أصدرت محكمة جنايات دمنهور، حكما قضائيا بشأن الجرائم المرتبطة بالجريمة الالكترونية، ببراءة شخص من 6 اتهامات تتمثل في خطف طفلة بطريق الإكراه والتحايل، وهتك عرض، وتهديد بإفشاء مقاطع مصورة، واعتداء علي الحياة الخاصة، وابتزاز جنسي + ابتزاز مالي، بعد أن استند دفاع المتهم على 16 دفعا لتبراءة المتهم أبرزها التراخي الشديد في الإبلاغ لأكثر من سنوات 3 من الواقعة المزعومة، رغم إقرار والدتها بالعلم المسبق بالواقعة محل النظر.
صدر الحكم في القضية المقيدة برقم 8945 لسنة 2022 جنايات مركز رشيد، لصالح الدكتور محمود رجب فتح الله، برئاسة المستشار مسعد فتحى رفاعى، وعضوية المستشارين عمرو زغلول، وبحضور كل من عضو النيابة العامة عمرو حمدى، وأمانة سر عبدالجليل خليفة.
الوقائع.. قاصر تتهم شخصا بخطفها وهتك عرضها
الوقائع تتحصل في أن النيابة العامة اتهمت المتهم "محمد. ص"، بأنه في تاريخ سابق 10 يونيو 2022 بدائرة مركز شرطة رشيد، محافظة البحيرة، خطف المجنى عليها الطفلة "ش. م" – بالتحايل، بأن استدرجها إلى الوحدة السكنية محل الواقعة بعيداً عن أعين الرقباء عقب إيهامها بأنها ستتقابل مع إحدى أقاربه، قاصداً من ذلك إبعادها عن ذويها، وقد اقترنت تلك الجناية بجناية هتك عرض المجنى عليها المخطوفة بالقوة - المؤثمة بنص المادة 268/201 من قانون العقوبات، بأن قام المتهم في ذات الزمان والمكان تجريدها من ملابسها كرهاً عنها بتعديه عليها بالضرب واستطالت يده لبعض مواطن العفة منها، ثم سجل والتقط لها مقاطع تصويرية تظهر فيها عارية، على النحو المبين بالتحقيقات.
قائمة الاتهامات تضم "6 جرائم"
ولم تقتصر جرائمه عند هذا الحد – وفقا للتحقيقات - بل هدد المجنى عليها الطفلة بإفشاء المقاطع التصويرية والصور المخدشة للشرف والاعتبار التي سجلها والتقطها لها والمتحصل عليها من جريمته السابقة، لحملها على إنقاده مبالغ مالية دون وجه حق، واعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها بأن سجل والنقط لها بغير رضاها في مكان خاص عن طريق هاتف خلوى مقاطع تصويرية تظهر فيها عارية مجرده من ملابسها في مواضع مخدشة للشرف والاعتبار، ذلك عقب ارتكابه جريمته محل التهمة الأولى، وتحصل بالتهديد على إعطائه مبالغ مالية من المجنى عليها، ذلك عقب تهديدها بنشر الأمور المخدشة للشرف التي سجلها لها والمتحصل عليها من جريمته محل التهمة السابقة.
وفى تلك الأثناء – أحالته النيابة العامة إلى المحكمة الجنائية العاجلة، بتلك الاتهامات سالفة الذكر، مستندة على ماء جاء على لسان أدلة الثبوت من شهود وضابط شرطة المركز، بأن المتهم في عام 2018 إستدرجها إلى الوحدة السكنية محل الواقعه عقب لإيهامه لها بأنها ستقابل مع أحد أقاربه، وما أن ظفر بها حتى هتك عرضها بالقوة، بأن تعدى عليها بالضرب وحسر عنها ملابسها كرهاً عنها، واستطالت يده لبعض مواطن عفتها، ثم سجل والتقط لها مقاطع مصوره وصور تظهر فيها عارية، وأضاف الشهود أنه عقب ذلك طلب منها إعطائه مبالغ مالية نظير عدم نشره تلك الأمور المخدشة للشرف، فرضخت لتهديده وأعطته المبالغ المالية محل طلبه، إلا أنها فوجئت بإرسال المتهم تلك المقاطع الخاصة بها الخطيبها شاهد الإثبات الثالث.
النيابة تحيل المتهم للجنايات.. والمجنى عليها تدعى مدنيا سبيل التعويض
وباستجواب المتهم بتحقيقات النيابة العامة في ما نسب إليه من اتهامات، واعتصم بالإنكار أمام المحكمة وأولى جلسات المحاكمة، فيما حضرت المجنى عليها بشخصها ومعها محام، وادعت مدنياً بـ100 ألف جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت، وبجلسة 15 يناير 2023 قضت المحكمة - بهيئة مغايرة - أحراز القضية "وحدة تخزين إلكترونية وأسطوانة مدمجة"، وأفرغت محتواهما بمحضرها، وبجلسة 18 مارس 2023 حضرت المدعية بشخصها ووليها الطبيعي "والدها"، وأقرا بتنازلهما وإثبات صلحهما وبترك الدعوى المدنية.
النزاع ينتهى بالتصالح وترك الدعوى المدنية
وبجلسة 22 مارس 2023 استمعت المحكمة - بذات الهيئة المغايرة - لأقوالها، وشهدت بمفاد ما قررت به تحقيقات النيابة العامه، وبتلك الجلسة، عدل محاميها - الحاضر معها - عن التنازل والصلح والترك المبدى منها بجلسة سابقة، وبجلسة المرافعة الختامية، الدفاع الحاضرين مع المتهم شرحا ظروف الدعوى، وطلبا برائته، ودار دفاعهما حول انتفاء أركان الجرائم المنسوبة إليه وعدم جدية التحريات وعدم معقولية الواقعة وتناقض أدلتها، وقدما حوافظ مستندات أحاطت المحكمة بمفرداتها، من بينها - نفاذاً لتصريح المحكمة - كتاب الشركة المصرية أورنج لخدمات التليفون المحمول تقيد بأن الهاتف رقم "......." تم إلغاؤه في عام 2021.
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت: إنه من المستقر عليه، أنه يعين أن تقيم النيابة العامة الدليل على الجريمة التي نسجتها إلى المتهم في كل ركن من أركانها وبالنسبة إلى كل واقعة ضرورية لقيامها، وغير ذلك لا يتهدم أصل البراءة التي افترضها المشرع الدستورى كأحد الركائز الاساسية التي يستند إليها مفهوم المحاكة المنصفة، ومن المستقر عليه، أن أصل البراءة يلازم الفرد دوماً ولا يزايله، سواء في مرحلة ما قبل المحاكة أو اثنائها، وعلى امتداد حلقاتها، وبما مؤداه: إمتناع دحض هذا الأصل بغير أدلة جازمة لإثبات التهمة واستقرار حقيقتها في يقين قاضيها، متى كان ذلك، وكانت المحكمة بعد أن محصت الدعوى، وأحاطت - عن بصر وبصيرة - بأدلة الثبوت التي ساقتها سلطة الإحالة عماداً للإتهام، قد وقر في يقينها، إفتقارها لما يدلل على صحة تحقق أركان الجرائم موضوعه أو محض توافر عناصرها اللازمة قانونا.
المحكمة رغم التصالح تفند الاتهامات في حيثياتها
وبحسب "المحكمة": أن سلطة الاتهام قد اتكأت في وصفها الجرائم التداعى على رواية المجنى عليها لوقائعها، ابتداءًا من قالتها، بأن المتهم عام 2018 كان قد التقط بالقوة والتهديد بواسطة هاتفه صوراً لها وهو يحتضنها وآخر عارية، ثم قبيل إبلاغها في شهر يونيو 2022 أرسل الصور لخطيبها "شاهد الإثبات الثالث" من الهاتف رقم "....." على تطبيق واتس أب، فيكذبها - جزماً - كلاً من التقرير الفني للمساعدات الفنيه بقطاع نظم الإتصالات وكتاب الشركة المصرية أورنج لخدمات المحصول، فيما أثبته أولهما من عدم وجود مثل تلك الصور على هاتف المتهم، وما أثبته ثانيها من أن الهاتف المشار إليه منذ عام 2021 وهو ملغى، وإتماماً بقالتها ، بأن المتهم بتهديدها بنشر صورها الحادثة تحصل منها على مبلغ 100 ألف جنيه، فتكذب نفسها - بلسان حالها - بشهادتها أمام المحكمة، يعنيها تلك القاله متزرعة بأنها قد أمليت عليها.
ووفقا لـ"المحكمة": الأمر الذي من جماعه، لا تنطلى على المحكمة رواية المجنى عليها، ويستحى عليها مسايرتها فيها، لمجادلتها مستندات التداعي وأدلته وإماراته، ومن ثم، تنتهى إلى إعفاء الدليل - من الأساس - على تحقق أركان الجرائم المشتبه بماديات التداعي أو توافر عناصرها، وهو ما لا يقدح فيه، ما قررت به شاهدة الإثبات الثانية "والدتها" أو شاهد الإثبات الثالث "خطيبها" ذلك أن شهادتها ترددت سماعاً ومداراً لرواية سابقتها، ليصيبها ما وصمها من فساد، وكذا الحال، فيها قرر به شاهد الإثبات الأخير "مجرى التحريات" والذي لا يعدو إلا رأياً له، يحمل الصدق ودونه، فضلاً عن، تصادمه وماديات الإيهام ومقتضيات العقل والمنطق المسلمين، ومن ثم انتفى فى حق المتهم أياً من أركان الجرائم المنسوبة إليه ، وهوما يتعين معه - وصحيح القانون - تبرئته منها عملاً بنص م 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية.
الحكم بالبراءة يلزم معه الحكم بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية
أما عن الدعوى المدنية، فمن المقرر قانونا بنص المادة 251 مكررا من قانون الإجراءات الجنائية أنه: "لا يجوز الادعاء بالحقوق المدنية وفقاً لأحكام هذا القانون إلا عن الضرر الشخصي المباشر الناشئ عن الجريمة .."، ومن المستقر عليه أنه، أباح القانون - إستثناءاً - رفع الدعوى المدنية إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة الدعوى جنائية بمعنى: أن يكون الحق المدعى به ناشئاً مباشرة عن ضرر وقع للمدعى من الجريمة، فإذا لم يكن ناشئاً عنها، سقطت تلك الإباحة وسقط معها الاختصاص ينظر الدعوى المدنية، بما مؤداه، أنه إذا بُنى الحكم بالبراءة على أنه لا جريمة لعدم توافر عناصرها، فإن القضاء بالبراءه لهذا السبب يلزم معه الحكم بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية - متى كان ذلك - وكانت المحكمة حسبما أسردت بأسباب الدعوى الجنائية على النحو المار، قد إنتهت إلى إنتقاء أركان الجرائم موضوعها، ومن ثم انحسر عنها - بوصفها في الأصل محكمة جنائية - الاختصاص بنظر الدعوى المدنية التابعة ذلك لسقوط إباحة الادعاء المدنى أمامها – منفردا – بلا جريمة، وهو ما يلزم معه تباعا الحكم بعدم اختصاصها بنظرها .
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة حضوريا، ببراءة: "محمد. ص" مما نسب إليه، وعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية.
دفاع المتهم يتسند على 16 دفعا بمذكرة الدفاع لتبرئة المتهم
أما مذكرة الدفاع فقد استند على 16 دفعا لتبرئة المتهم مما نسب إليه من اتهامات جناية الخطف بطريق الاكراه والتحايل، وهتك عرض، وتهديد بافشاء مقاطع مصورة، واعتداء علي الحياة الخاصة، وابتزاز جنسي + ابتزاز مالي، فقد حكمت المحكمة ببراءة المتهم مما نسب اليه تأسيسا علي الدفوع المبداة من الدكتور محمود رجب فتح الله، دفاع المتهم، والذى طلب الحاضر وألتمس من عدل المحكمة الموقرة القضاء - وبحق - ببراءة المتهم مما أسند اليه من اتهامات، ورفض الدعوى الجنائية لانتفاء شرائطها القانونية، دافعا الدعويين على سند من الدفع:وبعد استئذان عدل الهيئة الكريمة، في اثبات دفوعي كاملة كالتالى:
- أولا: بطلان القبض علي المتهم الماثل لإجرائه بإقرار مجريه قبيل استئذان النيابة العامة ولعدم توافر احدي حالات التلبس المعرفة قانونا وفق المادة 30 إجراءات جنائية.
- ثانيا: بطلان استجواب المتهم بمحضر جمع الاستدلالات المؤرخ 11/6/2022 من قبل مأمور الضبط لمخالفته صحيح نصي المادتين (29 – 124) من قانون الإجراءات الجنائية لكونه إجراء مقصورا على سلطة التحقيق، وكذا بطلان ما ترتب عليه من تفتيش المتهم وتفتيش هاتفه لعدم استئذان النيابة العامة، واللذن لم يسفرا عن دليل جنائي.
- ثالثا: بطلان التسجيلات المقدمة لعدم استئذان النيابة العامة ووجوب إسقاطها من الاستئناس الجنائي وعدم دلالتها على ارتكاب الواقعة محل النظر، سيما وتعمد توجيهها بمعرفة والدة المجني عليها.
- رابعا: التمسك بتكذيب قالات شهود الدعوى أجمعين، بما ثبت باستعلامات شركات الاتصالات المختصة وفق تصريحات عدل المحكمة بعدم ملكية المتهم الماثل لخط هاتف المحمول الرقيم (......) وثبوت ملكيته بتاريخ الادعاء للمدعوة/ "س. ع"، المقيمة: مساكن"...." – كرموز – الاسكندرية.
- خامسا: ثبوت تكذيب المجني عليها بالاستعلام السابق بما زعمته بمحضر جمع الاستدلالات المؤرخ 10/6/2022 بأن هاتفها هو (........) لثبوت ملكيته للمدعو/ "ن. س"، حال قالتها بفسخ خطبتها منه.
- سادسا: بطــلان؛ بل وانعدام التحريات المجراه، وفسادها، وكونها مكتبية، افتراضية، استنتاجية، جرت خلال سويعات استنادا الي محض تعاطف غير منطقي، وانها مجرد افتراضات لمجريها افتقدت لمقومات التحري وعماده، تناقضت تناقضا يستعصى عن الموائمة، وتناقضها مع أقوال المجني عليها ذاتها بشأن دور المدعو/ "محمد. س".
- سابعا: كما ينازع الدفاع في تصوير الواقعة حسبما قررته المجني عليها بالتحقيقات بشأن دور المتهم الماثل وابن عمه/ "محمد. س"، تناقضا وتغايرا وتنافرا مع ما قرره مجرى التحري من صورتها محل التحري.
- ثامنا: انعدام الجرائم المثارة بالأوراق، وانتفاء اركانها المادية والمعنوية، وتخلف الإسناد الجنائي إلى المتهم الماثل.
- تاسعا: التناقض البين الصارخ في أقوال المجني عليها بتحقيقات النيابة العامة عن الواردة بمحضر جمع الاستدلالات وتناقضهما سويا مع شهادة المدعو/ "ن. س"، من حيث ارسالة صورة واحدة بلا ملامح وحذف المحادثة برمتها، وقطع العلاقة معها، وثبوت ملكية خط الهاتف التي زعمت أنه خاص بها لذلك المذكور، وتناقض كلتا الأقوال مع الواردة منها نصا أمام عدل المحكمة الموقرة بهيئة مغايرة.
- عاشرا: التناقض المريب في أقوال شاهدة الاثبات "والدة المجني عليها" بتحقيقات النيابة العامة مع أقوالها امام عدل المحكمة بجلسة 18/9/2023 من حيث كيفية تحصل المجني عليها علي المبالغ المدعاة وتصوير الواقعة المزعومة وماديات واقعات التعدي وشخص المعتدي ودوره.
- حادي عشر: التحدي بملاحظات النيابة العامة بشأن فحص هاتف المتهم الماثل وعدم تضمنه أي من المحادثات أو الصور المقول بها زعما بالتحقيقات.
- ثاني عشر: خلو الدعوى حقيقة من دليل فني جازم وانتفاء الدليل الجنائي المقيد بالأوراق.
- ثالث عشر: عدم معقولية او منطقية الواقعة، واستحالة تصور حدوثها وفق الضبط المصطنع المزعوم، وأن للواقعة صورة آخري احجما عن ذكرها لإسباغ الشرعية علي اجراءات تمت خلافا لصحيح القانون، وعدم وجود ثمة سوابق للمتهم إطلاقا مماثلة أو غير مماثلة.
- رابع عشر: التراخي الشديد في الابلاغ لأكثر من سنوات 3 من الواقعة المزعومة، رغم إقرار والدتها بالعلم المسبق بالواقعة محل النظر.
- خامس عشر: قصور تحقيقات النيابة العامة عن بلوغ كفاية الثبوت لحمل الدليل للقضاء بالادانة، لعدم فحص هاتف والدة المجني عليها المزعوم تلقي بواسطته محادثات من المتهم، وكذا عدم فحص هاتف المدعو/ "ن. ي"- خطيب المجني عليها المقول بتلقيه صور من المتهم.
-السادس عشر: كما دفع أخيرا بنص المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية عن استحالة وجود أدلة يقينية بالدعوى منتجة لتضارب أقوال شهود الاثبات ذاتهم.
براءة شخص من 6 اتهامات 1