أصدرت الدائرة "21" – بمحكمة الخليفة لشئون الأسرة – حكما فريدا من نوعه - بأحقية المطلقة للمتعة عن كل طلقة سواء طلاقا رجعيا أو طلاقا بائنا، وتتكرر بتكرره، بمعنى أن الزوج لو طلق زوجته وبعد ذلك رجعها لعصمته ثم قام بطلاقها مرة أخرى، فتستحق المطلقة متعة عن كل طلقة.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 1471 لسنة 2023 أسرة الخليفة لشئون الأسرة، لصالح المحامى سامى على سليم، برئاسة المستشار أحمد عاطف، وعضوية المستشارين مروان مصطفى، ومعتز سمير، وبحضور كل من وكيل النيابة مصطفى رشوان، وأمانة سر عماد محروس.
الوقائع.. نزاع بين الزوج ومطلقته حول "المتعة"
تخلص وقائع النزاع في أن المدعية عقدت الخصومة فيها مع المدعى عليه بموجب صحيفة مودعة في 27 أبريل 2023 طلبت في ختامها الحكم لصالحها بأن يؤدى لها نفقة عدة ومتعة وآمره بالأداء، وذلك على سند من القول أن المدعية كانت زوجة المدعى عليه بصحيح العقد الشرعى المؤرخ 7 مايو 2019 ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، ثم قام بتطليقها غيابيا بتاريخ 16 يناير 2020 ثم عادت إلى عصمته، ثم قام بتطليقها غيابيا مرة أخرى في 27 يوليو 2022، وقد طالبته وديا بأن يؤدى لها نفقة العدة والمتعة عن الطلقتين إلا أنه أبى بدون سبب، الأمر الذى حدا بها إلى إقامة دعواها بطلباتها سالفة البيان.
وقدمت سندا لدعواها عدة حوافظ مستندات طويت على: "1-صورة ضوئية من وثيقة زواج طرفى التداعى، و2- صورة ضوئية من إشهاد طلاق طرفى التداعى المؤرخ 27 يوليو 2022 مبين به أنه كان هناك طلقة أولى غيابية في 16 يناير 2020، و3- بيان مفردات راتب المدعى عليه مبين به أن يتقاضى راتبا شهريا قدره 21760 جنيها عقب خصم ما هو يستقطع منه، وآخر من شركة دعاية مبين به انه يتقاضى راتبا شهريا قدره 9407 جنيهات، وحيث تبين لجوء المدعية لمكتب تسوية المنازعات الأسرية.
المطلقة التي تستحق النفقة دينا
وفى تلك الأثناء – تداولت الدعوى بالجلسات، ومثلت المدعية بشخصها ومعها – محام – وأقرت بانتهاء عدتها شرعا بمرور 3 أشهر من تاريخ الطلاق، كما مثل المدعى عليه بوكيل عنه – محام – والمحكمة عرضت الصلح دون جدوى، والنيابة فوضت الرأي للمحكمة، التي قررت حجز الدعوى للحكم.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن طلب نفقة العدة، فلما كان من المقرر قانونا طبقا لنص المادة 2 من القانون رقم 25 لسنة 1920 والتي تنص على أن: "المطلقة التي تستحق النفقة دينا كما في المادة السابقة من تاريخ الطلاق"، وحيث إنه من المستقر عليه بقضاء النقض أن إنقضاء اعدة بالقروء إلا من جهة الزوجة، وقد ائتمنها الشرع على الإخبار به بشرط أن تكون المدة بين الطلاق والوقت الذى تدعى عدم انقضاء العدة فيه يحتمل ذلك"، طبقا للطعن رقم 73 لسنة 56 قضائية.
ما هى العدة؟
وبحسب "المحكمة": وحيث إنه من المستقر عليه فقها أن العدة هى أيام أقراء المراة وهى أجل ضرب لإنقضاء بقى من آثار الزواج، وحكمتها التيقن من براءة الرحم وإعطاء المطلق فرصة مراجعة مطلقته، ونفقة العدة هى تمكين المطلقة أو تمليكها ما يقيم أود حياتها من مأكل وملبس ومسكن وغيرة خلال فترة العدة ، وعدة المطلقة رجعيا أو بائنا ثلاثة أشهر عربية لمن لا ترى الحيض الصغر فى السن أو إياس، أما المطلقة الحامل فعدتها حتى تضع حملها، وتبدأ العدة دائما من تاريخ الطلاق، ونفقة العدة تستحقها المعتدة دائما بأنواعها سواء كانت حاملا أو حائلا وسواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا بينونة صغرى أو كبرى، وسواء كان الطلاق قد وقع بعد الدخول أو بعد الخلوة ودون دخول، وتستحق المطلقة النفقة لمدة لا تقل عن ستين يوما وهى أقل مدة للعدة ولا تزيد عن سنة ميلادية وهى أقصى مدة، وتشمل نفقة العدة شأن الزوجية المأكل والملبس والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقضى به الشرع باعتبار أن الطلقة في العدة هي زوجة حكما.
وحيث إنه ولما كانت المدعية قد أقامت دعواها بغية الحكم لها بفرض نفقة عدة لها، وكان الثابت لدى المحكمة أن المدعية طلقت من المدعى عليه بتاريخ 13 يونيو 2023، وآنها مثلت أمام المحكمة، وأقسمت أن عدتها إنتهت شرعا بمرور ثلاثة أشهر من تاريخ الطلاق، وكانت المحكمة تقدر نفقة المدعية الشهرية بمبلغ 2000 جنيه، ومن ثم تقصى المحكمة على ضوء ما سلف بفرض نفقة عدة بأنواعها للمدعية قدرها 2000 جنيه شهرياً، وذلك من تاريخ الطلاق وحتى انقضاء عدتها منه شرعا أي مدة 3 أشهر.
المحكمة تقضى بأحقية المطلقة للمتعة عن كل طلقة سواء طلاقا رجعيا أو بائنا
وتضيف "المحكمة": وأما عن طلب المتعة فلما كان من المقرر قانونا طبقا لنص المادة 18 مكرر من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 والتي تنص على أن: "الزوجة المدخول بها في زواج صحيح إذا طلقها زوجها دون رضاها ولا بسبب من قبلها تستحق فوق نفقه عدتها متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل وبمراعاة حال المطلق يسرا وعسرا، وظروف الطلاق ومدة الزوجية"، وحيث إنه من المستقر عليه بقضاء النقض: "أن استقلال محكمة الموضوع بتقدير المتعة دون رقابة محكمة النقض، شرطه ألا ينزل الحكم بها عن الحد الأدنى المقرر بنفقة سنتين على الأقل بمراعاة حال المطلق يسراً أو عسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية، طبقا للطعن رقم 345 لسنة 64 قضائية.
وتشير "المحكمة": من المستقر علية فقها أن الأصل فى تشريع المتعة هو جبر خاطر المطلقة وكانت مواساتها من المروءة التي تطلبتها الشريعة وكان من أسس تقديرها قول الله تعالى: "ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره"، والمتعة هى مبلغ من المال أو ما يقوم مقامه يلزم به المطلق الذي أساء إستعمال حقه في الطلاق، وهي بهذا المعنى صورة خاصة لجبر الضرر المعنوى والألم النفسى الذى يصيب المرأة من جراء الطلاق الواقع عليها، وقد يشترط النص لاستحقاق المتعة أربعة شروط الشرط الأول: أن تكون الزوجة مدخولا بها فى زواج صحيح ويجب أن تكون مدخولا بها حقيقة أو مختفى بها دون دخول، وذلك وهو شرط لجواز التقاضى بها أما إحتساب مقدار مبلغ المنفعة، فإنه يكون عن مدة الزوجية كلها صرف النظر عن تاريخ الدخول، والشرط الثانى أن يقع الطلاق بين الزوجين أيا كان نوعه رجعيا أو بائنا، فتستحق المطلقة المتعة أيا كان نوع الطلاق، وعلى ذلك لا يلزم ثبوت إنقضاء فترة العدة قبل رفع الدعوى بالمتعة.
والشرط الثالث: أن يكون الطلاق قد وقع بغير رضا صريح أو ضمنى من الزوجة واستخلاص توافر رضا الزوجة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع، وبعد طلاق الزوجة غيابيا قرينة على أن الطلاق لم يكن برضاها وهى قرينة قابلة إثبات العكس أيضا، أما الشرط الرابع: ألا يكون الطلاق قد وقع بسبب يرجع إلى الزوجة أى ألا تكون الزوجة في المتسببة في الطلاق، ويتعين توافر شرطي عدم الرضا، وإنعدام السبب في حق المطلقة حتى تستحق تعويض المتعة، وتاريخ تقدير قيمة أو مقدار المتعة هو تاريخ وقوق الطلاق وليس تاريخ المطالبة أو التداعى بها، وذلك بإعتبار أن إيقاع الحكم بالمادة 23 من القانون إلا أن للمحكمة أن تحكم بما يجاوز هذه المدة بالنظر إلى حالة المطلق المالية والاجتماعية وظروف الطلاق ومدة الزوجية.
رأى المذهب الشافعى
وحيث ذهب المذهب الشافعي إلى أن - المصدر التشريعي لأحكام المتعة - أن المتعة تجب في الطلاق الرجعى وتتكرر بتكرره، وعلى ذلك تكون المتعة واجبة في الطلاق، سواء أكان رجعيا أو بائنا، ولما كان ما تقدم وكانت المدعية قد أقامت دعواها بعية القضاء لها بفرض متعة على المدعى عليه استنادا على أنها طلقت غيابيا مما تستخلص منه المحكمة إستيفاء المدعية لشرائط المتعة المقررة قانونا، الأمر الذى تكون معه دعوى المدعية قد جاءت على سند صحيح من الواقع والقانون، وتقضى المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى لها المتعة المقدرة وفق منطوق هذا القضاء، وحيث أنه عن تقدير المتعة فإن المحكمة تقدرها وعلى النحو الذى اطمأنت إليه ومدة الزوجية بنفقة عامان عن كل طلقة، الأمر الذى يكون معه مقدار المتعة المستحقة للمدعية على مطلقها المدعى عليه هي مبلغ نفقة العدة المحكوم بها للمدعية وهو مبلغ 2000 جنيه شهريا × عامان (24 شهرا) فيكون مقدار المتعة بحسبانها على هذا النحو هو مبلغ 48000 جنيه عن كل طلقة بإجمالى مبلغ 96000 جنيه وهو ما تقضى به المحكمة وفق منطوق هذا القضاء.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: أولا: بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعية نفقة بأنواعها قدرها 2000 جنيه شهريا تبدأ من تاريخ إيقاع الطلاق عليها الحاصل في 27 يوليو 2022 وحتى انقضاء عدتها شرعا من المدعى عليه في 26 أكتوبر 2023 وآمرته بالأداء.
ثانيا: بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعية متعة قدرها 96000 – ستة وتسعون ألف جنيه – وآمرته بالأداء، وألزمته المصاريف.
حكم متعة عن كل طلقه 1