الواقع والحقيقة يؤكدان أننا نعيش هذا الأسبوع وقائع عديدة من السب والقذف حتى أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي على الأسبوع الحالي بـ"أسبوع السب والقذف"، حيث بدأت رحاها بسب وقذف اللاعب السابق أحمد حسام ميدو من خلال وصفه الأطباء على المشاع بأنهم "معندهمش ضمير" بسبب أزمة "حماه" بعد شكواه من عدم استقبال والد زوجته بأحد المستشفيات الخاصة بدعوى أن جميع الأطباء في إجازة، قائلا: "من حق الأطباء أخذ إجازة ولكن ضرورة وجود أطباء أثناء إجازات العيد لاستقبال حالات الطوارئ"، الأمر الذى أدى لتقديم بلاغات رسمية ضده من الدكتور حسين خيري نقيب أطباء مصر، والدكتورة شيرين غالب نقيب أطباء القاهرة، لاتهامه بالسب والقذف، ونشر الأكاذيب، وتكدير السلم العام.
بينما ينتهى الأسبوع بالواقعة الأبرز على الإطلاق والتي أصبحت محط أنظار الشارع المصري بصفة عامة ورواد مواقع التواصل الاجتماعي بصفة خاصة ألا وهى التصريحات النارية التي أطلقتها المطربة شيرين عبد الوهاب ضد زوجها السابق حسام حبيب، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية لميس الحديدى فى برنامج كلمة أخيرة والذى يذاع على قناة أون الفضائية – حتى وصل الأمر بأن خانها التعبير فأساءت لـ الموسيقار الراحل "حسن أبو السعود"، وهو ما استدعى أسرته للرد عليها فى بيان عاجل.
ملخص تصريحات شيرين عبد الوهاب
وجاء ملخص تصريحات شيرين عبد الوهاب كالتالى: "حسام حبيب ضربنى وسحلنى على الأرض وهو اللى حلق لى شعرى، وأنا عاوزه حقى منه، كنت عايشة مع زوج مش بيشتغل تقريبًا، ولا بيخرج ولا بيشوف أهله ولا أصحابه وكل همه حب الامتلاك، وكنت محبوسة 24 ساعة فى أوضة نومى مش بعمل حاجة، قاعدة بس.. أنا كنت عايشة زى الفئران فى المصيدة، حسام حبيب سرق العربية من قدام البيت مستغلا تواجدى فى الساحل، وكنت متكفلة بمصاريف بيته التانى واللى فيه والد حسام حبيب ووالدته، طول عمره ما بيشتغلش، وأهله باصين لى فى كل حاجة، وحسام حبيب طلب 10% من أرباح شغلى، أنا اتجوز قرد وما أرجعش ليه تانى، وحسام حمل السلاح فى وجهى وفى وجه بناتى، وعيالى كانوا هينضربوا بالرصاص".
رد حسام حبيب على شيرين عبد الوهاب
فيما رد الفنان حسام حبيب، على التصريحات النارية التى أدلت بها زوجته السابقة المطربة شيرين عبدالوهاب من خلال تسجيلا صوتيا على صفحته الشخصية مؤكدا أنه قرر اللجوء للإجراءات القانونية للحصول على حقه على أثر هذه التصريحات، وردد قائلا: "هيكون فيه إجراء قانونى.. أنا عمرى ما دافعت عن نفسى.. الكلام اللى أنا هرد بيه كلام كله بوثائق، مش هقول كلام مرسل، كل حاجة دلوقتى بحضرها، أنا كنت ساكت حفاظا على شيرين وسمعتها، وعلى بيتها".
وفى الحقيقة أن كل هذه الوقائع تؤكد أننا أصبحنا نعيش العديد من وقائع السب والقذف سواء عبر الصحف والمجالات والمواقع والقنوات الفضائية أو عبر السوشيال ميديا وإصدار مقاطع الفيديو سواء كانت لشخصيات اعتبارية أو عادية تتضمن سباَ وقذفاَ بصورة فجة منها على سبيل السخرية أو الهزار ومنها بغرض الرد على بعض الوقائع والأحداث، ومنها نتيجة الغضب باعتبار أن ذلك جزء من رد الحق، الأمر الذى يؤدى معه إلى النيل من سرف الأشخاص والحط من مكانتهم فى المجتمع.
الفرق بين السب والقذف وعقوبتهما
فى التقرير التالي، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية التجريم والعقاب في جرائم السب والقذف سواء عبر الصحف والمجالات والمواقع والقنوات الفضائية أو عبر السوشيال ميديا وإصدار مقاطع الفيديو، وخاصة وقائع السب والقذف باستخدام برامج تقنية المعلومات للنيل من شرف الأشخاص والحط من مكانتهم واعتبارهم فى المجتمع حيث يقع هذا التشهير غير الأخلاقى تحت نصوص المواد من 302 إلى 310 من قانون العقوبات بالباب السابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات فى صورة القذف والسب والبلاغ الكاذب وافشاء الإسرار متى تم النشر على شبكة الإنترنت واستطاع عوام الناس مشاهدته أو فئة لا تربطهم ببعضهم صلة خاصة – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر فاروق الأمير.
فى البداية - نصت المادة 302 / 1 على تعريف جريمة القذف بأنه: "يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه"، كما عاقبت المادة 303/1 على عقوبة جريمة القذف بالنص على: "يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه"، وبخصوص جريمة السب فقد نصت المادة 306 على تعريف جريمة السب والعقوبة المقرر له، "كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن خدشا للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه فى الأحوال المبينة بالمادة 171 غرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تزيد عن عشرة آلاف جنيه" – وفقا لـ"الأمير".
العقوبة المشددة فى جريمتى السب والقذف
وبينت المادة 308 من ذات القانون الحالات التى يحكم فيها بعقوبة مشددة على المتهم فى جريمتى السب أو القذف بالنص على: "إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب الذى ارتكب بإحدى الطرق المبينة فى المادة "171" طعنا فى عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معا فى الحدود المبينة فى المواد 179 و181 و182 و303 و306 و307 على ألا تقل الغرامة فى حالة النشر فى إحدى الجرائد أو المطبوعات عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن ستة شهور" – الكلام لـ"الأمير".
عقوبة السب والقذف على السوشيال ميديا
كما أن هذا السلوك جرم فى قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 ورصد له المشرع عقوبة الحبس الذى لا تقل مدته عن سنتين ولا تزيد عن خمس سنوات وغرامة مالية كبيرة أو إحدى العقوبتين، إذ نصت المادة 26 من القانون المذكور على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه"، فهذا النص يجرم فى شق منه استعمال الجانى برنامج أو تقنية معلوماتية للمساس بشرف واعتبار المجنى عليه.
وهذه الجريمة من جرائم - القالب المقيد - التى يتخذ ركنها المادى استخدام وسيلة محددة فى غرض بعينه لا تقع دونهما وهذه الوسيلة هى استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية أما الغرض فهو المساس بشرف المجنى عليه أو اعتباره، وهى من - جرائم الخطر - لا الضرر إذ لا يلزم لقيامها أن ينزل بالمجنى عليه ضررا فعليا فى صوره احتقاره وانما يكفى مجرد تهديدهما بخطر، ويستوى فى نظر القانون أن يكون ما اسنده الجانى للمجنى عليه من وقائع تمس بشرفه واعتباره صحيحه أم كاذبة وسواء أكان المجنى عليه موظف عام أم من آحاد الناس إذ علة التجريم استخدام برامج وتقنية المعلومات للفتك بالأشخاص والتشهير بهم – الكلام لـ"الأمير".
الفرق بين النقد والسب والقذف على السوشيال ميديا
هذا ومن المعلوم أن الشرف والاعتبار يقصد به المكانة الاجتماعية للشخص ولزوم احترامه من الغير فأى مساس بتلك المكانة تحقق الجريمة كنشر رابطة ونسبتها إلى أنسان بطريقة تودى إلى احتقاره عند الناس، ومن ثم لا تقع الجريمة إذا تم النشر أو البث بغرض التعليق أو النقد البناء أو إبداء النصح أو المدح أو الإشادة، ومن المعلوم أن البرنامج المعلوماتى هو مجموعة الأوامر والتعليمات المعبر عنها بأية لغة أو رمز أو إشارة، والتى تتخذ أى شكل من الأشكال ويمكن استخدامها بطريق مباشر أو غير مباشر فى حاسب آلى لأداء وظيفة أو تحقيق نتيجة سواء كانت هذه الأوامر والتعليمات فى شكلها الأصلى أو أى شكل آخر تظهر فيه من خلال حاسب آلياَ، ونظام معلوماتي.
الفرق بين البرنامج المعلوماتى والتقنية المعلوماتية
أما التقنية المعلوماتية فهى مجموعة برامج وأدوات معدة لغرض إدارة ومعالجة البيانات والمعلومات أو تقديم خدمة معلوماتية، وهذه المعالجة من خلال البرامج أو التقنية سواء لدى القانون أن تتم كليًا أو جزئيًا لكتابة أو تجميع أو تسجيل أو حفظ أو تخزين أو دمج أو عرض أو إرسال أو استقبال أو تداول أو نشر أو محو أو تغيير أو تعديل أو استرجاع أو استنباط البيانان والمعلومات الإلكترونية وسواء أن يتم ذلك باستخدام أى وسيط من الوسائط أو الحاسبات أو الأجهزة الأخرى الإلكترونية أو المغناطيسية أو الضوئية أو ما يُستحدث من تقنيات أو وسائط.
موقف المحكمة من تلك الجرائم
ويستوى فى الجانى أن يكون شخص طبيعى أو اعتبارى كشركة، وكذلك الأمر فى المجنى عليه غاية الأمر أنه ينبغى ملاحظة أن المادة 36 من قانون تقنية المعلومات نصت على أنه فى الأحوال التى ترتكب فيها أى من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون، باسم ولحساب الشخص الاعتباري، يعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية إذا ثبت علمه بالجريمة أو سهل ارتكابها تحقيقا لمصلحة له أو لغيره بذات عقوبة الفاعل الأصلي.
وللمحكمة أن تقضى بإيقاف ترخيص مزاولة الشخص الاعتباري للنشاط مدة لا تزيد على سنة، ولها فى حالة العود أن تحكم بإلغاء الترخيص أو حل الشخص الاعتباري بحسب الأحوال، ويتم نشر الحكم فى جريدتين يوميتين واسعتا الانتشار على نفقة الشخص الاعتباري، وأيضا ينبغى ملاحظة ما جاء بالمادة 37 من أنه فى تطبيق أحكام هذا القانون، لا يترتب على تقرير مسئولية الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري استبعاد المسئولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين الفاعلين الأصليين أو الشركاء عن ذات الوقائع التى تقوم بها الجريمة.
هل يجوز الاتهام بالسب والقذف لشخص اعتبارى؟
وأما عن اتهام نقابة الأطباء للأعب السابق أحمد حسام ميدو فإن هذه البلاغات قد تزج بـ"ميدو" في السجن، لما يمثله من عدة جرائم، على رغم التقدير الكامل لمشاعر الحزن التي انتابت ميدو من جرّاءِ مرض حماه ولكن ليس هذا هو السبيل الذي تتناول به شخصية عامة مثل ميدو مشكلة تحيط به، حيث أن الاتهامات التي يواجهها ميدو تتمثل في إهانة شخص مكلف بخدمة عامة، طبقا لنص المادة 133 من قانون العقوبات وكتلك جريمتي السب والقذف المعاقب عليهما طبقا لنص المادة 302 / 1 عقوبات حيث جاء في نص المادة ما يلي: "يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 عقوبات التي تمثل صور العلانية وبأي وسيلة بأن ينسب أي أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه".
كما عاقبت المادة 303/1 على عقوبة جريمة القذف بالنص على: "يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن 5000 جنيه، ولا تزيد على 15,000 جنيه"، موضحا بخصوص جريمة السب فقد نصت المادة 306 على أن عقوبة جريمة السب المقرر على ما يلي: "كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن خدشا للشرف أو الاعتبار علنا يعاقب عليه لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد عن عشرة آلاف جنيه"، كما أن هناك اتهامات أخرى مثل جريمة إساءة استخدام الإنترنت وبالطبع العقوبة الحبس والغرامة بالإضافة إلى التعويضات والملاحقة من المضرور من تصريحات ميدو، وأن هذه الاتهامات سيعاقب عليها ميدو إذا لم تتنازل النقابة عن بلاغهم للنائب العام.