ونحن على أعتاب الذكرى الأولى للحرب الروسية الأوكرانية التى تهدد العالم أجمع، خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكلمة عامة وجهها للبرلمان فى حين حملت فى فحواها رسائل إلى الغرب، وفى الوقت الذى يحلم فيه الجميع بلحظة توقف القصف هدم بوتين تلك الأحلام، مؤكدا أن الحرب مستمرة.
وفى حين لم تحمل كلمة الرئيس الروسى جديدا حول الوضع الراهن، إلا أنها أكدت أن الحرب لن تنتهى فى المستقبل القريب، ونفض عنه أى اتهامات بإشعال الأزمة، بل حمل واشنطن والناتو مسئولية تدهور الأوضاع، وأضاف بوتين أن الغرب "أخرج الجني من المصباح".
وفى تلويح صريح باستخدام النووى، أكد بوتين أنه من المستحيل هزيمة روسيا بساحة المعركة وسنتعامل بالشكل المناسب حيال تحويل الصراع إلى مواجهة عالمية، ووصل مستوى تجهيز قوات الردع النووي الروسي إلى أكثر من 91%.
ووجه الرئيس الروسي، اتهاما إلى حلف الناتو بالتوسع إلى حدود بلاده ونشر قواعد عسكرية بالقرب من موسكو؛ كما اتهم الولايات المتحدة بنسف السلام، موضحا أنها تمتلك مئات القواعد العسكرية حول العالم.
وقال بوتين، في خطابه السنوي أمام الجمعية الفيدرالية، إن موسكو أرسلت ضمانات أمنية إلى واشنطن والناتو لكنهما ردا بالرفض، مشيرا إلى أن أوروبا في حاجة إلى أمن "غير مجزأ" لكن الرد كان سلبيا للغاية.
وأكد كنا نعرف أن الخطوة التالية بعد دونباس هي الهجوم على القرم. نحن ندافع عن وطننا، وتابع بالقول إن الغرب لم يدعم الدول الفقيرة مثلما قام بدعم أوكرانيا عسكريا، قائلا :"الغرب أضاع حوالي 150 مليار دولار لتسليح أوكرانيا. فى حين منح الغرب خلال عام 2020 للدول الفقيرة 60 مليار دولار قارنوا الأرقام".
ولفت إلى أن الحروب التي شنها الغرب تحت شعار الديمقراطية تسببت في تشريد مئات الملايين، منوها إلى أن الولايات المتحدة قتلت قرابة مليون نسمة في هذا القرن، ونزح الملايين بسبب أفعالهم، لكنهم لا يحصون أعداد هذه الضحايا".
وشدد على أن الغرب أعد أوكرانيا لحرب طويلة الأمد بدعمه الانقلاب الدموي في أوكرانيا ونشر الكراهية ضد روسيا، محملا الدول الغربية مسؤولية ارتفاع عدد ضحايا الحرب، مشيرا إلى أن الشعب الأوكراني بات أسيرا ورهينة بيد النظام في أوكرانيا.
وأكد بوتين أنه كلما ازداد إمدادات السلاح الغربية لأوكرانيا يزيد تصميم روسيا على الرد، وإن الدول الغربية دربت ضباطا من الكتائب الأوكرانية وزودتهم بالأسلحة، قبل بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة.
وأعلن، للمرة الأولى منذ بداية العملية الروسية، أن سكان دونباس حددوا مستقبلهم بأنفسهم رغم التهديدات والإرهاب وقرروا أن يكونوا مع وطنهم التاريخي مع سكان خيرسون وزاباروجيا.
وقال بوتين، نحن لا نحارب الشعب الأوكراني هذا الشعب أصبح أسيرا للغرب على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري، وإن الغرب يستخدم أوكرانيا كساحة للحرب كلما زاد مدى الأسلحة التي يزود بها الغرب أوكرانيا، كلما سنقوم بدفع العدو بعيدا عن أراضينا.
ولم يغفل بوتين أى من الجوانب فى خطابه حيث أشار إلى الوضع الاقتصادى وتأثره بالعقوبات، مضيفا أن موسكو تتحدى محاولات الغرب لتدمير الاقتصاد الروسي عن طريق حزمة غير مسبوقة من العقوبات مشيرا إلى أن تريليونات الدولارات على المحك بالنسبة للغرب لكن تدفقات الدخل الروسي لم تنضب.
وقال بوتين إن الاقتصاد الروسي انكمش 2.1% في 2022، و أن التضخم في روسيا وصل إلى النسبة المستهدفة حوالي 4% وهو أفضل من بعض الدول الأوروبية.
كما تحدث عن محاولات الغرب لزعزعة استقرار الأسرة من خلال دعم المثلية الجنسية ومحاولة فرضها على المجتمعات بالقوة، مؤكدا أن الغرب يحاول فرض أجندته الثقافية على الكنيسة وفرض المثلية عليها.
ورغم أن كلمة بوتين لم تحمل الإعلان عن إجراءات أو قرارات جديدة كما كان متوقعا، إلا أن المراقبون توقفوا عن جملته بأن هناك تغييرات جذرية ستغير شكل العالم، وماذا تعنيه تلك المقولة.