فى السنوات الأخيرة، حرصت الدولة المصرية على تقديم العديد من الحوافز والتسهيلات لدمج الاقتصاد غير الرسمى -أو ما يعرف بالاقتصاد الموازى - فى الاقتصاد الرسمى، سواء من خلال التشريعات التى أصدرتها أو التشريعات الجارى التعديل عليها لتشمل مزايا أكبر وتكون أكثر مرونةً، أو من خلال الإجراءات والقرارات التى تتخذها الحكومة فى هذا الإطار، كمد فترات تقنين الأوضاع أو تسهيلات فى الرسوم أو تيسيرات فى الإجراءات.
منح تراخيص مؤقتة
وتأتى التعديلات على قانون الصناعة لمنح تراخيص مؤقتة الجارى مناقشتها بالبرلمان حاليًا، من أحدث وأبرز التشريعات التى تسعى إليها الدولة فى طريق دمج الاقتصاد غير الرسمى ومنح استثمارات الظل هذه، فرصة للخروج إلى النور بوضع قانونى، خاصة أن تعديلات هذا القانون تهدف إلى مساعدة العديد من المصانع والمنشآت الصناعية غير المرخصة على توفيق أوضاعها وتيسير حصولها على التراخيص وهو ما يتسق مع التوجه الحالى للدولة بتقنين أوضاع المنشآت والمحال الصناعية غير المرخصة.
تضمنت تعديلات هذا القانون والجارى مناقشتها بالبرلمان حاليًا، إعطاء الحق لهيئة التنمية الصناعية -خلال مدة أقصاها 3 سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون- منح تصاريح تشغيل مؤقتة لمدة سنة للمنشآت الصناعية غير المرخصة ولكن بشرط أن تكون قائمة وقت العمل بالقانون، وقد جاء هذا التعديل المشار إليه بعد إنتهاء صلاحية حق هيئة التنمية الصناعية - فى القانون ذاته – بمنح تراخيص مؤقتة.
حيث كان هذا الحق لمدة سنة واحدة من تاريخ العمل بقانون الصناعة لمنح تراخيص مؤقتة بتاريخ 4 مايو 2017 وقد انتهى فى 3 مايو 2018، لذا جاء التعديل بتجديد هذا الحق للهيئة لمدة 3 سنوات متتالية بمنح ترخيص للمشروعات غير المرخصة مدته سنة، كما تضمنت التعديلات، أن تبدأ هيئة التنمية الصناعية فى ممارسة هذا الحق من وقت إقرار تعديلات القانون والعمل بها، هذا بالإضافة إلى، إجازة التعديلات إمكانية تجديد التصاريح المؤقتة للمنشأة الصناعية لمدتين أُخرتين "كل واحدة منهما لمدة سنة"، وذلك بقرار من وزير الصناعة بعد اقتراح مُقدم من هيئة التنمية الصناعية.
واشترطت التعديلات بقانون الصناعة لمنح تراخيص مؤقتة والتى تنتظر موافقة البرلمان، أن يلتزم صاحب المشروع بتوفيق أوضاع منشأته الصناعية خلال مدة التصريح المؤقت الممنوح له "سنة"، وذلك طبقًا لأحكام قانون تيسير إجراءات منح تراخيص المنشآت الصناعية الصادرة بالقانون رقم 15 لسنة 2017، ووفقا للقواعد والإجراءات التى يصدر بتحديدها قرار من وزير الصناعة.
قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة 2020
ومن التشريعات التى سعت الدولة لإصدارها أيضًا لدمج الاقتصاد غير الرسمى، وتيسير الإجراءات على أصحابه لتحويله لاقتصاد رسمى وضعه قانونى، كان تشريع قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر رقم 152 لسنة 2020، والذى أقرته الجريدة الرسمية فى يوليو 2020 وتم بدء العمل به، وذلك بهدف توفيق أوضاع مشروعات الاقتصاد غير الرسمى نظرًا لما تمثله من دور رئيسى ومهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية، وتحسين القدرة التنافسية، وزيادة النشاط الاقتصادى.
وقد نص هذا القانون على العديد من المواد التى من شأنها تيسير الإجراءات لحصول المنشأة الصناعية على ترخيص مؤقت لمدة سنة حتى يتم توفيق أوضاعها بتراخيص دائمة "رسمية"، ومن أبرز تلك المواد، المادة رقم 80، والتى نصت على أن توقف الدعاوى الجنائية المقامة ضد مشروعات الاقتصاد غير الرسمى بشأن الجرائم الواردة فى التشريعات ذات الصلة المتعلقة بتوفيق أوضاع هذه المشروعات فور حصولها على الترخيص المؤقت طبقا لأحكام هذا القانون.
كما يوقف تنفيذ العقوبات الجنائية الأصلية والتبعية والتكميلية الصادر فيها، وذلك خلال مدة سريان الترخيص المؤقت "سنة"، واستثناء من أحكام المادة (16) من قانون الإجراءات الجنائية، لا تنقضى الدعاوى والعقوبات المشار إليها خلال مدة الوقف إلا حال قيام هذه المشروعات بتوفيق أوضاعها، وذلك مع عدم الإخلال بحقوق الغير، على أن تصدر شهادة بتوفيق الأوضاع وفقا للضوابط والإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون وذلك دون التقيد بأى قوانين أخرى.
كما تطرق هذا القانون لتحديد قيمة الرسوم للحصول على التراخيص المؤقتة لكل نوع من المشروعات سواء كان متوسط أو صغير أو متناهى الصغر، حيث حددها بالنسبة للمشروعات الصناعية المتوسطة من 6 – 10 آلاف جنيه حسب حجم الأعمال السنوى للمشروع والذى يتراوح من 50 – 200 مليون جنيه، أما للمشروعات المتوسطة غير الصناعية، فتتراوح رسومها من 5 إلى 6 آلاف جنيه حسب حجم أعمالها السنوى والذى يتراوح أيضًا من 50 – 200 مليون جنيه.
وبالنسبة للمشروعات الصغيرة، فالمشروعات الصناعية منها تراوحت رسوم تراخيصها المؤقتة من 2500 جنيه إلى 5 آلاف جنيه حسب حجم الأعمال السنوى لكل مشروع والتى تبدأ من 10 ملايين حتى أقل من 50 مليون جنيه، وعن رسوم المشروعات الصغيرة غير الصناعية، فقد حددها القانون بـ 1500 جنيه وحتى 3 آلاف جنيه حسب حجم الأعمال السنوى والذى يبدأ من نفس القيم لرأس المال المذكورة للمشروعات الصغيرة الصناعية.
كما حدد قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر رقم 152 لسنة 2020، رسوم حصول المشروعات متناهية الصغر على تراخيص مؤقتة، حيث تراوحت تلك الرسوم من 500 إلى 1000 جنيه، على أن تكون قيمة الـ 500 جنيه للمشروعات التى لا يجاوز حجم الأعمال السنوى لها 500 ألف جنيه، أما رسوم الألف فتكون للمشروعات متناهية الصغر التى يقل حجم أعمالها عن مليون جنيه سنويًا.
قانون المحال العامة 2019 وقانون لتنظيم عمل وحدات الطعام المتنقلة 2018
ولم تقف التشريعات التى أصدرتها الدولة لدمج الاقتصاد غير الرسمى، عند تشريع قانون الصناعة لمنح تراخيص مؤقتة وتعديلاته الحالية، أو قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والصادر عام 2020 فقط، ولكن سبقهما، العديد من التشريعات والتعديلات للقوانين الصادرة بالفعل، والتى جاء أبرزها تشريع قانون المحال العامة الصادر برقم 154 لسنة 2019، وقبله قانون تنظيم عمل وحدات الطعام المتنقلة الصادر برقم 92 لسنة 2018.
ويعد قانون تنظيم عمل وحدات الطعام المتنقلة الصادر برقم 92 لسنة 2018، من أبرز وأهم التشريعات الداعمة للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التى أصدرتها الدولة على مدار السنوات الماضية بل بدأت بها طريق السعى الجاد والمكثف لدمج الاقتصاد غير الرسمى، خاصة أن هذا القانون استهدف دعم وتشجيع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، من خلال تنظيم عمل وحدات وعربات الطعام المتنقلة وتيسير إجراءات تراخيصها، مما يساهم فى الحد من البطالة وتوفير فرص عمل للشباب، كما يساهم فى دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى للدولة، ومن هنا جاءت أهمية هذا القانون حيث تم اعتباره تشريعًا اقتصاديا واجتماعيا فى ذات الوقت.
وكان قد نص قانون تنظيم عمل وحدات الطعام المتنقلة الصادر برقم 92 لسنة 2018، على العديد من المواد التى تسهل من عملية دمج هذا النوع من المشروعات غير الرسمية إلى الاقتصاد الرسمى، والتى جاء أهمها تحديد الجهات المعنية أماكن تُخصص لوحدات الطعام المتنقلة للتحرك والعمل فيها، كما أجاز القانون للمحافظ أو رئيس الجهاز المختص بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، حق تحديد الأماكن والأحياء التى يسمح فيها بوجود وحدات الطعام المتنقلة بها، بما يراعى مقتضيات الأمن والسكينة العامة.
ولكن، بالرغم من أهمية هذا القانون وبالرغم من صدوره منذ 4 سنوات، إلا إنه لم يفعل حتى الآن، وهو ما استنكره البرلمان فى تقاريره الصادرة من لجانه المختصة، كلجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ولجنة الصناعة واللجنة الاقتصادية، مطالبًا بتفعيل هذا القانون وغيره من القوانين التى تم إصدارها لدمج الاقتصاد غير الرسمى ولكنها لم تُطبق بعد كقانون المحال العامة أيضًا، والذى لا يزال قيد التطبيق حتى الآن بالرغم من صدوره منذ 3 أعوام تقريبًا.