ذهب جمهور الفقهاء إلى حرمة الرجوع في الهبة ولو كانت بين الإخوة أو الزوجين، إلا إذا كانت هبة الوالد لولده فإن له الرجوع فيها ولكن بشروط حددوها، بينما يرى الحنفية أنه يصح للواهب أن يرجع في هبته سواء تم قبض الموهوب أو لم يتم، ولكن يكره الرجوع عندهم أنه من باب الدناءة بل إنه يمنع الرجوع في حالات خاصة حدودها.
تجرى المادة 500 من القانون المدنى بالآتى:
1- يجوز للواهب أن يرجع فى الهبة اذا قبل الموهوب له ذلك .
2- فإذا لم يقبل الموهوب له جاز للواهب أن يطلب من القضاء الترخيص له فى الرجوع، متى كان يستند فى ذلك الى عذر مقبول، ولم يوجد مانع من الرجوع .
كما تجرى المادة 501 من القانون المدنى بالآتى:
يعتبر بنوع خاص عذرا مقبولا للرجوع فى الهبة:
أ-أن يخل الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب، أو نحو أحد من أقاربه، بحيث يكون هذا الإخلال جحودا كبيرا من جانبه .
ب-أن يصبح الواهب عاجزا عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة بما يتفق مع مكانته الإجتماعية، أو أن يصبح غير قادر على الوفاء بما يفرضه عليه القانون من النفقة على الغير.
ج-أن يرزق الواهب بعد الهبة ولدا يظل حيا الى وقت الرجوع، أو أن يكون للواهب ولد يظنه ميتا وقت الهبة فاذا به حى .
كما تجرى المادة 502 من القانون المدنى بالآتى:
يرفض طلب الرجوع فى الهبة أن وجد مانع من الموانع الأتية:
أ-إذا حصل للشيء الموهوب زيادة متصلة موجبة لزيادة قيمته، فاذا زال المانع عاد حق الرجوع .
ب-إذا مات أحد طرفى عقد الهبة .
ج-إذا تصرف الموهوب له فى الشيء الموهوب تصرفا نهائيا، فإذا اقتصر التصرف على بعض الموهوب، جاز للواهب أن يرجع فى الباقى .
د-إذا كانت الهبة من أحد الزوجين للاخر ولو اراد الواهب الرجوع بعد انقضاء الزوجية .
هـ - إذا كانت الهبة لذى حرم محرم .
و- إذا هلك الشيء الموهوب فى يد الموهوب له، سواء كان الهلاك بفعله أو بحادث أجنبى لا يد له فيه أو بسبب الاستعمال، فاذا لم يهلك إلا بعض الشيء، جاز الرجوع فى الباقى .
ز- إذا قدم الموهوب له عوضا عن الهبة .
ح- اذا كانت الهبة صدقة أو عملا من أعمال البر .
"الدستورية" تقضي بجواز رجوع الوالد فى الهبة لأبناءه
قضت المحكمة الدستورية العليا، في أكتوبر الماضي، برئاسة المستشار سعيد مرعي عمرو، اليوم بعدم دستورية نص البند (هـــ) من المادة (502) من القانون المدني، في مجال سريانها على هبة أي من الوالدين لابنه.
الحكم تأسس علي أن المشرع استقي حكم النص المطعون فيه من الفقه الحنفي، الذي منع رجوع الوالد في هبته لابنه، ولو كان لديه عذر يبيح ذلك، حال أن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وعلماء المدينة يجيزون ذلك، وقد دل الفقهاء باختلافهم هذا علي عدم وجود نص قطعي الثبوت والدلالة في مبادئ الشريعة الإسلامية يحكم هذه المسألة، ومن ثم تعتبر من المسائل الظنية التى يجوز فيها الاجتهاد، وهي بطبيعتها متطورة، تتغير بتغير الزمان والمكان. وإذا كان الاجتهاد فيها حقًا لأهل الاجتهاد، فمن باب أولي يكون هذا الحق لولي الأمر ( المشرع)، ينظر في كل مسالة بما يناسبها، في إطار المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، بما تقوم عليه من الحفاظ علي الدين والنفس والعقل العرض والمال.
متي كان ذلك، وكان منع الأب من الرجوع في الهبة يجعله في حرج شديد، ويرهقه من أمره عسرًا، ويعرضه لمذلة الحاجة بعد أن بلغ من العمر عتيا، إذا أحوجته الظروف لاسترداد ما وهبه لابنه، ورفض الابن إقالته من الهبة، إضرارًا به، مستغلًا أن النص المطعون فيه يمنع الأب من الحصول علي حكم قضائي في هذا الشأن، ضاربًا عرض الحائط بالواجب الشرعي والأخلاقي لبر الوالدين، وعدم عقوقهما، والاحسان إليهما وطاعتهما في غير معصية.
ومن ثم، يكون منع القضاء من الترخيص للأب في الرجوع في الهبة، ولو توافر له عذر يبيح ذلك، فضلاً عن كونه يصادم ضوابط الاجتهاد والمقاصد الكلية لشريعة الإسلامية، فإنه يكون قد انطوي علي تمييز غير مستند لمبرر موضوعي بحسب صلة القرابة المحرمية التي تربط الواهب بالموهوب له، وذلك بالمخالفة لأحكام المواد (97،92،53،2) من الدستور.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم الطعن رقم 5208 لسنة 66 قضائية، والذى جاء في حيثياته: المقرر - فى فضاء هذه المحكمة - ان الخطبة وان كانت تمهيدا للزواج، وهو من مسائل الأحوال الشخصية، ألا أن الهدايا التى يقدمها أحد الخاطبين للأخر - ومنها الشبكة - أبان فترة الخطبة، لا تعتبر من هذه المسائل لأنها ليست ركنا من أركان الزواج ولا شرطا من شروط صحته، اذ يتم الزواج صحيحا بدونها، ولا يتوقف عليها ، ومن ثم يكون النزاع بشأن تلك الهدايا بعيدا عن المساس بعقد الزواج وما هو متعلق به ويخرج ذلك عن نطاق الأحوال الشخصية وتعتبر هذه الهدايا من قبيل الهبات، ويسرى عليها ما يسرى على الهبة من أحكام فى القانون المدنى وقد أورد هذا القانون أحكام الهبة باعتبارها عقدا ماليا كسائر العقود واستمد أحكامها الموضوعية من أحكام الشريعة، ومن ثم فان حق الخاطب فى استرداد تلك الهدايا يخضع لاحكام الرجوع فى الهبة الواردة فى القانون المدنى فى المادة 500 وما بعدها .