فى كثير من الأحيان يتعرض المؤجر إلى فقد أصل عقد الإيجار – الخاضع لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية - وعند مقاضاة المستأجر بدعوى إخلاء يفاجأ بعدم قبول الدعوى لعدم تقديم أصل عقد الإيجار، يأتى ذلك فى الوقت الذى لا يزال الجدل دائرا حول قانون الإيجار القديم والثغرات القانونية، التى قد يستخدمها كل طرف سواء المالك أو المستأجر تجاه الآخر، ومن هذه الثغرات، ضياع عقد الإيجار من المالك ورفض المستأجر المغادرة عند انتهاء مدته.
وفى الحقيقة هناك تطورات جديدة وهامة سيشهدها ملف الإيجار القديم، وذلك بعد إعلان الحكومة تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأى العام، بهدف إجراء حوار مجتمعى بشأنه، قبل إقراره من البرلمان، بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفى الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعى، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة.
تطورات جديدة وهامة سيشهدها ملف الإيجار القديم
وتعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التى ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر فى الوقت الذى لاتزال تتوالى ردود الأفعال حول التعديلات المرجوة، الأمر الذى يزيد معه الحالة ترقبا لما سوف تقره اللجنة المشتركة المرتقبة من تشريعات جديدة خلال الفترة المقبلة، مع مراعاة أهمية وحساسية وخطورة هذا القانون، فضلاَ عن مراعاة التوازن بين مصلحة الطرفين المالك والمستأجر.
وعودًا على ذى بدء - مسألة ضياع عقد الإيجار من "المالك" من الإشكاليات التى تحتاج إلى تقنين خلال الفترة المقبلة حتى يضمن المالك حقه، حيث يتعرض فى هذه الحالة لإنكار المستأجر، فكيف يتمكن المؤجر من إقامة دعواه والرد على هذا الدفع والحلول والسيناريوهات القانونية لعدم ضياع الحق من أهله، وهل هناك فرق إذا كان تاريخ العقد سابق على صدور القانون 52 لسنة 1969 أو إذا كان تاريخ تحرير عقد الإيجار لاحق على صدور القانون رقم 52 لسنة 1969.
الحلول والسيناريوهات
فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية غاية فى الأهمية تتعلق بالإجابة على عدد من التساؤلات.. متى يعفى المؤجر من تقديم أصل عقد الإيجار عند مقاضاة المستأجر فى المنازعات الخاضعة لقوانين إيجار الأماكن؟، وكيف تصدت محكمة النقض لتلك الأزمة بين المالك والمستأجر؟، وماذا إذا كانت العلاقة الإيجارية قد نشأت قبل العمل بأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969؟، ويُجيب على تلك التساؤلات الخبير القانونى والمحامى بالنقض مجدى عزام.
فى البداية - هناك 3 عناصر تدور حولها الإجابة على السؤال المطروح لضمان حقوق المالك فى مقابلة المستأجر حال ضياع عقد الإيجار ورفضه المغادرة والإخلاء حال انتهاء العقد تتمثل تلك العناصر فى التالى – وفقا لـ"عزام":
1- إذا كان تاريخ العقد سابقا على صدور القانون 52 لسنة 1969 فلا حاجة لتقديم أصل العقد، حيث يجوز للمؤجر إثبات العلاقة الإيجارية بأى دليل "صورة – إنذار عرض أجرة - شهادة مشتملات"، إعمالا للمادة 9 مدنى.
2- إذا كان لاحق على هذا التاريخ يمكن للمؤجر التمسك بأحكام المواد 20 و21 إثبات.
3- يمكن للمؤجر إقامة دعواه بالإخلاء ضد المستأجر بصورة العقد، فإذا جحدها أضاف سبب للإخلاء لعدم وجود سند، مستندا على سندات ملكيته، فينتقل عبء الإثبات على المستأجر لتقديم سنده.
وفى الحالة الأولى – فلا إلزام على المدعى لتقديم أصل العقد إذا كان تاريخ تحريره سابق على صدور القانون رقم 52 لسنة 1969.
وتنص المادة 9 من القانون المدنى: "تسرى فى شأن الأدلة التى تُعدّ مقدماً لإثبات التصرفات القانونية تخضع فى إثباتها للقانون السارى وقت إعداد الدليل أو فى الوقت الذى ينبغى إعداده فيه".
كما نصت المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977: "اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تبرم عقود الإيجار كتابة ويجب اثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقارى الكائنة بدائرتها العين المؤجرة"، وتلك المادة هى ذاتها المقابلة لنص المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 الملغى والذى كان معمول به اعتبارا من 18 اغسطس 1969".
خلاصة النقطة الأولى
وعلى ذلك فإذا كانت العلاقة الإيجارية نشأت قبل العمل بأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 فإن إثبات العلاقة الإيجارية فى هذه الحالة يخضع للقواعد العامة السارية وقت ذاك، ومن ثم يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات المقررة قانوناً، حيث أنها حررت قبل سريان ما استحدثه المشرع من تعديل استوجب إلزام المؤجر بإبرام عقود الإيجار كتابة، فيجوز للمؤجر اقامة دعواه ولو بصورة عقد الايجار إعمالا للمادة 9 من القانون المدني- لأن فى ذلك التوقيت – قبل 18/8/1969 لم يكن المشرع اشترط أن يكون عقد الإيجار مكتوبا عقد الإيجار بحسب الأصل أنه من العقود الرضائية يخضع فى قيامه وانقضائه لمبدأ سلطان الإرادة – فيما عدا ما فرضه القانون من أحكام مقيدة لهذا المبدأ فى حدودها دون مجاوزة لنطاقها – الكلام لـ"عزام".
رأى محكمة النقض فى النقطة الأولى
وفى هذا الشأن – سبق لمحكمة النقض التصدى لمثل تلك الأزمة فى الطعن المقيد برقم 9238 لسنة 64 – حيث قالت فى حيثيات الحكم أن المشرع مع إبقائه على مبدأ رضائية عقد الإيجار قصد من حيث إثبات العقد حماية الجانب الضعيف فيه وهو المستأجر، فاشترط فى إثبات العقد من جانب المؤجر أن يكون بالكتابة بحيث لا يجوز إثباته بالـبـيـنة إلا إذا وجـد أحـد مـسـوغـات الإثـبـات بالـبـيـنة فـيـما يجـب إثباته بالكـتابة، فإذا كانت العلاقة الإيجارية قد نشأت قبل العمل بأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 وقبل سريان ما استحدثه من تعديل استوجب إلزام المؤجر بإبرام عقود الإيجار كتابة، فإن إثبات العلاقة الإيجارية فى هذه الحالة يخضع للقواعد العامة السارية وقت ذاك ومن ثم يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات المقررة قانوناً، ولا يلزم إبرام عقود الإيجار كتابة ولا تخضع فى إثباتها لحكم أى من المادتين 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969، 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالفتى الذكر.
أما فى الحالة الثانية: إذا كان العقد بعد 18/8/1969 فيلزم أن يتقدم المؤجر بعقد مكتوب لكن الحلول فى هذه الحالة تتمثل فى التالى: يجوز للمؤجر طلب إلزام المستأجر بتقديم أصل نسخة عقد الإيجار التى تحت يده إعمالا للمواد من 20 إلى 23 إثبات وفقا للآتى:
1- أن يطلب من المحكمة إلزام المستأجر بتقديم نسخة العقد لكونه محرر مشتركا.
2- أن يعلن خصمه ببيانات عقد الإيجار وأوصافه ومضمونه وتاريخه ووجه ارتباطها بالدعوى وأدلة أن العقد تحت يد خصمه- كما لو كان المستأجر عرض الأجرة بإنذار عرض أو تقدم بإيصال سداد للأجرة.
3- فى حالة إنكار الخصم يتم تحليف المنكر يمين بأن العقد لا وجود له أو أنه لا يعلم وجوده ولا مكانه.
ومفاد نصوص المواد من 20 حتى 23 من قانون الإثبات أن ما أجازه المشرع للخصم بأن يطلب تكليف خصمه بتقديم أى محرر منتج فى الدعوى يكون تحت يده فى الحالات التى بينها بيان حصر، ومنها إذا كان المحرر مشتركاً بينه وبين خصمه بأن كان لصالحهما أو مثبتاً لالتزاماتهما وحقوقهما المتبادلة مشروطة ببيان أوصاف الورقة المطلوب تقديمها ومضمونها ووجه ارتباطها بالدعوى وفائدتها للفصل فيها والدلائل والظروف التى تؤيد أنها تحت يد خصمه، فإذا أثبت الطالب طلبه على النحو المتقدم، وأنكر الخصم، ولم يقدم الطالب إثباتاً كافياً لصحة الطلب وجب على المحكمة أن تحلف المنكر يميناً بأن المحرر لا وجود له أو أنه لا يعلم وجوده ولا مكانه.
أخيرا، نؤكد أن الحل الثالث أن يضيف المدعى سبب لطلب الإخلاء وهو لعدم وجود سند لشغل العين، ما ينقل عبء الإثبات على المستأجر لتقديم سنده فى شغل العين، ويجبره على تقديم نسخة عقد الإيجار أو الاعتراف بصورة النسخة المقدمة من المدعى المؤجر.