لازالت واقعة مقتل حسني الخناجري، مالك محل مجوهرات شهير بدائرة قسم شرطة بولاق أبو العلا، تشغل الرأى العام المصرى، وذلك على إثر تعرض محله للسرقة حيث قيام متهم بدخول المحل، والتعدي عليه بالضرب بآلة حادة ليسقط جثة هامدة، وتمكن من سرقة سبائك ذهب ومجوهرات بملايين الجنيهات ولاذ وشركائه الملثمين بالهرب، وذلك بعد أن تلقت أجهزة الأمن بالقاهرة بلاغاً بتعرض محل مجوهرات لعملية سرقة، وعلي الفور انتقلت أجهزة الأمن لمكان الحادث، وتم العثور علي جثة المجني عليه مصاب بضربة علي رأسه لقي علي اثرها مصرعه، وسرقة كميات كبيرة من المجوهرات من داخل المحل.
وتكثف الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة، البحث لضبط المتهمين وتم تشكيل فريق بحث لتحديد وضبط الجناة، ورفع البصمات من مسرح الحادث، وكذلك حصر المسروقات، وفحص الكاميرات، وسماع الشهود بالمنطقة، وتم تحرير محضر، وجاري العرض علي النيابة العامة لاستكمال التحقيقات، خاصة وأن الجريمة الماثلة تعد جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، وثابت في حقهم جريمة القتل العمد من قيامهم بتكوين تشكيل عصابى للسطو المسلح على المجني عليه وسرقة محله وضربه بآلة حادة فسقط أرضاً قاصدين إزهاق روحه، محدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها.
الموقف القانوني من قتلة الجواهرجى حسني الخناجري
وفى هذا الإطار – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى - تتوافر في حقهم ظرف سبق الإصرار والترصد كونهم أعدوا أداة الجريمة، فقد عقد المتهمين النية للقتل والسرقة، وأن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلًا وقانونًا أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقًا لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلًا بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضُعت أو تكونت لديهم فجأة.
وبحسب "صبرى" في تصريح لـ"برلماني": ومن ثم يسأل المتهمين بصفتهم فاعلين في جريمة القتل العمد إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على قتل المجني عليه ثم باشر معه الاعتداء تنفيذًا للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة، بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها، واتفاق المتهمين على القتل من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهه واحدة في تنفيذها وأن كلًا منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارفوا أفعالًا من الأفعال المكونة لها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، وهذا كافي بذاته على اتفاقهم على القتل والسرقة.
جناية قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد ومقترنة بجناية سرقة بالإكراه
ووفقا لـ"صبرى": إن ما ارتكبه هؤلاء الجناة القتلة يعد جناية قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد ومقترنة بجناية سرقة بالإكراه، وأن هذه مثل الأفعال الإجرامية من قبل المتهمين جريمة نكراء يندي لها الجبين وانعدمت منهم الإنسانية والرحمة، وليس للقتلة ثمة أي مبرر لإزهاق روح إنسان برئ مسالم يسعي للقمة العيش ولا ذنب له، ويشكل ما اقترفه المتهمين جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد وفقاً للمواد (230،231 ، 234 /2 ) من قانون العقوبات، وقد أوجبت المادة 230 من قانون العقوبات عقوبة الإعدام بكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار أو الترصد، حيث تنص المادة "230" كل من قتل نفساً عمداً مع سبب الإصرار أو الترصد يعاقب بالإعدام.
ويضيف الخبير القانوني: فقد فرق قانون العقوبات فى العقوبة بين القتل المقترن بسبق الإصرار والترصد، وبين القتل دون سبق إصرار وترصد، فالأولى تصل عقوبتها للإعدام وفقاً للمادة 230 عقوبات، والثانية السجن المؤبد أو المشدد، وتنص المادة 234 /3 من قانون العقوبات على أن: "من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى، حيث إن المتهمين ارتكبوا جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ضد المجنى عليه، واستخدم المتهمين آلة حادة وكبرياء ذاتهم فى قتل المجني عليه وسرقته بالإكراه، وترويع الآمنيين، ويجب عدم استخدام الشفقة أو الرحمة مع القتلة.
ظرفان مشددان لجريمة القتل العمد
وتجدر الإشارة أن سبق الإصرار والترصد هما ظرفان مشددان لجريمة القتل العمد:-
1- توافر ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين بارتكاب جريمتهم بعد أن تسنى لهم التفكير في هدوء وروية، ولمحكمة الموضوع أن تستنتجه من وقائع الدعوى وملابستها والظروف المحيطة بها والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجناة وتنم عما يضمروا فى أنفسهم، وإعداد سلاح لتنفيذ قصدهم، والتخطيط المسبق والتصميم على ارتكاب الجريمة.
ويقوم ظرف سبق الإصرار على عنصرين :-
الأول: نفسي وهو إمعان التفكير فيما عزموا عليه ورتبوا وسائله وتدبير عواقبه ثم الإقدام على فعل القتل وهذا العنصر يمثل فى الواقع ذات الإصرار.
والثاني: زمني لسبق الإصرار يقتضي مرور فترة من الوقت بين نشوء سبب الجريمة فى ذهن والجناة وعزمهم عليها وبين تنفيذها ومقدار الفترة الزمنية بما يحقق العنصر الأول أي يهيئ للجناة فى حالة من الهدوء النفسي تسمح بأن يقال إنه ارتكب الجريمة بعد تدبر، وفِي الجريمة الماثلة كان القتل وسبق الإصرار عليه مختمراً فى ذهنهم حيث قام الجناة بالتخطيط لجريمتهم وتتبع المجني عليه وما أن ظفر به حتى قاموا بإزهاق روحه ومن ثم توافر ظرف سبق الإصرار قبل المتهمين.
2- توافر ظرف الترصد قبل المتهمين، والترصد معناه تربص الجناة للمجني عليه فترة من الزمن طالت أو قصرت فى مكان يتوقع وجوده فيه ليتوصلوا بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه، وكان جماع ذلك كله إنما ينصرف إلى اعتبار جوهر ظرف الترصد هو انتظار الجناة للمجني عليه لمباغتته والغدر به وصولاً لتحقيق غاية الإجرامية.
ويتكون ظرف الترصد من عنصرين:-
أولهما: زمني يتطلب ضرورة مرور فترة من الوقت قد تطول أو تقصر.
ثانيهما: مكاني ويتطلب انتظار الجناة للمجني عليه فى مكان ما.
جدير بالذكر أن تحقق أحد الظرفين المشددين سبق الإصرار أو الترصد يكفي لتشديد العقوبة للإعدام، والترصد يخضع فى إثباته للقواعد العامة فهو واقعة مادية ويثبت عادة بالاعتراف، وبشهادة الشهود، ولما كان المتهمين قد ترصدوا المجني عليه بالمكان الذي أيقن وجوده فيه لتنفيذ جريمتهم التي أحدثت حالة من الصدمة والحزن الشديدين لدي الكثيرين، وسوف ينال هؤلاء القتلة جزاء جريمتهم.
وفى الأخير طالب "صبرى" بسرعة القبض على المتهمين وإحالتهم لمحاكمة جنائية عاجلة، ونطالب بتوقيع أقصى عقوبة مقررة عليهم في القانون وهي الإعدام شنقاً، وذلك لتحقيق الردع العام، ولمنع كل من تسول له نفسه العبث بحياة المواطنين الأبرياء، وحماية المجتمع من هذه الجرائم البشعة التي تهدد سلامة المجتمع.