- جوهر العقيدة الصهيونية منذ 1948 حتى اليوم التهجير القسري للشعب الفلسطيني لمحوهم من سياق التاريخ
- مصر رفضت بكل حزم وثبات ومن تم تهجيرهم عام 1948 لم يستطيعون العودة إلى ديارهم
- رغم نجاح إسرائيل خلال 76 عاما فى منع إقامة الفلسطينيين لدولتهم لكنها فشلت استراتيجياً في تقليص عدد الفلسطينيين الخاضعين لحكمها بأعداد أكبر ولن تنعم بالأمان
ما زال الحديث مستمرا بشأن حول التهجير القسرى فى العقل الإسرائيلي، ورفض مصر للتهجير من أجل وطن فلسطين، وإفشال مخطط إسرائيل للشرق الأوسط الجديد، وذلك بعد مرور 5 أشهر على حرب غزة، وارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلى على القطاع إلى 32 ألفا والمصابين إلى 73 ألفا و134 منذ السابع من أكتوبر الماضي، بينما لا يزال العالم يقف مكتوف الأيدى متفرجا على ما يحدث من قتل وتخريب وتشريد للفلسطينيين على يد جيس الاحتلال الإسرائيلي.
ويثور التساؤل عن أسباب الموقف الثابت لمصر – وهو موقف تاريخي – عن رفض التهجير القسرى للفلسطينيين الذى تسعى إليه إسرائيل بتنفيذها استراتيجية الجحيم بقطاع غزة بالقصف والحصار والتجويع لتنفيذ مخطط التهجير القسرى لسكان قطاع غزة إلى سيناء، وهو ما ترفضه مصر بثبات، وذلك حفاظاً على وطن فلسطين، وعدم تصفية القضية الفلسطينية، وحفظاً للأمن القومى المصرى، رغم ما تقوم به إسرائيل من فظائع جرائم حرب وضد الإنسانية بالمخالفة الصارخة للقانون الدولى.
معركة الوعى مستمرة بعد مرور 5 أشهر على حرب غزة
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على معركة الوعى، ومسألة التهجير القسرى فى العقل الإسرائيلي، ورفض مصر للتهجير من أجل وطن فلسطين، وإفشال مخطط إسرائيل للشرق الأوسط الجديد، خاصة أن جوهر العقيدة الصهيونية منذ 1948 حتى اليوم التهجير القسري للشعب الفلسطيني لمحوهم من سياق التاريخ، وهو ما رفضته مصر بحزم وثبات، ومن ثم تهجيرهم عام 1948 ولم يستطعون العودة إلى ديارهم، رغم نجاح إسرائيل خلال 76 عاما فى منع إقامة الفلسطينيين لدولتهم لكنها فشلت استراتيجياً في تقليص عدد الفلسطينيين الخاضعين لحكمها بأعداد أكبر ولن تنعم بالأمان – بحسب الدراسة التي أعدها القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة.
أولاً: التهجير فى العقل الإسرائيلى جوهر العقيدة الصهيونية منذ 1948 حتى اليوم
في البداية - إن جوهر العقيدة الصهيونية منذ 1948 حتى اليوم هي عقيدة التهجير القسري للشعب الفلسطيني من خلال ترسيخ الهيمنة الإسرائيلية اليهودية، لمحوهم من سياق التاريخ واستبدالهم بمجتمع المستوطنين بالاستيلاء التدريجي على الأراضي الفلسطينية لصالح المجتمعات الإسرائيلية اليهودية، وضمت الحكومة الإسرائيلية أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة فضلا عن إبادتها وتديرها لقطاع غزة، في انتهاك صارخ للقانون الدولى، بل قام الكنيست الإسرائيلى بالموافقة على مشروع قانون لإضفاء الشرعية على حوالي 70 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية – وفقا لـ"خفاجى".
إن حق اللاجئين والمهجرين قسرياً من الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم هو أمر راسخ بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وقرارات الأمم المتحدة وأهمها القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 11 ديسمبر 1948، ورغم مرور قرن إلا ربع من الزمان فشل المجتمع الدولي، على مدى السنوات الـ 76 عاماً الماضية، في فرض احترام قرار الأمم المتحدة رقم 194 لسنة 1948 بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، واستعادة الممتلكات والتعويض – الكلام لـ"خفاجى".
وما زالت إسرائيل عقديدتها الأساسية التهجير القسرى، وهو ما رفضته مصر بشدة فى موقف حازم وثابت لا تبديل فيه ورغم انتهاكات إسرائيل الصارخة للقانون الدولي، وقمعها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، فقد فشل المشروع الصهيوني الاستعماري على مدار 76 عاما، فلم تنجح إسرائيل في محو الشعب الفلسطيني من سياق التاريخ بل ازداد جيلاً بعد جيل ارتباطاً بأرضه فى الذاكرة الجماعية – طبقا لنائب رئيس مجلس الدولة.
ثانياً: التهجير القسري والمطول للفلسطينيين يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي لن تسمح لهم إسرائيل بالعودة إلى ديارهم على غرار نكبة 1948
أن أي محاولات من قبل إسرائيل لترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة وإكراههم على تهجيرهم قسرياً سيشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي وجريمة وحشية، وتحلم إسرائيل بنزوح الفلسطينيين سكان غزة كلاجئين على غرار الأحداث الكارثية التي وقعت عام 1948، والمعروفة باسم "النكبة"، والتى لم تسمح لهم إسرائيل بالعودة مرة أخرى إلى ديارهم جيلاً بعد جيل، ومصر تدرك أن التهجير القسرى للفلسطينيين سيؤدى إلى تصفية القضية الفلسطينية دون أي ضمانات للعودة مرة أخرى إلى الديار الفلسطينية، وهو ما يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، وجريمة ضد الإنسانية، ويجب على المجتمع الدولي الذى يعيش فى لحظات حرجة أن يمنع بشكل قاطع أي تهجير قسري للفلسطينيين، سواء داخل قطاع غزة أو خارجه – هكذا يقول "خفاجى".
ويؤكد إن التدمير الإسرائيلي واسع النطاق للمنازل والبنية التحتية المدنية، إلى جانب القصف والحصار المستمرين، جعل غزة غير صالحة للعيش بقصد دفع السكان للنزوح القسري المطول عبر الحدود، بلا عودة إلى الوطن، ووفقا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، يحظر النقل القسري الفردي أو الجماعي، وكذلك نفي الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، بغض النظر عن دافعهم، كما أنه وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإن "ترحيل أو نقل - من جانب دولة الاحتلال - كل أو أجزاء من سكان الأراضي المحتلة داخل هذه الأراضي أو خارجها" يشكل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية.
إن القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني، وكذلك حظر العدوان، وحظر الإبادة الجماعية، وحظر الجرائم ضد الإنسانية، أضحت مدونات لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة باعتبارها معايير قابلة للتطبيق عالميًا وتسمو هرميًا فوق القواعد الأخرى للقانون الدولى، لذا أصبح الانتهاك الجسيم والمنهجي لمثل هذا الالتزام يلقى التزاماً على جميع الدول بالتعاون والتضامن في وضع حد للسلوك غير المشروع من خلال التدابير العاجلة التي تهدف إلى حث الدولة المرتكبة للمخالفات على الامتثال لالتزاماتها الدولية.
ثالثاً: إسرائيل تسعى لهدفين لتهجير الفلسطينيين قسريا وإخراج الفلسطينيين من سياق التاريخ
ورفضت مصر التهجير القسرى للفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء مثلما رفضته طوال العقود التالية لعام 1948 من أجل أن يبقى الوطن لفلسطين ومن أجل إقامة دولة فلسطينية، لأن مصر تدرك إنه إذا اُجبر الفلسطينيون على التهجير القسرى فلن تسمح لهم إسرائيل أبداً بالعودة إلى غزة، فالتاريخ يقول أن 70% من سكان غزة هم أنفسهم لاجئون نزحوا قسراً من إسرائيل الحالية خلال نكبة عام 1948 ولم تسمح لهم إسرائيل بالعودة إلى ديارهم حتى الآن بل تسعى إلى طردهم من سائر الأراضى الفلسطينية خاصة قطاع غزة .
ويشير إلى أن إسرائيل تسعى لهدفين لتهجير الفلسطينيين قسريا لسيناء هما إخراج الفلسطينيين من سياق التاريخ وخلق زعزعة لاستقرار لمصر فى سيناء التى تناضل فيها لمواجهة الإرهاب، حيث تهدف من تهجير الفلسطينيين قسرياً إلى شبه جزيرة سيناء تصفية القضية الفلسطينية من ناحية، ومن ناحية أخرى تهدف إسرائيل إلى زعزعة استقرار شبه جزيرة سيناء حيث إنها تعلم أن الجيش المصري يقاتل بضراوة الجماعات المسلحة المتطرفة المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية داعش منذ عام 2013، ورغم كل الصعاب تبذل مصر جهودا كبيرة من أجل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وتقديم المساعدات الإنسانية وسط مخاطر الحرب الحالية.
رابعاً: تأسيس إسرائيل وتدمير فلسطين وجهان لعملة واحدة ونكبة 1948 أدت إلى تهجير 750 ألف فلسطينى لم يعودوا حتى الآن
ويذكر إن تأسيس إسرائيل وتدمير فلسطين وجهان لعملة واحدة، ونكبة 1948 على جميع الفلسطينيين أدت إلى تهجير ما يقرب من 750 ألف فلسطينى من منازلهم بسبب الرعب في أعقاب المذابح التي ارتكبتها الميليشيات اليهودية بحق المدنيين الفلسطينيين ولم يعودوا إلى ديارهم حتى الاَن، لقد طردت إسرائيل المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين، بأعدادهم وملكيتهم الساحقة للأراضي من أجل تأسيس دولتهم اليهودية، واستولوا على منازلهم وقراهم ودمروا غيرها، ومنعت بعنف عودتهم حتى يومنا هذا.
ويؤكد إن حلم إسرائيل التهجير القسري للفلسطينيين مازال يراودهم منذ 76 عاماً لم ينته أبدًا، وفى ظل حكومة مجرم الحرب نتنياهو تسارعت وتيرة الاستيطان في القدس وفي جميع أنحاء الضفة الغربية، وشجعها اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونظراً لأن المستعمرين يلقون مقاومة دائمة من أصحاب الأرض فقد تفاقمت مظالم نكبة 1948 واستمر نهجها حتى الاَن فى التدمير والتهجير والتعذيب، والاغتيال، وهدم المنازل، وسجن الأطفال الفلسطينيين لأنهم الأمل الحقيقى فى المقاومة .
خامساً: إسرائيل نجحت خلال 76 عاما فى منع إقامة الفلسطينيين لدولتهم لكنها فشلت استراتيجياً في تقليص عدد الفلسطينيين الخاضعين لحكمها بأعداد أكبر ولن تنعم بالأمان
ويوضح الدكتور محمد خفاجى إن إسرائيل نجحت خلال 76 عاما فى منع إقامة الفلسطينيين لدولتهم لكنها فشلت استراتيجياً في تقليص عدد الفلسطينيين الخاضعين لحكمها بأعداد أكبر ولن تنعم بالأمان، فصحيح أن إسرائيل تمكنت من التغلب على مسعى الفلسطينيين لإقامة دولة لهم، ولكن هناك قدر مماثل من الفشل الاستراتيجي أو أكبر منه يتمثل فى فشلها في تقليص عدد الفلسطينيين الخاضعين لحكمها بأعداد أكبر، ومرة أخرى تقول أحدث الإحصاءات يفوق عدد الفلسطينيين داخل فلسطين التاريخية (6.50 مليون) وعدد السكان اليهود (6.44 مليون)، بل وعلى المستوى العام فى التعداد يفوق الفلسطينيون اليهود أنفسهم حيث عدد سكان فلسطين الاجمالى (14,5 مليون منهم 6,50 مليون مقيمين فى فلسطين و6 ملايين لاجئ فى الشتات حول العالم، و2 مليون فلسطيني في أراضي 1948،) بينما عدد السكان اليهود (9,364 مليون).
ويختتم الفقيه المصرى على إسرائيل أن تكف عن الإبادة الجماعية أو عمليات الطرد الجماعي المتجددة، وليس لها خيار أخر سوى الندم، وستدرك إسرائيل يوما ما أن أمن اليهود الإسرائيليين على المدى الطويل يمكن خدمته بشكل أفضل من خلال احترام حقوق الفلسطينيين في الحياة والكرامة بدلاً من قيامها بالاستيلاء على أراضيهم، والتمييز ضدهم على أساس عرقهم، وقمع مقاومتهم بعنف وقهر فلا سبيل سوى بإقامة دولتين تتقاسمان السلام على وضع ما قبل 1967.