يعد العقار قاعدة أساسية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، والذي يعتبر مصدر من مصادر الثروة، وحافزا قويا لجلب الاستثمارات الوطنية، وإقامة المشاريع التنموية للنهوض باقتصاد الدولة، والأمر الذي أدى إلى بروز صعوبات حول طريقة اكتساب الملكية وخاصة إثباتها، كما يعد موضوع إثبات الملكية العقارية من المواضيع التي تطرح صعوبات من الجانب العلمي والعملي من حيث الإجراءات التقنية المقعدة التي يعالجها موضوع الإثبات خاصة في الأراضي التي لم يشملها.
ولقد ثارت العديد من المشاكل تتعلق بطريق انتقال الملكية، إذ أنه بالرغم من أن المشرع وضع ضوابط لانتقال الملكية في مقدمتها شكل البيع، والذي اشترط فيه الرسمية بالنص على أنه لانتقال ملكية العقار للمشترى يجب أن يتم شهر البيع في المحافظة العقارية، إلا أنه ولكلفه إبرام العقود بالشكل الذي يحدده القانون، ونظرا لطول الإجراءات التي يأخذها هذا الشكل من البيع لاستقراره، قد دفع العديد من الأشخاص إلى بيع عقاراتهم بموجب عقود عرفية رغم أن هناك رأى قانوني لا يعترف بالعقد العرفي.
هل يحتج بـ"عقد البيع العرفي" الذي لم يسجل على ورثة البائع؟
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في الإجابة على السؤال هل يحتج بعقد - البيع العرفي - الذي لم يسجل على ورثة البائع؟ خاصة وأنه بحسب القواعد العامة في التعاملات العقارية وغيرها، فإن إنشاء الحقوق العينية العقارية أو نقلها يقتضي شهرها، وفى غياب هذا الإجراء فإن هذه التصرفات لا تنشأ سوى التزامات شخصية بين أطرافها، حيث أن عقد البيع فى الغالب يترتب عليه العديد من الأثار القانونية التي تنشا فور التعاقد، وذلك لاستقرار الأوضاع وضمانا من المشرع القانونية لحماية الحقوق فيما بين المتعاقدين، وجاءت أحكام محكمة النقض بالعديد من المبادئ التي أكدت علي حجية العقود العرفية بين أطرافها – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض محمد عبد التواب.
المادة 145 من القانون المدني
في البداية - المادة 145 من القانون المدني نصت على: "ينصرف آثر العقد إلى المتعاقدين والخلف العام، دون اخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث، ما لم يتبن من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الآثر لا ينصرف إلى الخلف العام"، كما أن المقرر وفقا لنص المادة 145 من القانون المدني أن آثار العقد الصحيح لا تقتصر على المتعاقدين بل تتجاوزهم إلى الخلف العام، فيسرى في حقه ما يسرى في حق السلف بشأن هذا العقد، فمتى نشأ العقد صحيحا وخلصت له قوته الملزمة، فإنه يكون حجة على الوارث أو عليه لأنه يعتبر قائما مقام المورث ويلتزم بتنفيذ ما التزم به مورثه، وذلك طبقا للطعن رقم 1979 لسنة 53 قضائية – وفقا لـ"عبد التواب".
النص في المادة 145 من القانون المدني علي أن - ينصرف أثر العقد الى المتعاقدين والخلف العام دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث، ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف الي الخلف العام - يدل ـ وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية ـ علي أن طبيعة التعامل التي تأبي أن ينتقل الحق أو الالتزام من المتعاقد الي خلفه العام تستوجب أن يكون هذا الحق أو الالتزام مما ينقضي بطبيعته بموت المتعاقد لنشوئه عن علاقة شخصية بحتة، وذلك طبقا للطعن رقم 1657 لسنة 49 قضائية – الكلام لـ"عبد التواب".
مادة 14 من قانون الاثبات
يعتبر المحرر العرفي صادرا ممن وقعة ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة، أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار، ويكفي أن يحلف يمينا بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق ومن احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعة لا يقبل منه انكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع، ومعنى ذلك أن عقد البيع العرفي يحتج به على ورثة البائع إلا في الحالات الأتية:
1-عند النص في العقد بانه لا ينصرف أثر هذا العقد في مواجهة الورثة.
2-إذا كان هذا التصرف في فترة الريبة وطعن الورثة على هذا العقد.
3-إذا طعن ورثة البائع بالجهالة والإنكار ثم الطعن بالتزوير.
قانون الشهر العقارى
كما أوضح "عبد التواب": أنه وفقا للمادة 9 من قانون 114 لسنة 1946 الشهر العقاري: لا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوي الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن ويترتب علي عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوي الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن، إلا أنه لعقد البيع العرفي - قبل التسجيل وبمجرد التعاقد - عدة أثار هامة - فيما بين البائع والمشتري - تعد بمثابة الضمانات الكافية لانتقال الملكية نتولى بيانها على النحو التالي:
الالتزام الأول: التزام البائع بعقد بيع عرفي بما هو ضروري لنقل الملكية.
الالتزام الثاني: عدم إنكار البائع بعقد بيع عرفي ملكية المشتري لعدم تسجيل المشتري عقدها.
الالتزام الثالث: لا يجوز للبائع طلب تثبيت ملكيته لعدم تسجيل المشتري عقدها.
الالتزام الرابع: التزام ورثة البائع بما هو ضروري لنقل الملكية للمشتري من مورثهم وعدم التعرض لها.
الالتزام الخامس: حصول الولي الشرعي أو الوصي على أذن المحكمة.