على الضفة الشمالية لنهر التايمز في مدينة ويستمنيستر في وسط لندن، يقع قصر ويستمنستر والذى يُعرف بـ"مبنى البرلمان" حيث يستضيف اجتماعات مجلسى العموم البريطاني ومجلس اللوردات، أحد أشهر قصور بريطانيا وأهم مزاراتها السياحية، هذا المبنى الذى يعد تحفة معمارية وواحد من مواقع التراث العالمي لليونسكو ويزوره مليون شخص سنويا، يواجه خطر انهيار "حقيقي ومتزايد".
تلك المفاجاة المدوية كشفها أعضاء البرلمان البريطاني في تقرير صدر اليوم عن لجنة متخصصة، أكدت أن "هناك خطر حقيقي ومتزايد من أن يؤدي الوضع الكارثي الذى يعانى منه القصر إلى انهيار المبنى قبل انتهاء أعمال الترميم التي تأخرت طويلا"، محذرين من انهياره في أي لحظة.
وذكرت لجنة الحسابات العامة بمجلس العموم في تقرير لها أن المبنى، مقر الديمقراطية البريطانية، "يشهد تسرب مياه، وتساقط قطع من البناء، ويتعرض لخطر نشوب حريق بشكل مستمر"، وقالت اللجنة إن أعمال ترميم المبنى، الذي يعود إلى القرن التاسع عشر سوف تبلغ تكلفتها نحو مليوني جنيه إسترليني (2.5 مليون دولار) أسبوعيا، إلا أنها تتسم بالبطء الشديد، وانتقدت اللجنة "سنوات من التسويف" بشأن مستقبل المبنى.
ويعد مبنى البرلمان البريطاني "قصر وستمنستر" واحد من أكبر مباني البرلمانات في العالم، وبُني قصر وستمنستر في بريطانيا في أواخر عام 1016 و تم إعادة بنائه في أواخر عام 1870ميلادي بعد تعرضه للحريق، وهو المقر الرئيسي لنواب البرلمان الانجليزي الذي ينقسم إلى قمسين مجلس العموم ومجلس اللوردات.
ويحتوى القصر على "برج الساعة" الذى يحمل في آخره ساعة بيج بن الشهيرة والتي بدأ عملها فى 3 يونيو عام 1859، وشهرة البرج تجاوزت شهرة القصر نفسه، ويعرف البرج حاليا باسم برج إليزابيث، حيث سُمّي بذلك أثناء الاحتفال باليوبيل الماسي للملكة اليزابيث الثانية في عام 2012.
وفي عام 2018، وبعد سنوات من التردد، صوت النواب لصالح السماح بإجراء إصلاحات رئيسية للمبنى، إلا أن الهيئة التي تشكلت للإشراف على ترميم البرلمان ألغيت العام الماضي، مما فاقم من تسرب المياه من السقف، وانهارت قطع من البناء من حين لآخر.
وأشار التقرير إلى أن المشرعون مترددين في إعطاء الضوء الأخضر من جديد لخطة ترميم أكثر طموحًا، حيث يشعر البعض بالقلق من أن الجمهور سوف يستاء من سعر المليارات التي سيتم انفاقها على ترميم المبنى، في وقت يكافح فيه كثير من الناس لتغطية نفقاتهم. وعلى جانب آخر يرفض بعض النواب واللوردات إخلاء المبنى التاريخي بمطاعمه المدعومة وشرفة ضفة النهر مع إطلالة رائعة عبر نهر التايمز، والاجتماع بمكان آخر لحين انتهاء الترميم .
وقالت اللجنة إن 44 حريقا نشبت في البرلمان منذ عام 2016، ويقوم حراس الأمن الآن بدوريات على مدار الساعة، وانتقدت اللجنة "سنوات من المماطلة" بشأن مستقبل المجمع البرلماني ، المعروف باسم قصر وستمنستر.
وقال المسؤولون إنهم "يخططون لترميم كبير ومعقد لقصر وستمنستر للحفاظ عليه للأجيال القادمة"، مشيرين إلى أن التاريخ يحمل تحذيرًا لشاغلي البرلمان، حيث أن المبنى الحالي تم تشييده بواسطة مصممه المهندس المعماري تشارلز باري بعد أن دمرت حريق سابقه في عام 1834.
في غضون ذلك ، أصبح المبنى أكثر تدهورًا. تسرب السقف ، وانفجرت أنابيب البخار منذ قرن من الزمان ، وانهارت قطع من البناء من حين لآخر، وتم تحديث الأنظمة الميكانيكية والكهربائية آخر مرة في الأربعينيات.
وقالت لجنة الحسابات العامة بمجلس العموم إن المقر إلى جانب سقوط البناء منه وتسريب المياه فهو أيضا ملوث بمادة "الأسبستوس"، وهى مواد كانت تستخدم في البناء ومع المرور السنين تبيّن أن التعرض لألياف الأسبستوس قد يسبب سرطان الرئة وأمراض الصدر والمعدة، لدرجة أن إزالته من المبنى "قد تتطلب ما يقدر بنحو 300 شخص يعملون لمدة عامين ونصف بينما لا يتم استخدام الموقع".
وقالت اللجنة إن "تكلفة التجديد ستكون باهظة ، لكن المزيد من التأخير سيكون مكلفًا للغاية بالنسبة لدافع الضرائب - عدم اتخاذ أي إجراء لا يمثل قيمة مقابل المال".
وقالت النائبة عن حزب العمال المعارض ميج هيلير ، التي تترأس اللجنة، إن هناك "خطر حقيقي يتمثل في تدمير المبنى بأكمله بسبب حادث كارثي قبل الانتهاء من العمل، أو ربما حتى البدء"، وطالبت اللجنة السياسيين والسلطات البرلمانية بوضع "مؤشر واضح على التكلفة والجدول الزمني لإنجاز هذه المهمة الضخمة قبل فوات الأوان للقيام بذلك".
وقالت السلطات البرلمانية إنها "تواصل العمل في جميع أنحاء مبنى البرلمان لضمان سلامة أولئك الذين يعملون ويزورون هنا"، مع تنفيذ العشرات من مشاريع الإصلاح والترميم بالفعل.
ومن المتوقع أن يصوت أعضاء مجلس العموم ومجلس اللوردات في وقت لاحق من هذا العام، على خطة ترميم المبنى.