أصدرت محكمة بندر دمنهور لشئون الأسرة، حكما قضائيا يهم الزوجات المتضررات من حبس أزواجهن، بتطليق زوجة بسبب حبس زوجها وفقاً لنص المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985، ومستندة على فتوى ابن تيمية، حيث حددت خلاله 4 شروط للحصول على حكم بالطلاق لحبس الزوج:
1- الحكم على الزوج بعقوبة مقيدة للحرية.
2- أن يكون الحكم نهائيا، وأن يكون الزوج قد بدأ تنفيذه بالفعل.
3- أن تكون العقوبة 3 سنوات أو أكثر.
4- أن ترفع الزوجة الدعوى بعد مضى سنة تحتسب من تاريخ تنفيذ الزوج للعقوبة.
صدر الحكم فى الدعوى المقيدة برقم 286 لسنة 2021 أسرة بندر دمنهور، لصالح المحامى مختار عادل، برئاسة المستشار سامح سعيد رشاد، وعضوية المستشارين عمرو محمد هانى، وعمرو أحمد عبد العزيز، وبحضور كل من مصطفى وسيم، وكيل النيابة، وسكرتارية ماهر خالد.
الوقائع.. زوجة تقيم دعوى طلاق بسبب سحن الزوج
تتحصل وقائع الدعوى فى أن المدعية أقامت دعواها بتاريخ 14 فبراير 2021، وطلبت فى ختامها الحكم بتطليقها من المدعى عليه طلقه بائنة لحبسه، وذلك على سند من القول أن المدعية زوجة للمدعى عليه بصحيح العقد الشرعى، وأنه محكوم عليه بعقوبة السجن المشدد لمدة 5 سنوات، بتهمة السرقة وأن الزوجة تعتبر السرقة جريمة "مخلة بالشرف"، الأمر الذى حدا بها لإقامة دعواها بما سلف من طلبات، وقدمت تأييدا لها حافظة مستندات طويت من بينها على صورة ضوئية من وثيقة زواجها من المدعى عليه.
وفى تلك الأثناء – تداولت الدعوى بالجلسات، ومثلت خلالها المدعية بوكيل عنها – محام – وقدم حافظة مستندات طويت على شهادة من واقع الجدول، وثبت بها أنها مقيدة ضد المدعى عليه "مادة سرقة" وقضى فيها بمعاقبة المدعى عليه حضوريا بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات ومنفذ عليه من 13 يناير 2020 حتى 14 يناير 2025، وطعن المتهم على الحكم بالنقض.
قانون الأسرة يجيز تطليق الزوجة بسبب حبس الزوج
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى – لما كان المقرر قانونا بنص المادة 14 من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985 على أنه: "لزوجة المحبوس المحكوم عليه نهائيا بعقوبة مقيدة للحرية مدة 3 سنوات، فأكثر أن تطلب إلى القاضى بعد مضى سنة من حبسه التطليق عليه للضرر ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه"، وقيست حالة الحبس على حالة الغياب لأنه غياب فعلى.
المحكمة تستند على فتوى "ابن تيمية"
وبحسب "المحكمة": وذهب الإمام ابن تيمية إلى أن: "القول فى امرأة الأسير والمحبوس ونحوهما ممن تتعذر انتفاع امرأته به، إذا طلبت فرقته، كالقول فى امرأة المفقود والضرر هنا مفترض، فافتراض القانون فى زوجة المحبوس التى تطلب التطليق للحبس أنها تتضرر من حبس زوجها حتى لو كان له مال تستطيع الإنفاق منه، والتطليق لسجن الزوج هو أحد حالات التطليق للضرر ذلك أن سجن الزوج إنما يترتب عليه ابتعاده عن الزوجة وراء أسوار السجن، وهذا الغياب يشكل ولا شك ضرر بالزوجة طالما أنه قد استقر أن الزوجة تتضرر بعدم وقاعها لأكثر من 6 أشهر على ما هو من حديث عمر بن الخطاب فى هذا الشأن، فإذا زادت مدة الابتعاد عن ذلك، فالضرر واقع لا محالة ويستوى بعد ذلك أن تكون الفرقة برضى الزوج أو قهرا عنه، ولكون الفرقة هنا لسبب لا دخل لإرادة الزوج فيه وهو حبسه وبحكم أن ذلك يسبب ضررا للزوجة لذلك افرد المشرع لهذا النوع من الضرر نص خاص هو نص المادة 14.
المحامى مختار عادل - محامى الزوجة
ووفقا لـ"المحكمة": وقد اشترط لكى يحق للزوجة طلب التطليق للحبس عدة شروط هي: 1-الحكم على الزوج بعقوبة مقيدة للحرية "الحبس أو السجن أو نحوه" وعلى ذلك فالحكم بالغرامة أو تنفيذها بطريق الإكراه البدنى لا يوفر الشرط إلا أنه يستوى أن تكون العقوبة صادرة فى جناية أو جنحة، 2-أن يكون الحكم الصادر بالعقوبة نهائيا وأن يكون الزوج قد بدأ تنفيذه بالفعل، 3-أن تكون العقوبة 3 سنوات فأكثر والسنوات هنا ميلادية، 4-أن ترفع الزوجة الدعوى بعد مضى سنة ميلادية كاملة تحتسب من تاريخ بدء تنفيذ العقوبة على الزوج وليس من تاريخ النطق بالحكم والطلاق الذى يوقعه القاضى بسبب الحبس يقع به طلقة بائنة باعتباره طلاق للضرر.
المحكمة تضع 4 شروط لحصول الزوجة على الحكم
وتضيف "المحكمة": تنص المادة 14 من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985 على أنه: "المراد بالسنة فى المواد من (12 إلى 18) هى السنة التى عدد أيامها 365 يوما"، والمواد التى ينطبق فى شأنها هذا النص هى مدة السنة المنصوص عليها فى المادة 12 من القانون والمتعلقة بالطلاق للغياب ومدة الثلاث سنوات المشترطة فى العقوبة الصادرة ضد الزوج المحبوس لجواز طلب الطلاق لهذا السبب، وكذا مدة السنة المشترط انقضائها قبل رفع الدعوى بطلب الطلاق للحبس.
وإذ استقام ما تقدم وكان الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها أن المدعى عليه زوج المدعية قد حكم عليه بعقوبة السجن المشدد لمدة 5 سنوات ومنفذ عليه، ولما كانت صحيفة الدعوى الراهنة قيدت فى 14 فبراير 2021 أى بعد مضى أكثر من سنة من تاريخ بدء تنفيذ العقوبة المحكوم بها على الزوج المدعى عليه، الأمر الذى يتحقق معه الضرر عملا بنص المادة 14 من القانون 25 لسنة 1929 وهو ما تقضى معه المحكمة والحال كذلك بتطليق المدعية على المدعى عليه طلقة بائنة للضرر.
ما المقصود بالجرائم المخلة بالشرف؟
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانونى والمحامى بالنقض حسام الجعفرى - أنه ليس هناك فى الواقع معيار جامع مانع لتمييز هذا النوع من الجرائم عن غيره، فالمشرع لم يحدد ماهية تلك الجرائم تاركا تلك المهمة لكل من الفقه والقضاء ومع أن الفقه والقضاء قد حاولا وضع معيار فى هذا الخصوص إلا أنه ليس معيارا حاسما بل هو أقرب إلى التوجيه العام منه إلى المعيار.
ما هو تعريف المحكمة الإدارية العليا للجرائم المخلة بالشرف؟
ويوضح "الجعفرى" فى تصريح لـ"برلمانى": عرفت المحكمة الإدارية العليا: "إن الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة بأنها"، تلك التى ترجع إلى ضعف فى الخلق وانحراف فى الطبع " و إن الجرائم المخلة وبالشرف أو الأمانة هى " تلك التى ينظر غليها المجتمع على أنها كذلك وينظر على فاعليها بعين الازدراء والاحتقار ويعتبره ضعيف الخلق منحرف الطبع دنيء النفس ساقط المروءة، فالشرف والأمانة ليس لهما مقياس ثابت محدد بل هما صفتان متلازمتان لمجموعة من المبادئ السامية والمثل العليا التى تواضع الناس على إجلالها وإغرازها فى ضوء ما تفرضه قواعد الدين ومبادئ الأخلاق والقانون السائدة فى المجتمع .
ما هى الجرائم التى استقر عليها الفقه والقضاء باعتبارها جرائم مخله بالشرف؟
ويؤكد "الجعفرى": هناك مجموعة من الجرائم لا يختلف الفقه والقضاء حول اعتبارها جرائم مخلة بالشرف أو الأمانة وهى السرقة – التزوير – هتك العرض – النصب والاحتيال – خيانة الأمانة .. إلخ، بل لقد اعتبرت المحكمة الإدارية العليا أن جريمة إصدار شيك بدون رصيد تعد من الجرائم المخلة بالشرف لأنها ترجع إلى ضعف فى الخلق وانحراف فى الطبع كما أن هناك مجموعة أخرى من الجرائم استقر القضاء على عدم اعتبارها جرائم مخلة بالشرف أو الأمانة منها جرائم التبديد التى تقع من المالك للأشياء المحجوز عليها والمعين حارسا عليها – جنحة تبديد منقولات الزوجية – الحكم بالغرامة فى جنحة مشاجرة – جرائم السب حتى وإن كانت تتضمن خدشا لشرف المجنى عليه – جرائم بيع سلعة بأكثر من السعر المقرر لها – جريمة تغيير من أحد الزوجين فى عقد الزواج .... إلخ.
الخبير القانونى والمحامى حسام حسن الجعفرى