أصدرت محكمة جنح مستأنف أبو حمص – بمحكمة دمنهور – حكما نهائيا يتصدى لوقائع اتفاق الأشقاء وأبناء العمومة لحبس شقيقهم أو ابن عمهم كذبا وزورا باتهامه بالإمتناع عن تسليم حصة ميراثية، بإلغاء حكم أول درجة بحبس شخص 6 أشهر والقضاء مجددا بالبراءة من اتهام شقيقيه له بالإمتناع عن تسليم حصة ميراثية.
الخلاصة:
وفنيات الحكم هنا ليست في البراءة فقط وإنما في تفاصيل المحاكمة، حيث حضر وكيل المجني عليهما بتوكيل خاص ليقر بالصلح إلا أن دفاع المتهم رفض هذا الصلح، متمسكا بالمرافعة وحق موكله في البراءة وهي قرينة تصاحبه بقوة القانون طيلة حياته ولا تُنزع عنه إلا بحكم قضائي نهائي بات، حيث أن تحريك جنحة ضده ثم الإقرار بالصلح أمام محكمة الجنح المستأنفة ينال من حقوقه ويعرضه لرفع دعوي تعويض بموجب الحكم في تلك القضية بانقضاء الدعوي الجنائية صلحا.
ليس ذلك فقط بل أن انقضاء الدعوي الجنائية صلحا يهدد مستقبل أولاده بل يهدد مستقبل أولاد المجني عليهم ذاتهم إذا ما أراد أي منهم الإلتحاق بأحد الهيئات القضائية أو الشرطية، ورغم اكتفاء المحكمة بالصلح في البداية إلا أن المحكمة عدلت عن ذلك بعد إصرار هيئة الدفاع علي المرافعة وسمعت مرافعة، وانتهت بحجز الدعوي للحكم مع إخلاء سبيل المتهم، لتُصدر حكمها بالبراءة، وتستند في أسباب حكمها علي ما تم ابداءه من دفوع ودفاع شفوي ومكتوب.
صدر الحكم في الإستئناف المقيد برقم 23 لسنة 2022 جنح مستأنف أبو حمص، لصالح المحامى عصام أحمد الحمورى، برئاسة المستشار طاهر الخراشى، وعضوية المستشارين محمود حجاج، وأحمد شلبى، وبحضور كل من وكيل النيابة ماهر جنديه، وأمانة سر محمد أنور.
الوقائع.. شقيقين يتفقان لحبس شقيقهما الأكبر بعدم تسليم الميراث للتخلص منه
تتحصل وقائع النزاع في اتهام النيابة العامة المتهم "ح. ي" أنه في تاريخ سابق على تحرير المحضر بدائرة مركز أبو حمص، امتنع عمدا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث، وطلبت عقابه طبقا لنصوص المواد 1، 2/1، 49 من القانون رقم 77 لسنة 1943 المعدل بالقانون رقم 219 لسنة 2017، وقدم سندا لدعواها حوافظ مستندات طالعتها المحكمة، وأحاطت بها علما.
وفى تلك الأثناء – قدم المتهم للمحاكمة الجنائية، وقضت محكمة أول درجة حضورى شخصى بحبسه 6 أشهر مع الشغل وكفالة 1000 جنيه، وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة، ثم استأنف المتهم ذلك الحكم، وبجلسة المرافعة الختامية حضر المتهم بشخصه وحضر معه محام، وطلب البراءة لإنتفاء أركان الجريمة وعدم وجود ما يفيد إمتناع المتهم ومدنية النزاع وأن الحصة الميراثية تحت يد المدعيان بالحق المدنى، وأنهما من يقوما بزراعتها، وحضر وكيل المدعيان بالحق المدنى، وقدم توكيل خاص بالتصالح رقم 45 حرف أ لسنة 2022 مكتب توثيق أبو حمص، والمحكمة قررت حجز الدعوى للحكم.
ومحكمة أول درجة تقضى بحبسه 6 أشهر وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى أن المحكمة تشير في بداية قضائها أنها إطلعت على كافة المستندات والحوافظ المقدمة من المجنى عليهم والمتهم وأحاطت بهم علما، واستندت على حكم لمحكمة النقض جاء فيه: من المقرر قضاءا حسبما استقرت عليه أحكام محكمة النقض: "من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال على قيده القانون فيها بذلك، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا دليلًا لحكمه، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى.
واستكملت: إذ الأدلة في المواد الجنائية مُتساندة يكمل بعضها بعضًا، ومنها مُجْتَمِعَة تتكوَّن عقيدة القاضي، فلا يَنْظُر إلى دليل مُعَيَّن لمناقشته على حِدَة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدِّيَة إلى ما قَصَدَه الحكم منها، ومُنْتِجَة في اكتمال اقتناع المحكمة، واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا يُشْتَرَط في الدليل أن يكون صريحًا دالًا بنفسه على الواقعة المُراد إثباتها، بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تَكَشَّف للمحكمة من الظروف والقرائن، وترتيب النتائج على المُقَدِّمات، وذلك طبقا للطعن رقم 149 لسنة 57 قضائية.
"الأخ الأكبر" يستأنف لإلغاء الحكم ويثبت للمحكمة أن الأرض في حوزة شقيقيه
ووفقا لـ"المحكمة": ولما كان ما تقدم فإن المحكمة تتشكك في قيام المتهم بارتكاب تلك الواقعة وامتناعه عن إعطاء المجنى عليهما نصيبهما الشرعى إلا أن الجريمة المسندة للمتهم تستلزم بيان أعيان التركة التي جاءت حصص طرفى النزاع المراثية بها تلك التي تثبت ملكيتها بداية لمورثهم ليشترك كل منهم في ملكية جزء منها وفق أنصبة شرعية حددت بموجب إعلام وراثة المورث، ومن ثم تغول على ما زاد عن حقه الشرعى مغتصبا ما استحقه الأخر من حصة عقب إستيثاق كامل منه بذلك الإستحقاق، واتجاه إرادى كامل لفعلته رغم سهولة مكنة تقسيم التركة محققا نتيجة إجرامية تمثلت في الاعتداء على الأعيان والأموال تلك العناصر لم تقم الأوراق دلائل كافية على إجتماعها جميعا، إذ جاءت الأوراق خالية من ثمة مستندات أو دلائل مادية تثبت صحة إدعاء الشاكين، وجاءت جميع المستندات المقدمة خلوا من ثمة حكم قضائى أو مستندات مسجلة أو مشهرة تفيد ملكية مورث الشاكى للأعيان محل البلاغ أو استئثار المتهم بها.
والاستئناف تبرأه
وتضيف "المحكمة": أن الإفادة الصادرة من جمعية أبو حمص الزراعية ثابت بها أن صافى الحيازة 17 س 4 قيراط 6 فدان يقوم المتهم بزراعة واحد فدان وأن المدعيان بالحق المدنى يقومان بزراعة 22 ق 3 ف ثلاثة أفدنة 22 قيراط، وباقى المساحة في المنزل وأرض فضاء ومتخلالات، ولا ينال من ذلك ما أثير بجلسات المحاكمة بأن المتهم لم يقوم بتسليم تلك الحصص للشاكين إذ أن ذلك من اختصاص القضاء المدنى، الأمر الذى تستخلص منه المحكمة ومن جماع ما تقدم أنه لا يوجد ما يفيد إمتناع المتهم عن تسليم المدعيان بالحق المدنى حصصهم المراثية، فضلا عن مثول وكيل المدعيان بالحق المدنى بجلسة المرافعة الختامية وإقراره بالتصالح مع المتهم بموجب توكيل خاص يبيح التصالح، الأمر الذى من جماعه تتشكك المحكمة في إرتكاب المتهم تلك الواقعة وعلى إثر ذلك تقضى المحكمة ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه عملا بنص المادة 304/1 إجراءات جنائية.