أصدرت دائرة الإيجارات "أ" – بمحكمة النقض – حكما قضائيا في غاية الخطورة لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر حول " الإقامة التي يترتب عليها امتداد عقد الإيجار"، قالت فيه: "تعبير المستفيد عن إرادته فى التخلي عن الإقامة بالعين المؤجرة، يصح أن يكون صريحًا ويصح أن يكون ضمنيًا، بأن يتخذ موقفًا لا تدع ظروف الحال شكًا فى انصراف قصده إلى إحداث هذا الأثر القانوني".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 6436 لسنة 78 قضائية - برئاسة المستشار عبد الرحيم الصغير، وعضوية المستشارين عبد الصمد محمد هريدى، وعبد الناصر عبد اللاه فراج، ووليد ربيع السعداوى وصلاح الدين فتحى الخولى.
الوقائع.. نزاع حول مالك العقار الورثة حول امتداد عقد الايجار
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 2026 لسنة 2005 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 30 ديسمبر 1966 وإخلاء عين النزاع والتسليم، وقالت بيانًا لذلك إنه بموجب هذا العقد استأجر والد المطعون ضده عين النزاع لاستعمالها سكنًا خاصًا وأقام بها وزوجه وأولاده ومن بينهم المطعون ضده الذى ترك الإقامة بالعين قبل وفاة والده، وإذ توفى المستأجر الأصلى ومن بعده زوجه دون أن يقيم بالعين من يستحق الامتداد القانوني فأقامت الدعوى.
وفى تلك الأثناء - ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره وجه المطعون ضده دعوى فرعية بطلب امتداد العلاقة الإيجارية عن شقة النزاع وإلزام الطاعنة بتحرير عقد إيجار له، وأدخلت الطاعنة نجلة المطعون ضده خصمًا فى الدعوى وأضافت سببًا جديدًا هو ترك المطعون ضده عين النزاع عقب زواجه، وبتاريخ 31 يوليو 2007 حكمت المحكمة بالطلبات فى الدعوى الأصلية، وبرفض الدعوى الفرعية، ثم استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 9511 لسنة 11 قضائية القاهرة، وبتاريخ 2 مارس 2008، قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، ثم طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض.
مذكرة الطعن تستند على الخطأ في تطبيق القانون لهذه الأسباب
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الإخلاء تأسيسًا على خلو الأوراق من ثبوت نية الترك لدى المطعون ضده واستدل على ذلك بعودته للإقامة بعين النزاع بعد وفاة والدته وقيامه بسداد الأجرة في حين أن ذلك لا يؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم من نتيجة، وثبوت توفر ترك العين بعنصريه المادى – بالانتقال إلى الإقامة بمسكن الزوجية بأسوان، والمعنوى بعدم سداد أى التزامات على العين حتى وفاة والدته، وذلك حسبما هو ثابت من تقرير الخبير وشهادات ميلاد أولاده وتحرير إيصالات الأجرة باسم زوجة المستأجر الأصلي، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه .
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعى سديد، ذلك بأن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن تعبير المستفيد عن إرادته فى التخلى عن الإقامة بالعين المؤجرة كما يصح أن يكون صريحًا يصح أن يكون ضمنيًا، بأن يتخذ موقفًا لا تدع ظروف الحال شكًا فى انصراف قصده إلى إحداث هذا الأثر القانونى، وأن استخلاص ترك العين والتخلى عنها هو من مسائل الواقع التى تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله وتؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها.
النقض: التخلي عن الإقامة بالعين المؤجرة قد يكون صريحا أو ضمنيا
وبحسب "المحكمة": وكان امتداد عقد إيجار الأماكن الخاضعة لقوانين الإيجار الاستثنائية منوطًا بثبوت إقامة أبناء المستأجر الأصلي بالعين المؤجرة إقامة مستقرة حتى تاريخ وفاته، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع قانونًا من أن يترك المستفيد العين المؤجرة بنية التخلى عنها لغيره من المستفيدين، وأن يتخذ لنفسه موطنًا آخر يعول عليه فى مراحه ومغداه، فلا يحق له – من بعد – أن يعود إلى التمسك بما أسقط حقه فيه، ذلك لأن التارك لا يعود أبدًا.
لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من عودة المطعون ضده للإقامة بعين النزاع بعد وفاة والدته في 31 يناير 2005 وقيامه بسداد أجرتها عدم ثبوت نية الترك لديه، وهو ما لا يؤدى عقلًا إلى ما انتهى إليه، وكان البين من الأوراق وتقرير الخبير حسبما حصله الحكم أن المطعون ضده قد هجر الإقامة بعين النزاع منذ زواجه متخذًا له موطنًا جديدًا بشقة يمتلكها بأسوان تاركًا عين النزاع لوالدته التى أقامت فيها بمفردها حتى وفاتها، وعدم وفائه بأية التزامات عليها فى تلك الفترة، بما يتوفر معه الترك بعنصريه.
النقض تنصف المالك وتقضى بالإخلاء وعدم الامتداد
وتضيف "المحكمة": وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مشوبًا بالفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه، وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه – ولما تقدم – وإذ انتهى الحكم المستأنف إلى فسخ عقد الإيجار المؤرخ 30 ديسمبر 1966 وإخلاء شقة النزاع، وهو ما يتساوى وإنهاء العقد، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ومن ثم يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف.