الجمعة، 22 نوفمبر 2024 02:36 م

هل يرث القاتل المقتول؟.. المشرع اعتبر القتل العمد والتخطيط له والاشتراك فيه من موانع الإرث.. و3 حالات مستثناة منها القتل الخطأ

هل يرث القاتل المقتول؟.. المشرع اعتبر القتل العمد والتخطيط له والاشتراك فيه من موانع الإرث.. و3 حالات مستثناة منها القتل الخطأ أرشيفية
الثلاثاء، 22 مارس 2022 09:00 ص
كتب علاء رضوان

أصبح لا يمر علينا يوما دون أن نسمع عن جريمة قتل، ولكن الغريب أن يصبح القتل بين الأقارب زوج يقتل زوجته أو شقيقه أو شقيقته، أو أب يقتل ابنه أو العكس، وغيرها من الجرائم التى يندى لها الجبين، وفى كثير من الأحيان تكشف التحقيقات فى هذه النوعية من الجرائم تكون مبعثها هو "الإرث"، وذلك على الرغم من أن الأصل فى القتل العمد ألا يرث القاتل شيئاً من ميراث المقتول، لأن الميراث نعمة، والقتل أنكر الجنايات وأفظعها، فمن تعدى على مورثه بالقتل، لم يجز أن نكافئه على جريمته، لا من ماله ولا من ديته، حيث أن أغلب جرائم القتل تكون بغرض الطمع فى مال المقتول.

 

وليس يخفى على أى من دارسى علم الفرائض أو علم المواريث أن أحد أسباب المنع من الميراث هو القتل، فإلى ذلك اتجهت مذاهب أهل السنة، وكذلك قانون الأحوال الشخصية على إن فكرة القتل كأحد موانع الميراث ليست بهذا الوضوح فكان لكل مذهب من مذاهب أهل السنة رأيه فى تحديد شروط القتل الذى يكون مانعا من الميراث، فضلا عما أوجده كل من هذه المذاهب من شروط فى القاتل لمنعه من الميراث تبعا لاجتهاد كل مذهب.

 

2022_2_11_1_26_22_427

 

"القتل بسبب الطمع".. هل من حق القاتل أن يرث فى اللى قتله؟

فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية غاية فى الأهمية تتعلق بالإجابة على السؤال، هل يرث القاتل من المقتول؟ فقد كثرت وقائع القتل بين الأهل والأقارب، ما أدى معه لتراجع مقولة: "الدم عمره ما يبقى مياه"، ولكن فى الواقع المرير الذى نعيشه أصبح "الدم مياه" لدى الكثير من الأقارب، وأكثر هذه الجرائم تأتى بين الأشقاء أو ابن الأخت وخاله بسبب ميراث الأم أو ميراث المرأة بشكل خاص، ما أدى لتصدى القانون لمثل هذه الجرائم بوضع نص عقابى على عدم تسليم الميراث، وهى تشكل الجريمة المنصوص عليها بالقانون رقم 219 لسنه 2017 الخاص بتعديل بعض أحكام قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 – بحسب الخبير القانونى والمحامى المتخصص فى الشأن الأسرى عبد الحميد رحيم.

 

فى البداية - الأصل فى القتل ألا يرث القاتل شيئاً من ميراث المقتول لأن الميراث نعمة والقتل أنكر الجرائم وأفظعها، فمن تعدى على مورثه بالقتل، لا يجوز أن نكافئه على جريمته لا من المال الموروث ولا من دية المقتول، والمشرع المصرى فى  قانون الميراث المصرى رقم  77 لسنة 1943 فى المادة 5  نص على أن: "من موانع الإرث قتل المورث عمداً، سواء أكان القاتل فاعلاً أصلياً أم شريكاً أم كان شاهد زور أدت شهادته إلى الحكم بالإعدام وتنفيذه، إذا كان القتل بلا حق ولا عذر، وكان القاتل عاقلاً بالغاً من العمر 15 سنة، ويعد من الأعذار تجاوز حق الدفاع الشرعى" – وفقا لـ"رحيم".

 

32102-unnamed

 

الناحية الدينية والشرعية 

المذهب الحنفى؛ بين أن القتل المانع من الإرث هو الذى يجب فيه القصاص أو الكفارة مع الدية، وهو القتل العمد، بينما القتل الخطأ لا يمنع الميراث، بينما المذهب المالكى يرى أن القتل المانع من الإرث هو العمد أو شبه العمد، والقتل شبه العمد هو أن يقتل الوالد ولده بغير الذبح، أما القتل الخطأ فلا يمنع من الإرث من أصل المال، وإن كان يمنع القاتل من الإرث من الدية، أما المذهب الشافعى رأى أن القتل عمداً كان أو شبه عمد أو خطأ فإنه مانع للإرث، لأنه لا بد أن يعاقب القاتل بحرمانه، فيما المذهب الحنبلى يرى أن القتل مانع للإرث حتى ولو كان خطأ محضا – الكلام لـ"رحيم".

 

3 حالات يرث فيهم القاتل المقتول

والرأى الراجح لدينا ولدى جمهور العلماء هو رأى المالكية، وهذا ما استند إليه المشرع المصرى حين وضع قانون الميراث المصرى، ومن هنا نستنتج من نص المادة 5 بقانون الميراث المصرى رقم 77 لسنة 1943، أن القتل الخطأ لا يمنع القاتل من إرث المقتول، لكن إذا كان القتل عمداً يكون ممنوعا من الإرث"، كما إن قانون الميراث المصرى لم ينص فى باب موانع الميراث على أن الزوجة التى ثبت فى حقها الزنا تمنع من الإرث، حيث أن جريمة الزنا لا يحركها إلا الزوج، فإن سكت عنها الزوج لا يحق لغيره تحريكها، بل إن من حق الزوج وقف تنفيذ العقوبة والتنازل عن دعواه، وبذلك يكون هناك 3 حالات يرث فيهم القاتل المقتول كالتالى:

 

1- الحالة الأولى القتل الخطأ

مثال ذلك: الأب اعتدى على ابنه بعصا، فأدت الضربة لموته "ضرب أفضى لموت".

 

2- أن تكون غير ذى أهل، أى فاقد العقل بشكل مؤقت أو دائم

مثال ذلك: شخص لديه اضطرابات عقلية أو ضلاليه أو مجنون وارتكب جريمة قتل أمه أو أبيه.

 

3- أن يكون لك عذر قانونى

مثال ذلك: أن يكتشف الزوج أو الزوجة خيانة كل منهما الآخر فى حضن عشيقها.

 

51345-201809131252555255

 

هل يمنع القاتل فقط؟

لا - بل يمنع القاتل، ومن حرضه، ومن راقب له الطريق، ومن خطط لذلك، ومن ساعد وساهم، ومن شهد زور فى المحكمة، وذلك طبقا لما نص عليه المشرع المصرى فى قانون الميراث المصرى رقم 77 لسنة 1943 فى المادة 5 نص على أن: "من موانع الإرث قتل المورث عمداً، سواء أكان القاتل فاعلاً أصلياً أم شريكاً أم كان شاهد زور أدت شهادته إلى الحكم بالإعدام وتنفيذه، إذا كان القتل بلا حق ولا عذر، وكان القاتل عاقلاً بالغاً من العمر 15 سنة، ويعد من الأعذار تجاوز حق الدفاع الشرعى".

 

رأى دار الإفتاء فى الأزمة

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا من محكمة شؤون الأسرة، لبيان ما إذا كانت المدعية فى إحدى القضايا ترث فى زوجها المتوفى من عدمه؛ وذلك بناءً على ما نسبته النيابة العامة لها من قيامها بضرب زوجها ومورِّثها – عمدًا - وأفضى ذلك إلى موته؛ بأن طعنته بسلاح أبيض "سكين"، فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، ولم تقصد من ذلك قتله، ولكن الضرب أودى بحياته على النحو المبين بالتحقيقات، وهو ما بنت عليه المحكمة حكمها بمعاقبتها بالحبس سنة مع الشغل؟.

 

 

6949-images

 

وأجاب الدكتور شوقى إبراهيم علام عن السؤال بالقول: "إن الفعل المنسوب إلى الزوجة السائلة يعد شرعًا من باب القتل العمد الذى يمنع من الميراث، والأمر فى ذلك موكول للمحكمة".

 

أجمع العلماء على أن القتل العمد العدوان مانع من موانع الميراث، واختلفوا فيما دون ذلك من أنواع القتل، فاعتبر الأحناف فى القتل المانع من الميراث استحقاق العقوبة مع المباشرة، فيخرج القتل بالتسبب وإن وجبت فيه الكفارة، أمَّا المالكية فقد ذهبوا إلى أن القتل المانع من الميراث هو القتل العمد العدوان، وأن القاتل خطئًا يرث من التركة لكنه لا يرث من الدية؛ وقرر الشافعية أن كلَّ قتلٍ مانعٌ من الميراث؛ عمدًا كان أو خطئًا سدًّا للذريعة، أمَّا الحنابلة فقد اعتبروا أنَّ القتل المانع من الميراث هو القتل الموجِب عقوبةً على المكلف، وهو القتل بغير حقٍّ، المضمونُ بقود أو دية أو كفارة، وسواءٌ أكان بالمباشرة أم التسبب.

 

494963_0

 

المادة الخامسة لقانون المواريث

ونص قانون المواريث فى المادة الخامسة منه على أن: "من موانع الإرث: قتل المورث عمدًا؛ سواء أكان القاتل فاعلًا أصليًا أم شريكًا أم كان شاهد زور أدَّت شهادته إلى الحكم بالإعدام وتنفيذه، إذا كان القتل بلا حق ولا عذر.. ويعدُّ من الأعذار تجاوز حق الدفاع الشرعى"، وجاء فى المذكرة الإيضاحية أنه: "يدخل فى القتل العمد المباشر: من أجهز على شخص بعد أن أنفذ فيه آخر مقتلًا من مقاتله فإنهما يمنعان إرثه، ويدخل فى القتل بالتسبب: الآمر، والدال، والمحرِّض والمشارك، والربيئة - وهو من يراقب المكان أثناء مباشرة القتل - وواضع السم، وشاهد الزور الذى بنى على شهادته الحكم بالإعدام".

 

وأوضح أن المقرر فى فقه الإمام مالك أنَّ القتل عنده قسمان: العمد والخطأ، ولا واسطة بينهما، وأن القتل شبه العمد يدخل فى العمد على المشهور، ومقتضى ذلك أن المراد بالقتل العمد المانع للإرث فى قانون المواريث المصرى هو ما يقابل الخطأ، كما عليه مذهب المالكية؛ فالعمد عندهم يشمل العمد وشبه العمد عند الجمهور، وهو يتحقق -عند المالكية- بمجرد الاعتداء المفضى إلى الموت وإن لم يكن يقصد القتل أصالة أيًّا ما كانت الآلة المستخدمة فى القتل، فإذا أضيف إلى ذلك أنَّ القتل كان بمحدد -وهو ما يقطع ويدخل فى البدن كالسكين وغيرها- فإنه لا خلاف بين المذاهب فى أنَّه قتل عمد يمنع الميراث؛ لكون الآلة المستخدمة من شأنها القتل غالبًا ومن ثمَّ تكون طبيعتها كاشفة عن قصد القتل - وعليه وفى واقعة السؤال: فإن الفعل المنسوب إلى الزوجة السائلة يُعدُّ شرعًا من باب القتل العمد الذى يمنع من الميراث، طبقًا لما تقرر سابقًا، والأمر فى ذلك كله موكول للمحكمة.

 

48520-201901180548204820

 

كيف واجه القانون عُرف "حق الرضوه"؟

أما مسألة التصدى لمنع الأنثى للميراث، فكان هناك قديما ما يطلق عليه البعض فى الأرياف وجنوب الصعيد بـ"حق الرضوه"، وهو حق أريد به باطل، فلم تعرف الشريعة والإسلامية ما يسمى بهذا المسمى فقد نظمت الشريعة الإسلامية ميراث المرأة واستمدت القوانين الوضعية ذلك منها وحفظ الشريعة الإسلامية للمرأة كامل حقوقها، وما يروجه البعض من "حق الرضوه" هو مخالف تماما للشريعة والقانون ولا يستطيع كان ما كان أن يجبر أحد الورثة عليه فقد نظم قانون الميراث المصرى رقم 77لسنه 1943 أحكام المواريث ووضع ضابط لها – هكذا يقول "رحيم".

 

فجعل المشرع استحقاق المرأة لميراثها بموت المورث أو باعتباره ميتا بحكم القاضى ويتم تقسيم الميراث بين المستحقين بعد أن يؤدى من التركة ديون الميت وتجهيزه وتكفينه وما أوصى به طبقا لنص المادة 4من القانون 77لسنه 1943 مواريث، كما نظم القانون موانع الإرث ومن بينها قتل المورث عمدا سوء كان القاتل فاعلا أصليا لم شريكا أم كان شاهد زور أدت شهادته إلى الحكم بالإعدام، وجعل للإرث أسباب وأنواع من أسباب الإرث الزوجية والقرابة، بل يوجد نص عقابى على عدم تسليم الميراث، وهى تشكل الجريمة المنصوص عليها بالقانون رقم 219 لسنة 2017 الخاص بتعديل بعض أحكام قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943.

 

201707020842224222

 

هل يجوز الصلح فى جرائم المواريث؟

فقد نصت المادة 49 على أنه: "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أى قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث، أو حجب سندًا يؤكد نصيبًا لوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أى من الورثة الشرعيين، وتكون العقوبة فى حالة العود الحبس الذى لا تقل مدته عن سنة".

 

ويجوز الصلح فى الجرائم المنصوص عليها فى هذه المادة فى أى حالة تكون عليها الدعوى ولو بعد صيرورة الحكم باتًا، ولكل من المجنى عليه أو وكيله الخاص، ولورثته أو وكيلهم الخاص، وكذلك للمتهم أو المحكوم عليه أو وكيلهما الخاص، إثبات الصلح فى هذه الجرائم أمام النيابة أو المحكمة بحسب الأحوال وتكون العقوبة فى حالة العود الحبس الذى لا تقل مدته عن سنة".

 

28780-حكم-محكمة_المحامي-علي-محسن-زاده-مكتب-محاماة

 

هل هناك عقوبة حال حجب مستندات ميراث المرأة؟

بل أن المشرع لم يقتصر الحق على عدم تسليم الميراث فقط بالعقاب، بل جعل حجب السندات التى تؤكد نصيب الورثة، كاحتجاز عقود ملكية المورث وخلافه جريمة يعاقب عليها قانونا، كل ذلك يدخل تحت عقوبة امتناع عن تسليم ميراث لتكونه عقوبة رادعه فى حالة حرمان الورثة من نصيبهم الشرعى فى الميراث أو حجب وإخفاء السندات عنهم، وأصبح الأمر الآن سهل وميسور فى إثبات امتناع الورثة إعطاء المرأة نصيبها الشرعى فى الميراث بعد حكم المحكمة الدستورية العليا.

 

رأى المحكمة الدستورية العليا فى الأزمة

قضت المحكمة الدستورية العليا حديثا بعدم قبول الدعوى رقم 31 لسنة 42 قضائية "دستورية"، المحالة من محكمة الجنح المستأنفة للفصل فى دستورية المادة (49) من قانون المواريث، المضافة بالقانون رقم 219 لسنة 2017، فيما لم تتضمنه من لزوم وجود قسمة نهائية رضًا أو قضاءً لقيام جريمة الامتناع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث، فكان يشترط قضائيا وجود عقد قسمة أو ملكيه مسجل لإثبات الإرث وهو ما كان يصعب الأمر على أحد الورثة إثبات الامتناع وبعد ذلك الحكم أصبح الأمر سهل وميسور فلا يشترط ذلك.

 

وأخيرا نصل إلى إجراءات تحريك الدعوى للمطالبة بالميراث

1- إعلام وارثة.

2- صورة بطاقة الرقم القومى لصاحب الدعوى وهو أحد الورثة.

3- إنذار على يد محضر لباقى الورثة أو للممتنع عن تسليم الميراث لمستحقه يبين فيه كامل تفاصيل الميراث وان المنذر إليه ممتنع عن التسليم وأن الإرث تحت يده.

4- ثم يتم تحرير محضر إثبات حاله بذلك ويستخرج صورة رسمية منه وتقدم فى المحكمة.

5- كشف رسمى أو أى إثبات ما يفيد إن التركة باسم المتوفى عليه رحمه الله ويتم تحريك الدعوى ضد باقى الورثة.

 

unnamed

مممي

الخبير القانونى والمحامى عبد الحميد رحيم 


الأكثر قراءة



print