"تزوجت من شخص لم أكن أرغب في الزواج منه، ولكن إصرار أهلي على الزواج منه، اضطرني للموافقة عليه كرها، وبعيدا عن التطرق لزواج المكره هل هو حلال أم حرام شرعا، ولكن أراد - الله تعالى – ألا تستمر هذه الزيجة أكثر من 11 شهراَ، نتيجة معاملته السيئة لي، حيث كان يكبرني بـ 20 سنة، بينما سني لم يتجاوز 23 سنة، وحاولت إنهاء الأمر مع أهلي بدون مشاكل للموافقة على الطلاق منه، إلا أنهم كانوا يرفضون باستمرار".. بهذه الكلمات سردت "ثرية. خ، 23 سنة، محافظة الجيزة، معاناتها لـ"برلماني" في محاولة لإيجاد حلول قانونية.
وتابعت: "في تلك الأثناء – قررت اتخاذ قراري بنفسي دون الرجوع إلى أهلي، بالفعل تواصلت مع إحدى المحاميات لإقامة دعوى خلع مقابل التنازل عن كافة حقوقي الشرعية والمادية، لأنني لم أنجب منه أطفال، بينما المحامية أكدت لي أنى أستطيع الحصول على الطلاق دون الخلع والحصول على حقوقي كاملة، وبالفعل اقمت دعوى الطلاق للضرر، ووفقني - الله تعالى – في الحصول على حكم من محكمة أول درجة بالطلاق للضرر، ثم فوجئت بإرسال الزوج لإنذار طاعة أثناء نظر الاستئناف على حكم تطليق.. والسؤال هنا ما هو أثر حكم التطليق "الإبتدائي" على طلب الطاعة؟ لأن العديد أكدوا لي أن "حكم التطليق للضرر" ليس نهائي، وأنه يحق للزوج طلب الزوجة في بيت الطاعة، طالما أن محكمة الاستئناف لم تؤيد الحكم.
أثر حكم التطليق "الإبتدائي" على طلب الطاعة
وللإجابة على تلك الإشكالية – يقول الخبير القانوني والمحامي الدكتور محمد أحمد الشهير – من الأخطاء الشائعة لدى السواد الأعظم من المختصين في هذا الجانب أن "حكم التطليق للضرر" في هذه الحالة ليس نهائي، وأنه يحق للزوج طلب الزوجة في بيت الطاعة، طالما أن محكمة الاستئناف لم تؤيد الحكم، وهذا الرأي يحمل بين طياته العديد من الأخطاء كالتالي: أولاً: أن حكم التطليق الصادر من محكمة أول درجة، اشتمل على قضاء ضمني بعدم أمانة الزوج على زوجته، بما ينتفي معه "محل دعوى الطاعة"، لذلك سيكون رفع دعوى الاعتراض "إجراء شكلياً لا أكثر".
وبحسب "الشهير" في تصريح لـ"برلمانى": أما ثانياً: أن حكم التطليق الصادر من محكمة أول درجة - وإن لم يكن حكماً نهائياً حائز "لقوة الأمر المقضي به" - إلا أنه حاز "حجيته بين طرفيه" فيما أثبته من نفي أمانة الزوج، وبالتالي فإن "إنذار الطاعة" هو معدوم الأثر قانوناً، ولا هدف منه سوى "المماطلة" في إجراءات التقاضي، وثالثاً: حتى في حالة عدم رفع الزوجة لدعوى الاعتراض على إنذار الطاعة، فإن تأييد محكمة الاستئناف لحكم التطليق للضرر، يترتب عليه أحقية الزوجة في نفقتي العدة والمتعة، ولا يجيز للزوج الاحتجاج بإنذار الطاعة، ورابعاً: أن دعوى "الاعتراض على إنذار الطاعة" من دعاوى "الزوجية"، ويشترط أن تكون الزوجية قائمة عند رفعها، لكن في ظل صدور حكم بالتطليق، فإن "سبب الدعوى" يكون غير محقق من الأساس.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدى لمثل هذه الإشكالية في العديد من الأحكام أبرزها على سبيل المثال لا الحصر – الطعن المقيد برقم 54 لسنة 67 قضائية الصادر بتاريخ 14 يوليو 2001، حيث قالت في حيثيات الحكم: "لما كان من المقرر أنه لا طاعة على مطلقة لمن طلقت عليه، وكان الحكم الابتدائي قد قضى رغم ذلك برفض اعتراض الطاعنة على إعلان المطعون ضده لها بالدخول في طاعته، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب الغاء في هذا الخصوص والقضاء بعدم الاعتداد بانذار الطاعة".
حكم نقض آخر
وسبق لمحكمة النقض أيضا التصدي للأزمة في الطعن المقيد برقم 520 لسنة 75 قضائية، الصادر بتاريخ 10 يوليو 2012 "دائرة الأحوال الشخصية"، حيث قالت في حيثيات الحكم: "القضاء نهائياً بتطليق الطاعنة على المطعون ضده طلقة بائنة للضرر يكون مؤداه أو نتيجته انفصام علاقة الزوجية بينهما، ويكون أثره وجوب الحكم بعدم الاعتداد بإعلان الطاعنة بالدخول في الطاعة"، و"دعوى اعتراض الزوجة على دعوة زوجها العودة لمنزل الزوجية من دعاوى الزوجية حال قيامها، والقضاء بتطليق الزوجة من خلال هذه الدعوى أو بدعوى أخرى مستقله يكون مؤداه انفصام العلاقة الزوجية، وأثره عدم الاعتداد بإعلان الزوجة للعودة لمنزل الزوجية، وعلة ذلك لا طاعة لمطلقة لمن طلقت عليه".