أصدرت محكمة شبرا لشئون الأسرة للولاية على النفس، حكما لأول برفض فسخ وبطلان عقد الزواج استنادا إلي أقل فترة عدة للمرأة، وأن القول قول الزوجة وتصدق في ذلك، حيث أنصف الحكم الزوجة من حرمانها من الميراث.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 1608 لسنة 2021 أسرة الساحل، لصالح المحامى عبد الحميد رحيم، برئاسة المستشار مأمون ميسر، وعضوية المستشارين محمد شريف، وحسام فهيم، وبحضور وكيل النيابة أحمد عبد الدايم، وأمانة سر محمد مجدى.
الخلاصة.. التأصيل الشرعي لأقل فترة عدة للمرأة
يقول الحق سبحانه وتعالي: "وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ"، هذا وقد أجمع معظم مفسري القرآن على أن معنى اللائي لم يحضن المقصود بها الصغيرة التي لم تحض بعد، وهو بيان صريح بأن عدة المرآة التي يأست من المحيض أقله ثلاثة أشهر كاملة والتي لم تبلغ سن المحيض أيضا، ولكن الأمر المختلف فيه هو أقل فترة عدة المرأة التي تحيض وهي ثلاثة قروء، واختلفوا في القرء ومدته.
والرأي عند الحنفية وهو المستمد منه قانون الأحوال الشخصية المصري أن عدة المرأة التي تحيض ثلاثة حيضات أقلهن ستون يوما، والقول قولها وتصدق لأن الحيض والطهرة لا يعلم إلا من جهتها، وقد ذهب الفقه الحنفي إلي أن أقل مدة تصدق فيها المطلقة 60 يوما باعتبار إن الفرق بين الحيضة والحيضة 20 يوما استنادا الي أن مدة القرء من 17 لـ 20 يوما، ولذلك نصت لائحة المأذونين علي عدم انعقاد زواج المطلقة قبل مرور 60 يوما من الطلاق وبإقرار الزوجة بانتهاء عدتها وتصدق في قولها، وبناء على ذلك تم رفض فسخ وبطلان عقد الزواج استنادا الي أقل فترة العدة ستون يوما، وأن القول قولها وتصدق.
الوقائع.. الورثة يقيمون دعوى فسخ عقد زواج والدهم المتوفى
تخلص وقائع النزاع في أن المدعيين قد عقدوا لواء الخصومة فيها بموجب صحيفة موقعة طلبوا في ختامها القضاء ببطلان وفسخ عقد زواجها من المرحوم "م. ع"، المؤرخ في 27 أبريل 2019 وما يترتب على ذلك من أثار، وذلك على سند من القول حاصلة أن مورث المدعيين "م. ع" كان قد تزوج من المدعى عليها بتاريخ 27 أبريل 2019 على يد مأذون ناحية الساحل، وبتاريخ 1 ديسمبر 2019 توفى المذكور – إلى رحمة مولاه – إلا أنه لما نما إلى علم المدعيين مؤخرا بأن المدعى عليها كانت مطلقة من زوجها السابق "س. ل"، والذى طلقها بتاريخ 22 فبراير 2019.
الورثة يدعون أن زوجة والدهم تزوجته قبل انقضاء فترة العدة من زوجها السابق
مما مؤداه وفقا لهذه التواريخ أن المدعى عليها كانت قد تزوجت من مورث المدعيين قبل انتهاء عدتها من زوجها السابق حيث أنها من ذوات الحيض – في العقد الثالث من عمرها – وذلك بالمخالفة لما جاء بقوله تعالى بالآية 228 من سورة البقرة: " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا"، مما مؤداه وتفسيرا لما جاء بالقرآن الكريم أن المطلقة يجب أن تنتظر قبل أن تتزوج مرة أخرى حتى تطهر من الحيض للمرة الثالثة على التوالى وأن وقع الزواج خلال هذه الفترة "العدة" يعد زواجا باطلا بطلانا مطلقا، ويجب التفريق بينهما فورا.
وذلك وفقا للفتاوى المتواترة من دار الإفتاء المصرية في هذا الشأن، وهو ما يتطابق مع الحالة الماثلة حيث أن من الواضح الجلي الذى لا لبس ولا غموض أن زواج المدعى عليها من مورث المدعيين كان قد وقع أثناء فترة عدتها من زوجها السابق – كما سلف – وأن أوضحنا "ثابت بالمستندات"، مما يجعله باطل بطلانا مطلقا، ومخالف لأحكام الشريعة الإسلامية حيث أنها من ذوات الحيض، وحيث أن المدعيين ذوات صفة ومصلحة مما يحق لهم إقامة الدعوى، وقد تقدموا بطلب لمكتب تسوية المنازعات الأسرية، مما يحق لهم إقامة الدعوى الماثلة بغية القضاء لهم بطلباتهم سالفة البيان.
الزوجة تثبت صحة زواجها بأقل فترة عدة للمرأة وهى 17 يوما وليس 20 يوما
وفى تلك الأثناء – قدمت السيدة الأرملة سندا لدعواها عبارة عن حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من اشهاد وفاة ووراثة رقم 1819 لسنة 2019 نيابة حدائق القبة لشئون الأسرة ثابت منه أنه قد تحقق لدى رئيس المحكمة وفاة الزوج بتاريخ 1 ديسمبر 2019 وانحصار ارثه الشرعي في زوجته، ولها ثمن تركته فرضا وفى أولاده الذين يستحقون باقي التركة تعصيبا للذكر مثل حظ الانثيين فقط، وقيد طلاق المدعى عليها من زوجها الأول بتاريخ 22 فبراير 2019 بينونة صغرى، وقيد زواج المدعى عليها من زوجها الثاني.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن المقرر فقها أن: "تستحق المطلقة النفقة لمدة لا تقل عن ستين يوما وهى أقل مدة العدة ولا تزيد عن سنة ميلادية وهى أقصى مدة لتنفيذ حكم بنفقة عدة وتشمل نفقة العدة...."، وقد جاء بأحكام محكمة النقض أن الرأي عند الحنفية أنه إذا ادعى المطلق بمضى عدة مطلقته وكذبته قبل قولها بحلفها إذا أن الحيض والطهر لا يعلم إلا من جهتها والقول فيه قولها بيمينها"، وذلك طبقا للطعن رقم 18 لسنة 35 قضائية.
المحكمة تنصف الزوجة وتقضى بصحة الزواج وأحقيتها في الميراث
وبحسب "المحكمة": المقرر في فقه الأحناف الواجب العمل به طبقا لنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وأن انقضاء العدة بالقروء لا يعلم إلا من جهة الزوجة، وقد ائتمنها الشرع على الإخبار به بشرط ان تكون المدة بين الطلاق والوقت الذى تدعى عدم انقضاء العدة فيه تحتمل ذلك، وذلك طبقا للطعن رقم 73 لسنة 56 قضائية، واستنادا على ما سبق وكان طلب المدعيين هو بطلان وفسخ عقد زواج المدعى عليها من مورثهم المرحوم "م. ع"، نظرا لزواجها من الأخير وهى في فترة عدتها من مطلقها "س. ل".
وتضيف: هذا وقد ثبت من وثيقة زواج المدعى عليها، واستنادا على ما استقر عليه فقها وأحكام النقض من أن أقل مدة للعدة هي 60 يوما وأن الحيض والطهر لا يعلم إلا من جهة المرأة – المدعى عليها – هذا وقد أقرت الأخيرة بوثيقة زواجها من "م. ع" من أنها مطلقة من "س. ل"، وأنه قد انتهت عدتها منه شرعا، مما يكون معه طلب المدعيين جاء على سند غير صحيح من الواقع والقانون يستوجب رفضه.