بعد إعلان النتائج الرسمية للمرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، والتى تمثل نصف الطريق نحو إتمام الاستحقاق الثالث من استحقاقات ثورة 30 يونيو، التى أقرها الشعب المصرى والقوى السياسية عقب ثورة 30 يونيو التى أطاحت بحكم جماعة الإخوان، أصبحنا على مقربة من وجود مجلس نواب منتخب، وظهرت بعض الملامح الواضحة بشأن شكل البرلمان وتركيبته المتوقعة، ولكن رغم انقضاء نصف زمن ومساحة المعركة، إلا أنها بدأت تتوسع وتأخذ أبعادًا أكثر شراسة، وخاصة بين الأحزاب والقوائم والتحالفات السياسية، فى محاولة لتكوين ائتلاف له الأكثرية تحت قبة البرلمان، ما يمثل الخطوة الأولى والأبرز نحو تشكيل الحكومة، ووسط حمّى التحالفات والتنسيق والتربيطات بين كثير من الجهات والأفراد، يظهر الصراع الآن، وبقوة وحدّة، بين جبهتين أساسيتين" قائمة فى حب مصر، وحزب المصريين الأحرار، فى محاولة لتكوين ائتلاف قوى وصولا إلى الأغلبية أو الأكثرية التى يمنحها الدستور حق تشكيل الحكومة.
ساويرس وسيف اليزل.. المنافسة على الأغلبية
الجبهة الأولى التى تسعى بقوة إلى تكوين تحالف أو ائتلاف قوى وواسع من أعضاء مجلس النواب الجديد، يتصدرها رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسس حزب المصريين الأحرار، والذى حصل حزبه على المركز الأول فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، بحصوله على العدد الأكبر من المقاعد: 36 مقعدًا على الفردى و5 مقاعد على القائمة.
بينما يتصدر الجبهة الثانية اللواء سامح سيف اليزل، المقرر العام لقائمة "فى حب مصر"، والتى اكتسحت الانتخابات فى المرحلة الأولى وحسمت الأمر فى منافسات القوائم بقطاعى القاهرة وغرب الدلتا دون الاضطرار للدخول فى جولة إعادة، إذ حصدت القائمة 60 مقعدًا حتى الآن، وكلا الجبهتان تتصارعان على هدف واحد، وهو محاولة الدخول فى تحالفات، سواء مع أحزاب سياسية، أو مع المستقلين، لتكوين ائتلاف يحظى بأكثرية تحت قبة البرلمان المقبل.
مستقبل وطن والشعب الجمهورى والمؤتمر.. بدايات التحالف
اللواء سامح سيف اليزل، ومنذ أن ظهرت مؤشرات النتائج للمرحلة الأولى وحتى قبل إعلانها رسميًّا، صرح وقال أكثر من مرة إن القائمة بدأت فى إعادة ترتيب أوراقها والنظر إلى ما هو أبعد من حصد مقاعد بالبرلمان أو الفوز فى الدوائر الأربع التى تخوض فيها قائمة "فى حب مصر" الانتخابات، بتكوين تحالف أو ائتلاف يضم 250 عضوًا، تحت مسمّى "فى حب مصر"، لتشكيل الأغلبية تحت قبة البرلمان المقبل، وفى هذا يسعى "سيف اليزل" إلى ضم المستقلين أو الدخول فى تحالفات مع أحزاب أخرى، وربما أبرز الأحزاب المطروحة على جدول "سيف اليزل" وقائمته - بحسب تصريحات لعدد من أعضاء القائمة – تضم: مستقبل وطن، والشعب الجمهورى، والمؤتمر وحماة الوطن.
يأتى هذا السعى إلى ضم المستقلين أو التحالف مع أحزاب أخرى من جانب "سيف اليزل"، لتكوين الائتلاف الموسع تحت قبة البرلمان المقبل، فى ظل أن النواب الحزبيين الذين يخوضون الانتخابات تحت قائمته، من المقرر أن يتركوا القائمة ويعودوا ثانية إلى أحزابهم والهيئات البرلمانية لها تحت قبة البرلمان، إذ ليس ضروريا أو ملزمًا لهم الاستمرار تحت مظلة القائمة تحت القبة، لارتباطهم بـالتزامات وبرامج وسياسات الأحزاب التى ينتمون إليها.
"فى حب مصر" تسعى لضم المستقلين
وفق هذه الرؤية، فمن المنتظر أن يسعى "سيف اليزل" إلى عقد اتفاقات مع المستقلين بوجه خاص، لسهولة ضمّهم إلى ائتلافه وعدم التزامهم ببرامج وسياسات حزبية، وفى سبيل هذا بدأ "سيف اليزل" التنسيق مع عدد من مرشحى المرحلة الثانية لدعمهم فى الانتخابات، وإتاحة كل السبل لهم فى الدعاية الانتخابية، وقد بدأت القائمة بالفعل فى هذا النهج من خلال جولة الإعادة للمرحلة الأولى، بحسب تصريح طارق الخولى، عضو اللجنة التنسيقية للقائمة، والذى أكد قبل جولة الإعادة للمرحلة الأولى أن "القائمة ستدعم عددًا من المرشحين فى الفردى خلال جولة الإعادة بالمرحلة الأولى، وسيكون الدعم سياسيًّا وميدانيًّا من خلال العاملين على الأرض، ونسعى لوجود تحالف سياسى كبير ينضم تحت لواء قائمة فى حب مصر بهذا الدعم للمستقلين".
كلام "الخولى" فى هذا الإطار يؤكد أن "فى حب مصر" تستخدم "المشهّيات" أيضًا، بتعبير سامح سيف اليزل بشأن وصف خطوات وتحركات نجيب ساويرس وحزبه من أجل جذب المستقلين، ويأتى هذا السعى من جانب قائمة "فى حب مصر"، وبالآليات والأدوات نفسها، فى الوقت الذى اتهم فيه اللواء سامح سيف اليزل، وبشكل صريح، رجل الأعمال نجيب ساويرس باستخدام ما وصفه بـ "بعض المشهيات" لجذب الأعضاء المستقلين إليه لتكوين ائتلاف له الأغلبية فى البرلمان، موضّحًا أن حزب رجل الأعمال يسعى وبقوة لحيازة الأغلبية تحت قبة البرلمان، ومن ثمّ التمكن من تشكيل الحكومة، مضيفًا: "إن هناك وسيلة أخرى تُستخدم، وهى دفع فاتورة الدعاية الانتخابية للمرشح، عن طريق إقامة الندوات وطبع لافتات، وحزب نجيب ساويرس يستخدم تلك الوسائل لجذب المرشحين".
"ساويرس" يسعى بقوة لتحقيق الأغلبية
على الجانب المقابل، يبذل رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسس حزب المصريين الأحرار، أقصى جهده ليحصل هو على الأغلبية فى البرلمان المقبل، وهو ما يمكّنه، أو بشكل أدق يمكن حزبه، من تشكيل الحكومة وفقًا للمادة 146 من الدستور، والتى تنص على أن الحزب أو الائتلاف صاحب الأكثرية تحت قبة البرلمان من حقه تشكيل الحكومة.
فى سبيل هذا السعى والطموح لحيازة الأغلبية فى مجلس النواب المقبل، ينتهج نجيب ساويرس نفس الطرق التى ينتهجها سامح سيف اليزل للوصول إلى الأغلبية، إذ يسعى هو أيضًا لضم أكبر عدد من المستقلين لكتلته البرلمانية، ويعمل على عقد اتفاقات معهم، وتقديم الدعم لهم فى الانتخابات، وخاصة الدعم المالى.
يدعم موقف نجيب ساويرس فى هذا المسعى حصول حزبه على المركز الأول فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية بحصده العدد الأكبر من المقاعد بين قوائم الأحزاب المتنافسة فى المرحلة، إذ حصل على 36 مقعدًا على النظام الفردى، و5 مقاعد على القائمة، وذلك من إجمالى 112 مرشّحًا دفع بهم الحزب فى المرحلة الأولى، وصل منهم 64 مرشّحًا لجولة الإعادة، بينما يدفع الحزب فى المرحلة الثانية بـ 115 مرشّحًا فى 13 محافظة.
محللون: حزب ساويرس لن يحصل على أكثرية المقاعد
رغم ما سبق من نتائج ومؤشرات، إلا أنه - ووفقًا لما رصده خبراء ومختصون - فإن النتائج التى حققها "حزب ساويرس" فى المرحلة الأولى من الانتخابات، من المتوقع ألا يحققها مرة أخرى المرحلة الثانية، وذلك لارتباط حزبه بكتل تصويتية كبيرة فى محافظات الصعيد، تعتمد على العائلات وعلى أصوات الأقباط أيضًا، وعلى سبيل المثال فقد حصل "المصريين الأحرار" فى محافظة الإسكندرية على 3 مقاعد فقط، بينما حصل فى محافظة المنيا على 8 مقاعد، ما يعنى أنه كلما اقتربنا من محافظات المرحلة الثانية تقل فرص "المصريين الأحرار" فى الفوز، بينما تزيد فرص أحزاب وتيارات أخرى، وعليه فإن سعى "نجيب ساويرس" لضمّ المستقلين أو الدخول فى تحالفات مع أحزاب أخرى، يزداد بقوة خلال المرحلة الثانية، ليمكنه من تكوين الأغلبية تحت قبة البرلمان، وخاصة مع توقعات فوز قائمة "فى حب مصر" أيضًا فى دائرتى القاهرة وشرق الدلتا، فى مقابل قلة فرص حزب ساويرس فى الحصول على عدد كبير من المقاعد فى المرحلة الثانية، وهو الأمر الذى أشار إليه خبراء كثيرون أكدوا أن "المصريين الأحرار" لن يكون فى المركز الأول كما كان فى المرحلة الأولى.
المادة 146 من الدستور.. وتفاصيل تشكيل الحكومة
أخيرًا، تنص المادة 146 من الدستور على "يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء، بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا، عُدّ المجلس منحلًّا، ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل، وفى حال اختيار الحكومة من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، يكون لرئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل".