تاريخ حافل للجماعة الإرهابية فى استهداف القضاء المصرى، والذي بدأ منذ 71 عاما باغتيال المستشار أحمد الخازندار فى عام 1948 عندما كان ينظر قضية متورط فيها عناصر من الإخوان.
وجاءت تحت عبارة "ربنا يريحنا من الخازندار وأمثاله".. التى قالها حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان، فى اجتماعه مع أعضاء الجماعة، كما حاولت جماعة الإخوان تفجير محكمة مصر الجديدة فى عام 2014 عندما انفجرت عبوة بدائية الصنع بمحيط محكمة مصر الجديدة أسفرت عن حدوث إصابات، وفشلت جماعة الإخوان فى تفجير المحكمة، وهو ما اعتبره خبراء أنه بداية لاستهداف القضاة.
وهو ما يؤكد أن جريمة جماعة الإخوان التي تورطت فيها عام 2015 وبالأخص خلية إخوانية مسلحة قادها القيادى الإخوانى يحيى موسى باغتيال النائب العام هشام بركات وهو ذاهبا إلى عمله فى نهار شهر رمضان، هي الأولى والتي حكم فيها على عدد من عناصر الجماعة المتورطين فى العملية بالإعدام شنقا ويتم تنفيذ الحكم عليهم خلال الشهور الماضية.
واستشهد المستشار هشام بركات النائب العام السابق، إثر تفجير استهدف موكبه بمنطقة مصر الجديدة، فى يونيو 2015، ووجه للمتهمين، ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، والشروع فيه، وحيازة وإحراز أسلحة نارية مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها، والذخيرة التى تستعمل عليها، وحيازة وإحراز مفرقعات "قنابل شديدة الانفجار" وتصنيعها.
ورحل صائما في نهار رمضان، وقدم روحه فداء للوطن، تحل غدا السبت الذكرى التاسعة، لاستشهاد محامى الشعب النائب العام الراحل المستشار هشام بركات، والذى اغتالته يد الإرهاب عبر تفجير موكبه صباح يوم 29 يونيو 2015.
ويعد اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، دليلا قويا على أن ثورة 30 يونيو 2013، هي ثورة على الإرهاب والتطرف الذى أخذ في الاتساع خلال حكم الجماعة الإرهابية وبدأ في التمدد لولا هذه الثورة المجيدة التي انهت هذا التطرف وبقى أثره حتى 2015 وقت اغتيال النائب العام.
ويعد المستشار هشام بركات من القضاة المدافعين على استقلال القضاء، وفى 10 يوليو 2013، رشحه مجلس القضاء الأعلى، لمنصب النائب العام بعد عزل المستشار عبد المجيد محمود النائب العام الأسبق، وادى اليمين الدستورية أمام المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت، وبذلك أصبح هو النائب العام الثالث في مصر بعد 25 يناير.
وفى 7 نوفمبر 2013 عقب تولى المستشار هشام بركات منصبه بخمسة أشهر، كلف مكتبه الفنى بفحص ومراجعة حالات المحبوسين احتياطيا بمختلف أنحاء الجمهورية على ذمة قضايا العنف التى شهدتها البلاد والمتهم فيها أحداث وشباب وكبار السن، لتحديد موقفهم القانونى ومدى ضلوعهم فى ارتكاب الجرائم محل التحقيق، حرصا منه على مستقبل الطلبة العلمى والظروف الصحية للمسنين.
وبمجرد صدور قانون الكيانات الإرهابية فى فبراير 2015، شكل المستشار هشام بركات مكتب النيابة العامة للكيانات الإرهابية لإعداد قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية، وساهم ذلك فى إدراج تنظيم «أنصار بيت المقدس» على قائمة الكيانات الإرهابية فى 16 إبريل 2015.
كما قام المستشار هشام بركات باستصدار نشرات حمراء من الإنتربول الدولى لضبط القيادات الهاربة من الجماعات الارهابية، وهو ما أفزع تلك القيادات الهاربة خارج البلاد، وقاموا بتدبير له عملية الاغتيال.
وفى صباح يوم 12 رمضان الموافق 29 يونيو من عام 2015، فخخ مجموعة من الطلبة المتطرفة التابعين للجماعة الإرهابية سيارة بشارع عمار بن ياسر بمنطقة مصر الجديدة وبمجرد مرور موكب النائب العام فجروا السيارة المفخخة بنحو 50 كيلو من المتفجرات في السيارة التي كان يستقلها ليستشهد وهو صائم.
وقضت محكمة الموضوع التي نظرت محاكمة المتهمين برئاسة المستشار حسن فريد أحكام بالإعدام لـ 28 متهما والمؤبد والمشدد لباقى المتهمين، وبعد الحكم أودعت الجنايات حيثيات حكمها وجاء فيها :الجماعات الإرهابية لم يرو لهم التاريخ، ولم يقرؤوا عراقة الدولة المصرية، فهى ضاربة فى القدم، لها تاريخ ممتد على مر العصور فهى أقدم دولة شهدتها الأرض وتاريخها يمتد 7 آلاف عام، أن مصر لم تخذل أبدا، ولن تركع إلا لله، فهى ذات ثوابت لا يعرفها إلا من قرأ تاريخها فلها أرض فريدة وجيش جسور من أبناء هذا الشعب، وليسوا من المرتزقة، إن الجيش والشرطة من نسيج هذا الشعب ومن أبناء هذا الوطن يشربون من النيل ويأكلون من أرضه، وهو الشعب الذى قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: إن فتحتم مصر فتخذوا منها جندا كثيفا فأنهم خير أجناد الأرض".
ونوهت المحكمة: إن المؤامرة الغاشمة من المأجورين باغتيال السيد المستشار هشام بركات تكاتف فيها قوى الشر والطغيان والمفسدين فى الأرض، لا يقوم بها إلا فئة باغية استحلت دماء طاهرة سفكتها طائفة فاجرة استباحوا لأنفسهم دماء معصومة وجردوا من مشاعر الرحمة والإنسانية ممن تملكتهم غريزة الانتقام ممن ينفخون نوافير الشر ويدسون فتيل الفتنة بالتصميم والإصرار على النيل منهم فقتلوا صائما فى نهار رمضان".
لم يكن استهداف النائب العام ومحاولة اغتياله هى الأولى قبل اغتياله فعليا بأربعة أشهر فى شهر يونيو 2015 حيث قامت الجماعة الإرهابية فى 2 مارس 2015، بمحاولة اغتيال فاشلة عندما انفجرت عبوة ناسفة أسفل مكتب النائب العام قامت الجماعة بزرعها بالتزامن مع وقت الذروة وخروج الموظفين بقصد إيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية.
ورغم ذلك لم ترهب هذه التفجيرات المستشار هشام بركات الذى ظل فى مكتبه، وقال إن الإرهاب لن يثنى رجال النيابة عن عملهم، وإن اختيار موقع الحادث أمام دار القضاء العالى، صرح العدالة والقلعة التى يحتمى بها الموطنون كان بقصد التأثير على رجال النيابة العامة والقضاة فى أداء رسالتهم.