يحق لمجلس النواب القادم إقرار السياسة والموازنة العامة للدولة، وطبقا لمشروع إعداد الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2016 / 2017، هناك عدد من المعايير تقوم عليها الأهداف الرئيسية للسياسة المالية والاقتصادية فى مشروع موازنة العام القادم.
ويتمثل أهم الأهداف التى يعتمد المشروع توفير فرص عمل حقيقية مستدامة للمواطنين، بتحقيق معدل نمو اقتصادى يتراوح بين 5 إلى 5.5 %، مع التركيز على تحقيق نمو احتوائى شامل كثيف التشغيل تنعكس آثاره على مختلف فئات المجتمع.
وتستهدف الحكومة من المشروع إيجاد فرص عمل تستوعب أعداد الداخلين الجدد سنويا لسوق العمل وتسمح فى نفس الوقت بخفض معدلات البطالة بشكل مستمر على المدى القصير والمتوسط، حيث تستهدف خفض معدلات البطالة إلى مستويات تتراوح بين 10 إلى 11 %، وذلك مقابل 12.7 % فى يونيو ٢٠١٥.
وستقوم الحكومة بتطبيق سياسات من شأنها رفع معدلات الادخار والاستثمار، وإجراء إصلاحات اقتصادية وهيكلية توفر بيئة مالية ونقدية ومؤسسية مستقرة وعادلة للأعمال، بالإضافة إلى استكمال تنفيذ المشروعات الكبرى والتنموية مع تشجيع مشاركة القطاع الخاص بدور رئيسى فى تنفيذ وتمويل هذه المشروعات، والاستمرار فى معالجة فجوة الطاقة.
ويسعى المشروع إلى تحقيق أفضل استغلال للموارد الطبيعية، وتطبيق استراتيجية متكاملة للتنمية الصناعية والزراعية وتنمية الصادرات غير البترولية، بالإضافة إلى استهداف زيادة الاستثمار فى رأس المال البشرى وتأهيل الشباب بالشكل الذى يساعده على مواكبة التطورات السريعة فى سوق العمل ورفع كفاءة العامل المصرى ومهاراته وإنتاجيته.
وسيحقق المشروع الجديد إعادة توزيع الدخل لتحقيق العدالة والاستفادة من ثمار النمو الاقتصادى وتمكين المواطنين، وتعمل الحكومة على تحقيق التنمية المستدامة من خلال سياسات متوازنة تحقق التقدم على الصعيدين الاقتصادى والاجتماعى على حد سواء يشعر بها المواطن فى حياته اليومية.
ويأتى ذلك من خلال إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام لصالح القاعدة العريضة من المواطنين بما يضمن كفاءة الإنفاق وإتباع سياسات توزيعية أكثر كفاءة وعدالة سواء من الناحية الجغرافية أو من حيث الاستهداف.
كما يستهدف مشروع الموازنة الحفاظ على معدل مرتفع للاستثمارات فى البنية الأساسية لإحداث نقلة فى مستوى وكفاءة الخدمات العامة الأساسية المقدمة للمواطنين وفى مقدمتها خدمات الصحة، والإسكان لمحدودى الدخل، والنقل والمواصلات العامة، ومياه الشرب والصرف الصحى، والتعليم، وتطوير العشوائيات، بالإضافة إلى استكمال المشروعات التنموية الكبرى مثل الاستصلاح الزراعى للمليون ونصف فدان، ومشروع شبكة الطرق، والمناطق اللوجستية.
ويستهدف مشروع الموازنة رفع كفاءة برامج ومظلة شبكة الحماية الاجتماعية من خلال سياسات استهداف أكثر فاعلية وتشمل الاستمرار فى تنفيذ ورفع كفاءة برامج دعم السلع الغذائية، والتوسع فى برامج الدعم النقدى من خلال البرامج الضمانية الموجهة للفئات الأولى بالرعاية، وتشمل برنامجى تكافل وكرامة، بالإضافة إلى البرامج المستحدثة مثل الرعاية الصحية لغير القادرين، وتطوير وتحديث عدد من برامج الدعم القائمة وتشمل برامج التغذية المدرسية، ودعم المرأة المعيلة، ودعم المزارعين.
وسيراعى مشروع الموازنة الجديد المنطلقات الرئيسية للإصلاح المالى، وذلك بعدم اتخاذ أى إجراء للإصلاح الاقتصادى إلا إذا كان مغطى بإجراءات تحقق قدر من الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية أو على الأقل إعادة توزيع جزء من عائد هذه الإجراءات لتحسين أحوالهم المعيشية، كما يتم التأكد من أن أى إجراء اجتماعى لا بد أن يكون له مصدر تمويل حقيقى بما لا يؤثر على سلامة البنيان الاقتصادى واستقراره.
وسيعاد فى المشروع الجديد تصحيح الاختلال فى التوازنات الرئيسية للاقتصاد يعتبر هدف رئيسى للسياسات الاقتصادية لضمان الاستدامة المالية، وتحقيق الاستقرار النقدى والسيطرة على معدلات الارتفاع فى أسعار السلع والخدمات، وتحسين أوضاع ميزان المدفوعات والنقد الأجنبى وبما يمثل بيئة مستقرة ومحفزة للتنافسية وتثبيت أقدام الاقتصاد المصرى على خريطة الاستثمار العالمية، فضلا عن تحصينه فى مواجهة الصدمات الداخلية والخارجية الناتجة عن تقلبات الاقتصاد العالمى.
ويعتبر الضبط المالى للسيطرة على معدلات عجز الموازنة العامة، ومعدلات الدين العام فى مقدمة أولويات مشروع الموازنة للعام المالى 2016 / 2017، حيث يعد ركنا أساسيا لتدعيم الثقة فى الاقتصاد، وخفض تكلفة التمويل والضغوط التضخمية، وإتاحة مزيد من تمويل الجهاز المصرفى إلى القطاع الخاص للتوسع فى النشاط، بالإضافة إلى تخفيف أعباء الديون عن كاهل الأجيال القادمة، وإيجاد مساحة مالية تسمح باستخدام الموارد المتاحة نحو الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية وتحسين الخدمات العامة الأساسية للمواطنين بدلا من توجيهها لأعباء خدمة الديون.
ويتبنى المشروع فى هذا الإطار، ما ستقوم به الحكومة من استكمال تطبيق برنامجها للإصلاح المالى والاقتصادى، خاصة بعد أن انعكست نتائج المراحل الأولى منه بشكل إيجابى على مؤشرات النمو للعام المالى 2014 / 2015، حيث ارتفعت معدلات النمو بشكل ملحوظ إلى نحو ٤% مقارنة بمتوسط 1.2 % خلال السنوات الثلاث السابقة، كما انعكست هذه الإصلاحات على خفض عجز الموازنة العامة خلال العام ذاته ليبلغ العجز الكلى 11.5 % من الناتج مقابل 12.2 % فى العام السابق، و13 % فى عام 2012 / 2013 ، وبانخفاض بنحو أربعة نقاط مئوية مقارنة بالعام السابق عند استبعاد المنح، وهو يعتبر إنجازا كبيرا تحقق خلال فترة وجيزة.
ويستهدف مشروع الموازنة للعام المالى 2016 / 2017 خفض العجز الكلى ليتراوح بين 9 إلى 9.5 % من الناتج المحلى، مقابل 11.5 % فى عام 2014 / 2015، وعجز مستهدف يقارب 9 % فى العام المالى الجارى.
وتعتبر إجراءات الضبط المالى على جانبى الإيرادات والمصروفات، ومع إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، والعمل على استكمال توجه إعادة هيكلة الإنفاق العام نحو المجالات التنموية فى المجتمع.