"أنتى طالق.. أنتى ناشزا".. كلمات عادة ما نسمعها داخل البيوت المصرية عند تطور النزاع بين الأزواج، حيث أن كلاهما مفردات تخص الحياة الزوجية وقعهما مرير على الزوجة، ويخص الأول إنهاء الرباط المقدس، فيما بين طرفي العلاقة الزوجية، أما التعبير الثاني فيخص وقف نفقة الزوجة على زوجها، ومما لا شك فيه أن الأسرة هي نواة المجتمع، لذا فهو يصلح بصلاحها ويفسد بفسادها لذا عنى القرآن الكريم بها وشرع ما يكفل استقرارها، حيث نجده عنى بالعلاقة الزوجية عناية فائقة، لأن الزوجان هما دعامة كل أسرة والأصل الذي تتفرع منه الفروع، فإذا قام كل واحد منهما بحق الآخر تحققت النعمة المرجوة من الزواج.
وعملية النشوز في حقيقة الأمر أقرتها الشريعة الإسلامية، وعرفتها وأوجبت الأحكام بشأنها حفاظاً على الحقوق الأسرية، إلا أن الكثيرين يرون أن كلمة "أنتى ناشز" قد أصبحت كالسهم في فم بعض الرجال يطلقها متهماً زوجته بها جارحاً إياها ظلماً وزوراً، وكأنه يستخدم الدين في صالحه فيطوع الأدلة ويعسف القرائن ويتمسح بالشرع من أجل إلزام زوجته بأمر معين أو بطريقة معينة في المعاشرة، فهو للأسف الشديد بعدما يحتج بالقوامة عليها، ومرة أخرى ينادي بحقوقه الشرعية يتجرأ ويتهمها بالنشوز، وهى كلمة ليست كلمة عادية لأنها تخفي ورائها الكثير من الأمور وما يحدث اليوم وما نشاهده بالمجتمع يوضح أن الكثيرات من النساء أصبحت ناشزا ولكن ما هو النشوز؟ ومتى تكون المرأة ناشزا؟
للمتضررين.. كيف تثبت أن زوجتك ناشزا؟
فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية النشوز من الناحية الشرعية والقانونية، وذلك من حيث الماهية والشروط والآثار المترتبة عليها فى الوقت الذى أصبحت فيه المحاكم تكتظ بدعاوى "النشوز" مع ارتفاع معدلات الخلافات الزوجية بين الرجل وزوجته، حيث أن النشوز مرض خطير من أخطر أمراض العصر التى تصيب الأسرة المسلمة وتهددها بالانهيار، وقد انتشرت هذه الظاهرة بكثرة فى عصرنا الحالى، وذلك نظرا لجهل الكثير من الأزواج والزوجات بحقوق كل منهما على الآخر، وبعدهم عن المنهج القويم فى المعاملة والإصلاح فى حالة وقوع خلاف أو غيره، وتسرعهم فى اللجوء إلى المحاكم حتى كثرت حالات الطلاق والخلع - وفقا للخبير القانونى المتخصص فى شئون الأسرة والمحامى بالنقض أحمد عبد القادر.
النشوز من الناحية الفقهية
النشوز الفقهي هو معصية الزوج فيما فرض الله عليها من طاعته، فكأن الزوجة تترفع عن طاعة الزوج، وفسره ابن عباس وعطاء، بأنه معصية الزوج فيما يلزمها من طاعته، وعند الدردير: إذا خرجت عن طاعته، أو تركت حقوق الله، أو أغلقت الباب دونه، أو خانته فى نفسها أو ماله، ويُعرف النشوز، من أمور كثيرة، لا سبيل إلى حصرها أو الإحاطة بها، أهمها: تغيّر طباع الزوجة عما كانت عليه قبلاً، جاء فى روح البيان: "هو أن يكون إذا دعاها أجابته بالتلبية، وإذا خاطبها أجابته بكلام جميل حسن، ثم صارت بعد ذلك، لا تجيب بالتلبية، ولا تكلمه بكلام جميل"، وكما لو أنها صارت تأتيه إلى فراشه مكرهة دون عذر، بعد أن كانت تأتى طائعة، أو كانت تستقبله هاشة واقفة، فلم تعد كذلك، أو أنها تخرج من المنزل بدون إذنه، وبلا ضرورة – بحسب "عبد القادر".
هل من الممكن أن يكون الرجل ناشزا؟
هذا بالنسبة لنشوز الزوجة، أما نشوز الزوج، فله أيضاً صورٍ كثيرة، فمن ذلك مثلاً: أن يكلمها بكلام غير لين، أو يهجرها في الفراش بدون حق، أو يقوم بظلمها، أو بمنعها حقاً من حقوقها، أو يبخل عليها بنفقتها أو كسوتها، أو يسيء إليها، بالإساءات التي سبق أن ذكرناها فى أكثر من موضع، وتختلف أسباب النشوز من رجل إلى آخر، حسب تعليمه ودرجة ثقافته، وبيئته التى يعيش فيها، وقال تعالى: "وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا"، فالشريعة جاءت بأحكام وآداب تحفظ حق كل من الزوجين، وتضمن لهما حياة زوجية كريمة، وجعلت لكل منهما من هذه الأحكام ما يناسب فطرته وموقعه في العلاقة الزوجية – الكلام لـ"عبد القادر".
النشوز من الناحية القانونية
أما النشوز فى القانون فهو امتناع الزوجة عن متابعة زوجها رغم تحقق شروطه وصدور قرار قضائى بذلك، ولا يتحقق هذا النشوز إلا بعد صدور قرار باعتبارها ناشزا وصاحب الصلاحية فى اصدار هذا القرار هو رئيس التنفيذ الشرعي وليس القاضي الشرعي، كما قد يتوهم البعض، ويترتب على النشوز القانوني حرمان الزوجة من نفقتها فقط اما نفقة الأولاد فلا يجوز أن تحرم منها لأى سبب من الأسباب، وتزول صفة النشوز عن المرأة، وبالتالي آثاره عند رجوعها عن رأيها ومتابعتها له شريطة توافر شَرطى النشوز "قبض المهر المعجل وتوافر المسكن الشرعى".
كيف يتحقق النشوز؟
يتحقق النشوز بخروج الزوجة عن طاعة زوجها بهجرها لمنزل الزوجية الأمر الذي معه ينتفي شرط الاحتباس الذى هو أساس النفقة وتعتبر الزوجة ناشزا فى إحدى الحالتين:
1-الفرض الأول: أن يوجه الزوج إنذار بالدخول في الطاعة لزوجته فلا تعترض عليه في المواعيد القانونية "30 يوما من تاريخ الانذار"، فإن انقضت تلك المدة دون الاعتراض تصبح الزوجة ناشزا ويحق للزوج إقامة دعوى لإثبات هذا النشوز.
2-الفرض الثاني: وهى أن تعترض الزوجة على إنذار الدخول فى الطاعة ويقضى فيه برفض اعتراضها بحكم نهائي في هذه الحالة أيضا يحق للزوج إقامة دعوى لأثبات نشوز الزوجة.
- كيفية أو طريقة إثبات النشوز؟
يتم إثبات النشوز فى حقيقة الأمر يتم بتوجيه إنذار رسمى على يد محضر للزوجة يخطر فيه الزوج زوجته بضرورة أن تكف الزوجة عن معصية النشوز وأن تدخل فى عصمة زوجها على أن يشترط فى هذا الإنذار أن يتم توجيه للزوجة في المكان التي تقيم فيه ليتصل علمها به وأن يبين الزوج فى صدر الإنذار مسكن الطاعة الذى يرغب فى أن تدخل الزوجة فيه لعصمته، على أن ينتظر الزوج الميعاد القانوني للاعتراض على هذا الإنذار قبل تحريك دعوى أثبات النشوز – هكذا يقول "عبد القادر".
وهناك عدة أمور التى إذا قامت المرأة بفعل واحدة منها أصبحت ناشزا ومن هذه الأمور:
1-خروج الزوجة من المنزل دون علم زوجها أو الخروج دون سبب واضح ودون إخباره.
2-كما تعد الزوجة ناشزا في حالة رفض الزوج لأحد أصدقائها ولا تزال ذو صلة به أو لرفضه لأحد الأشخاص ويكون منعها زوجها إلا أنه تأبي ولا تطيعه أو تقوم بإدخال شخص في بيت زوجها دون علمه أو يكون زوجها رافضا هذا الشخص.
3-إمتناع الزوجة عن فراش الزوجية وامتناعها عن إعطاء الزوج الحقوق الشرعية دون مبرر شرعي أي في حالتي مرضها أو العذر الشرعي.
4-تطاول الزوجة علي زوجها سواء بالألفاظ أو بتصرفات تسئ له أو بفعل أمر ينتج عنه غضب الزوج وكل فعل يوضح سوء العشرة.
5-تعتبر الزوجة ناشزا في حالة إيذاء أهل الزوج أو التطاول عليهم بالألفاظ أو الأفعال.
ما هي الآثار المترتبة على النشوز؟
الآثر المترتب على النشوز يرتب على نشوز الزوجة وقف نفقتها من اليوم التالى لتاريخ إنذار الدخول فى الطاعة، ويرتب على ذلك سقوط نفقتها، وعدم قدرتها على المطالبة بأية نفقة لها كونها قد خرجت عن طاعة زوجها.
-السند القانوني لإثبات حالة النشوز: نظم المشرع المصري مسألة النشوز في المادة 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929، التي تنص على أن: "إذا أمتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجية من تاريخ الامتناع، وتعتبر ممتنعه دون حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها، وعليه أن يبين في هذا الإعلان المسكن... إلخ".
-هل تمتد أثار حكم النشوز إلى ما بعد الطلاق؟
أما عن مسألة امتداد أثار حكم النشوز إلى ما بعد الطلاق، فإن حكم النشوز يرتبط ارتباط وثيق بالحياة الزوجية فهو يدور وجودا وعدما مع العلاقة الزوجية، فإن انقضت العلاقة الزوجية بالطلاق أو بالوفاة أنقطع آثر حكم النشوز وعليه فالزوجة الناشزا إذا ما طلقت أن تطالب بنفقة لمتعتها إذا توافرت شروطها على أن تخصم مدة نشوزها من نفقة المتعة، ويحق لها كذلك المطالبة بنفقة عدة وكافة حقوق المترتبة على الطلاق.
-هل كل الطلاقات تقطع آثار حكم النشوز؟
تختلف حالات الطلاق بمدى تأثيرها على حكم النشوز، فالطلاق الرجعي لا يقطع أثار النشوز فتظل الزوجة ناشزا فى عدتها وأن أرجعها الزوج قبل انقضاء العدة ظلت ناشزا أما الطلاق البائن فهو الذى يقطع أثار النشوز وفى هذا يمكنا الاستناد لحكم محكمة النقض الذى يقضى بالتالي:
"الطلاق الرجعى، أثره هو انتقاص عدد الطلقات التى يملكها الزوج عدم زوال حقوق الزوج علي الزوجة إلا بانقضاء العدة، أما الرجعة فماهيتها امتداد للزوجية القائمة مع عدم اشتراط الاشهاد عليها ولا رضاء الزوجة أو علمها، وإعلان الزوج زوجته للدخول في طاعته وتطليقه لها ثم مراجعتها قبل العدة، أما عدم امتثالها للإنذار أثره هو اعتبارها ناشزا دون حاجة لتوجيه إنذار أخر"، وذلك طبقا للطعن رقم 326 لسنة 63 ق جلسة 30 مارس 1998.
- كيف للزوجة أن تنهى حالة النشوز؟
يحق للزوجة إنهاء حالة النشوز بدخولها لطاعة زوجها وتمكين زوجها منها علي أن يشترط لأثبات كف الزوجة عن معصية النشوز أن يصاحب هذا الكف أية مظاهر مادية، وذلك للأثبات كأن تقوم الزوجة بتسليم نفسها على يد محضر للزوج لتثبت أنها ترغب في الكف عن النشوز ورغبتها في الدخول الي طاعته أو أن تقيم دعوى لأثبات اقلاعها عن معصية النشوز.
"ويتعين علي الزوجة التي اقعلت عن معصية النشوز أن تقيم ضد الزوج الدعوي بطلب الحكم بأثبات أقلاعها عن النشوز وعودتها إلى طاعة الزوج، التي لها أثباتها بالبينة الشرعية وكافة طرق الإثبات، أن الحكم بالنشوز إنما يكون بطبيعته حكما مؤقتا مرهون بإقلاع الزوجة عن معصية النشوز والعودة إلى طاعة الزوج وهذه العودة يمكن أن تتم بطريقة أو أخرى كثر منها في العمل قيام الزوجة بتوجيه إنذار إلى الزوج على يد محضر ومصاحبة المحضر إلى منزل الزوجية عارضه نفسها عليه، بحيث أنه إذا أمتنع عن قبولها في مسكن الزوجية أثبت المحضر ذلك في إجابته على الإنذار الموجه إلى الزوج".
- هل حكم النشوز تمتد أثاره لحقوق الصغار؟
حكم النشوز لا يمس الصغار ولا حقوقهم مطلقا كون أن الحكم الصادر بنشوز الزوجة هو حكما شخصيا لا تمتد أثاره إلا على الزوجة فقط وهو حكما مؤقتا ينتهي بكف الزوجة عن معصية النشوز.
- الأسباب التى يمكن للزوجة الاحتجاج بها على طلب الدخول في الطاعة في هذا الصدد يجب أولا أن نتحدث عن شروط صحة المسكن الذي يطالب الزوج زوجته للدخول فيه لطاعته فيشترط أن يكون بين جيران صالحين تأمن فيه الزوجة على نفسها ومالها، وأن يكون متناسب مع حالة الزوجة الاجتماعية وأن لا يقل عن منزل الزوجية إذا كان منزل الطاعة غير منزل الزوجية، فإن انتفت تلك الشروط عن المسكن الذي يطالب الزوج زوجته للدخول في طاعته فيه فيحق لها أن تعترض علي هذا المسكن وعلى المحكمة متى تأكدت من صحة أسباب الاعتراض على الدخول في الطاعة أن تقضي بعدم الاعتداد بإنذار الدخول في الطاعة.
-هل يحق أن يذكر فى إنذار الدخول فى الطاعة مسكن غير مسكن الزوجية ليكون مسكن للطاعة؟
يحق للزوج أن يوجه إنذار الطاعة متضمنا منزل للطاعة غير مسكن الزوجية إذا ما كانت هناك أسباب تبرر ذلك كأن ينتقل الزوج للعمل في مدينة أو محافظة غير التي كان يقيما فيها وعلى الزوجة أن تتبع زوجها أينما سار وأينما حل، "الأصل أن للزوج شرعا أن يقوم بتغير مسكن الزوجية كلما رأي ذلك وطبقا لمقتضيات حياته المعيشية والأصل أيضا أن تتبعه الزوجة في ذلك".
- الآثر المترتب علي القضاء بعد الاعتداد بإنذار الدخول في الطاعة: إذا ما قضي في الاعتراض الذي أقامته الزوجة للاعتراض على إنذار الدخول في الطاعة الموجه من قبل الزوج بعدم الاعتداد جاز للزوجة المطالبة بنفقته السابقة ولا حجة للزوج في الامتناع عن سداد النفقة.
إجراءات رفع دعوى النشوز
الخطوة الأولى: تتمثل فى اللجوء لمحاكم الأحوال الشخصية وتعبئة نموذج صحيفة الدعوى، ويمكن الحصول عليه عن طريق قسم صحائف الدعاوى فى المحكمة.
الخطوة الثانية: أخذ موعد عن طريق قسم الإحالات والمواعيد بالمحكمة.
الخطوة الثالثة: الحضور فى الموعد المحدد وتقديم الدعوى مكتوبة أو مشافهة، ويقوم القاضى بضبط حضور الزوج أو وكيله وحضور الزوجة المدعية ويذكر المعرف بها أو وكيلها.
الخطوة الرابعة: تسمع دعوى الزوج على زوجته بالنشوز ومطالبته إياها بلزوم بيت الزوجية.
الخطوة الخامسة: إذا ثبت أن نشوز الزوجة لا مبرر له حكم عليها بالرجوع إلى بيت الزوجية، وأنها إذا لم ترجع فتعد ناشزاً ساقطة الحقوق ولا تجبر على الرجوع بالقوة عملاً بالتعميم رقم 8/ت/105، وتطبيقاً لمنصوص المادة الخامسة والسبعين من نظام التنفيذ.
الخطو السادسة: إذا ذكرت الزوجة أسباباً لنشوزها فيسأل الزوج عنها، فإن أنكرها أو أمكن معالجتها فرفضت الزوجة الرجوع أو عجزت الزوجة عن إثباتها، فيتم العمل بقرار هيئة كبار العلماء السالف ذكره.
الخطوة السابعة: لمن لم يقتنع بالحكم من الطرفين حق طلب رفعه لمحكمة الاستئناف لتدقيقه وفق التعليمات.
عقوبة الناشز؟
وعقوبة الناشز كما شرعها القانون هي إيقاف النفقة الزوجية التى تحصل عليها من تاريخ الحكم بالنشوز، وقد تم النص علي ذلك في المادة 11 من القانون 25 لسنة 1929 والتى تقضي: " إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجية من تاريخ الامتناع وتعتبر ممتنعة دون وجه حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها وعليه أن يوضح في الإعلان المسكن".
وللزوجة الحق في إنها حالة النشوز بدخولها في طاعته وتمكين زوجها منها علي أنه يشترط لإثبات كف الزوجة عن معصية النشوز ولابد أن يصاحب هذا الكف ما يدل علي ذلك وتقوم بتسليم نفسها علي يد محضر لتثبت أنها كفت عن النشوز وترغب في الدخول في طاعته.
اللجوء لبيت الطاعة في حالة نشوز الزوجة
وفي حالة نشوز الزوجة يلجأ الزوج لفكرة بيت الطاعة، والتي تم تطبيقها في القانون المصري عام 1929، وفقاً للمادة رقم 25، وأكد على ذلك القانون رقم 100 لسنة 1985، بمنح الرجل حق توجيه إنذار الطاعة لزوجته بعد حدوث خلاف بينهما وخروجها من البيت بغير رضاه، ويعد هذا الإنذار هو دعوة من الزوج لزوجته للعودة إلى مسكن الزوجية، على أن يوفر بيتً ملائما لها، فيه وسائل الحياة التي تتناسب مع الظروف المعيشية لزوجته، وتطلق عليه العامة "بيت الطاعة" وفي حالة توطئة انذار الطاعة الزوجة فهي أمام خيارين إما العودة إلي مسكن الزوجية أو لمسكن آخر يوفره الزوج، أو أن تعترض على الإنذار خلال 30 يوماً بدعوى تسمى "الاعتراض على إنذار الطاعة".
يؤخذ بالاعتراض إذا كان المسكن وهميا، أي أن "الشقة غير موجودة على أرض الواقع"، أو إذا كان الزوج لا ينفق عليها أو لا يحسن معاشرتها ويقوم بسبها أو ضربها، فلا بد من وجود سبب قوي للاعتراض، حيث تحقق المحكمة في الأمر، وتستمع لشهود الزوجين، وفي النهاية تصدر حكمها إما بقبول الاعتراض، أو رفضه واعتبار الزوجة ناشزا وفي هذه الحالة، فليس من حقها الحصول على الحقوق والنفقات التي تحصل عليها خلال الزواج وبعد الطلاق كما ذكرنا.
ثغرة نشوز الزوجة
وقد يستخدم بعض الأزواج هذه الثغرة ليدعوا أن الزوجة لم تعد إلى منزل، وإن كانت قد عادت، ليسقطوا عنها حقوق النفقة إذا وقع الطلاق، وبناء عليه أصبحت الطاعة مدعاة للكيد للزوجات من قبل الأزواج للهرب من الالتزامات المالية، والإنذار يتم الاعتراض عليه لمدة خمسة عشر يوما، مما يجعل العديد من الدعاوى معرضة لعدم القبول، وتضطر الزوجة للبحث عن محام وتلجأ لمكاتب التسوية، ويتحايل الزوج بتوجيه الإنذار إلى عنوان غير صحيح ليحصل على حكم النشوز الذى يصعب إلغاؤه ليتهرب من الالتزامات المالية، ويجعل الزوجة تعانى لما يسببه لفظ ناشز.
رأى دار الإفتاء في نشوز الزوجة
وعن الزوجة الناشز سبق لدار الإفتاء التوضيح لمسألة النشوز بإن هناك صورا كثيرة للزوجة الناشز، ومن بين تلك الصور خروج الزوجة بغير إذن زوجها لغير حاجة، وإغلاق المرأة الباب في وجه زوجها، وعدم فتحها الباب له ليدخل، وذلك مع منعه من فتح الباب، وكذلك حبس الزوج يعتبر من النشوز، وتكون المرأة ناشزًا بمنعها الزوج من الاستمتاع بها حيث لا عذر، لا منعه من ذلك تدلُّلًا، واستشهدت بقول الله تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ ، فالنشوز هو: خروج الزوجة عن الطاعة الواجبة للزوج.
واستدلت بما قاله الإمام الطبري في "تفسيره" (8/ 299، ط. مؤسسة الرسالة): ["نشوزهن" يعني: استعلاءَهن على أزواجهن، وارتفاعهن عن فُرُشهم بالمعصية منهن، والخلاف عليهم فيما لزمهنَّ طاعتهم فيه، بُغضًا منهن وإعراضًا عنهم] اهـ، بينما قال الخطيب الشربينى فى "مغني المحتاج" (3/ 259، ط. دار الفكر): [وَالنُّشُوزُ هُوَ الْخُرُوجُ مِن الْمَنْزِلِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ لا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ، وَلا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ، وَلا إلَى اسْتِفْتَاءٍ إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا، وَكَمَنْعِهَا الزَّوْجَ مِنْ الاسْتِمْتَاعِ وَلَوْ غَيْرَ الْجِمَاعِ لا مَنْعِهَا لَهُ مِنْهُ تَدَلُّلًا، وَلا الشَّتْمُ لَهُ، وَلا الإِيذَاءُ لَهُ بِاللِّسَانِ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ تَأْثَمُ بِهِ، وَتَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ عَلَيْهِ، وَيَتَوَلَّى تَأْدِيبَهَا بِنَفْسِهِ عَلَى ذَلِكَ] اهـ.
ما هى الآثار المترتبة على نشوز الزوجة؟
وأوضحت الإفتاء، أن هناك آثار تترتب على النشوز، وهي: استحقاق الإثم؛ لأن النشوز حرامٌ شرعًا، إضافة إلى سقوط النفقة والسكنى، فالناشز لا نفقة لها ولا سكنى، لأن النفقة إنما تجب في مقابلة تمكين المرأة زوجها من الاستمتاع بها بدليل أنها لا تجب قبل تسليمها نفسها إليه، وإذا منعها النفقةَ كان لها منعه من التمكين، وقالت الدار، جواز التأديب المرأة الناشز من جانب الزوج، وذلك بوعظها أو هجرها أو ضربها ضربًا غير مبرح في بعض الحالات، فإن رجعت الزوجة عن إصرارها على النشوز سقط ما ترتب على النشوز، إلا الوعظ بصفة عامة فإنه لا يسقط؛ لأنه من التناصح على الخير، ولا يضر بالزوجة.
هل ترث الزوجة الناشز لو توفى زوجها؟.. دار الإفتاء توضح
وللإجابة على السؤال.. هل ترث الزوجة الناشز لو توفى زوجها؟ أجاب الدكتور علي فخر أمين الفتوى ومدير عام الإدارة العامة للفتوى الشفوية بدار الإفتاء المصرية، إن "نشوز الزوجة يؤثر على النفقة"، وأجاب ردًا على سؤال: ما موقف المرأة الناشز من الميراث لو توفى زوجها؟: "لو أن أحدهم زوجته نشزت فالنفقة تسقط للنشوز".
وأكد: "هي كونها زوجها فقط فتستحق الميراث، أما النفقة فحال كانت زوجة مطيعة في بيت زوجها"، موضحًا: "الزوجة لها الحق في الميراث لو مات زوجها قبل الدخول بها، ولذا الناشز يسقط حقها في النفقة ولا يسقط حقها في الميراث".