لا يستطيع أحد إغفال الإنجازات العديدة التى تحققت على مستوى محافظات الجمهورية وأحدثت طفرة نوعية ورفع مستوى المعيشة لملايين المصريين، لكننا بين هذا القدر من الإنجازات نجد الكثير من المشروعات التى يُطلق عليها البعض "مشروعات الفنكوش"، حيث أكد عدد من أعضاء مجلس النواب أن تلك المشروعات هى أسرع وسيلة لتحقيق "الشو" المطلوب والإنجاز الوهمى، ما اعتبروه جريمة مكتملة الأركان فى حق الوطن، بجانب أنها تُهدر على الدولة ملايين الجنيهات دون فائدة.
مشروعات عديدة أغلقت أبوابها قبل أن تَفتح، فبعد تصريحات نارية وحماسية بجدوى وأهمية هذه المبادرات والمشروعات ومدى العوائد الاقتصادية التى ستعود على خزينة الدولة من ورائها، نجد مصير أغلبها التوقف والتعثر لتتحول من كيانات صناعية كان من المقدر لها أن تخلق فرص عمل جديدة وتحقق عائد اقتصادى فى وقت حرج ودقيق كهذا الوقت الذى نعيشه لمجرد جدران ومبانى يقطنها الظلام.
سلط موقع "برلمانى" الضوء على عدد من مشروعات "الفنكوش" التى لم تخرج للنور وتكبدت الدولة ملايين الجنيهات لتتفيذها دون أن تجنى ثمارها، فنجد من بين هذه المشروعات بمحافظة الغربية، كانت محطة إنتاج البيض بطنطا، التى تأخرت عن موعد افتتاحها عامين.
من جانبه كشف النائب أحمد البرلسى، عضو مجلس النواب عن مدينة المحلة الكبرى، عن تفاصيل هذا المشروع، مؤكدا أن جزء كبير من فشل الحكومة فى ضبط الأسعار هو الفساد المنتشر داخل المحليات، حيث تقدم بطلب إحاطة عن عدم افتتاح محطة إنتاج البيض فى طنطا وتأخرها عامين كاملين حتى الآن.
وأوضح عضو مجلس النواب، خلال طلب الإحاطة، أن الدولة تكبدت ميزانية باهظة قدرت بنحو 110 مليون جنيه، مؤكدا أنه كان من المقرر أن يبدأ العمل بها منذ عام 2021، لإنتاج 70 مليون بيضة سنويًا، كان من المفترض أن يكون ليهم دور فى تقليل سعر البيض المعروض فى الأسواق.
وأشار البرلسى، إلى أن العمل بالمحطة متوقف ولن يتم الالتزام بالموعد المحدد للتشغيل، حيث تحول هذا المشروع لأداة ومجرد "شو" فى يد محافظ الغربية، ليظهر أمام الجهات أنه يحقق الإنجازات لصالح المواطنين لكن الواقع مُغاير لذلك، فلم تسهم هذه المحطة فى تخفيف الأزمات بارتفاع أسعار البيض مؤخرا بالأسواق، على الرغم من أهمية المشروع من الناحية الاقتصادية.
وفى الغربية أيضا لم تقتصر وقائع إهدار المال العام عند ذلك، وفقا لـ"البرلسى" الذى قال: "من أهم المشروعات الوهمية التى تشهدها المحافظة ملف الحمامات العامة"، حيث كشف البرلسى، أنه قد تم توريد هذه الحمامات لخدمة أهالى المحافظة قبل عامين من الآن، لكن على الرغم من ذلك لم يتم تركيب دورات المياه، كما تم الاتفاق عليه مُسبقًا، ولم يتم استغلالها لخدمة المارة بالشوارع العامة.
وأوضح النائب أحمد البرلسى، خلال تصريحات خاصة لموقع "برلمانى"، قائلا: "دى الحمامات العامة اللى جبناها للمحلة من سنتين والمحافظ والمسؤولين رفضوا يشغلوها وسابوها لحد ما اتكسرت.. دى فلوس البلد اللى بتتقشف بتترمى فى الأرض بسبب الفساد"، مطالبا بفتح التحقيق فى الواقعة وتحديد المتورطين فى الإهمال الذى يعد إهدارًا صريحًا للمال العام، مؤكدا أنه على الرغم من خطط التطوير التى تطال بعض المحافظات لكن هناك بعض الأيادى التى تخطط لنهب والاستيلاء على المال العام بمختلف الطرق غير الشرعية.
ومن الغربية للإسكندرية، نجد أن ملف النظافة من أهم الملفات الشائكة والتى تم إهدار الملايين من المال العام فى تعاقدات وهمية لم تنجح فى أهدافها لاستعادة عروس البحر المتوسط لمكانتها المعهودة، حيث تقدم النائب محمود قاسم عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة للمستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب، بسبب الأحوال المُتردية والسيئة للنظافة داخل الميادين ومختلف الشوارع على مستوى المحافظة.
وقال قاسم: "لقد جددت محافظة الإسكندرية التعاقد مع إحدى الشركات بشأن ملف النظافة وقد وصل المبلغ الذى تحصل عليه الشركة 60 مليون جنيه شهرياً، إلا أن محافظ الإسكندرية وللأسف الشديد وبدون أى مبرر قد وافق على شرط، وهو إعفاء الشركة من شرط جوهرى يتمثل فى إعفائها من نسبة الغرامات فى أول ستة أشهر من التعاقد، وذلك بدون أى مبرر أو سند قانونى، فضلاً عن قيام المحافظ بإلغاء شرط المسئولية المدنية والجنائية للشركة، وذلك كله دون مبرر أو سند قانونى".
وتساءل النائب محمود قاسم، عن الأسباب التى تقف وراء تعاقد محافظة الإسكندرية مع هذه الشركة بهذه الصورة، متسائلا: "لماذا يتم إعفاء الشركة من شرط جوهرى؟"، معتبرًا ذلك بمثابة إهدار للمال العام يجب محاكمة ومساءلة المتسببين فيه.
وأكد النائب محمود قاسم، أن محافظة الإسكندرية فيما يتعلق بملف النظافة أصبحت فى قمة السوء والقبح، مشيراً إلى أن أكوام القمامة أصبحت فى غالبية الشوارع والميادين على مستوى أحياء وقرى الإسكندرية، مطالباً وزير التنمية المحلية بالبحث عن بدائل أخرى غير تقليدية للتخلص من قمامة الإسكندرية بعد فشل القائمين فى إدارة هذا الملف.
كما طالب النائب، فى طلب الإحاطة، بتدخل وزير التنمية المحلية فيما يخص الخطة التى وضعتها المحافظة بشأن فصل مياه الأمطار عن الصرف، حيث وضعت محافظة الإسكندرية خطتها بشأن ذلك لبعض الشوارع الرئيسية دون أدنى اعتبار لباقى المواطنين، والتى تتلف ممتلكاتهم وتزهق أرواحهم من جراء غرق المحافظة كل عام بفصل الشتاء.
ومن الإسكندرية وصولا إلى بورسعيد، كشف النائب أحمد فرغلى، عضو مجلس النواب عن محافظة بورسعيد، عن واقعة فساد وإهدار مال فى مشروع بورتوسعيد، موضحا أن وزارة الإسكان كشفت فساد المحافظ ونجحت فى استرداد ما يقرب من 612 مليون جنيه حتى الآن، إلى جانب 598 مليون إيرادت متوقعة أخرى بعد اكتمال فحص اللجان من المخطط الجديد.
وأشار فرغلى، إلى أن هيئة المجتمعات العمرانية كشفت فساد مسئولى المحافظة ونجحت فى تحصيل ما أهدرته المحافظة بسبب فساد مسئوليها، وذلك نتيجة للشكوى التى تقدم بها النائب من قبل لوزير الإسكان الدكتور عاصم الجزار، بعد نقل ولاية الأراضى غرب بورسعيد إلى هيئة المجتمعات العمرانية عام 2019، والتى تضمنت مخالفة شركة "عامر جروب" لشروط التعاقد بين المحافظة والشركة، بجانب المخالفات فى تحديد مساحة الأرض فعند التعاقد تم الاتفاق على 94 فدان، لكن بعد قيام وزارة الإسكان برفع المساحة تبين أنها 98 فدان، حيث بلغت قيمة إهدار المال العام بالمشروع حوالى 2 مليار جنيه، وفقا لتصريحات النائب أحمد فرغلى.
وأشار النائب البرلمانى، إلى أن التحقيقات مازالت جارية فى النيابة العامة بشأن البلاغ الذى تقدم به بشأن وجود شبهات فساد وتربح وإهدار مال عام فى المشروع، مؤكدا أن هذه القضية أُثيرت منذ فترة كبيرة، بعد أن ظهرت الحقيقة وكشفت عن تورط المحافظ والمستشار القانونى الخاص بالمحافظة فى قضية إهدار المال الذى تجاوز 2 مليار جنيه و100 مليون جنيه، موضحا أن أوجه الفساد فى هذه القضية متشابك للغاية.: "فقد اتفقت شركة "عامر جروب" مع وزارة الإسكان على تخصيص أرض المشروع كقطعة سياحية لكن بعد أن تم إبرام العقود، فوجئنا بأن المشروع لم يقتصر على كونه مشروعًا سياحيًا بل أنه مشروع سكنى وإدارى، يشمل إنشاء وحدات سكنية بأسعار خيالية، على الرغم من أنه تم الحصول على سعر المتر بأسعار متدنية تُقدر بنحو 1200 جنيه، الأمر الذى يضعنا أمام قضية فساد مكتملة الأركان".
وأكد فرغلى، أن المشروع لم يتم عرضه على هيئة الاستثمار، مثلما كان الاتفاق، كما أن القائمين على المحافظة نجحوا فى التحصل على أموال عديدة من هذا المشروع، الذى كان من الممكن ان يحقق نقلة نوعية داخل المحافظة.
ومن محافظة البحيرة، تلقت لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، برئاسة النائب حسام عوض الله، طلب إحاطة مقدم من النائب محمد عبد الله زين بشأن أسباب عدم إنشاء مرصد بينى بمدينة إدكو - محافظة البحيرة، حيث ناقشت اللجنة أسباب تأخر إنشاء المرصد البيئى، وكذلك ربطه بالشبكة القومية للرصد البيئى، لقياس نسب التلوث والانبعاثات الناجمة من المشروعات التى تقوم بها شركات البترول "بريتش بتروليم BP LNG – رشيد للبترول" العاملة بنطاق مركز إدكو بمحافظة البحيرة.
وعرض النائب محمد زين الدين، طلب الإحاطة، مشيرا إلى أنه قبل عام ونصف تم مناقشة طلب الإحاطة، وتم التوصية بتحنب وزارة البترول إنشاء وحدة رصد بيئى، بتكلفة تقديرية وقتها بنحو 3 ملايين ونصف مليون جنيه، إلا أنه لم يتم اتخاذ أى شأن على أرض الواقع.
ولفت، إلى أنه تم فى فترة توقف عمل الشركات الفترة الماضية توجيه وحدة رصد متنقلة ولم تصدر تقريرها حتى الآن، قائلا: "نحتاج وحدة رصد متكاملة تقوم بدورها على أكمل وجه، بما يحقق تشغيل شركات البترول بالمقاييس التى تحافظ على البيئة، وخصوصا الأحياء البحرية فى البحيرة بما يحافظ على صحة المواطنين أيضا"، وحمل النائب وزارة البيئة المسئولية فى إلزام شركات البترول بإنشاء وحدات الرصد البيئى.
وانتقد النائب حسام عوض الله، رئيس لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، عدم وفاء وزارة البترول بتعهداتها بإنشاء وحدة الرصد البيئى بما يحقق الحفاظ على البيئة فى المنطقة، معترضا على عدم الالتزام بتوصية اللجنة طوال هذه المدة.
وأشار، إلى أن اللجنة تلقت خطابا من وزارة البترول، بتخصيص مبلغ 3.66 مليون جنيه للمساهمة فى إنشاء وحدة الرصد البيئى، متسائلا: "لماذا لم يتم التنفيذ؟".
وفى محافظة المنوفية، حيث كشف النائب عصمت زايد، عضو مجلس النواب، تفاصيل طلب الإحاطة، الذى تقدم به لوزير الإسكان بسبب تأخر الانتهاء من تنفيذ مشروع معالجة صرف صحى كفر نفرة البحرى ببركة السبع، والذى تبنته الهيئة القومية للمياه والصرف الصرف الصحى، منذ 10 سنوات.
وقال عصمت زايد، فى تصريحات خاصة لموقع "برلمانى"، إن المشروع مدته الزمنية تجاوزت 10 سنوات، وهذا يعد بمثابة شبه إهدار للمال العام، مشيرًا إلى أن المحطة ستخدم 10 قرى للصرف الصحى.
وذكر أن محطة معالجة صرف صحى كفر نفرة البحرى ببركة السبع بطاقة 10 آلاف م3/يوم وبتكلفة تقديرية 150 مليون جنيه، وستخدم 10 قرى وهى (كفر نفرة البحرى – كفر الشيخ طعيمة – كفر هلال – الحلامشة – كفر سبع الرجال – بنى غريان – كفر بنى غريان – طوخ طنبشا – مصطاى – كفر هورين) ويستفيد منها 250 ألف نسمة.