أصدرت الدائرة الابتدائية الثانية – بمحكمة بنى سويف الاقتصادية – حكما قضائيا بحبس فتاة 6 أشهر وتغريمها 10 آلاف جنيه لاتهامها بابتزاز أخرى إلكترونيا، على خلفية اتهامها بمشاركة بوستات على "فيس بوك" لحساب مجهول، ومطالبتها المجنى عليها بدفع أموال مقابل التوقف عن مشاركة البوستات عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وإرسال رسائل لشقيقها وخطيبها عبر صفحاتهم الشخصية، تسببت في "فسخ خطبتها".
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 224 لسنة 2021 جنح اقتصادى بنى سويف – لصالح المحامى عادل عبد العظيم، برئاسة المستشار أحمد محمد الطاهر، وعضوية المستشارين فادى محمود، وسامح أبو مسلم، وبحضور كل من وكيل النيابة حاتم أبو الخير، وسكرتارية إميل إبراهيم عطالله.
الوقائع.. مؤامرة تتسبب في فسخ خطبة فتاة
اتهمت النيابة العامة المتهمين "نجاة. م"، و"محمد. د"، و"محمد. ع"، وذلك بأنهم في تاريخ سابق على تحرير المحضر بدائرة قسم المنيا، انتهكوا القيم الأسرية واعتدوا على حرمة الحياة الخاصة بالمجنى عليها "فاطمة. م"، بأن أرسلوا لشقيقها رسائل على بريده الالكترونى الخاص به على موقع "فيس بوك" تنتهك خصوصيتها، وطلبت النيابة العامة معاقبتهم بالمواد 1، 11، 12، 25، 38 من القانون رقم 175 لسنة 2018.
أما وقائع الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصه من محاضر جمع الاستدلالات تتحصل فيما أبلغت به المجنى عليها "فاطمة. م" بالمحضر المؤرخ 2 فبراير 2021 من تضررها من المتهمين الثلاثة – سالفى الذكر – ومعهم "مصطفى. أ"، و المدعو "مؤمن. ه"، وذلك لقيامهم بتهديدها والتشهير بسمعتها وابتزازها وطلب مبالغ مالية منها عبر موقع "فيس بوك"، الأمر الذى سبب لها أضرارا معنوية، حيث تم فسخ خطبتها بسبب التعدى سالف الذكر.
سؤال المجنى عليها والمتهمين
وبسؤال المجنى عليها بالمحضر المؤرخ 6 فبراير 2021 قصرت الاتهام على المتهمين الثلاثة المقدمين للمحاكمة الجنائية، وقدمت حافظة مستندات طويت على عدد 10 لقطات من شاشة المحمول مطبوعة، ويظهر فيها منشورات مسيئة للمجنى عليها وأهليتها صادر من الحساب المسمى "محمد. أ" على موقع "فيس بوك".
وبسؤال المتهم الثانى في المحضر المؤرخ 4 فبراير 2021 قرر بقيام شخص يدعى "إبراهيم. ا" من محافظة بنى سويف بإعطائه مبلغا وقدره 500 جنيه ورقم هاتف المجنى عليها، وطلب منه الاتصال بها، وأنه قد امتثل لطلبه، وعندما عرف بأن المجنى عليها تقطن بذات المنطقة التي يقطن هو بها، وأن فعلته سوف تتسبب في حدوث خلافات بينهما، توقف عن الاتصال بالمجنى عليها، ولم يقم بنشر شيء على شبكة الإنترنت، وأضاف بأنه لم يطلب من المجنى عليها أي مبالغ مالية، وبسؤال المتهمين الأولى والثالث بذات المحضر، أنكر كلا منهما صلته بالواقعة، وإذ أرفقت بالأوراق صورة ضوئية من المحضر رقم 9413 لسنة 2020 إدارى قسم المنيا والمؤرخ 14 سبتمبر 2020.
العقوبة طبقا لنص المادة 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018
المحكمة في حيثيات الحكم، قالت إن المادة 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018 تنص على أن: "في غير الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد عن 300 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشأ أو أدار أو استخدم موقعا أو حسابا خاصا على شبكة معلوماتية يهدف إلى ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونا"، وحيث انه من المقرر بقضاء النقض أن: "لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من ادلة وعناصر في الدعوى مباشرة كانت أو غير مباشرة وأن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلا لحكمها لأن تقدير الدليل موكول لها ومتى اقتنعت وأطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك" – طبقا للطعن المقيد برقم 955 لسنة 40 قضائية.
ولما كان ما تقدم – وكانت المحكمة بمطالعتها لسائر أوراق الدعوى ومستنداتها، قد استقر في يقينها ثبوت الاتهام في حق المتهمة الأولى ثبوتا يقينيا كافيا للقضاء بإدانتها، وذلك بما أخذ بما ورد بأقوال المجنى عليها بمحاضر جمع الاستدلالات، وكذا ما اسفر عنه الفحص الفني من أنه بإجراء التحريات الفنية باستخدام البرامج والتقنيات الحديثة والاستعانة بفسم المساعدات الفنية بالإدارة تم التوصل إلى أن الحساب الشخصى محل الفحص مرتبط بشريحة الهاتف رقم "........." وتبين أنها مستخدمة بمعرفة المتهمة الأولى، إضافة إلى أنه بمطالعة المحكمة للمشاركات المنشورة على موقع "فيس بوك" والمرفقة بتقرير الفحص الفني قد تبين لها أنها قد حملت عبارات تشكل إنتهاك لحرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها، وتتضمن أخبار وصور تنتهك خصوصيتها دون رضاها، وهى الأمور التي يكون قد ثبت معها للمحكمة إرتكاب المتهمة الأولى للجريمة المقدمة بها للمحاكمة الجنائية بركنيها المادةى والمعنوى، ومن ثم تقضى بمعاقبة المتهمة بحبسها لمدة 6 أشهر وبتغريمها مبلغ 10 آلاف جنيه، عملا بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية.
المحكمة تنصف الفتاة وتقضى بحبس المتهمة
أما عن الاتهام المنسوب للمتهمين الثانى والثالث – ولما كان من المقرر أن المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن: "يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته وأن يكفى أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة كى يقضى له بالبراءة إذا المرجع في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على أسباب تحمله"، طبقا للطعن رقم 6852 لسنة 59 قضائية.
وهديا بما تقدم وعملا به ولما كان الثابت للمحكمة من مطالعتها لسائر أوراق الدعوى أنها قد خلت من ثمة دليل يمكن الإستناد عليه في نسبة الإتهام للمتهمين الثانى والثالث، إذ جاء اتهام المجنى عليها لهما بمحضر جمع الاستدلالات مرسلا لم افتقرت الأوراق إلى ما يؤيده، فضلا عن أن تقرير الفحص الفني المرفق بالأوراق جاء خلوا مما يفيد أن أيا من المتهمين قد اشترك في ارتكاب الجريمة المحال بها للمحاكمة الجنائية، ولا ينال من ذلك ما ورد بتحريات مباحث قسم شرطة المنيا من أن التحريات أسفرت عن صحة أقوال المجنى عليها، إذ لا ترتقى تلك التحريات لأن تكون دليلا يمكن التعويل عليه في نسبة الاتهام للمتهمين، وهى الأمور التي تتشكك معها المحكمة في نسبة الاتهام للمتهمين الثانى والثالث، مما تقضى ببرائتهما من الاتهام المنسوب إليهما عملا بنص المادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية.