لم يكن يتخيل يوما "م. ع"، 43 سنة، مدرس لغة عربية، أن يصل به الحال ليقف ذلك الموقف المُحزن والمُشين في آن واحد، وهو اكتشاف أن زوجته "و. ك"، قد عاشرت رجلا آخر من خلال توثيق عقد "زواج عرفى"، لتأمين علاقتها بعشيقها ويدعى "م. ح"، وبذلك تكون قد جمعت بين زوجين في آن واحد، لتصبح متهمة بـ"تعدد الأزواج"، وهى من التهم النادرة بالنسبة للزوجات، فالجميع يعلم اتهام الرجال بـ"تعدد الزوجات"، ولكن اتهام الزوجة بـ"تعدد الأزواج" فهى من الحالات النادرة، وهو الأمر الذى اضطر الزوج لتحرير محضر ضد زوجته.
أوراق القضية المقيدة برقم 4447 لسنة 2023 جنح قسم ثان طنطا، والمقيدة برقم 190 لسنة 2023 حصر تحقيق، كشفت عن تفاصيل الواقعة، التي تخلص فيما قرره الشاكي "م. ز"، استدلالاً بتاريخ 22 فبراير 2023 من اكتشافه وجود علاقة غير شرعية فيما بين زوجته المشكو في حقها "و. ك"، والمشكو في حقه "م. ح" من خلال عثوره علي ورقة عرفية معنونة بمصطلح "عقد زواج" فيما بين المشكو في حقهما سالفي الذكر، طالباً تحريك دعوي الزنا ضد المشكو في حقهما.
ولسة ياما هنشوف.. زوج يكتشف زواج زوجته من آخر بعقد "عرفى"
وقدم سنداً لأقواله عبارة عن أصل الورقة العرفية آنفة البيان والموقعة من قبل المشكو في حقهما، وحيث ثبت بمحضر جمع الإستدلالات المؤرخ 28 مارس 2023 بلاغ الشاكي سالف الذكر لعمليات النجدة، والثابت به ذات مضمون ما ثبت محضر جمع الإستدلالات المؤرخ 22 مارس 2023 أنفة البيان، وبسؤال المشكو في حقها "و. ك" - استدلالاً - نفت ما ادعاه الشاكي، وقررت اتهامها لزوجها المشكو في حقه "م. ز"، بالتعدي عليها بالضرب وإحداث إصابتها، وبسؤال المشكو في حقه "م. ح" – استدلالا – نفى ما ادعاه الشاكى.
فيما ثبت بمحضر تحريات المباحث المؤرخ 29 مارس 2023 والمحرر بمعرفة رئيس المباحث قسم شرطة ثان دمياط، عدم التوصل لمعرفة حقيقة الواقعة من عدمه، وحيث ثبت بمحضر تحريات المباحث المؤرخ 17 مايو 2023 أن تحرياته السرية أسفرت عن صحة وحقيقة الواقعة من قيام كل من "و. ك" و "م. ح"، بإبرام ذلك العقد في حين كونها متزوجة زواجا رسميا وشرعيا من المدعو "م. ز".
والتحريات تثبت صحة واقعة "تعدد الأزواج"
وفى تلك الأثناء - باشرت النيابة العامة التحقيقات، وبسؤال المجنى عليه "م. ز"، شهد بمضمون ما قرره استدلالا، وباستجوابه كمتهم، أنكر ما نسب إليه من اتهام، وباستجواب المتهمة "و. ح"، أنكرت ما نُسب إليه من اتهام، وبإعادة سؤالها كمجنى عليها، شهدت بمضمون ما قررته استدلالا، وباستجواب المتهم "م. ح"، أنكر ما نسب إليه من اتهام، وبإعادة سؤاله كمجنى عليه شهد بمضمون ما قرره استدلالا، وبسؤال الرائد "...." – رئيس مباحث قسم شرطة ثان دمياط – شهد بذات مضمون ما سطره بمحضر تحرياته.
فيما ثبت بتقرير الطب الشرعى – قسم أبحاث التزييف والتزوير ببورسعيد – أن المدعوه "و. ك"، هي الكاتبة لتوقيعها الثابت أسفل عبارة "الطرف الأول"، وكذا هي الكاتبة للتاريخ 4 مايو 2019 الثابت أسفله بعقد الزواج – موضوع الفحص – وصادر عن يدها، وأن المدعو "م. ح"، هو الكاتب لتوقيعه الثابت أسفل عبارتى "المقر بما فيه" – "طرف ثان"، وكذا هو الكاتب لبيانات صلب عقد الزواج – موضوع الفحص – وصادرة جميعها عن يده، وحيث أنه وفي مجال التكييف القانوني للواقعة فإنها تشكل الجنحة المؤثمة بالمواد 40/ثانيا، ثالثا، 1/41، 273، 274، 275، 276 من قانون العقوبات.
وقد أشترط المشرع لقيام جريمة الزنا توافر ثلاثه أركان:
الركن الأول: قيام علاقة زوجية
فيشترط أن يقع الوطء وعلاقة الزوجية قائمة فعلاً أو حكما، فلا ترتكب المرأة جريمة الزنا إذا وقع منها الوطء قبل عقد الزواج، ولو حصل أثناء الخطبة وحملت منه المرأة ولم تضع إلا بعد زواجها، إذ أن حقوق الزوجية لا تكتسب إلا بعد الزواج، ويشترط أن يكون العقد صحيحاً فلا يقع الزنا إذا كان العقد باطلا أو فاسداً كذلك لا يعد الوطء من قبيل الزنا إذا وقع من المرأة بعد الحلال رابطة الزوجية بوفاة الزوج أو بطلاق، لكن تجب التفرقة بين الطلاق الرجعي والطلاق البائن فإرتكاب الفعل أثناء عدة الطلاق الرجعي يكون جريمة الزنا لأن الطلاق الرجعي لا يرفع أحكام الزواج ولا يزيل ملك الزوج قبل القضاء العدة، أما إذا كانت التطليقة بائنة فإنها تزيل ملك الزوج ويحل للمطلقة أن تتزوج ممن شاءت، فإذا ما ارتكبت الفعل في المدة التي كانت فيها بائنة فإنها لا ترتكب بذلك الزنا، وإذا دفعت الزوجة أو شريكها تهمة الزنا بأنها مطلقة أو أنها لم تكن متزوجة من الأصل أو أن زواجها باطل أو فاسد جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى الجنائية وتحدد للمتهم اجلا لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص.
الركن الثاني: وقوع الاتصال الجنسي بغير الزوج
تشترك جريمة الزنا مع جناية الاغتصاب في هذا الشرط، فهي لا تقوم إلا بحصول الوطء فعلاً بالطريق الطبيعي، وبناء عليه لا تقع الجريمة بما دون ذلك من أعمال الفحش التي ترتكبها الزوجة مع رجل أو امرأة أخرى، والوطء في ذاته كاف لتكوين الجريمة متى توافرت الشروط الأخرى فلا يؤثر في ذلك كون الحمل مستحيلاً، إذ ليس الغرض من العقاب اختلاط الأنساب بل صيانة حرمة الزواج، فيعاقب على الزنا ولو كانت الزوجة قد بلغت سن الإياس أو كان شريكها لم يبلغ من الحلم وما إلى ذلك.
الركن الثالث: القصد الجنائي
يتوافر القصد لدى الزوجة التي ارتكبت الفعل عن إرادة وعن علم بأنها متزوجة وأنها تواصل شخصا غير زوجها، فلا تقوم الجريمة لانعدام القضاء إذا ثبت أن الوطء قد حصل على غير رضاء الزوجة، نتيجة لقوة أو تهديد أو أي سبب من الأسباب المعدمة للرضاء، فإذا تسلل رجل إلى مخدع امرأة فسلمت له ظنا منها أنه زوجها فإن المواقعة تكون قد حصلت مباغتة على غير رضاها فلا ترتكب الزنا ويرتكب الفاعل جناية الاغتصاب، كذلك ينتفي القصد إذا كانت الزوجة وقت الفعل تجهل أنها مقيدة بعقد زواج كما لو اعتقدت أنها مطلقة أو أن زوجها الغائب قد مات.
النيابة تستند في أمر الإحالة لأحكام محكمة النقض
واستند أمر الإحالة لعدد من أحكام محكمة النقض أبرزها الطعن المقيد برقم 18863 لسنة 62 قضائية، والذى جاء فيه: "من المقرر أن المادة 276 من قانون العقوبات وإن نصت على التلبس بفعل الزنا كدليل من أدلة الإثبات على المتهم بالزنا مع المرأة المتزوجة إلا أنه لا يشترط في التلبس بهذه الجريمة أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل بل يكفي أن يكون قد شوهد في ظروف تلبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالا للشك في أن جريمة الزنا قد وقعت فعلا، كما وأنه من المقرر أن إثبات زنا المرأة يصح بطرق الإثبات كافة وفقا للقواعد العامة".
وكذا الطعن المقيد برقم 20889 لسنة 62 قضائية، والذى جاء فيه: "لما كان ذلك وكان قول الطاعن أن وجوده بمنور شقة المجني عليه والذي يتصل مباشرة بغرفة نوم زوجته لا يشكل جريمة الزنا لأن المجني عليه من ديانة أخرى غير الإسلام، بينما تشترط المادة 276 من قانون العقوبات أن يكون هذا المنزل لرجل مسلم مردوداً بأن المادة المشار إليها أوجبت على القاضي أن يستمد اقتناعه في إدانة شريك الزوجة الزانية من أدلة إثبات معينة لم تقف في هذه المادة - عند الوجود في منزل مسلم في المكان المخصص للحريم فحسب بل تضمنت أدلة أخرى هي التلبس والاعتراف والمكاتيب والأوراق ويكفي أي دليل منها على حده لكي يستمد منه القاضي اقتناعه بالإدانة.
وتابع "الطعن": وإذ كان القانون في المادة 27 من قانون العقوبات بتحديده الأدلة التي لا يقبل الإثبات بغيرها على الرجل الذي يزني مع المرأة المتزوجة لا يشترط أن تكون هذه الأدلة مؤدية بذاتها فورا ومباشرة إلى ثبوت فعل الزنا فمتى توافر قيام دليل من هذه الأدلة المعينة - كالتلبس - يصح للقاضي أن يعتمد عليه في ثبوت الزنا ولو لم يكن صريحا في الدلالة عليه ومنصبا على حصوله متى اطمأن بناء عليه إلى أن الزنا قد وقع فعلا وفي هذه الحالة لا تقبل مناقشة القاضي فيما انتهى إليه على هذه الصورة إلا إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه ليس من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي وصل إليها ذلك لأنه بمقتضى القواعد العامة لا يجب أن يكون الدليل الذي ينبني الحكم عليه مباشرا بل للمحكمة - وهذا من أخص خصائص وظيفتها التي أنشئت من أجلها - أن تكمل الدليل مستعينة بالعقل والمنطق وتستخلص منه ما ترى أنه لابد مؤد إليه.
المادة 27 المذكورة نصت على التلبس بفعل الزنا كدليل من أدلة الإثبات
وإذ كانت المادة 27 المذكورة قد نصت على التلبس بفعل الزنا كدليل من أدلة الإثبات على المتهم بالزنا مع المرأة المتزوجة لم تقصد التلبس الحقيقي كما عرفته المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية فلم تشترط فيه أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل بل يكفي أن يكون قد شوهد في ظروف لا تترك عند قاضي الدعوى مجالا للشك في أنه ارتكب فعل الزنا وإثبات هذه الحالة غير خاضع لشروط وأوضاع خاصة، وذلك لأن الغرض من المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية غير الغرض الملحوظ في المادة 276 من قانون العقوبات إذ المقصود من الأولى بيان الحالات الاستثنائية التي يخول فيها لماموري الضبط القضائي مباشرة أعمال التحقيق، أما الثانية فالمقصود منها لا يعتمد في إثبات الزنا إلا على ما كان من الأدلة ذا مدلول قريب من ذات الفعل.
النيابة تأمر بإحالة الزوجة وعشيقها للمحاكمة الجنائية
فيما ذكر "أمر الإحالة": أنه وفي مجال الإسناد الموضوعي للإتهام فإنه وبطرح الأوراق علي بساط البحث وتمحيص ثنايا سطورها نجد أن التهمة ثابتة في حق المتهمين "و. ك"، و"م. ح" ثبوتاً يقينياً لتقديمهما للمحاكمة الجنائية لينالا جزاء ما أقترفاه من إثم وجرم آية ذلك ودليله ما قرره المجني عليه "م. ز" استدلالاً وما شهد به بتحقيقات النيابة العامة من وجود علاقة غير شرعية فيما بين المتهمين سالفي الذكر حال قيام رابطة الزوجية فيما بينه وبين المتهمة الأولي.
وأيضا ما شهد به الرائد "...." - رئيس مباحث قسم شرطة ثان دمياط - من أن تحرياته السرية أسفرت عن صحة وحقيقة الواقعة من قيام كلاً من المتهمين سالفي الذكر بإبرام عقد زواج عرفي فيما بينهما، وقيام المتهمة الأولي بإبرام ذلك العقد في حين كونها متزوجة زواجاً رسمياً وشرعياً من المجني عليه "م. ز"، وهو الأمر الذي تأيد وتعضد بتقرير الطب الشرعي - قسم ابحاث التزييف والتزوير - والذي أكد علي أن المتهمين سالفي الذكر هما المحررين البيانات عقد الزواج العرفي المقدم من المجني عليه سالف الذكر صلباً وتوقيعاً الأمر الذي يعد دليلاً قاطعاً علي اقترافهما جريمة الزنا، الأمر الذي نري معه ونحن في معرض التصرف في الأوراق تقديم كل من المتهمين للمحاكمة الجنائية.