حالة من القلق أصابت عدد من أعضاء مجلس النواب غرفتيه، بعد إعلان البنك المركزى عن تراجع تحويلات المصريين بالخارج خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ما دفع النائب محمود عصام موسى، عضو مجلس النواب، للتقدم بطلب إحاطة موجه لرئيس مجلس الوزراء ووزير المالية، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ووزير الهجرة والمصريين بالخارج، ووزير القوى العاملة؛ بسبب انخفاض تحويلات المصريين فى الخارج وتداعياته السلبية على الاقتصاد.
وأكد عصام، أن تحويلات المصريين فى الخارج تُعدّ هى العنصر الأكثر تأثيرًا على تدفقات النقد الأجنبى فى مصر، لكن مع ارتفاع الفجوة بين سعر الصرف الرسمى والسوق الموازية وطول أمدها، ونشاط تجارة العملة، أحجم كثير من العاملين فى الخارج عن عمليات التحويل فى القنوات الرسمية، واعتمدوا بشكل كبير على تجار العملة الذين استطاعوا تكوين شبكات واسعة من المعاملات فى دول الخليج خارج الإطار الرسمى، ويقوم التاجر بشراء الدولار من العميل فى الخارج بسعر أعلى من البنك، مقابل توصيل تلك الأموال إلى ذويه فى مصر بالجنيه، ما نتج عنه تراجع حصيلة تحويلات المصريين فى الخارج خلال النصف الأول من العام المالى (يونيو- ديسمبر 2023/2022) بنحو 23%، مسجلة 12 مليار دولار فقط، مع توقعات بأن تُواصل التحويلات انخفاضها خلال الفترة المقبلة.
وأضاف عضو البرلمان: "مرت تدفقات تحويلات المصريين بالخارج بفترات مختلفة انعكاسًا للتطورات الاقتصادية والسياسية العالمية على مدار السنوات الماضية، حيث بلغت قيمة التحويلات، خلال العام المالى 2010-2011، أقل معدلاتها بعدما سجلت 12.6 مليار دولار، وتحسنت خلال 2011-2012 لتسجل 18 مليار دولار، وفى عام 2014-2015 مع إعلان برنامج الإصلاح الاقتصادى بلغت قيمة التحويلات 19.3 مليار دولار، وسجلت قيمة التحويلات خلال العام المالى 2016-2017 نحو 21.8 مليار جنيه، وذلك عقب قرار الحكومة المصرية تعويم الجنيه أمام الدولار فى نهاية عام 2016، والذى أدى لانخفاض فى قيمة العملة بلغ 78%".
وتابع عصام، أن تحويلات المصريين فى الخارج واصلت الارتفاع عقب قرار التعويم وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى لتصل إلى مستويات 25.2 مليار دولار فى 2018-2019، واستمرت فى التحسن المتوالى، حيث سجلت أعلى مستوى تاريخى لها فى عام 2021-2022 بنحو 31.9 مليار دولار، رغم التوابع الاقتصادية الناتجة عن أزمة كورونا،حيث استمرت ثقة المصريين فى الخارج مرتفعة فى ديناميكية الاقتصاد المصرى وخطط الإصلاح الاقتصادى، ولا سيما أن تلك الفترة شهدت إجراء التعويم الثانى للجنيه، والذى سمح بانخفاض فى قيمة العملة بنحو 25%، ثم خفض جديد للعملة فى يناير الماضى تراجع فيه قيمة الجنيه أمام الدولار بنحو 30%.
وأكد عضو مجلس النواب، أنه لم تفلح قرارات التعويم الأخيرة فى تقليص الفجوة بين سعرى الصرف الرسمية والسوق الموازية، واستمر التراجع فى قيمة تحويلات المصريين فى الخارج، حتى بلغ حجم التراجع فى التحويلات، خلال النصف الأول من العام المالى (يونيو -ديسمبر 2023/2022) بنحو 23%، مسجلة 12 مليار دولار فقط، مع توقعات بأن تُواصل التحويلات انخفاضها خلال الفترة المقبلة.
وأكد عضو مجلس النواب، أن التحول الحاد فى هذه الحصيلة لا يمكن أن يقل فى خطورته عن تأثير خروج الأموال الساخنة من مصر فى الفترة الماضية، لذلك يجب أن تكون لدى الحكومة سياسات واضحة تضمن استقرار تدفقات المصريين من الخارج والعمل على زيادتها من خلال إيجاد آلية إنذار مبكر تراقب حجم التحويلات والمتغيرات السياسية والاقتصادية المحلية والدولية التى تسببت، بشكل مباشر أو غير مباشر، فى تراجع تلك التحويلات، واتخاذ الإجراءات المطلوبة للتعامل مع تلك المؤثرات.
وطالب النائب، الحكومة بالتفكير فى خلق آليات اقتصادية وتمويلية جديدة لتحفيز التحويلات والعمل على زيادتها، مثلما يتحدث الخبراء عن تحفيز تحويلات المغتربين فى الأسواق الناشئة، من خلال إصدار ما يُعرَف بـ"سندات الشتات"، حيث تقوم الحكومة بإصدار سندات تستهدف المصريين فى الخارج، على غرار السندات السيادية التى يتم طرحها للمؤسسات الاستثمارية الأجنبية، كما يجب أن تعفى الحكومة تحويلات المصريين فى الخارج من أى ضرائب أو رسوم على عمليات التحويل، بما يسهم فى خفض تكلفة التحويل.
واختتم النائب طلبه، بالتأكيد على أن هذه التحديات تتطلب مزيدًا من رسائل طمأنة المصريين فى الخارج حول الأوضاع الاقتصادية والمالية، وعدم تركهم عرضه لهذا الكم من الرسائل السلبية عن الاقتصاد المصرى والتصورات الخاطئة عن عدم استقرار الجهاز المصرفى أو إمكانية تخلف مصر عن سداد ديونها، وهو أمر مغلوط تمامًا.
وعلى جانب آخر أكد المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، على أهمية توجيه دعوة المصريين العاملين بالخارج للمشاركة بمقترحاتهم ورؤيتهم للتحديات التى تواجهها الدولة المصرية ورؤيتهم في علاجها، باعتبارهم ضلع أساسي من أضلاع الحياة السياسية والاقتصادية في مصر، مؤكدا أن مشاركتهم ستساهم في التعرف على مشكلاتهم وتعزيز جسر الثقة بينهم وبين وطنهم الأم.
وأكد "الجندي"، ضرورة أن تتم دعوة مشاركة المصريين بالخارج في الحوار الوطني بشكل رسمي، بالإعلان عن إضافة لجنة فرعية خاصة للمصريين بالخارج، تتولى مناقشة ما يواجهونه من مشكلات خلال عملهم بالخارج، وما يحتاجونه من وطنهم من تسهيلات، بالإضافة إلى بحث أسباب تراجع تحويلات المصريين بالخارج بشكل ملحوظ، والتى تعد أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة، مشيرا إلى أن بيانات البنك المركزى أظهرت تراجع التحويلات في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 23% مقارنة بنفس الفترة من العام 2021-2022، حيث سجلت 12 مليار دولار مقابل 15.6 مليار دولار في نفس الفترة من العام المالي الماضي.
وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أن الدولة المصرية تستهدف دمج المصريين بالخارج في خطط التنمية الشاملة التى تتبناها، لذلك فهناك حاجة ملحة لتقديم الحوافز اللازمة لتشجيعهم على استثمار أموالهم في وطنهم والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني، وتعريفهم بالفرص الاستثمارية المتاحة في مصر، والتطورات التي تمت لتحسين مناخ الاستثمار خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا أن ذلك سيساهم في تعزيز ودعم جسور الثقة الحقيقية بين الدولة والمصريين بالخارج قولا وعملا.
واقترح "الجندي"، أن تتم دعوة ممثلي الجاليات المصرية، ورجال الأعمال المصريين المقيمين بالخارج، وكذلك أعضاء مجلس النواب الممثلين للمصريين بالخارج، للمشاركة والتعبير عن رؤيتهم بعد التواصل مع الجاليات وإجراء حوار مجتمعي معهم لصياغة رؤية تمثلهم يمكن طرحها على مائدة الحوار الوطني، عبر الفيديو كونفرانس.
وأوضح النائب حازم الجندي أن عدد المصريين بالخارج وفقا لتصريحات وزيرة الهجرة يتراوح ما بين 10 إلى 12 مليونا، وهو عدد هائل لا يمكن تجاهله، مشددا على أن المصريين بالخارج قوة ناعمة حقيقية، بالإضافة إلى كونهم قوة اقتصادية وعلمية ضاربة إذا ما أُحسن التعامل معاها، ولا بد أن يكون لهم دور مؤثر فى وضع رؤية لحل الأزمات والقضايا ومواجهة التحديات التي تتعرض لها مصر للانطلاق نحو الجمهورية الجديدة.