أصدرت الدائرة الثانية – بمحكمة القضاء الإدارى – حكما قضائيا يهم الراغبين في الحصول على الجنسية المصرية، خاصة في حالة تعدد الأشقاء، بأحقيه أربع أشقاء بأكتساب الجنسية المصرية للأم المصرية، وذلك بعد رفض جهة الإدارة لطلبهم، إلا أن المحكمة انصفتهم بالموافقة على اكتساب الجنسية المصرية تبعا لأمهم المصرية أبا عن أم.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 28718 لسنة 71 قضائية، لصالح المحامى بالنقض رابح محمد الدسوقى، برئاسة المستشار فتحى إبراهيم، وعضوية المستشارين رأفت محمد، وأحمد جلال، وأمانة سر أحمد عبد النبى.
الوقائع.. 4 أشقاء سوريين يتقدمون لجهة الإدارة لإكتساب الجنسية المصرية
أقام المدعون الأشقاء الأربعة هذه الدعوى التي طلبوا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى المطعون عليه، وبإثبات تمتعهم بالجنسية المصرية بالتبعية لوالدتهم المصرية الجنسية تطبيقا للقانون 154 لسنة 2004 بشأن الجنسية، مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إثباتهم بدفاتر الأحوال المدنية والشخصية المصرية، واستخراج شهادة ميلاد لهم وبطاقة رقم قومى بالجنسية المصرية، وذلك على سند من القول بأن والدهم سورى الجنسية ووالدتهم مصرية مولودة لأبويين مصريين، وبعد صدور القانون رقم 154 لسنة 2004 بتعديل القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية تقدموا بطلب للجهة الإدارية بشأن رغبتهم في التمتع بالجنسية المصرية لكونهم مولدون لأم مصرية إلا أن الجهة الإدارية رفضت دون إبداء آية أسباب، مما حدا بهم إلى إقامة الدعوى الماثلة.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى: فإن المادة السادسة من الدستور الصادر في 18 يناير سنة 2014 تنص على أن: "الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية، والاعتراف القانوني به ومنحه أوراقا رسمية تثبت بياناته الشخصية حق يكفله القانون وينظمه، ويحدد القانون شروط اكتساب الجنسية"، وتنص المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية والمعدلة بالقانون رقم 154 لسنة 2004 تنص على أن: "يكون مصريا:
1- من ولد لأب مصري أو أم مصرية.
2- من ولد في مصر من أم مصرية ومن أب مجهول الجنسية أو لا جنسية له.
3- من ولد في مصر من أم مصرية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانونا".
جهة الإدارة ترفض طلبهم.. والأشقاء يطعنون على القرار أمام محكمة القضاء الإدارى
وبحسب "المحكمة": وتنص المادة الثالثة من القانون رقم 154 لسنة 2004 سالف الذكر على أنه يكون لمن ولد لأم مصرية وأب غير قبل تاريخ العمل بهذا القانون أن يعلن وزير الداخلية برغبته في التمتع بالجنسية المصرية، ويعتبر مصرية قرار بذلك من الوزير أو بالقضاء سنة من تاريخ الاعلان دون صدور قرار بالرفض وقد نشر القانون رقم 154 لسنة 2004 بالجريدة الرسمية بتاريخ 14 يوليو 2004 وعمل به اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره إنفاذاً لنص المادة الرابعة منه، وتنص المادة (10) 26لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية سالف البيان على أنه: " لا يجوز المصري أن يتجنس بجنسية دولة أجنبية إلا بعد الحصول على إذن بذلك يصدر بقرار من وزير الداخلية وإلا ظل معتبرا مصريا من جميع الوجوه وفي جميع الأحوال ما لم يقرر مجلس الوزراء إسقاط الجنسية عنه طبقاً لحكم المادة 16 من هذا القانون، ويترتب على تجنس المصري بجنسية اجنبية، متى إذن له في ذلك، زوال الجنسية المصرية عنه، ومع ذلك يجوز أن يتضمن الاذن بالتجنس إجازة احتفاظ المأذون له وزوجته وأولاده القصر بالجنسية المصرية......".
وتنص المادة (22) من ذات القانون على أنه: "جميع القرارات الخاصة باكتساب الجنسية المصرية أو يسحبها أو بإسقاطها أو باستردادها وبردها تحدث أثارها من تاريخ صدورها ويجب نشرها في الجريدة الرسمية خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدورها ولا يمس ذلك حقوق حسنى النية من الغير وجميع التي تصدر في مسائل الجنسية تعتبر حجة على الكافة وينشر منطوقها في الجريدة الرسمية".
الأشقاء الأربعة يثبتون للمحكمة أنهم أبناء أم مصرية
ووفقا لـ"المحكمة": إن الجنسية باتت رابطة قانونية وسياسية واجتماعية تربط الفرد بالدولة التي يحمل جنسيتها ومرجع هذا الوصف أن الفرد بموجبها يصبح من مواطني الدولة متمتعا بالحقوق بالالتزامات وفقا لأحكام القانون، والبين من استقراء الدساتير المصرية المتعاقبة السابقة على الدستور الحالي قد تخطت بالقانون تنظيم الجنسية المصرية، أما الدستور الحالي النافذ بعد صدور الحكم المطعون فيه، فنظم الجنسية المصرية الأصلية – ولم يفوض المشرع في تنظيمها – وجعلها حقا دستوريا لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية، وأسند إلى المشرع تحديد شروط اكتساب الجنسية المصرية (التجنس).
وبهذه المثابة فإن المشرع فى القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية كان يقصر الجنسية المصرية على من ولد لأب مصرى إستناداً إلى معيار حق الدم من جهة الأب، وبموجب القانون رقم 154 لسنة 2004 منح المشرع هذا الحق أيضاً لأبناء الأم المصرية ، فأصبح من يولد لأم مصرية بعد تاريخ العمل بهذا القانون فى 15 / 7 / 2004 متمتعاً بالجنسية المصرية الأصلية، ونظم المشرع حالة أبناء الأم المصرية من أب غير مصرى الذين ولدوا قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 154 لسنة 2004، وأجاز لمن ولد لأم مصرية وأب غير مصرى قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 154 لسنة 2004 أن يعلن وزير الداخلية برغبته فى التمتع بالجنسية المصرية، وإعتبر المشرع الشخص من هذه الفئة متمتعاً بالجنسية المصرية متى صدر قرار من وزير الداخلية بتمتعه بالجنسية المصرية، أو إنقضت مدة سنة من التاريخ الذى أعلن فيه الشخص المولود لأم مصرية وأب أجنبى وزير الداخلية برغبته فى التمتع بالجنسية المصرية دون صدور قرار مسبب من الوزير برفض تمتع الشخص بالجنسية المصرية، فإذا لم يصدر وزير الداخلية قراراً مسبباً بالرفض فى الأجل الذى حدده المشرع فإن الجنسية المصرية تثبت بقوة القانون.
القانون رقم 154 لسنة 2004 بشأن الجنسية يحسم النزاع
وتضيف "المحكمة": ترتيبا على ما تقدم - ولما كان الثابت من الأوراق أن والدة المدعين مصرية الجني وتدعى "س. م"، المولودة بتاريخ 31 ديسمبر 1935 بمنطقة الوايلي بمحافظة القاهرة لأبوين مصريين، وتحمل رقم قومی "...."، وقد تزوجت من والد المدعين ويدعى "م. م" سوري (الجنسية)، وأن المدنيين جميعهم ولدوا قبل صدور القانون رقم 154 لسنة 2004، ومن ثم فإنه يحق لهم والحال كذلك التمتع بالجنسية المصرية بها الجنسية والدتهم المصرية آنفة الذكر صلا بحكم المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية المعدل بالقانون رقم 54 لسنة 2004، وإذ لم تنازع جهة الإدارة المدعى عليها في ثبوت الجنسية المصرية لوالدة المدعين أو في نسبهم إليها، ومن ثم يكون مسلكها المتمثل في الإقرار بشوت الجنسية المصرية للمدعين تبعا لميلادهم لأم مصرية مخالفا لأحكام القانون، الأمر الذي يتعين معه القضاء بثبوت الجنسية المصرية لهم مع ما يترتب على ذلك من آثار ولا ينال ذلك ما اثارته الجهة الإدارية في معرض ردها على الدعوى بأن والدة المدعين قد تنازلت عن الجنسية المصرية بزواجها من سوري الجنسية وحصولها على الجنسية السورية.
إذ خلت أوراق الدعوى من ثمة ما يفيد بصدور مجلس الوزراء المصري بإسقاط الجنسية المصرية عن والدة المدعين لتجنسها بالجنسية السورية، ومن ثم فإن المحكمة لا تأخذ بمثل هذا القول، سيما وأن الثابت من حافظة مستندات المدعين المقدمة بجلسة 14 سبتمبر 2017 أمام هيئة مفوضى الدولة أن والدة المدعين قامت بتجديد بطاقة تحقيق الشخصية المصرية الخاصة بها في شهر مايو 2016 والتي يبين منها أنها سارية حتى 9 مايو 2023 وهو ما لم تجحده الجهة الإدارية المدعى عليها ولم تقدم ثمة دليل يدحضه، وهو ما يقطع بأنها مازالت تمتع بالجنسية المصرية ولم يتم إسقاطها عنها.
المحكمة تنصف الأشقاء الأربعة وتقضى لهم بالجنسية
ولا ينال تلك التذرع أيضا بأن المدعين لم يقدموا ما يفيد إعلان وزير الداخلية برغبتهم في التمتع بالجنسية المصرية بالميلاد لأم مصرية على النموذج المعد لذلك بالجهة الإدارية حتى يمكن لها بحث الشروط المتطلبة قانونا، فذلك مردود عليه بأن المشرع فى القانون رقم 154 لسنة 2004 سالف الذكر عندما الزم من ولد لأم مصرية وأب عبر مصرى قبل تاريخ العمل بذلك القانون أن يعلن وزير الداخلية برغبته في التمتع بالجنسية المصرية لم يحدد شكل إعلان تلك الرغبة الإدارة على نحو ما استلزمه في المادة (20) من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية والتي تطلبت أن توجه الإقرارات وإعلانات الاختيار والأوراق والطلبات المنصوص عليها فيه إلى وزير الداخلية أو من ينيبه في ذلك على النماذج التي يصدر قرار من وزير الداخلية بتحديدها.
وتضيف "المحكمة": ولا ريب في إن إنزال ذلك الحكم على إعلان الرغبة بالنسبة للمولود لأم مصرية الذي يرغب في التمتع بجنسية والدته يمثل افتئاتا على إرادة المشرع التي لو اتجهت لذلك لكان قد اكتفى بالإحالة إلى حكم المادة "20" من القانون رقم 26 لسنة 1975 وما أعوزه النص على إعلان الرغبة في التمتع بالجنسية المصرية بالميلاد لأم مصرية بشكل مستقل في القانون رقم 154 لسنة 2004 ومن ثم يعد إلزام المولود لأم مصرية بأن يفرغ رغبته في التمتع بالجنسية المصرية نسبة لوالدته في شكل طلب على نموذج يعد سلفا من قبل وزير الداخلية منطويا على قيد على التمتع بهذا الحق ليس له أصل في القانون، إضافة إلى ذلك فإنه حين يتطلب المشرع إجراء معينا فإنه يتطلب لذاته وإنما لتحقيق غاية من ورائه فإذا ما تحققت الغاية انتفى لزوم الإجراء وضرورته ومتى كانت الغاية من إعلان الشخص عن رغبته في التمتع بالجنسية المصرية بالميلاد لأم مصرية هي تمكين جهة الإدارة من بحث حالته في ضوء تمتع والدته بتلك الجنسية من عدمه، وهو ما مكنته المحكمة للجهة الإدارية على مدار جلسات المرافعة.