ردود الأفعال ما زالت مستمرة من ملايين الملاك والمستأجرين بين مؤيد ومعارض حول "الوثيقة القانونية بشأن قانون الإيجار القديم"، الصادرة من ائتلاف ملاك العقارات القديمة، والتي أثارت جدلا واسعا بين المستأجرين وحالة من الرفض خاصة وأن الوثيقة جاءت تحت عنوان "الجذور والأبعاد والحلول"، حيث تضمنت 4 أسباب تكشف لماذا وصلت أزمة قانون الإيجار القديم لهذا الوضع منذ الحرب العالمية الأولى، واقتراح الملاك أو المؤجرين سن 6 مواد بالتعديلات الجديدة، في محاولة لإنهاء هذا الصراع المستمر بين الطرفين، إلا أن المقترحات أصبحت في "وش مدفع" المستأجرين.
وبمجرد خروج "الوثيقة" صدرت التصريحات من هناك ومن هناك للرد على ما جاء بها، وذلك في إطار التطورات الجديدة والمهمة التي سيشهدها ملف الإيجار القديم، خاصة وأن الحكومة قامت منذ أكثر من عام بتشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأي العام، بهدف إجراء حوار مجتمعي بشأنه، قبل إقراره من البرلمان، بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفي الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعي، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة.
قانون الإيجار القديم.. كيف بدأ.. وأين انتهى؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على 16 قانون تحكم العلاقة الايجارية بين المؤجروالمستأجر فى مصر أهمها القانون رقم 49 لسنة 1977، والقانون رقم 136 لسنة 1981، والقانون رقم 4 لسنة 1996، والمعروف إعلامياً بقانون الإيجار الجديد ومن ثم فقد توقف تحرير العقود طبقا لقوانين الإيجار القديم رقم 49 لسنة 1979 ورقم 136 لسنة 1981 الذي حررالعلاقة الايجارية وأعادها للأصل وهو القانون المدني الحالى رقم 131 لسنة 1948والقانون رقم 137 لسنه 2006 والقانون رقم 6 لسنه 1997 - بحسب الخبير القانونى والمحامى المتخصص فى الشئون العقارية محمد حسن.
في البداية – 16 قانونا و100 عام كانت تحكم العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر، ما تسبب فى ظهور العديد من المشاكل والقضايا التى لم ولن تنتهى منذ عام 1920 حتى 2020، حيث بدأت القصة بالقانون المدني، وانتهت بالقانون المدني أيضاَ ولا زالت قضية "الإيجار القديم" تشغل حيزاَ كبيراَ من الرأي العام المصري، وتلك المعاناة باعتبار أن الملايين من ملاك وأصحاب العقارات المؤجرة بنظام "القانون القديم" يعانون من مسألة عدم توفير سكن مناسب لهم أو لأحد أبنائهم، ما يضطرهم للإيجار بالقانون الجديد ببضعة الآلاف شهريا، وذلك على الرغم من امتلاكهم عقارات تدر لهم بضعة جنيهات سنويا، ما خلق بالنسبة لهم نوعا من الظلم وعدم العدالة الاجتماعية من وجهة نظرهم – وفقا لـ"حسن".
مراحل تقنين قانون الإيجار منذ عام 1920
وإشكالية صدور القوانين التى تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر منذ الحرب العالمية الأولى حتى يومنا هذا، حيث إن الأصل أن العلاقة الإيجارية يحكمها القانون المدنى رقم 131 لسنة 1948، وعادت للقانون المدنى بصدور القانون رقم 4 لسنة 1996 ولكن ما بينهما هناك مشكلة لا مثيل لها فى العقود التى تحررت طبقا لكل قوانين الإيجارات حتى وصلنا إلى ما نحن فيه الآن، إلا أنه استثناء من هذا الأصل صدرت قوانين تنطوى معظمها على تقييد القيمة الايجارية وامتداد العقود الايجارية بعد انتهاء مدتها تلقائياً قوانين الإيجار السابقة – الكلام لـ"حسن".
مع الحرب العالمية الأولي:
أولا: صدر القانون رقم 11 لسنة 1920
بتقييد أجور المساكن، حيث وضع حد أقصى للأجرة بأن يكون مساويا للأجرة المنصوص عليها فى أول أغسطس 1914 مضافا إليها 50% كما نص على عدم جواز قيام المؤجر بإخراج المستأجر من المسكن إلا بحكم المحكمة، ولسبب من الأسباب التالية: حال عدم سداد الأجرة خلال 15 يوما من تاريخ المطالبة وإخطاره بها على يد محضر أو بخطاب موصى عليه، أو فى حال عدم عناية المستأجر بالعين، أو استعماله فى أغراض تتنافى وطبيعة المسكن – طبقا للخبير القانونى.
ثانيا: القانون رقم 4 لسنة 1921 بسريان التقييد على الأماكن كلها سواء السكنية أو الأماكن المستعملة لأى غرض آخر غير السكن نظراً لظروف الحرب.
مع الحرب العالمية الثانية:
ثالثا: صدر القانون رقم 151 لسنة 1941 بمنع الملاك من زيادة القيمة الإيجارية، وامتداد العقود تلقائياً لمنع طرد المستأجرين مراعاة لظروف الحرب، حيث كان يتم طرد الملاك للمستأجر المصرى وتأجيرها للأجانب بأجرة مرتفعة.
أما فترة ما بعد ثورة 1952 وحتي الستينات:
تميزت هذه الفترة بإصدار مجموعة من التخفيضات على القيمة الإيجارية لجميع الأماكن السكنية وغير السكنية على النحو التالى:
رابعا:
القانون 199 لسنة 1952 خفض بنسبة 15% على القيمة الإيجارية للوحدات التى أنشئت من أول يناير 1944 حتى 18 سبتمبر 1952 ويسرى مـن أكتوبر 1952.
خامسا:
القانون 55 لسنة 1958 خفض بنسبة 20% على الأماكن المنشأة من 18 سبتمبر 1952 حتى 12 يونيو 1958 اعتبارا من إيجار يوليو 1958.
سادسا:
القانون رقم 168 لسنة 1961 خفض بنسبه 20% على إيجارات الأماكن المنشأة منذ 12 يونيو 1958 حتى 5 نوفمبر 1961 اعتبارا من ديسمبر 1961.
سابعا:
صدر القانون رقم 46 لسنة 1962 للأماكن المنشأة بعد نوفمبر 1961 وطبقاً لأحكامه تم تحديد القيمة الإيجارية على أساس أن يعطى الإيجار عائداً سنوياً قدره "5%" من قيمة الأرض والمبانى، "3%" من قيمة المبني مقابل استهلاك رأس المال ومصروفات الإصلاحات والإدارة، وتشكيل لجـان خاصــة يرأسه ــ القضاة ـ للتظلم من القيمة الإيجارية المحددة، وذلك نظرا لتراكم الحالات أمام اللجان التي كان البت فيها يتطلب وقتاً طويلاً مع استمرار المستأجر فى سداد الأجور المرتفعة الاتفاقية – هكذا يقول "حسن".
ثامنا:
صدر القانون رقـم 7 لسنة 1965 وقد جاء بالتخفيضات الآتية: تخفض إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام القانــــون 46 لسنــــة 1962 بنسبة 35 % تأخذ إما بأثر رجعي من تاريخ التعاقد إذا كان تقدير لجنة الإيجارات نهائي في تاريخ العمل بالقانون رقم 7 لسنة 1965 - فبراير 1965 - أو اعتبارا من أجرة مارس 1965 إذا كان تقدير لجنة الإيجارات غير نهائي في تاريخ العمل بالقانون رقم 7 لسنة 1965 .
تخفيض الإيجار لجميع الأماكن الخاضعة لقوانين التخفيض السابقة المذكورة في البنود "1، 2، 3 " بنسبة 20% اعتبارا من إيجار مارس 1965، الأمر الذي يتبين معه أن جميع الأماكن الخاضعة لقوانين التخفيضات السابقة "1 ،2، 3"، وقد خضعت للتخفيض مرتين: المرة الأولي بموجب القوانين الصادرة في 1952، 1958، 1961 وذلك حسب تاريخ إنشائها كما سبق إيضاحه، أما الثانية بموجب القانـون 7 لسنة 1965 بنسبة 20% اعتباراً من مارس 1965.
فترة السبعينيات
تاسعا:
صدر القانون رقم 49 لسنة 1977 والذى ألغى جميع قوانين الإيجارات السابقة له واستحدث أحكام جديدة منها تنظيم إيجار الأماكن المفروشة واستحقاق المالك أجرة إضافية عن مدة التأجير مفروشا 400% إلي 100% حسب تاريخ إنشاء بواقع نسبة من الأجرة القانونية تتراوح من الأماكن مفروشا جزئياً، وفــي حالـة تأجير المكـان يستحق المالك نصف النسبة.
فترة الثمانينيات :
عاشرا:
صدر القانون رقم 136 لسنة 1981 ويعد هذا القانون هو القانون الأول الذى اتجه إلى إحداث توازن لصالح الملاك وإحداث توازن فى سوق الإيجارات بوضع ضوابط أهمها:
- تحديد قيمة الإيجار للأماكن السكنية عدا الفاخر بـ7% من قيمة الأرض والمبانى.
- وضع حد أقصي للوحدات بنظام التمليك .
- إشراك المستأجرين مع الملاك فى صيانة وترميم المبنى طبقا لتاريخ إنشاء المبنى بنسب.
- إعفاء الوحدات السكنية فيما عدا الفاخر من جميع الضريبة العقارية وألا تدخل إيرادات هذه المساكن فى وعاء الضريبة العامة على الإيراد.
- زيادة أجرة الأماكن لغير السكنى بنسبة تتراوح من 30% إلى 5% حسب تاريخ إنشائها واشترط أن يخصص المالك نصف هذه الزيادة لمواجهة تكاليف الترميم والصيانة.
فتـرة التسعينيات:
تمشياً مع السياسة العامة للدولة فى هذه الآونة والتى تهدف إلى إلغاء القوانين الاستثنائية والعودة إلى المناخ الطبيعى: صدر في هذه الفترة التالى:
حادى عشر:
القانون رقم 4 لسنة 1996 والمعروف إعلامياً بقانون الإيجار الجديد الذي أطلق حرية التعاقد بين المالك والمستأجر فيـما يخـص "القيمة الإيجارية - مدة العقد"، ومن ثم فقد توقف تحرير العقود طبقا للقانون رقم 49 لسنة 1979 لقوانين الإيجار القديم ورقم 136 لسنة 1981، "بصدور القانون رقم 4 لسنة 1996 المشار إليه الذي حرر العلاقة الايجارية وأعادها للأصل.
ثانى عشر:
القانون المدني الحالي رقم 131 لسنة 1948: وأصبح العقد شريعة المتعاقدين ويسري علي جميع العقود التي تـحرر بعد إصداره في يناير 1996 كما تم.
ثالث عشر:
صدور القانون رقم 137 لسنه 2006: والذي نص على أن تكون للعقود الإيجارية الموثقة بمعرفة طرفيها قوة السند التنفيذي مما ساهم فى إعادة الثقة بين المواطنين وتفعيل القانون رقم 4 لسنه 1996 بما أتاح عرض الكثير من الوحدات المغلقة للإيجار.
رابع عشر:
إصدار القانون رقم 6 لسنة 1997 بزيادة الأجرة القانونية للوحدات المستغلة لغير أغراض السكنى وذلك بالإضافة إلى زيادة سنوية "مركبة" بصفة دورية بنسبة 10% من قيمة آخر أجرة قانونية لجميع الأماكن غير السكنية، واستجابة لرغبة شعبية صدر القانون.
خامس عشر:
القانون رقم 14 لسنة 2001 لتعديل قيمة الزيادة السنوية المركبة 10% لتصبح بقيمة ثابتة تعادل نسبة – 1% أو 2% حسب تاريخ إنشاء الوحدة - وتحصل هذه الزيادة حتى الآن، أي أنه لا يوجد الآن ما يسمي قانون الإيجارات القديمة التي توقف العمل بها بصدور هذا القانون، ولكن تبقى مشكلة العقود التي تحررت طبقا لكافة قوانين الإيجارات المتعاقبة السابقة دون حل.
السادس عشر: الأشخاص الاعتبارية
بتاريخ السادس من مارس 2022 بدأ التطبيق الفعلى للزيادة الجديدة في قيمة الإيجارات القديمة وذلك وفقًا لما ينص عليه قانون الإيجار القديم رقم 10 لسنة 2022، الصادر في مارس 2022، ذلك القانون الذى صدق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، 2021، على تعديل قانون الإيجار القديم رقم 10 لسنة 2022، والذي ينص على زيادة قيمة الإيجار القديم بنسبة 15% سنويًا بدءًا من شهر مارس 2022 وتستمر بنفس النسبة حتي 2027، لتنتقل بعدها الوحدة السكنية إلى المالك بالقانون، وذلك يعني أن قيمة الإيجار القديم شهدت زيادة جديدة أو بمعنى أدق زيادة ثانية بنحو 15% بعد زيادتها في المرة الأولى مارس 2022.
وكان قانون الإيجار القديم لا يسمح بزيادة القيمة الإيجارية، ولا يستطيع المالك أن يطلب زيادة في قيمة الإيجار من المستأجر، إلا أنه بعد تعديل القانون فيما يخص الوحدات التابعة للأشخاص الاعتبارية، أصبحت بعض الفئات ملزمة بزيادة الإيجار القديم بنسبة 15% بدءًا من شهر مارس من كل عام لمدة 5 سنوات، وبهذه الزيادة نكون قد دخلنا في السنة الثانية للتطبيق الفعلى، وتحديدا يوم 6 مارس من كل عام، وهو موعد التطبيق الفعلي للقانون.
الزيادة الثانية لقانون الإيجار القديم للأشخاص الاعتبارية
وتسري الزيادة الجديدة في الإيجار القديم، والمقدرة بنحو 15% على الوحدات التابعة للأشخاص الاعتبارية فقط لغير غرض السكن، ولا تسري الزيادة على الوحدات التابعة للأشخاص الطبيعيين، وذلك طبقًا لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 والقانون رقم 136 لسنة 1981 الذي يختص بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وهنا فرق بين الوحدات التابعة للأشخاص الاعتبارية والأشخاص الطبيعيين في قانون الإيجار القديم، فالأشخاص الاعتبارية هي الجهات والشركات الخاصة والحكومية، أما الأشخاص الطبيعيين يضم المستأجرين بأنفسهم من مستأجرين الشقق والمحال وورش الصناعة.
تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون
هذا وقد اعلنت الحكومة، منذ أكثر من عام، تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأى العام، بهدف إجراء حوار مجتمعى بشأنه، قبل إقراره من البرلمان وأيضا بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفى الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعى، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة، حيث تعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التى ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر فى الوقت الذى لا تزال تتوالى ردود الأفعال والمقترحات حول مشروع القانون الذى مازال في طى النسيان.