أصدرت الدائرة المدنية "أ" – بمحكمة النقض – حكما يهم ملايين الورثة، انهت فيه الروتين الشائع عند عملية تقسيم الإرث وتوزيعه، ما يؤدى معه إلى طول الوقت وتلاعب صاحب اليد الغاصبة للإرث، أرست فيه لمبدأ قضائيا حديثا يقضى بتسليم الوارث حصته الشائعة في الإرث بدون حاجة لدعوى فرز وتجنيب، حيث أن الحكم تصدى لأحكام أول وثانى درجة التي تقضى بعدم قبول دعوى القسمة حال عدم وجود فرز وتجنيب.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 5100 لسنة 88 قضائية، برئاسة المستشار محمود سعيد، وعضوية المستشارين عادل خلف، وعبد الناصر أبو الوفا، وأحمد أبو ضيف، وأحمد خليل، وبحضور كل من رئيس النيابة لدى محكمة النقض إبراهيم أبو العزم، وأمانة سر محمد عبد الرحمن.
الوقائع.. نزاع بين الورثة على إرث جدهم
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 32 لسنة 2014 مدنى المراغة الجزئية على المطعون ضده الأول انتهوا فيها إلى طلب الحكم بتسليمهم حصتهم مشاعاً فى المنازل المبينة بالصحيفة استناداً إلى أنهم يمتلكون حصة ميراثية عن والدهم والتى آلت إليه عن والده "رؤف. م" وأن المطعون ضده الأول يضع يده عليها بطريق الغصب، أدخل الطاعنون باقى المطعون ضدهم – باعتبارهم ذوى الشأن وأصحاب الحقوق فى الدعوى – لسماعهم الحكم بالطلبات.
وفى تلك الأثناء – المحكمة ندبت خبيراً وبعد أن أودع تقريره أجابت الطاعنين لطلبهم التسليم بحكم استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 140 لسنة 91 قضائية أسيوط – مأمورية سوهاج – وفيه قضت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، ثم طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه، وعُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
عم الورثة يضع يده على الإرث غصبا
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ومخالفته الثابت بالأوراق، وفى بيان ذلك يقولون إنهم قدموا أمام الخبير كشوفاً رسمية صادرة من الضرائب العقارية باسم مورث مورثهم وصورة ضوئية من عقد شرائه لعقارات التداعى، وأثبت الخبير فى تقريره أنها تخص مورث مورثهم وحصتهم فيها تبلغ الخُمس شيوعاً، وأن المطعون ضده الأول يضع يده عليها دون سند، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذه المستندات وخالف الثابت فى تقرير الخبير ورفض تسليمهم حصتهم الميراثية استناداً منه إلى أنهم لم يقدموا أية مستندات أو عقود مسجلة أو أحكاماً نهائية تثبت ملكيتهم أو ملكية مورث مورثهم لها، الأمر الذى يعيبه ويستوجب نقضه.
محكمة أول درجة تقضى للورثة بإرثهم.. والعم يستأنف لإلغائه
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعى فى محله، ذلك بأنه ولئن كان الشريك على الشيوع لا يحق له إفراز حصته بإرادته المنفردة، ومن ثم ليس له أن يطلب استلامها لأن القضاء له بالتسليم فى هذه الحالة يترتب عليه إفراز لجزء من المال الشائع بغير الطريق الذى رسمه القانون، إلا أن شيوع الحصة لا يحول دون إجابة الشريك إلى طلبه تسليمه إياها على أن يكون التسليم شائعاً أى حكمياً، وذلك بوضعها تحت تصرفه بحيث يتمكن من حيازتها والانتفاع بها وهو ما لا يعتبر قسمة للمال الشائع، وكان المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها، فالتفت الحكم عن التحدث عنها كلها أو بعضها مع ما يكون لها من الدلالة فإنه يكون معيباً بالقصور، وأن مخالفة الثابت بالأوراق التى تبطل الحكم هو تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى.
محكمة ثانى درجة تلغى الحكم لعدم وجود دعوى "فرز وتجنيب"
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين أقاموا دعواهم بطلب تسليمهم حصتهم الميراثية مشاعاً والمخلفة لهم عن مورث مورثهم، وقدموا كشوفاً رسمية بالضريبة العقارية على عقارات التداعى باسم مورث مورثهم وصورة ضوئية من عقد شرائه لها، وذلك للتدليل على أنها تخصه، وكان الخبير قد أثبت هذه المستندات فى تقريره وخلص منها إلى أن عقارات التداعى تخص مورث مورث الطاعنين الذى ظل يقيم فيها حتى وفاته ومن بعده ورثته حيث يقيم بعضهم فيها ويتردد البعض الآخر عليها وأن حصة مورث الطاعنين فيها هى الخُمس وأن المطعون ضده الأول يضع يده عليها عن طريق الغصب.
الورثة يطعنون.. ومحكمة النقض تنصفهم بمبدأ قضائى
وتضيف: وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذه المستندات ولم يفحصها ويقل كلمته فيها رغم ما لها من دلالة مؤثرة قد يتغير بها وجه الرأى فى الدعوى، كما التفت عما أورده الخبير بتقريره دون أن يورد أسباباً لطرحه، ورفض طلب التسليم قولاً منه بأن الطاعنين لم يقدموا أية مستندات أو عقود مسجلة أو أحكاماً نهائية تثبت ملكيتهم أو ملكية مورث مورثهم لعقارات التداعى مخالفاً بذلك الثابت بتقرير الخبير، الأمر الذى يعيبه بالقصور فى التسبيب فضلاً عن مخالفته الثابت بالأوراق بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.