لازال الحديث مستمرا وسيبقى مستمرا حتى يخرج مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد للنور حتى يتم عرضه على مجلس النواب لمناقشة بنوده وفقراته ومواده وأبوابه للوصول إلى صيغة توافقية تكون مرضية لكل الأطراف، وخاصة فيما يتعلق بـ"رؤية الصغير" حيث تقر أغلب قوانين الأحوال الشخصية فى العالم وفى المعاهدات والإتفاقيات الدولية حق الحضانة المشتركة للأطفال بعد الطلاق، فلا يوجد مبرر منطقى يمنع طفلا من رؤية والده أو حرمانه من والدته أو من رؤية أجداده وأهله سواء من طرف الأب أو الأم أو يمنح الحق لطرف منهما فى منع الآخر من رؤية فلذة كبده.
ولكن فيما يتعلق برؤية الصغير في مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد تم طرح فكرة "الرؤية الالكترونية" كحق من حقوق المسافر أو الموجود خارج البلاد، والمؤكد أن الأطفال يدفعون ثمن الخلافات الزوجية ويستخدمون كوقود لمشاكل الطلاق ويتعرضون لتجارب نفسية مريرة سواء عند تنفيذ الطرف غير الحاضن لأحكام الرؤية فى مراكز الشباب أو عند وصوله لسن الـ 15 ووضعه فى موضع الاختيار بين أبيه وأمه وأيهما يفضل ويرغب فى العيش معه، فجميعها إشكاليات تجعل من الرؤية الالكترونية مطروحة بشكل كبير في التعديلات الجديدة.
هل الرؤية الإلكترونية ستظهر نوعاً جديداً من النفقات؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في الإجابة على السؤال هل الرؤية الاليكترونية ستظهر نوعاً جديداً من النفقات؟ وذلك في الوقت الذى ينظم القانون الحالي للأحوال الشخصية أماكن ومواعيد توقيت رؤية الطرف الغير حاضن والتي تنفذ في أقرب مركز شباب أو نادي اجتماعي من محل إقامة الحاضنة وبدون تكاليف علي المقضي له بالرؤية، ولكن ما أثير مؤخرا حول حق الطرف الغير حاضن والمقيم خارج البلاد في رؤية الصغير وهو ما يعرف بـ"الرؤية الإلكترونية"، فمن الملزم بسداد نفقات تلك الخدمة – بحسب الخبيرالقانونى والمحامى المتخصص في الشأن الأسرى محمد ميزار.
في البداية - المتعارف عليه أن الأب هو الملزم بالإنفاق علي الصغار من مأكل وملبس ومسكن وتعليم وما في حكمه، ولكن فيما يتعلق بخدمة الإنترنت فإن الأمر فيها مختلف نوعا ما، وقد ينظر لهذه الجزئية علي إن الأب هو متلقي الخدمة، فيلزم بسداد نفقاتها، ولكن مصلحة الرؤية لا تقتصر علي حق الأب في رؤية صغيرة فقط بل هي حق للصغير أيضا في رؤية أبيه، وهي أمر مستحدث يكون الحكم فيها بالقياس أو العرف في الوقت الحالي بعيدا عن مذهب فقهي أو شرعي وحال الإقرار بلزوم سدادها، فما كيفية تقديرها؟ ومن الملزم بتوصيلها حال عدم عدم وجودها من الأساس؟ - وفقا لـ"ميزار".
حال إقرارها فى التعديلات سينتج عنها ظهور"نفقة انترنت"
وهذه إشكالية أخري فليس من المعقول أن تكون تقديرا جزافيا بل ينبغي أن تكون بما يفي بالغرض الذي خصصت من أجله ولذات الغرض وحده أما فيما يتعلق بعدم توفر خدمة الانترنت ومن الملزم بتوصيلها ستكون محل جدل أيضا، فقد تكون الخدمة متوفرة في منزل الحاضن ويتزرع بعدم التوصيل آو انقطاعها آو إلغاء الخدمة، وكذلك القانون الذي يحكم الجريمه التي تقع حال الامتناع عن التنفيذ أو التذرع بالأعطال أو قطع الخدمة عن متلقيها قبل انتهاء المواعيد المحددة للرؤية هل هو قانون الاتصالات؟ أم قانون جرائم تكنولوجيا المعلومات؟ أم قانون الأحوال الشخصية؟ - الكلام لـ"ميزار".
وهو من الأمور التي ينبغي التدقيق فيها، ذلك كونها من الأمور التي تتعلق بأدلة رقمية وخارج إختصاص محاكم الأسرة تمامًا شأنها شأن كافة القوانين التي تخضع للمحاكم الاقتصادية وقانون إنشائها، فضلًا عن أن هناك العديد من الاسر لا تتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي سواء الأب متلقي الخدمة أو الأم المطالبة بتمكين الرؤية، وهو الأمر الذي حال تطبيقة داخل محاكم الأسرة سيشهد نزاعات ستكون الأولي من نوعها في تاريخ المحاكم سواء فيما يتعلق بالمطالبة بنفقات الانترنت أو عدم تنفيذ الرؤية في مواعيدها أو حتي عدم التمكين من تنفيذها من الأساس، وسيكون لهذا الأمر تغيرات حتي في طبيعة المستند الذي تنظره المحكمة – هكذا يقول الخبير القانوني.
الخبير القانونى والمحامى بالنقض محمد ميزار
الرؤية الإلكترونية بين السلبيات والإيجابيات
في سياق أخر - يقول الخبير القانوني والمحامى محمد عادل - مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد تضمن طرح فكرة أنه يجوز للأب تنفيذ الرؤية الإلكترونية، وهو أمر غير معترف به في الوقت الحالي، لكن ووفقا لمشروع القانون الجديد يجوز طلب الحكم بالرؤية إلكترونيا، ويجوز لمن صدر له حكم بالرؤية المباشرة طلب استبدالها بالرؤية الإلكترونية، ويصدر قرارا من وزير العدل بتحديد مراكز الرؤية الالكترونية ووسائلها وتنظيمها، ومن مميزات الرؤية الالكترونية، التواصل بين الأبناء والأباء المسافرين خارج البلاد، وتقليل الصدام بين الأب والأم، وتحقيق التوازن النفسي للصغير.
ويضيف "عادل" في تصريح لـ"برلماني": لكن كما للرؤية الالكترونية مميزات فإن لها عيوب ومن بين عيوب الرؤية الإلكترونية، أنها لا تعوض الطفل عن ما ينتج من الرؤية المباشرة من إحساس المحضون بالحنان والرعاية والتوجيه من الأب أو الأم، وتخلق الجفاء بين الصغير والطرف الأخر الذى يسعى للرؤية سواء الأب أو الأم، ومن أبرز الدول العربية المطبقة لنموذج الرؤية الإلكترونية هي دولة الإمارات حيث يوجد بها مراكز متخصصة ومجهزة بأحدث وسائل التواصل السمعي والمرئي، وذلك حفاظا على الطفل وحمايته وصون حقوقه في جو أسري يبعث بإحساس الأمان بدلا من أروقة المحاكم ومراكز الشرطة وحفاظا على نفسية الأطفال ومواكبة التطور التكنولوجي والمجتمعي لصالح الأسرة حتى بعد الإنفصال.
وأشار الخبير القانوني إلى أن المادة 20 من القانون 25 لسنة 1929 المستبدلة بالقانون 100، لسنة 1985 تنص فى فقرتها الثانية والثالثة نصت على: لكل من الأبوين الحق فى رؤية الصغير أو الصغيرة وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين، وإذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقا نظمها القاضي”، وتكون الرؤية فى أحد الأماكن المحددة بقرار وزير العدل 1087، وأحكام الرؤية يتم تنفيذها في الأماكن العامة والمتمثلة في مراكز الشباب والنوادي الاجتماعية التي تقع بالقرب من سكن الحاضن للطفل حتى لا يتم إرهاقه عند التوجه به، ويكون الحد الأدنى للرؤية 3 ساعات مرة في الأسبوع.
قراءة حول التعديلات المرتقبة
وتابع: عقب وصول الطرفين إلى مركز الشباب المخصص يتم تسجيل البيانات ومواعيد الحضور في دفتر مخصص لهذا الغرض، وفي حالة عدم التسجيل أي من الطرفين يثبت أيضا بالدفتر غيابهما، أما في حالة غياب الحاضنة 3 مرات، يقوم المدعي بإحضار شهادة من المكان المحدد للرؤية ويقيم دعوى أمام محكمة الأسرة بإسقاط الحضانة عن الأم أو الجدة، وقانون الأحوال الشخصية إن القاضي في حالة تقاعس الحاضنة عن الحضور يتم إنذارها بتنفيذ الحكم وإذا تعسفت واستمرت في الغياب يسقط الحضانة عنها مؤقتا ومدة سقوط الحضانة يحددها القاضي وهذه المسألة اختيارية للمحكمة وليست وجوبية، والقانون يجيز للقاضي أن يسقط الحضانة مؤقتة.
وللتعليق على عدد من المقترحات الأخرى في مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد – يقول "عادل": كان من أهمها الاستضافة وصندوق دعم الأسرة، والإنجاب، ونفقة الاطفال وعلاقتها بالروية، وتقنين وضع الزواج العرفي وتوثيق الطلاق عند المأذون وفي الحقيقة هذه أبرز الموضوعات التي تم طرحها أما بالنسبة لما أثير في نقطة الاستضافة للأطفال وصندوق دعم الأسرة - في الحقيقة أن استضافة الأطفال هو أمر أصبح مهما جدا وفي غاية الأهمية لمصلحة الطفل ويحقق تربية متوازنة للصغير التي يتم تربيته في جو هادي ما بين ابيه وأمه، كما أن هذا الأمر أصبح مهم لأنه غل يد الزوجة في الابتزاز بالضغط للحصول علي كل ما تريده من ضغطها بروية الأطفال من عدمها علي الأزواج بل والأجداد.
ويضيف: كما أنه أيضا أصبح مهما لأنه غل يد الزوج في استخدم وسائل مخالفة لإسقاط الحضانة بأنه يطعن في سمعه وشرف زوجته برفع أي قضايا شرف عليها واتهامها وخدش سمعتها لكي يحصل علي حقه في رؤىة اطفاله، وتم ضبط هذا الأمر بأنه جعل منه عقوبات رادعة في حالة استضافه الطفل وعدم رده الي والدته، وضبطه أيضا بأن يحرص غلي دفع النفقات المفروضة علي أطفاله وأن عدم الدفع يعرضك لعدم رؤيتهم.
لماذا صندوق دعم الأسرة؟
أما عن مسألة صندوق دعم الأسرة يؤكد "عادل": في الحقيقة هو أمر مهم جدا إذ تم ضبط وإدارة هذا الصندوق بشكل مميز بمعني: "انت دلوقتي في حالة نشوب أي خلافات إيه اللي بيتم؟ بيتم أن الأطفال بتكون هي الضحية لأب وأم أرادو أن يحولوا حياتهم إلي جحيم نار، ووقود النار هم الأطفال الضحية، قالك أن الدولة هتشارك في هذا الصندوق وأنت قبل ما تتجوز تدفع، وفي الحقيقة بعض الأزواج تنتهز أن الزوجة بدون عمل وعند الخلافات يحبس أي نفقة عن الأطفال وتتضطر الزوجة إن كانت لا تمتلك شي الي النزول للعمل والذهاب إلي المحكمة وتكون ما بين المطرقة والسندان ما بين مطرقة الحصول علي دخل لكي تنفقة علي صغارها وسندان الشكوي للحصول علي نفقة تساعد في إعباء المعيشة الكريمة للأطفال".
وتكون النتيجة اهمال وقصور في رعاية الأطفال، وهنا جعلت الدولة مصلحة الأطفال في المقام الأول وحقهم في أن يعيشوا حياة كريمة لا علاقة لهم بالنزاعات، وفي هذا الشأن توجد وقائع كثيرة وسلاح تستخدمه الرجال في الضغط علي الزوجات للتنازل عن حقوقهن لدي الزوج وفي الغالب ينتهي الأمر بتسوية النزاع وديا والاتفاق علي مبلغ زهيد غير مناسب في ظل أزمة غلاء طاحنة، فاذا تمت إدارة الصندوق بشكل جيد سيكون أمر جيد وفي غاية الأهمية للأطفال وتجنب الزوجة تكبدها الخسائر النفسية والمالية والجسدية حيث أن الزوجة تعاني الآمرين في صرف نفقة من بنك ناصر الي أن تقتضي كامل حقها في ظل أصبح اللجوء إلي التقاضي لمن استطاع إليه سبيلا – هكذا يقول "عادل".