كتب إبراهيم قاسم - أحمد أبو حجر تصوير حازم عبد الصمد
أعلن مجلس النواب، برئاسة الدكتور على عبد العال، إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة رسميًّا، بعد ساعات من التصويت على القرار وموجة كاسحة من الموافقة من أعضاء المجلس المنتمين لمختلف التيارات والتوجهات السياسية، والذين اجتمعوا اليوم فى حالة واضحة من التوافق على عقاب "نائب التطبيع" عقب لقائه بالسفير الإسرائيلى بالقاهرة "حاييم كورين" خلال الأسبوع الماضى، وخروجه عن التقاليد البرلمانية والإخلال بواجباته ومسؤولياته، ما دفع الأمور إلى مسلسل من التوتر والتصاعد، بدء من حالة الجدل والاعتراض التى سيطرت على أجواء المجلس، ثم ضرب النائب كمال أحمد لـ"عكاشة" بالجزمة تحت قبة البرلمان، وصولاً إلى اقتراح إسقاط عضويته وطرح الأمر للتصويت واكتمال النصاب القانونى الذى تنص عليه المادة 110 من الدستور، إذ بلغ عدد الموافقين على إسقاط عضوية "نائب التطبيع" 465 عضوا، ما يفوق ثلثى عدد أعضاء المجلس.
سليمان وهدان: أكثر من ثلثى الأعضاء يقرون إسقاط "عكاشة"
الطريقة التى سارت بها عملية التصويت لم تكن مفاجئة، ولكن نسبة الرفض التى حظى بها "نائب التطبيع" ربما لم تكن متوقعة، وفى هذا السياق قال سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب، إن أكثر من ثلثى أعضاء المجلس وافقوا على إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة، وهو ما يتجاوز النسبة المطلوبة قانونيًّا لإسقاط عضويته وفقًا للمادة 110 من الدستور، والتى نصت على أنه: "لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء، إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التى انتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها، ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضائه".
وضمت قائمة النواب المصوتين لصالح إسقاط العضوية عن النائب توفيق عكاشة عشرات من الأعضاء من مختلف التيارات والأحزاب والقوى السياسية والمستقلين، وكان من بين الموافقين على إسقاط عضوية "نائب التطبيع" السيد محمود الشريف، وكيل مجلس النواب.
بهاء أبو شقة: وافقت على إسقاط العضوية وأطالب المجلس بإصدار بيان
فيما قال المستشار بهاء أبو شقة، رئيس لجنة إعداد اللائحة الداخلية وعضو المجلس المعين ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، إنه وافق على إسقاط عضوية توفيق عكاشة عىل خلفية تجاوزاته واختراقه لضوابط ومسؤوليات العمل البرلمانى، ولكنه يتمنى من مجلس النواب أن يخرج ببيان رسمى عن أسباب إسقاط العضوية، لأن قرار المجلس اليوم بمثابة حكم قضائى.
مواجهة بين السادات وعبد العال بسبب "نائب التطبيع"
رغم حالة التصويت الكاسحة لصالح إسقاط عضوية توفيق عكاشة، شهدت الجلسة بعض التوترات، ومنها المواجهة التى حدثت بين النائب محمد أنور السادات ورئيس المجلس الدكتور على عبد العال، بسبب حديث "السادات" عن وجود أخطاء فى إجراءات إسقاط العضوية عن عكاشة.
وقال محمد أنور السادات، عضو مجلس النواب عن محافظة المنوفية ورئيس حزب الإصلاح والتنمية: "عكاشة أخطأ أخطاء كثيرة تجاوزت كل الحدود، ولا يوجد عاقل ينكرها، لكن الإجراءات طبقا للمادة 110 من الدستور والمادة 381 من اللائحة الداخلية للمجلس، تنص على أنه لا يجوز إسقاط العضوية فى الجلسة نفسها، إذ لا بد من إحالة الطلب أو مناقشته فى جلسة أخرى، بعد أن تعد لجنة القيم أو لجنة الشؤون التشريعية والدستورية تقريرها، ولهذا أرفض إسقاط العضوية عن النائب توفيق عكاشة".
وعقب انتهاء حديث "السادات" عقّب الدكتور على عبد العال قائلا: "الإجراءات المتعلقة بالنائب توفيق عكاشة بدأت سليمة واستمرت سليمة، ومسألة الإجراءات مسؤوليتى، واللجنة التى استمعت لأقواله مشكلة من أساتذة فى القانون، والنائب السادات يستند لتفسير خاطئ، فالمعروض الآن يتعلق بالإخلال بواجبات العضوية، والإجراءات صحيحة، إذ أحيل الموضوع إلى لجنة خاصة حققت فيه وانتهت من عملها وأصدرت توصيات رفضها المجلس ليتم طرح إسقاط العضوية بعدها".
وأضاف الدكتور على عبد العال فى تعقيبه: "أتمنى ألا يعطينى النائب السادات دروسًا فى القانون الدستورى، وأذكره بواقعة الشيخ عاشور محمد نصر، نائب الإسكندرية فى فترة السبعينيات، والذى تعدّى على الرئيس محمد أنور السادات وتم اتخاذ إجراءات إسقاط العضوية فى الجلسة ذاتها"، مؤكّدًا فى كلمته على احترام مصر الكامل للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى أبرمتها الدولة المصرية مع الدول الأخرى، ومنها معاهدة السلام، ولكن موقف النائب توفيق عكاشة تجاوز صلاحيات وحدود العمل البرلمانى.
توفيق عكاشة.. رفض كاسح وتأييد محدود
على الجانب الآخر، ورغم موافقة الجميع على رفض إهانة توفيق عكاشة للمجلس والرئيس والشعب المصرى، وتجاوزه لمسؤولياته وواجباته البرلمانية ولقائه السفير الإسرائيلى بالقاهرة، رفض عدد من النواب إسقاط العضوية عنه، فيما امتنع آخرون عن التصويت، ومنهم أكمل قرطام، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، الذى امتنع عن الإدلاء برأيه فى إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة.
وقال "قرطام" فى كلمته أمام الجلسة العامة للمجلس: "إن النصوص التى وردت باللائحة الداخلية للمجلس، والتى توجب إسقاط العضوية، ليس من بينها الحالة المنظورة اليوم، والتى لم تستوف المسوغات القانونية والدستورية اللازمة لنظر إسقاط العضوية، ورغم رفضنا تصرفات النائب فى التحدث باسم المجلس والإتيان بأفعال تمس الأمن القومى، إلا أن إسقاط العضوية له شروط استيفائية، وعليه نقول لا يصح أن نسير مع أهوائنا ورغباتنا ذات المبررات السياسية، والتى لا تتماشى مع الدستور والقانون الذى هو عماد أيّة دولة مدنية حديثة، والباعث على الحضارة فيها، وأيًّا كانت التهم المنسوبة إليه، فكان يتعين إبلاغ الجهات القضائية الخاصة بالتحقيق فيها، وبموافاة المجلس بنتائج التحقيق، حتى لا يكون هناك تغول من السلطة التشريعية على السلطة القضائية، ولكل هذا فإننى أمتنع عن التصويت".