئيف روبينشتاين المقرب من عائلتى نتنياهو والوفيتش.
نتنياهو يرد
فيما عقب نتنياهو قائلا: "إن هذه التوصيات وموعد نشرها لا تفاجئ أحدا"، مضيفا، أن هذه التوصيات حُددت وسُربت قبل بدء التحقيقات أصلا، مشيرا إلى أنها لا تملك اية مكانة قضائية، على حد قوله.
واستذكر رئيس الوزراء الإسرائيلى أن الجهات المختصة ردت مؤخرا بشكل جارف توصيات الشرطة ضد سلسلة من الشخصيات العامة.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية، أن نتنياهو اعرب عن ثقته بانه فى هذه المرة أيضا ستتوصل الجهات المختصة إلى نفس الاستنتاج، بان الامر لن يتمخض عن أى شيء لأنه لم يحصل أى شىء.
المعارضة تطالبه بالاستقالة
فى السياق نفسه، أكدت رئيسة المعارضة الإسرائيلية، تسيبى ليفنى، على ضرورة تنحى نتنياهو عن منصبه قبل أن يدمر الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون لينقذ نفسه.
وقالت النائبة ليفنى أن الشعب فى إسرائيل يستحق قيادة نزيهة، داعية إلى اجراء انتخابات على جناح السرعة.
عبئا على الدولة
من جهته قال رئيس حزب "المعسكر الصهيونى" آفى جباى، أن نتنياهو أصبح عبئا على إسرائيل وبالتالى يجب عليه الاستقالة، اذ لا يمكنه مواصلة تبؤو منصبه لكثرة قضايا الفساد المتعلقة به.
من جانبها قالت رئيسة حزب "ميرتس" تمار زاندبيرج، أن رئيس وزراء إسرائيل الصقت به اخطر جريمة فى سجل القوانين الإسرائيلية ولا يمكنه الاستمرار فى تولى مهام منصبه ولو دقيقة واحدة.
بينما طالب رئيس كتلة المعسكر الصهيونى يوئيل حاسون، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالاستقالة وباجراء انتخابات فى أسرع وقت ممكن. وتوجه حاسون إلى نتنياهو قائلا وقتك مضى، فضع المفاتيح على الطاولة وتفرغْ لتبرئة ساحتك.
ومن جهة أخرى قال النائب الليكودى ميكى زوهر ساخرا أن هذه التوصيات لا تعدو كونها هدية بمناسبة ترك مفتش الشرطة العام الجنرال رونى الشيخ منصبه، واتهم زوهار الشيخ بملاحقة عائلة نتنياهو على مر السنين الأخيرة
وكان قد أكدت التحقيقات أن نتنياهو قام بالدفع بقرارات تنظيمية تعود بالفائدة على شاؤول إلوفيتش، المساهم المسيطر فى شركة “بيزك”، وهى أكبر شركة اتصالات فى البلاد – على الرغم من معارضة مسؤولين فى وزارة الاتصالات – مقابل الحصول على تغطية ودية من موقع "واللا" الإخبارى الذى يملكه إلوفيتش، حتى لا يهاجمه وينتقده.
وقالت الشرطة فى بيان مشترك أصدرته مع هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية، التى شاركت هى أيضا فى التحقيق الذى استمر لتسعة أشهر أن "الشبهة الرئيسية هى أن رئيس الوزراء تلقى رشاوى وتصرف فى تضارب للمصالح من خلال التدخل والعمل فى قرارات تنظيمية تعود بالفائدة على شاؤول إلوفيتش ومجموعة بيزك، وفى الوقت نفسه طالب بشكل مباشر وغير مباشر بالتدخل فى محتوى موقع واللا بطريقة تعود بالفائدة عليه".
وأعرب المحققون عن اعتقادهم بوجود أدلة كافية لتقديم نتنياهو للمحاكمة فى تهم تلقى رشاوى والاحتيال وخيانة الأمانة وقبول منافع عن طريق الاحتيال.
وتضمن ملخص التحقيق أيضا توصية بتوجيه لائحة اتهام ضد سارة نتنياهو فى تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، بالإضافة إلى “عرقلة التحقيق والإجراءات القضائية”، وكذلك بتوجيه تهم ضد شاؤول إلوفيتش.
وقالت الشرطة أن نتائج التحقيق تظهر أن رئيس الوزراء استخدم منصبه للدفع بشؤون شاؤول إلوفيتش التنظيمية، بما فى ذلك قضية مسألة دمج بيزك-يس، وكذلك تغطية هذه الشؤون فى موقع واللا بصورة إيجابية.
قضايا فساد
وهناك شبهات ضد نتنياهو فى قضيتى فساد أخرتين أيضا، واللتين تُعرفان بالقضيتين 1000 و2000، وهما تحقيقان كانت الشرطة قد أوصت فيهما بتوجيه تهمة الرشوة.
ففى القضية 1000 المسماة بـ"فضيحة الهدايا"، يُشتبه بأن نتنياهو طالب بشكل منهجى بالحصول على منافع بقيمة مليون شيكل (282، 000 دولار) من مليارديرات، من ضمنهم أرنون ميلتشان ورجل الأعمال الأسترالى جيمس باكر، مقابل توفير خدمات لهم.
أما القضية 2000 تتعلق بصفقة غير قانونية بين نتنياهو وناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أرنون موزيس، كان رئيس الوزراء سيقوم بموجبها بإضعاف الصحيفة المنافسة ليديعوت، صحيفة "يسرائيل هابوم" المدعومة من قطب الكازينوهات الأمريكى شيلدون أديلسون، مقابل الحصول على تغطية أكثر ودية من يديعوت.
نتنياهو نفى ارتكابه أى مخالفة فى جميع القضايا، وأصر على أن الهدايا أعطيت له من قبل أصدقاء ولم تكن تشكل رشاوى، وأنه لم يعتزم تنفيذ ما ورد فى محادثاته مع موزيس.
وسيتم تسليم التوصيات لمكتب النائب العام حيث ستتم مراجعتها بداية من قبل المدعى العام قبل أن يتم تقديمها للنائب العام أفيحاى ماندلبليت.
ويعتزم ماندلبليت، الذى سيكون عليه اتخاذ القرار النهائى بشأن تقديم أو عدم تقديم لوائح اتهام ضد رئيس الوزراء، دراسة القضايا الثلاث فى نفس الوقت، وهو ما سيكون ممكنا فقط بعد حصوله على توصيات المدعى العام بالاستناد على تقارير الشرطة النهائية.
وتضع هذه العملية الموعد المحتمل لأى قرار نهائى بشأن تقديم نتنياهو للمحاكمة فى أواخر 2019، وهو ما قد يكون بعد انتخابات الكنيست المقبلة، التى من المقرر إجراؤها فى الوقت الحالى فى نوفمبر، 2019، ولكن هناك احتمال كبير بأن يتم إجراؤها قبل هذا الموعد.