تحولت المطالب الحقوقية فى المغرب بإلغاء عقوبة الإعدام من التشريعات والقوانين، من حلم لبعض الحقوقيين طالبوا به على مدار سنوات إلى حقيقة تقترب من التحقيق بعد أن تبنى البرلمان تلك المطالب، إلا أن الأمر لازال يواجه معارضة حكومية حيث صنفت خطة العمل الوطنية فى مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان هذه العقوبة ضمن القضايا الخلافية التى يفترض أن يفتح حوار وطنى بشأنها.
وكشف المجلس الوطنى لحقوق الإنسان فى تقريره السنوى الذى صدر بداية شهر مايو الجارى أن عدد المحكوم عليهم بالإعدام فى المغرب، قد بلغ نهاية 2021 ما مجموعة 78 شخصا، بينهم سيدتان، إحداهما صدر فى حقها حكم نهائى والأخرى مازال ملفها فى مرحلة النقض.
وأوضح المجلس، فى تقريره السنوى حول حقوق الإنسان لسنة 2021، أنه واصل رصد مدى احترام الحق فى الحياة وعدم المساس به بأى شكل أو تحت أى ذريعة، وخاصة من خلال تتبعه لحالات المحكومين بالإعدام وحالات الإضراب عن الطعام، ورصد بعض حالات وفيات المحرومين من حريتهم سواء فى أماكن الحرمان من الحرية أو فى المستشفيات.
فى هذا السياق، جدد المجلس توصياته بشأن إلغاء عقوبة الإعدام قانونا وممارسة، والمصادقة على البرتوكول الاختيارى الثانى للعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، وكذا التصويت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضى بوقف العمل بعقوبة الإعدام المتوقع إصداره خلال الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة فى أواخر سنة 2022.
وبعد صدور التقرير قام الفريق النيابى لحزب التقدم والاشتراكية، بالبرلمان المغربى باستجواب وزير العدل عبد اللطيف وهبى عن تقدم مسار إلغاء عقوبة الإعدام.
وقال النائب رشيد حمونى، إن الفصل 20 من الدستور ينص على أنَّ “الحق فى الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان، ويحمى القانون هذا الحق”. كما ورد فى الفصل 22 من الدستور على أنه “لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأى شخص، فى أى ظرف، ومن قبل أى جهة كانت، خاصة أو عامة. ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أى ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية”.
وأضاف رئيس فريق “الكتاب” بالغرفة الأولى للبرلمان أن الحكومة فى برنامجها، التزمت بوضع خطة العمل الوطنية فى مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. كما أنَّ المجلس الوطنى لحقوق الإنسان، باعتباره مؤسسة دستورية تتولى النظر فى جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة، فى نطاق الحرص على احترام المرجعيات الوطنية والكونية فى هذا المجال، قد أكد، فى تقريره السنوى الأخير، على مواصلة دعوته من أجل إلغاء عقوبة الإعدام فى القانون والممارسة، انسجاما مع المكتسبات التى راكمتها المملكة المغربية فى المسار الذى نهجته، خاصة وقف تنفيذ عقوبة الإعدام منذ ثلاثة عقود تقريبا.
وجاء الاستجواب فى وقت قامت فيه الحكومة المغربية بسحب مشروع “القانون الجنائي” لإدخال تعديلات عليه، وقال الحمونى إن موقف الحزب واضح من عقوبة الإعدام، مشيرا إلى أنه ينتظر تفاعلات الوزير عبد اللطيف وهبى بهذا الشأن، خصوصا أنه كان مدافعا عن إلغاء العقوبة.
وتمنى حموني، فى تصريح لهسبريس المغربية، الاستجابة للمطلب الحقوقى رغم أن الأمر مستبعد بحكم أن الحكومة الحالية تستبعد الهاجس الديمقراطى والحقوقى بشكل تام.
واعتبر رئيس فريق التقدم والاشتراكية أن البرنامج والخطاب الحكومى جاءا ضعيفين فى هذا الباب، معتبرا ما يجرى فى الشأن الحقوقى خطيرا، والمعارضة مطالبة بالتدخل للحفاظ على المكتسبات على الأقل.