تعديلات قانون الإجراءات الجنائية التى أقرها مجلس النواب، وتم التصديق عليها يناير الماضى، غيرت بعض الاختصاصات والمواعيد وإجراءات التقاضى التى يلتزم بتطبيقها كل من المحكمة والنيابة والمتهم، فضلا عن هدفها الأساسى باستحداث درجة الاستئناف على أحكام الجنايات قبل الطعن عليها أمام محكمة النقض، ونظمت التعديلات الجديدة أعمال محاكم الجنايات المستأنفة، والتى أُقرت تطبيقًا لاستحقاق نص عليه دستور 2014 بإلزام المُشرع بإصدار قانون يُنظم عمل هذه المحاكم.
وإلزام الدولة بتوفير الإمكانيات المادية والبشرية خلال 10 سنوات من العمل بالدستور، حيث أقر مجلس النواب تعديلات قانون الإجراءات الجنائية قبل فوات موعد الاستحقاق الدستورى فى 17 يناير 2024، ويسرى تطبيق درجة مستأنف الجنايات على كل الدعاوى المنظورة التى لم تفصل فيها من محاكم جنايات أول درجة قبل سريان تعديلات القانون، وبالتالى أى قضايا لا تزال قيد التحقيق أو التى لم تنشأ بعد، بينما تخرج جميع القضايا التى حُكم فيها من تطبيق درجة الاستئناف ليكون أمامها الطعن أمام محكمة النقض فقط.
10 ملاحظات في محاكمات الدرجة الثانية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في نطاق الدعوي أمام محكمة الجنايات المستأنفة هل هو ذاته نطاق الدعوي أمام محكمة أول درجة؟ وهل تتقيد المحكمة الاستئنافية بالواقعة التي كانت أمام محكمة أول درجة دون إضافة أو نقصان؟ وهل تتقيد المحكمة الاستئنافية بالحدود الشخصية والعينية؟ وهل يجوز الإدعاء المدني لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية؟ وهل يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تنسب للمتهم تهمة لم يتناولها التحقيق والمرافعة أمام محكمة أول درجة؟ وأيضا هل يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تستخلص أدلة وحجج جديدة لم تعرض لها محكمة أول درجة – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.
نطاق الدعوي أمام محكمة الجنايات المستأنفة
في البداية - نطاق الدعوي أمام محكمة الجنايات المستأنفة هو ذاته نطاق الدعوي أمام محكمة أول درجة، وذلك بكل ما يدخل في هذا النطاق من عناصر قانونية وواقعية، فكل ما كانت محكمة أول درجة تستطيع أن تعرض له تستطيع المحكمة الاستئنافية كذلك أن تفحصه، وتقول كلمتها فيه والعكس صحيح، فكل ما كانت محكمة أول درجة لا تستطيع أن تعرض له لا تستطيع المحكمة الاستئنافية كذلك أن تفحصه – وفقا لـ"فاروق".
هل تتقيد المحكمة الاستئنافية بالواقعة التي كانت أمام محكمة أول درجة؟
ليس ذلك فقط بل تتقيد المحكمة الاستئنافية بالواقعة التي كانت أمام محكمة أول درجة، فلا يصح أن تضيف واقعة جديدة، لأن ذلك ينطوي على إخلال بمبدأ التقاضي علي درجتين، ومن ثم فإن إدانة المحكمة الاستئنافية للمتهم عن واقعة لم ترفع بها الدعوي باطل قانونا، طبقا لرأى محكمة النقض في العديد من الطعون التي نظرت أمامها – الكلام لـ"فاروق".
هل تتقيد المحكمة الاستئنافية بالحدود الشخصية والعينية؟
وأيضا تتقيد المحكمة الاستئنافية بالحدود الشخصية والعينية، فلا يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تحاكم من لم يكن خصما أمام محكمة أول درجة، وأن تبين لها وجود متهم أخر، فلا يجوز لها محاكمته ولا حتي تحريك الدعوي الجنائية ضده من خلال حق التصدي طبقا للمادة 11 إجراءات لما في ذلك من اخلال بمبدأ التقاضي على درجتين، ولأن حق التصدي مقصور على محكمة جنايات أول درجة – هكذا يقول "فاروق".
وماذا عن الدعوى المدنية؟
وكذلك لا يجوز الإدعاء المدني لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية، ولا إدخال المسئول عن الحقوق المدنية ولا تغيير صفته إلى مسئول جنائيا، ولا يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تنسب إلي المتهم تهمة لم يتناولها التحقيق والمرافعة أمام محكمة أول درجة، فإن كانت التهمة أمام محكمة أول درجة تزوير محرر رسمي فلا يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تعدل التهمة باعتبار المتهم شريكا في استعمال محرر مزور، وإذا ادانت محكمة أول درجة شخص لارتكابه تزوير فى محرر وثبت للمحكمة الاستئنافية أنه لم يزوره، فلا يجوز لها أن تعاقبه من أجل تزوير محرر أخر لم يكن محلا للتحقيق والمرافعة أمام محكمة أول درجة – طبقا لـ"فاروق".
ولكن للمحكمة الاستئنافية أن تغيير في الوصف القانوني للواقعة، وتقول بوصف أخر مختلف عما قالت به محكمة أول درجة بشرط تنبيه الدفاع ومنحه أجل لتجهيز دفاعه طبقا للوصف الجديد، كما أن للمحكمة الاستئنافية أن تستخلص أدلة وحجج جديدة لم تعرض لها محكمة أول درجة، ويكون للمتهم أن يبدي أوجه دفاع جديدة لم يسبق ابدائها أمام محكمة أول درجة، كما أن كافة أوجه الدفاع السابق ابدائها أمام محكمة أول درجة تعتبر مطروحة أمام المحكمة الاستئنافية، لما هو مقرر من أن الاستئناف يعيد طرح الدعوي من جديد أمام محكمة الاستئناف، ويكون لمحكمة الاستئناف تحري الحقيقة بكافة الوسائل بل لها أن تعتمد علي الأدلة والقرائن التي استبعدتها محكمة أول درجة وإعادة تقدير أقوال الشهود بالمخالفة لتقدير محكمة أول درجة.