لازال الحديث مستمرا حول انهيار لافتة كوبري أكتوبر وهى عبارة عن لوحة إعلان ضخمة لـ كريم محمود عبد العزيز، الخميس الماضى، بسبب الطقس السئ والعاصفة الترابية، والتي كانت حديث الساعة لدرجة مشاركة الفنان محمد هنيدي، عبر خاصية الـ"ستوري" على "انستجرام"، وكتب: "مبروك يا حبيبي.. الإعلان مكسر الدنيا"، لكن سرعان ما حذف تلك الصورة، فور علمه بوقوع مصابين إثر هذا الحادث، باعتبار أن الأمر لا يحتمل السخرية والهزار مع أوجاع الناس.
كما توفيت مهندسة " رانيا مصطفي"، 49 سنة، متأثرة بإصابات لحقت بها، إثر سقوط لافتة إعلانية عليها بالقرب من أحد المولات التجارية، بنطاق قسم شرطة أول العاشر من رمضان، وإصابة أخرين، كما أسفر سقوط اللوحة الإعلانية على كوبرى أكتوبر عن تحطم 3 سيارات ملاكي و"موتوسكيل"، مما نتج عنه عن إصابة 4 أشخاص آخرين، تلك الوقائع المتمثلة في الخسائر البشرية والمادية جلعت الحديث يدور حول موقف الضحايا من الحصول علي تعويضات مادية، فضلا عن تعطيل حركة المرور.
هل سقوط اللافتات وإحداث ضرر على الأرواح والممتلكات يوجب التعويض؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية تهم المواطنين المتضررين من سقوط وإنهيار مثل هذه اللافتات من خلال الإجابة على السؤال هل يحق لهم التعويض سواء من الشركة صاحبة الإعلان أم لا؟ وماذا لو استندت الشركات على الكوارث الطبيعية والظروف الطارئة؟ خاصة بعد قرار النيابة العامة بشأن التحقيق في واقعة انهيارِ لافتة إعلانات أعلى كوبري أكتوبر بالقاهرة – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض حسام حسن الجعفرى.
في البداية - السؤال هنا من المتسبب في تلك الحادث بخلاف وجود قوة قاهرة، وللإجابة علي هذا السؤال يجب الإطلاعِ على ملفِ تراخيصِ اللافتةِ المنهارةِ وفحصِهِ، وبيانِ مدى سريانِهِ أو انتهائِه، وفي الحالةِ الأولى بيانِ مدى الالتزامِ بأعمالِ الصيانةِ بها والمسئولِ عنها ومدى إجرائِها وفقَ المعاييرِ المحددةِ بمعرفةِ الجهةِ الإدارةِ، وفي حالةِ انتهائِهِ بيانِ المتسببِ عن بقاءِ اللافتةِ بعدَ انتهاءِ ترخيصِها لتحديدِ المسئولِ عن الحادثِ لاتخاذِ الإجراءاتِ القانونيةِ قبلَهُ، وقد صدر القانون رقم 208 لسنة 2020 بشأن تنظيم الإعلانات على الطرق العامة – وفقا لـ"الجعفرى".
المهندسة المتوفاة
هل يجوز للمتضرر سواء من أهلية المتوفي أو أي شخص آخر الرجوع بالتعويض علي المتسبب في الحادث؟
نعم يجوز - فإذا كان الخطأ من صاحب اللافتة سواء كانت شركة أو غيرها أو الإعلان وعدم اتباع الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، ويكون ذلك بعد إخطار الجهة الادارية لصاحب الإعلان بإزالة أسباب المخالفة، فيكون صاحب الإعلان ملزم بالتعويض، أما إذا كانت الجهة الإدارية تقاعست عن إزالة اللافتة بالرغم من ثبوت مخالفة صاحب الإعلان فإنها هي تسأل عن التعويض ويجوز اختصام صاحب الإعلان والجهة الإدارية في تلك الحالة لالزامهم بالتعويض ويكون التعويض كالتالى – طبقا لـ"الجعفرى":
أولا: التعويض عن الضرر المادي يكون مقداره بحسب مقدار الضرر مهما كان الخطأ يسير فيعوض المضرور عن ما لحقه من خسارة وما فاته من كسب.
ثانيا: الضرر الأدبي هو ما يصيب الناس عادة في عواطفهم وشعورهم أو اعتبارهم أو شرفهم وسمعتهم فمحله وجدان الإنسان.
ثالثا: الضرر المادي الموروث أوالأضرار المورثة: "إذا تسببت وفاة المضرور عن فعل ضار من الغير فإن هذا الفعل لابد أن يسبق الموت ولو بلحظه ويكون المضرور في هذه اللحظة أهلا لكسب حقه في التعويض عن الضرر الذي لحقه وورثته يحق لهم مطالبة المسؤول بجبر الضرر الذي سببه لمورثهم".
ماهي الجهة المختصة لتنظيم الإعلانات علي الطرق العامة؟
وفقا للمادة "1": قانون تنظيم الإعلانات علي الطرق العامة، فالجهاز القومي لتنظيم الإعلانات علي الطرق العامة هي الجهة المختصة ويتضمن الوحـدات المحلية أو أجهـزة المدن بهيئـة المجتمعـات العمرانية الجديدة أو الهيئة العامة للطرق والكباري أو أي جهة أخري صــاحبة الولاية علي موقـع الإعـلان طبقًا للقوانين والقرارات المعمول بها في تحديد تلك الجهات – الكلام لـ"الجعفرى".
ماهي شروط وضع إعلان أو لافتة؟
وفقا للمادة "3": لا يجوز وضع إعلان أو لافتة إلا بعد الحصول علي ترخيص بذلك من الجهة المختصة، ويصدر الترخيص بناءً علي طلب من المعلن، وعلي الجهة المختصة البت في الطلب خلال ستين يومًا من تاريخ تقديمه، ويعد مضي المدة المشار إليها دون بت بمثابة موافقة ضمنية بشرط استيفاء الطلب للمستندات المطلوبة، وذلك بعد إعلان الجهة المختصة طبقًا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، ويصدر الترخيص لمدة لا تجاوز 3 سنوات بعد مراعاة مقتضيات التنظيم والتخطيط ومظهر المنطقة ومراعاة حركة المرور فيها، ويجوز تجديد مدة الترخيص لمدة أو لمدد أخري مماثلة بناءً علي طلب المرخص له وموافقة الجهة المختصة، وللجهة المختصة أن تصدر قرارًا بإلغاء الترخيص وفقًا لمـا يستجد من مقتضيات التنظيم أو التخطيط أو اعتبارات تتعلق بمظهر المنطقــة أو بتنظيــم حركة المرور فيها، وذلك دون الإخلال بحق المرخص له في الحصول علي تعويض إن كان لذلك مقتض – هكذا يقول الخبير القانونى.
ونصت المادة "4": "لا يجوز الترخيـص بوضع أي إعلانات أو لافتات تخالف الأسـس والمعايير التي يضعها الجهاز".
من الملتزم بأعمال صيانة اللافتة أو الإعلان؟
نصت المادة "6": "يلتزم المعلن بأعمال الصيانة والتنسيق للإعلان أو اللافتة المرخص بها وفقًا لمـا تحدده الجهة المختصة، وذلك كله طبقًا للمعايير التي يصدرها الجهاز، وفي حالة امتناع المعلن عن القيام بأعمال الصيانة والتنسيق المحددة بعد مضي خمسة عشر يومًا من تاريخ إخطاره بخطاب موصي عليه بعلم الوصول يكون للجهة المختصة القيام بذلك علي نفقته ، وتحصل تلك النفقات منه بطريق الحجز الإداري .
ما هو دور الجهة الإدارية في حالة عدم التزام صاحب اللافتة أو الإعلان بأعمال الصيانة وفقا للقانون؟
نصت المادة "7": وفي جميع الأحوال يتعين الالتزام عند وضع الإعلان أو اللافتة بالضوابط والشروط التي يصدرها الجهاز، وفي حالـة مخالفة هـذه الضوابط أو الشروط يتعين إزالـة الإعـلان أو اللافتة وإعادة الحالة إلي ما كانت عليه خلال المدة التي تحددها الجهة المختصة، وفي حال الامتناع عن الإزالة بعد انتهاء المدة المحددة يكون للجهة المختصة القيام بذلك علي نفقة المخالف ، وتحصل النفقات منه بطريق الحجز الإداري .
هل من سلطات العاملين بالجهاز إزالة اللافتات والإعلانات المخالفة والغير مطابقة؟
نعم - نصت مادة "8": يكون للعاملين بالجهاز الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع رئيس الجهاز صفة الضبطية القضائية، ويكون لهم الحق في المرور علي الإعلانات واللافتات والأجهزة والأدوات الخاصة بها، وإثبات ما يقع من مخالفات وإبلاغ الجهة المختصة لاتخاذ الإجراءات المقررة في شأنها.
كما يكون للعاملين بالجهة المختصة الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع رئيس الجهة المختصة صفة الضبطية القضائية في تنفيذ أحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له، ويكون لهم أيضًا الحق في المرور علي الإعلانات واللافتات والأجهزة والأدوات الخاصة بها، وإثبات ما يقع من مخالفات واتخاذ الإجراءات المقررة في شأنها .
ماهي عقوبة وضع إعلانًا أو لافتة مخالفا للقانون ؟
نصت المادة "9": كل من وضع إعلانًا أو لافتة أو تسبب في وضعه بالمخالفة لهذا القانون والقرارات المنفذة له يعاقب بغرامة لا تقل عن مثلي قيمة تكلفة الأعمال ولا تزيد علي ثلاثة أمثال تلك القيمة، وتتعدد العقوبات بتعدد المخالفات، وفي جميع الأحوال، يقضي بإزالة الإعلان أو اللافتة وبإلزام المخالف برد الشيء إلي أصله وبأداء ضعف الرسوم المقررة علي الترخيص، فإذا لم يقم المخالف بالإزالة والرد في المدة التي يحددها الحكم جاز للجهة المختصة القيام بذلك علي نفقته، ولا يجوز مطالبتها بأي تعويض عن أي تلف يلحق الإعلان أو اللافتة أو الأجهزة أو غيرها .
ولصاحب الشأن خلال شهر من تاريخ إخطاره بحصول الإزالة أن يسترد الإعلان ومشتملاته بعد أدائه قيمة نفقات الإزالة وضعف الرسوم المقررة علي الترخيص ، فإذا انقضي هذا الميعاد جاز للجهة المختصة بيع الإعلان أو اللافتة ومشتملات أي منهما بالطريق الإداري وتحصيل المبالغ المستحقة لها، ويكون للجهة الإدارية إزالة الإعلان أو اللافتة علي نفقة المخالف وتحصيل نفقات الإزالة بطريق الحجز الإداري إذا كان من شأن بقاء الإعلان أو اللافتة تعريض سلامة المنتفعين بالطرق أو السكان أو الممتلكات للخطر أو إعاقة حركة المرور .
هل سقوط لافتة لأحد المرشحين أو المواطنين أو لأحد شركات الدعاية تستوجب التعويض؟
يجب أن يكون كل فعل خطأ يترتب عليه ضرر حق الغير، ويكون بين الخطأ سبب في وقوع الضرر، وعلى صاحب الخطأ تحمل التعويض عن الضرر، وذكر أن لدينا "القوة القاهرة" وهي سبب من أسباب نفي العلاقة السبيبة إذا حدث خطأ وضرر، ويقصد بالقوة القاهرة هي كل حادث خارج عن الشيء، لا يمكن توقعه، ومن أنواع القوة القاهرة هي التي تنشأ عن فعل الطبيعة مثل الزلازل والصواعق والأمطار والهواء القوي وغيرها من عوامل الطبيعة.
فهناك وجهة نظر أخرى ترى أن المسؤولية لا تقع على عاتق الشركة المعلنة أو المعلن باعتبار أن الخطأ سببه العوامل الطبيعية "قوة قاهرة"، حيث أنه عند إقامة دعاوى تعويض ضد الشركات المعلنة أو المعلن ذاته، فإن الحظوظ ستكون قليلة جداً لأنه يجب أن تثبت الخطأ الذي كان من سقوط اللافتة والضرر الذي وقع عليها، وعليه فإن التأمينات هي التي تتحمل وقوع الحوادث التي تكون نتيجة العوامل الطبيعية.
وهنا الرياح تعد قوة قاهرة تقطع رابطة السببية بين فعل الشي والضرر اللاحق بالغير،، إلا أنه إذا ثبت من خلال خبرة فنية أن الألواح أو الأشياء التي سقطت لم تكن مثبتة على نحو كاف لتقاوم عوامل الطبيعة، ومنها الرياح، فيكون صاحبها مسؤول عن تدخلها في إحداث الضرر لعدم تثبيتها على نحو يحقق السلامة للغير وهو التزام بنتيجة بعدم ترك زمام الشيء تفلت من يد حارسها وتضر الغير، كما أن القوة القاهرة لتكون سببا أجنبيا يقطع رابطة السببية يجب أن تكفي وحدها وفق مجرى الأمور أن تقلع أي شيء يأتي في وجهها حتى لو كان محكم التثبيت كما لو كانت اعصارا مدمرا مثلا.