أصدرت الدائرة الثانية – بمحكمة استئناف طنطا الاقتصادية – حكما في غاية الأهمية، يضع ضوابط النشر في المواقع الإخبارية، بإلزام أحد المواقع بسداد تعويض لأحد الأطباء يقدر بـ 100 ألف جنيه لذكر اسمه وصورته في خبر والمستشفى التي يعمل بها في التسبب في وفاة أحد المرضى، قبل الانتهاء من التحقيقات في الواقعة، وبعد ذلك تبين أن سبب الوفاة لم يكن بسبب خطأ طبى، وأرست المحكمة مبدأ بأنه وإن كان ولابد من عملية النشر قبل الانتهاء من التحقيقات فلا يجب التطرق لأسم الطبيب أو المستشفى التي يعمل بها إلا بعد الإحالة للمحاكمة.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 20 لسنة 14 قضائية تجارى استئناف طنطا الاقتصادية، لصالح المحامى رامى عونى، برئاسة المستشار أشرف إبراهيم مصطفى، وعضوية المستشارين مشيرة عواض فرج، وأمير فتح الله إبراهيم، وأمانة سر محمد حموده.
الوقائع.. موقعان إلكترونيان ينشران واقعة وفاة مريض بخطأ طبى
تتحصل وقائع النزاع في أن المدعى أقام الدعوى رقم 181 لسنة 2020 طنطا الابتدائية والتي أل قيدها برقمها الحالي، ناشد القضاء بإلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا له التعويض الذى تقدره المحكمة عن إساءة استعمال حق النشر ونشر أخبار كاذبة أدت إلى التشهير بالمدعى، وذلك الجريدة الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعى على سند من القول حاصلة: أنه يعمل طبيب بمستشفى "...."، قسم نساء وتوليد وأنه بتاريخ 7 يونيو 2019 توفيت نجلة المدعى عليه الأول بغير خطأ من جانبه، وهو ما أسفرت عنه التحقيقات، وما ثبت من الكشف الطبي الشرعى على المذكورة.
وفى تلك الأثناء – فوجئ المدعى أثناء التحقيقات بنشر الجريدتين المدعى عليهما بمواقعهما الإلكترونيتين، ثانيا وثالثا بصفتيهما بنشر أخبار كاذبة أساءت لأطباء المستشفى، ونالت من سمعتهم المهنية، وكان ذلك عبر الموقع الإلكترونى لكل منهما، دون انتظار نتيجة التحقيقات أن التأكد من صحة الخبر ولم ينشرا اعتذارا عن ما نشر في حقه أو أتاحا حق الرد للمدعى، واستطرد مقررا أنه قد أصابة أضرار مادية وأدبية من جراء فعل المدعى عليهم تمثلت في الإساءة لمسعته، والمستشفى جهة عمله سيما ووصفهم بأبشع الصفات، وما سببته من تأثير على سمعته المهنية وألام النفسى والروحى، وأن تلك الأخبار ما تزال على محركات البحث لتلك الصفحات ولم يتم حذفها، وما عاناه من جهد بذله ووقت قضاء في أروقة المحكمة، مما حدا بالمدعى لإقامة دعواه.
الموقعان ينشران اسم الطبيب والمستشفى
وطرحت الدعوى للمرافعة أمام هذه المحكمة، ومثل المدعى والمدعى عليه الثانى كلا بوكيل عنه – محام – وقدم الأخير مذكرة بدفاع طلب فيها أولا: عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وانتفاء المصلحة، ثانيا: عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، ثالثا: رفض الدعوى وبجلسة 8 أغسطس 2021 قضت المحكمة بندب أحد الخبراء المتخصين بأعمال الاتصالات وتقنية المعلومات لبحث وقائع الدعوى المادية وصولا لما إذا كانت المواقع الإلكترونية محل الدعوى خاصة بالمدعى عليهما بصفتهما الثانى والثالث، وما نسب للمدعى من وقائع، ونفاذا لذلك القضاء باشر الخبير مأموريته وأودع تقريره منتهيا فيه إلى نتيجة مؤداها بأنه تم نشر الخبر على الموقع الإلكترونى للجريديتين المدعى عليهما الثانى والثالث، وبالنسبة للمدعى عليه الأول لم يقم بنشر أو سب أو قذف المدعى على أي جريدة أو موقع إلكترونى، وبالنسبة للمدعى عليه الثانى، رئيس مجلس إدارة الجريدة الأولى بصفته، فإنه يتبين أنه قد تم نشر الواقعة تفصيلا، وقد تتطرقت بوضع صورته الشخصية، وذكر اسم المستشفى التي يعمل بها وصورة للطبيب المدعى وهو على شاشة التلفزيون ولا يزال هذا الخبر على تلك الجريدة وبأكثر من تاريخ، وتم تعديله من قبل الكاتب بالجريدة.
التحقيقات تثبت أن الوفاة لم تكن بخطأ طبى
الصحفى بالجريدة ذكر في تقريره أن حالة الوفاة تمت بسبب خطأ طبى، وقد قامت الجريدة مؤخرا بحذف بعض الصور، وأنهى تقريره بأنه بالنسبة للمدعى عليها ثالثا جريدة "....." فإنه تبين أن الجريدة المذكورة قامت بنشر الخبر على موقعها الإلكترونى دون أن تتطرق أو تذكر أو تشير إلى أي صور أو أسماء أو بيانات تخص أي شخص أو مكان ثم اعيد نظر الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات والتي مثل بها وكيل المدعى والمدعى عليه الأول والمدعى عليه الثانى بوكيل، وقرر وكيل المدعى بترك الخصومة قبل المدعى عليه الأول في حضوره، ووافق الأخير على الترك وقدم وكيل المدعى عليه الثانى صحيفة بإدخال الصحفى محرر الخبر بالجريدة التي يمثلها.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن شكل الإدخال – فلما كان الإدخال قد تم وفقا للإجراءات القانونية المقررة بالمادة 117 بموجب صحيفة، وكانت المحكمة ترى أن الغرض من الإدخال ما هو إلا وسيلة دفاع من الجريدة المدعى عليها الثانية الغرض منه التنصل من مسئوليتها عن الواقعة محل النزاع، مما تقضى معه المحكمة بقبول الإدخال شكلا وتنص على ذلك بالأسباب دون إيراده بالمنطوق.
الطبيب يقيم دعوى قضائية بالتشهير
أما عن ترك الخصومة في جانب المدعى عليه الأول فإنه ولما كانت المادة 141 من قانون المرافعات تنص على: "يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو ببيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها أو بإيدائه شفويا في الجلسة وإثباته في المحضر، فإنه ولما كان ذلك وكان المدعى قد ترك الخصومة في حضور المدعى عليه الأول، ووافق على الترك، الأمر الذى تقضى معه المحكمة بقبول الترك واكتفاء بالأسباب دون المنطوق.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى، فإن المحكمة تشير تمهيدا لقضائها إلى أنه من المقرر قانونا بنص المادة "163" من القانون رقم 131 لسنة 1948 بإصدار القانون المدنى وتعديلاته، أن "كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض"، كما نصت المادة 174 من ذات القانون: "يكون المتبوع مسئولا عن الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها، وتقوم رابطة التبعية، ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه، متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وفى توجيهه، وكان مؤدى نص المادتين الخامسة والثامنة من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة.
المحكمة تضع ضوابط النشر أثناء التحقيقات
وبحسب "المحكمة": ونصت المادة الخامسة من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة على: "للصحفى الحق في الحصول على الأنباء والمعلومات والإحصائيات من مصادرها وله حق نشرها ولا يجوز إجباره على إنشاء مصادر معلوماته، وذلك كله في حدود القانون، والمادة الثامنة من ذات القانون: "يحظر على الصحيفة تناول ما تتولاه سلطات التحقيق أو المحاكمة بما يؤثر على صالح التحقيق أو المحاكمة أو بما يؤثر على مراكز من يتناولهم التحقيق أو المحاكمة.
واستدلت المحكمة فى حيثيات حكمها على حكم لمحكمة النقض قالت فيه: "على أنه ولأن كان للصحفى حرية النشر ما يجصل عليه من أنباء أو معلومات إلا أن ذلك ليس بالفعل المباح على إطلاقه، وأنما هو محدد بالضوابط المنظمة له إذ حرية الصحفى لا تعدو حرية الفرد العادى ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص، ومن ثم فإنه يلتزم بأن يكون النشر لمعلومات صحيحة وفى إطار المعلومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم – طبقا للطعن المقيد برقم 527 لسنة 58 قضائية.
المحكمة تنصف الطبيب وتغرم الموقع الإلكترونى 100 ألف جنيه
وتضيف "المحكمة": ترتيبا على ما تقدم وبناء عليه وكانت المحكمة تستخلص من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن الجريدة المدعى عليها الثانية بواسطة أحد تابعيها "الخصم المدخل" قامت بنشر خبر وفاة نجلة المدعى عليه الأول متضمنه اسم الطبيب المدعى عليه والمستشفى التي يعمل بها على موقع الجريدة الإلكترونى وعلى مواقع أخرى رغم أن الواقعة كانت قيد التحقيقات ولم تنتهى فيها إلى وجود خطأ طبى من عدمه، وهو ما تعتبره المحكمة خطأ تسأل عنه تلك الجريدة المدعى عليها الثانية باعتبارها مسئولة عن أعمال تابعها، وهو مترتب عليه أضرار تتمثل فيها تكبده مصاريف ونفقات التقاضى، فضلا عما أصابه من أضرار تدينه تتمثل فيما أصابه من آسى وآلم وحزن ولوعه من جراء النيل من شرفه المهنى وسمعته.