23 مارس.. ذكرى أغرب حدث برلماني في تاريخ برلمانيات العالم حيث تمر 99 سنة على قيام الملك فؤاد بحل مجلس النواب بعد 9 ساعات من انتخابه سعد زغلول رئيسًا، ليكون أصغر البرلمانات عمرًا فى تاريخ مصر وربما فى تاريخ العالم، والذى ترجع أحداثه المثيرة في 24 نوفمبر 1924 حيث استقالة سعد باشا زغلول من رئاسة الوزراء، إثر فشل المحادثات مع بريطانيا.
البداية كانت بتأليف وزارة "زيور باشا"، وتم حل "البرلمان" ودعوة البرلمان الجديد للانعقاد في مارس، وفى أول فبراير 1925 تم تعديل 106 من مجموع 214 دائرة انتخابية توطئة لتزوير الانتخابات المزمع إجراؤها في 12 مارس بغرض ضرب الوفد، ودار الحديث حول هزيمة منكرة ستحيق بالوفديين بل أشيع أن من ينتخب وفديا فهذا معناه عدم الولاء للعرش ويعرض البلاد للمخاطر، وأجريت الانتخابات على هذه الخلفية، فإذا بالوفد يحصل على 116 مقعدا في مقابل 87 مقعدا للمستقلين وحزب الحكومة، وفى 23 مارس 1925 انعقد مجلس النواب الجديد ومجلس الشيوخ برئاسة توفيق نسيم باشا رئيس مجلس الشيوخ.
سعد زغلول
في مثل هذا اليوم 23 مارس 1925
وفى تلك الأثناء - بعد أن تم إلقاء خطاب العرش وانصرف الملك اجتمع مجلس النواب على انفراد لانتخاب رئيسه، وتقدم سعد زغلول للرئاسة، وقدمت الحكومة في مواجهته عبدالخالق ثروت، ولم تكن الحكومة واثقة من فوز "ثروت"، على الرغم من أن إسماعيل صدقى حينها حاول إفشال وإسقاط سعد زغلول مصطنعا كل الأفاعيل لسقوطه، والتأمر لصالح القصر، إلا أن المفاجأت قد توالت فقد فاز سعد بـ123 صوتا فيما حصل ثروت على 85 صوتا.
وهنا جاءت المحاولة الأخيرة لإفشال نجاح سعد زغلول، والتي تمثلت في تقديم الحكومة استقالتها بصيغة تحريضية، جاء فيها: "بمجرد انعقاد المجلس وقبل بحث برنامج الوزارة الذي تضمنه خطاب العرش ظهرت في المجلس روح عدائية تدل على الإصرار على تلك السياسة التي كانت سببا لتلك النكبات التي لم تنته البلاد من معالجتها، وقد بدت تلك الروح جلية في أن المجلس اختار لرئاسته زعيم تلك السياسة والمسؤول الأول عنها"، لكن الملك فؤاد رفض استقالة الوزارة بل أمر الوزارة بحل مجلس النواب بعد 9 ساعات من انتخاب سعد زغلول رئيسا له، وهو لم يبدأ عمله بعد.
الملك فؤاد
حل برلمان الـ"9 ساعات" برئاسة سعد زغلول
وكان النواب قد اختاروا الوكيلين والسكرتيرين وبدأوا اختيار المراقبين ومكتب المجلس، وكان سعد قد استأذن وانصرف ورأس الجلسة على الشمسى فخرج زيور وقال في النواب: "أتشرف بإبلاغ المجلس بأن الوزارة رفعت استقالتها إلى جلالة الملك وأشارت على جلالته بحل المجلس فأصدر المرسوم التالى.."، ثم تلا المرسوم الذي يقضى بحل مجلس النواب، وهكذا تم حل المجلس الجديد بعد انعقاده بـ9 ساعات فكان أقصر المجالس النيابية عمرا في التاريخ النيابى فى 23 مارس 1925.
99 عام على مؤامرة السراى والإنجليز والساسة الوصوليين بحل المجلس
وتعليقا على تلك الواقعة قال عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من كتابه "فى أعقاب الثورة المصرية - ثورة 1919": "قوبل حل المجلس الجديد بالدهشة والألم، لأنه كان مفهوما أن يبقى، وأن تستقيل الوزارة، وكان هناك طرائق كثيرة لمعالجة هذه الأزمة، بأن تؤلف وزارة جديدة من حزب الأغلبية أو موالية لها، وتنال ثقة المجلس وتسير الأمور طبقا لأحكام الدستور، ولكن العناد الذى يشبه عناد الأطفال جعل الوزارة باتفاقها مع السراى والإنجليز تستصدر المرسوم بحل مجلس النواب، منتهكة بذلك حرمة الدستور وإرادة الأمة، وكان الباعث على هذا الذى وقع هو تعلق بضعة نفر من الوصوليين بكراسى الوزارة، ورغبتهم الجامحة فى ألا تفلت هذه الكراسى من أيديهم".
عبدالرحمن الرافعى