أصدرت الدائرة الجنائية "ب" – بمحكمة النقض – حكما قضائيا يضع ضوابط الإدانة بالاتجار في العملة الأجنبية من خلال الرقابة الإدارية، بإلغاء حكم أول درجة بالسجن 5 سنوات لأحد الأشخاص وتغريمه مليون جنيه، ومصادرة الهاتف المحمول المضبوط بحوزته وبنشر ملخص الحكم بجريدة الأهرام اليومية على نفقته عما أسند إليه من اتهام، والقضاء مجددا بالبراءة مستندة على أن:
"ضبط هاتف المتهم المحمول ووجود بعض الرسائل النصية عليه والصور للنقد الأجنبى لا يكفي بمجرده في ثبوت ارتكابه الجريمتين اللتين دانه الحكم بهما ما لم تقم أدلة على أنه قام بنفسه أو بواسطة غيره بإجراء معاملات بيع وشراء وتحويل للنقد الأجنبي بغير طريق المصارف أو الطرق المقررة قانوناً ما دام أنه ينكر ارتكاب ذلك سيما وأنه يعمل مع والده في مجال تجارة الذهب وخلت الأدلة التي استند إليها الحكم من نسبة الأمر إليه".
صدرالحكم في الطعن المقيد برقم 11276 لسنة 91 القضائية، لصالح المحامى بالنقض الدكتور محمود رجب فتح الله، برئاسة المستشار على سليمان، وعضوية المستشارين خالد الجندى، وأحمد كمال الخولى، وهانى نجاتى، وخالد الضبع، وبحضور كل من رئيس النيابة لدى محكمة النقض عمرو علام، وأمانة سر طاهر عبدالراضى.
الوقائع.. القبض على شخص بتهمة الاتجار في العملة
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 2 لسنة 2020 اقتصادية قسم دسوق والمقيدة بالجدول الكلي برقم 116 لسنة 2020 كلي كفر الشيخ، والمقيدة برقم 19 لسنة 2020 جنايات اقتصادية طنطا، بأنه في يوم 12 من فبراير سنة 2020 وبتواريخ سابقة عليه - بدوائر قسم دسوق، مركز دسوق، قسم المنتزة أول ومركز شبراخيت - بمحافظات كفر الشيخ، الأسكندرية والبحيرة: 1-تعامل في النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً بأن قام بإجراء عمليات بيع وشراء وتحويلات للعملات الأجنبية نظير مقابل من العملة الوطنية دون أن يتم ذلك عن غير طريق المصارف والجهات المرخص لها قانوناً على النحو المبين بالتحقيقات.
2- قام بمباشرة عمل من أعمال البنوك بأن اعتاد إجراء عمليات بيع وشراء وتحويلات للعملة الوطنية بالعملات الأحسبية حال كونهم من غير المسجلين بممارسة هذا العمل طبقاً لأحكام هذا القانون على النحو المبين بالتحقيقات، وأحالته إلى محكمة طنطا الاقتصادية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 20 من مارس سنة 2021 عملاً بالمواد 31/2،1، 111/2،1/ 118، 119/1، 126/1، 129، 131 من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 والمعدل بالقانون رقم 66 لسنة 2016، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات، بمعاقبته بالسجن لمدة 5 سنوات وتغريمه مبلغ مليون جنيه وبمصادرة الهاتف المحمول المضبوط بحوزته وبنشر ملخص الحكم بجريدة الأهرام اليومية على نفقته عما أسند إليه من اتهام، وتم تقديم الطعن بالنقض لإلغاء الحكم، والقضاء مجددا بالبراءة.
المحكمة تقضى عليه بالسجن 5 سنوات ومليون جنيه غرامة
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن مما ينعاء الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التعامل في النقد الأجنبي بغير الطرق المقررة قانونا ومباشرة عمل من أعمال البنوك دون أن يكون مصرحاً له بذلك قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنه لم يدلل على توافر أركان الجريمتين في حقه واقتصر في ذلك على تحريات واستدلالات الضابطين مجر التحريات ومجر الضبط والتي لا تصلح وحدها دليلاً على الإدانة ملتفتا دون رد عن الدفع المبدى بعدم جدية تلك التحريات، فضلاً عن تقرير لجنة البحوث الفنية بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة وفحص النيابة العامة لهاتفه المحمول رغم خلوهما من ثمة دليل على الإدانة أو ارتكاب الطاعن للفعل المادى المكون للجريمتين اللتين دانه الحكم بهما، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
المتهم يطعن على الحكم أمام النقض لإلغائه
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى خلص إلى القضاء بإدانة الطاعن عن التعامل في النقد الأجنبي بغير الطرق المقررة قانوناً ومباشرة عمل من أعمال البنوك دون أن يكون مصرحاً له بذلك متسانداً في ذلك إلى شهادة عضو الرقابة الإدارية مجر التحريات وآخر مجر الضبط وتقرير لجنة البحوث الفنية بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة وفحص النيابة العامة لهاتفه المحمول - لما كان ذلك - وكان من المقرر أنه يجب الأدلة التي تستند إليها المحكمة مؤداها في الحكم بياناً كافياً، فلا يكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي مرد مضمون الدليل وذكر مؤداء بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة حتى يتضح وجه استدلاله بها.
4 أذون للقبض على المتهم بناء على تسجيل المكالمات الهاتفية
وبحسب "المحكمة": وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بالإشارة إلى ما شهد به شاهد الإثبات الأول "عبد العزيز. م"، عضو الرقابة الإدارية من أن تحرياته السرية أسفرت عن قيام الطاعن وآخرين بتكوين تشكيل عصابي للاتجار بالعملات الأجنبية خارج المصارف وبغير الطرق المقررة قانوناً، وتنفيذاً لإذن النيابة العامة بمراقبة المذكورين أسفر عن تسجيل بعض المكالمات الهاتفية بين المتهمين غير الطاعن تفصح عن تعاملهم بالنقد الأجنبي بإجراء عمليات بيع وشراء وتحويل بغير الطرق المقررة قانوناً، فعرض الأمر على النيابة العامة لاستصدار الإذن بالضبط والتفتيش، وقد تم من هذا الإذن لـ4 مرات دون جدوى حتى تم انتداب الشاهد الثاني "أحمد. ش"، عضو الرقابة الإدارية والذي قام بضبط الطاعن وبحوزته هاتفه المحمول.
النيابة العامة تأمر بتفريغ الهاتف المحمول المملوك للمتهم
ووفقا لـ"المحكمة": وكذا الإشارة إلى ما تضمنه تقارير الفحص الفني للهاتف المضبوط مع المتهم ومناظرة وتفريغ النيابة العامة المحتوياته من أنه يحوي عدة صور ورسائل نصية مع آخرين تفيد وجود معاملات بالنقد الأجنبى دون أن يورد مضمون تلك التسجيلات لهواتف باقي المتحرى عنهم دون الطاعن أو الرسائل النصية، كما لم يعرض للأسانيد التي أقيمت عليها شهادة عضوي الرقابة الإدارية وتقارير الفحص وكيف استنتج منها وجود معاملات بالنقد الأجنبي بغير الطرق القانونية، وهو ما لا يكفي في بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بتلك الأدلة التي استنبطت منها معتقدها في الدعوى.
هذا فضلاً عن أنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن مجرد ضبط هاتف المتهم المحمول ووجود بعض الرسائل النصية عليه والصور للنقد الأجنبى لا يكفي بمجرده في ثبوت ارتكابه الجريمتين اللتين دانه الحكم بهما ما لم تقم أدلة على أنه قام بنفسه أو بواسطة عبره بإجراء معاملات بيع وشراء وتحويل للنقد الأجنبي بغير طريق المصارف أو الطرق المقررة قانوناً مادام أنه ينكر ارتكاب ذلك سيما وأنه يعمل مع والده في مجال تجارة الذهب وخلت الأدلة التي استند إليها الحكم من نسبة الأمر إليه.
الهاتف يحوي عدة صور ورسائل نصية مع آخرين تفيد وجود معاملات بالنقد الأجنبى
وتضيف: وكانت أقوال شاهدي الإثبات عنصري الرقابة الإدارية وتقارير الفحص الفني وتفريغ النيابة العامة للهاتف المضبوط بحوزة المتهم على ما حصله الحكم في مدوناته - لم يرد بهم أن الطاعن ارتكب أيا من الحريمتين اللتين دانه الحكم بهما، وكان مناط جواز الإثبات بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على الواقعة وأن يكون استخلاص الحكم لتدليل المستمد منها سائغاً ولا يتجافي مع المنطق والقانون، فإذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها الحكم في إدانة الطاعن والعناصر التي استخلص منها اشتراكه مع آخرين لتكوين تشكيل عصابي الإجراء معاملات بالنقد الأجنبي بغير الطرق المقررة قانوناً لا تؤدي إلى ما انتهى إليه فعندئذ يكون المحكمة النقص بما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتصحح هذا الاستخلاص بما يتفق مع المنطق والقانون.
محكمة النقض تبرئ المتهم
وتابعت: وكان من المقرر كذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يشته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة، وكان ما أثبته الحكم في سياق التدليل على الاتهام المسند إلى الطاعن قد أقيم على الظن والاحتمال والفروض والاعتبارات المجردة فإنه لا يكفي لإثبات ارتكاب الطاعن ما أسند إليه من اتهام - على السياق المتقدم - مما يسم الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه، كما أنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولاً إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفع الجوهري وتقول كلمتها فيه بأسباب سائغة.
المحكمة تستند في حكمها لهذه الأسباب:
وتضيف الحيثيات أن الحكم المطعون فيه لم يعرض البتة لدفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها على الرغم من أنه أقام قضاءه بالإدانة على الدليل المستمد مما أسفر عنه تنفيذ هذا الأذن ودون أن يورد أية شواهد أو قرائن سواها تؤدي بطريق اللزوم إلى ثبوت دور للطاعن في ارتكابها فإنه يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحرياته لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها - لما كان ذلك - وكانت الأوراق قد خلت من أي دليل يصلح سنداً للإدانة الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما نسب إليه، فلهذه الأسباب حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإلغائه وبراءة الطاعن.
حكم نقض الاتجار بالعملة 1
حكم نقض الاتجار بالعملة 2
حكم نقض الاتجار بالعملة 3