أصدرت الدائرة الجنائية "ه" – بمحكمة النقض – حكما في منتهى الأهمية بشأن التظلم على قرار منع السفر، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية حول جهة الاختصاص لنظر التظلمات بخصوص منازعة جنائية، قالت فيه: "محكمة الجنايات مختصة ولائيا بنظر التظلم على قرار منع السفر صادر من قاضى التحقيق فى شأن منازعة جنائية، أما في حالة إحالته إلى محكمة القضاء الإداري المختصة يشوبه البطلان والخطأ فى تطبيق القانون".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 11224 لسنة 85 قضائية، برئاسة المستشار هانى مصطى، وعضوية المستشارين حمدى ياسين، وإبراهيم عبدالله، وسامح أبو باشا، ومحمد الجندى، وبحضور كل من رئيس النيابة لدى محكمة النقض على حسن، وأمانة سر حازم خيرى.
الوقائع.. متهم يتظلم أمام محكمة الجنايات على قرار منعه من السفر
أقام "س. م" تظلمه أمام محكمة جنايات الجيزة، بشأن قرار استمرار منعه من السفر بناء على قرار قاضي التحقيق في البلاغ رقم 1384 لسنة 2013 بلاغات النائب العام والذي قيد برقم 11720 لسنة 2013 جنح قصر النيل وبرقم 4 لسنة 2013 كلي وسط القاهرة تأسيسا على التالى:
1- مخالفة القرار المتظلم منه لنص المادة 62 من دستور لسنة 2013 المتضمن أنه لا يكون المنع من مغادرة إقليم الدولة أو فرض الإقامة الجبرية عليه أو حظر الإقامة في جهة معينة إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة وفى الأحوال المبينة بالقانون.
2- صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 243 لسنة 21 ق دستورية بعدم دستورية نص المادتين 8 ، 11 من القانون رقم 97 لسنة 1959 التي تخول لوزير الداخلية سلطة قيد حرية التنقل وصدر بناء عليها قراره رقم 3937 لسنة 1996 تنظيم المنع من السفر .
3- أنه بتاريخ 5 يوليو 2014 صدر حكم محكمة جنايات القاهرة الدائرة العاشرة في الجنحة رقم 11720 جنح قصر النيل المقيدة برقم 4 لسنة 2013 كلي وسط القاهرة والصادر بشأنها قرار منع السفر المتظلم منه بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني ومن ثم لم يعد هناك أي مبرر قانوني أو واقعي لاستمرار منع المتظلم من السفر.
محكمة الجنايات تقضى بعدم الاختصاص وتحيل التظلم للقضاء الإدارى
وفى تلك الأثناء - المحكمة المذكورة قضت في 2 من أكتوبر سنة 2014 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر التظلم وأحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري المختصة، فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في 17 من ديسمبر سنة 2014، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في ذات التاريخ موقعٌ عليها من محام عام، وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن مسائل الأختصاص، إن من حيث إن الأحكام الصادرة نهائياً في مسائل الاختصاص التي يجوز الطعن فيها استقلالاً بطريق النقض هي تلك التي يتعلق الاختصاص فيها بولاية المحكمة أو تلك التي تصدر بعدم الاختصاص بنظر الدعوى حيث يكون الحكم في هذه الحالة مانعاً من السير في الدعوى، وكان القرار المطعون فيه وهو في حقيقته حكم يعد منهياً للخصومة على خلاف ظاهره، لأن محكمة القضاء الإداري سوف تقضي حتماً بعدم اختصاصها بنظر التظلم لو رفع إليها، فإن الطعن بالنقض يكون جائزا، وقد استوفي الشكل المقرر في القانون.
النيابة العامة تطعن على الحكم لإلغائه
أما عن مذكرة طعن النيابة العامة فقد استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت أنها تنعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك، بأنه قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر التظلم من القرار الصادر من قاضي التحقيق بمنع المطعون ضده من السفر رغم أن هذا القرار قد صدر في شأن منازعة جنائية تتصل بجريمة من الجرائم التي تدخل في اختصاص جهة القضاء العادي، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
المحكمة ردت في حيثيات الحكم بأن البين من الاطلاع على الأوراق أن قاضي التحقيق أصدر قراراً بإدراج اسم "س. م" على قوائم الممنوعين من السفر، وذلك، بمناسبة التحقيقات التي يجريها في القضية رقم 11720 لسنة 2013 جنح قصر النيل، وإذ تظلم المطعون ضده من هذا القرار قضت محكمة جنايات الجيزة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر التظلم وإحالته إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص تأسيساً على أن القرار المتظلم منه يعد قراراً إدارياً مما يختص بنظر المنازعة فيه محاکم مجلس الدولة .
النقض تنهى النزاع حول الجهة المختصة لنظر التظلم من قرار المنع
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك، وكانت إجراءات التحقيق التي يتولاها قاضي التحقيق بمناسبة ارتكاب جريمة جنائية تتميز بأنها ذات طبيعة قضائية، بها تتحرك الدعوى الجنائية ويتحدد بمقتضاها التصرف في هذه الدعوى، إما بإحالتها إلى المحكمة المختصة أو بالأمر فيها بألا وجه لإقامتها، وكان القرار الصادر من قاضي التحقيق بمنع المتهم من السفر بمناسبة التحقيقات التي يجريها معه يعد إجراء قضائياً من الإجراءات الجنائية التي يباشرها قاضي التحقيق باعتباره سلطة ناط بها القانون مهمة التحقيق عند ارتكاب الجريمة وإحالة الدعوى إليه.
وتضيف "المحكمة": وكانت الغاية من إصدار ذلك، القرار، هو بقاء المتهم قريباً من السلطة التي تباشر التحقيق والمحافظة على أدلة الاتهام، وهو بهذه المثابة يعد عملاً من أعمال التحقيق التي تتسم بالطبيعة القضائية، ومن ثم تكون جهة القضاء العادي، وقد ناط بها المشرع اختصاص الفصل في الدعاوى الجنائية، هي المختصة بنظر المنازعات التي تثور بشأن تلك القرارات، ذلك، أن هذه القرارات وقد صدرت من قاضي التحقيق في شأن منازعة جنائية، باعتبارها تتصل بجريمة من الجرائم التي تدخل في اختصاص جهة القضاء العادي، فإن هذه الجهة بحسبانها الجهة صاحبة الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات والجرائم عدا ما تختص به محاكم مجلس الدولة تكون هي المختصة بنظر الطعن على هذه القرارات.
الحيثيات: فى حالة إحالته لمحكمة القضاء الإدارى المختصة يعد "باطلا"
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم الاختصاص ولائيا بنظر التظلم، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، مما يعيبه بما يوجب نقضه، وإذ حجبت المحكمة نفسها بهذا الخطأ عن نظر الموضوع، فيتعين أن يكون مع النقض والإعادة، فلهذه الأسباب حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الجيزة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.