أصدرت الدائرة "أ" المدنية – بمحكمة النقض – حكما يهم ملايين المتعاملين بالعقود المسجلة، أرست فيه مبدأ قضائيا جديدا قالت فيه: "بطلان العقد المسجل طالما ثبت بحكم قضائى نهائى صورية أحد عقود البيع المكونة له والتى نشأ عنها هذا العقد المسجل، وذلك فى نطاق وحدود ذلك العقد المقضى بصوريته".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 12907 لسنة 83 قضائية، لصالح المحامى بالنقض أحمد عبد المعاطى جمعه، برئاسة المستشار فراج عباس، وعضوية المستشارين فيصل حرحش، ومصطفى الأسود، والدكتور محمود عبد الفتاح، والدكتور وليد عبد السلام، وبحضور كل من رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض أحمد عيد، وأمانة سر محمد عبدالله.
الوقائع.. نزاع بين طرفين حول بطلان عقد بيع مسجل
الوقائع - على ما بين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - لتحصل في أن مورث الطاعنين أقام الدعوى التي صار قيدها برقم 765 لسنة 2010 مدنى على المنصورة على المطعون ضدهم للحكم ببطلان العقدين المشهرين رقمي 141 لسنة 2003، 882 لسنة 2005 شهر عقاري المنصورة الصورية عند البيع الأصلي المترتبين عليه صورية مطلقة، وقال بياناً لدعواه:
إنه بموجب عقد البيع الابتدائى المورخ 10 مارس 1988 اشترى من ورثة "أحمد. ع" أرضا زراعية مبينة الحدود والمعالم بالعقد والصحيفة - مساحتها عشرة قراريط على المشاع ضمن مسطح أكبر قدره ثلاثة أفدنة وإثنى عشر قيراطا - والمقضى بصحته ونفاذه بالحكم الصادر في الدعوى رقم 197 لسنة 1199 مدنى جزئى بلقاس والذي أورد بأسبابه صورية عقد البيع العربي المؤرخ 2 نوفمبر 1985 صورية مطلقة، وهو العقد الذي باعت بموجبة المورثة المذكورة للمطعون ضده الأول مساحة فنان واحد، وإذ أن العقدين المشهرين المطلوب القضاء ببطلانهما كان عمادهما هو ذلك العقد - المقض بصوريته، فقد أقام دعواه.
محكمتا أول وثانى درجة ترفض دعوى بطلان العقد
وفى تلك الأثناء – حكمت المحكمة بتاريخ 24 يونيو 2010 برفض الدعوى بحكم استأنفه الطاعنان، وقضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وحيث أنه لما كان البين من الأأوراق أن الطاعنين قد اختصم "...." وأدخلاها خصما في الطعن، ومن ثم فإنه الطعن يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حديث ذكرت أن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك يقولون إن مورثهما قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بحجية الحكم البات الصادر في الدعوى رقم 799 لسنة 1999 مدنى بقاس والقاضى بصحة ونفاذ عقد البيع سند ملكيته وبصورية عقد البيع المورخ 3 نوفمبر 1985 سند ملكية المطعون ضده الأول صورية مطلقة، والمترتب عليه العقدين المشهرين برقمي 141 لسنة 2003، 883 لسنة 2005 المنصورة لأن التسجيل لا يصحح عقداً باطلاً.
إلا أن الحكم المطعون فيه قضي بتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من رفض الدعوى مؤسسا قضاءه على أن العقد النهائي هو الذي يحكم العلاقة فيما بين المتعاقدين وليس العقد الإبتدائى مقررا أن المشهر رقم 141 لسنة 2003 المنصورة هو الحاكم للعلاقة بين طرفيه دون العقد الابتدائي المقضي بصوريته، وإذ لم يكن العقد الأخير محلاً للحكم المُحاج به فلا يجوز توجيه سهام البطلان إليه فضلا عن اختلاف المساحات بين العقد سند ملكية مورث الطاعنين وبين العقد المشهر وهو ما لا يصلح رداً على دفعهما، ومن ثم فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
النقض تقرر: النقض أرست مبدأ قضائيا ببطلان العقد المسجل
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن ذلك النعى سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 101 من فنون الإثبات على أن "الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسببا، وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها " يدل على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المسألة الواحدة بعينها متى كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها، هو الذى يترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو انتفائه، فإن هذا القضاء يحوز قوة الشئ المحكوم به في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق يتوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها.
وبحسب "المحكمة": وأن الملكية في التصرفات العقارية لا تنتقل بالتسجيل وحده وإنما هي تنتقل بأمرين إحداهما أصلى وأساسى وهو العقد الصحيح الناقل للملكية، وثانيهما تبعى ومكمل وهو التسجيل فإذا انعدم الأصلى فلا يغنى عنه المكمل، وبالتالي فإن العقود الباطلة لصوريتها لا يصححها التسجيل، وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما في حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي تثبت لديها، بل كانت الأدلة التي قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدى عقلا إلى ما انتهت إليه أو استخلص من الأوراق واقعة لا نتتجها.
شريطة ثبوت بحكم قضائى نهائى "صورية" أحد عقود البيع
لما كان ذلك – وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من رفض دعوى الطاعنين مؤسسا قضاءه على أن العبرة بالعقد النهائي المشهر برقم 141 لسنة 2003 المنصورة بحسبانه هو الحاكم للعلاقة بين طرفيه دون العقد الابتدائى المؤرخ 3 نوفمبر 1985 والمقضى بصوريته مقررا أن مساحة الأرض موضوع العقد الأخير تختلف عن مساحة الأرض في العقد المشهر بما لا يواجه دفاع الطاعنين ولا يصلح ردا عليه، فإنه يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب الذى جره إلى الخطأ في تطبيق القانون، بما يعيبه ويوجب نقضه على أن يكون مع النقض والإحالة.