أين المشروع الرئاسى للنهوض بصناعة السينما؟.. فى فبراير 2015 وقبل عام أعدت رئاسة الجمهورية مشروعا قوميا للنهوض بصناعة السينما فى مصر، وأشرفت عليه السفيرة فايزة أبوالنجا مستشارة الأمن القومى، وبناء على التصور الذى انتهت منه وقتها أبوالنجا تم توجيه الدعوة من العاملين فى المجال السينمائى لحضور اجتماع بالرئاسة لوضع آليات هذا المشروع ومحاور تنفيذه.
وبالفعل استضافت الرئاسة اجتماعًا مساء الخميس الخامس من فبراير 2015 حضره اللواء أحمد جمال الدين، ومنير فخرى عبدالنور وزير الصناعة والتجارة، فضلًا عن عدد كبير من الفنانين والكتاب والسينمائيين من بينهم الفنانة يسرا وإلهام شاهين والكاتب الكبير وحيد حامد والمنتج صفوت غطاس، والفنانة سميرة أحمد، والمنتج كامل أبوعلى، والمنتج فاروق صبرى رئيس غرفة صناعة السينما، والمنتج جابى خورى، والمنتج محمد العدل، والمنتجة إسعاد يونس، ودكتور خالد عبدالجليل، ممثلا عن وزارة الثقافة، والمخرج داود عبدالسيد، والمخرج خالد يوسف، ود. أحلام يونس رئيس أكاديمية الفنون. فى البداية كانت فكرة الرئاسة تدور حول كيفية تدعيم صناعة السينما من قبل الدولة وليس احتكارها أو تملكها، وكذلك وضع آليات للنهوض بها وعودتها لسابق عهدها، لتغيير الصورة الذهنية، والألفاظ الموجودة خلال السنوات الماضية التى سيطرت على صناعة السينما فى مصر، وأدت إلى تراجع مستواها، فضلًا عن الارتقاء بالوجدان، ومحاربة الفكر المتطرف دينيًا.
وجاء اهتمام الدولة بهذا المشروع، لأن السينما تعد من عناصر القوة الناعمة لمصر، وعنصرا مهما جدًا لدعم الاقتصاد المصرى، فالرئاسة وفقًا لما سمعته وقتها من السفيرة فايزة أبوالنجا تنظر لصناعة السينما على أنها أمن قومى، كما أن لها أكثر من هدف، فعودة السينما المصرية لقوتها هى عودة للقوة الناعمة المصرية، وهذا ليس بالأمر الصعب، خاصة أن لدينا الإمكانيات والمكونات البشرية والثقافية والتاريخية، ولابد أن نضع كل هذا فى إطار لتجميعه للاستفادة منه، وأن المشروع القومى للنهوض بصناعة السينما سيعتمد على المكونات المصرية، سواء من خلال الإخراج أو القصص والروايات، لأن الهدف الأساسى هو عودة عصر الريادة للسينما المصرية. وخلال الاجتماع وقتها تبادل الحضور الآراء حول أزمة السينما فى مصر، وكيفية الخروج من هذه الأزمة، وقالت السفيرة فايزة أبوالنجا إن الرئيس عبدالفتاح السيسى لديه رغبة قوية فى النهوض بالصناعة وعودة الأفلام الهادفة التى تفيد المشاهد مرة أخرى، وأن هناك إرادة سياسية لتخفيف تناول بعض الموضوعات فى الأعمال الفنية، مثل الدعارة والمخدرات والألفاظ الخادشة للحياء، فى حين طالب السينمائيون خلال الاجتماع بسنّ القوانين اللازمة للقضاء على مشكلة القرصنة.
خلال هذا الاجتماع الذى امتد لأربع ساعات كان النقاش مفتوحًا وصريحًا، ومنطلقًا من رغبة مشتركة لدى الطرفين على أهمية صناعة السينما، وضرورة النهوض بها، لكن للأسف الشديد ومثل كل الأفكار البراقة لا نجد تنفيذًا لما تم الاتفاق عليه، أو على الأقل استمرار هذه الاجتماعات بما يؤكد الرغبة الأكيدة فى التنفيذ، فالاجتماع الأول عقد وبعدها تناسى الجميع ما حدث فيه وما تم خلاله، كما أن الرئاسة لم تقم من جانبها بأى مبادرة تؤكد أنها تأخذ ما جرى فى الاجتماع مأخذ الجد، رغم أنه وفقًا لمن حضروا فإن السفيرة فايزة أبوالنجا دونت كل صغيرة وكبيرة قيلت، لكن هذا التدوين اقتصر على الورق فقط.
نحن فى حاجة لاستمرار اهتمام مؤسسة الرئاسة بصناعة السينما، لأنه بالفعل أمر مهم ومقدر فى نفس الوقت، ويشير إلى تغير مفاهيم الأمن القومى لدينا، فالأمر لم يعد مقصورًا على السلاح والتهديدات الأمنية فقط، وإنما هناك أمور أخرى لا تقل خطورة عن تلك التهديدات، ومنها بالطبع السينما والدراما، ولمن يريد مثالًا فلينظر إلى الدراما التركية التى تحولت إلى ضيف دائم على الأسر المصرية، كما أنها أصبحت جزءا مهما من الدخل القومى التركى.