مع دورة الألعاب الأولمبية فى باريس 2024، تواجه أوروبا بيئة من عدم اليقين والمخاطر المتزايدة، حيث تسلط الحوادث والاعتقالات الأخيرة الضوء على الحاجة الملحة لتحليل التهديدات المحتملة، وخاصة تلك المتعلقة بالمتطرفين، والتى يمكن أن تؤثر على الأحداث البارزة.
وجاء ت هذه المخاوف بسبب الأعمال التخريبية بالسكك الحديدية التى شهدتها فرنسا قبل ساعات من حفل الافتتاح، والتى أدت لشل شبكة القطارات، وما أعقب تلك الهجمات من إنذارات بوجود قنبلة بأحد المطارات، وهو ما يجعل هناك استنفار أمنى فى البلاد خوفا من استمرار أو وجود أى هجمات إرهابية آخرى على مدى هذه الفعاليات.
نددت شركة السكك الحديدية الوطنية الفرنسية (SNCF) الجمعة الماضى بـ "الهجوم الهائل" الذى يهدف إلى "شل " شبكة القطارات فائقة السرعة (TGV). وأوضح رئيس شركة SNCF، جان بيير فاراندو، أن الحادث الذى سيتسبب فى اضطراب طوال عطلة نهاية الأسبوع، يؤثر على 800 ألف مسافر، كما أن الحرائق أثرت بالفعل على 500 كابل كهربائى.
وأشارت صحيفة لابانجورديا الإسبانية إلى أن فى الوقت الذى تلفت فيه باريس أنظار العالم، تسود حالة من القلق والتوتر لدى السلطات الأمنية خاصة بعد الهجمات التى تعرضت لها والتى من شأنها أن تفسد الحدث الرياضى.
وأشار تقرير نشرته صحيفة الكونفدنثيال الإسبانية إلى أنه فى الفترة من 20 يونيو إلى 22 سبتمبر 2024 معروضة تحت هالة من التهديدات والمخاطر، وبين شهرى مايو ويوليو 2024، حدثت الأفعال الإرهابية التالية:
22 مايو، إلقاء القبض على شاب شيشانى يبلغ من العمر 18 عاماً كان يخطط لهجوم فى ملعب جوفرى جويشارد فى سانت إتيان (فرنسا)، وفى 5 يونيو، تم اعتقال شخص يبلغ من العمر 26 عاماً بحوزته متفجرات قرب مطار شارل ديجول (فرنسا)، و16 يوليو، هجوم على جندى بسكين بالقرب من المحطة الشرقية لباريس، و18 يوليو، هجوم على ضابط شرطة فى شارع الشانزليزيه (باريس)، و23 يوليو، قطع رأس سائق سيارة أجرة بالقرب من لومان (فرنسا)، وكذلك ظهور توابيت بالقرب من برج إيفل، أو علامات يد حمراء بالقرب من النصب التذكارى للمحرقة فى باريس.
من ناحية أخرى، تم تنفيذ 28 عملية لمكافحة الإرهاب فى إسبانيا خلال الأشهر السبعة الماضية. ومع كل هذا يمكن الافتراض أن الخطر موجود، والأمل هو ألا يتجسد على شكل تهديد، وإذا حدث سيكون تأثيره ضئيلاً ولن يؤدى إلا إلى أضرار مادية.
كما قالت بلجيكا بتفتيش 14 منزلاً فى تحقيق لمكافحة الإرهاب وتحتجز 7 لاستجوابهم، وذلك فى إطار تحقيق يتعلق بالإرهاب، مضيفاً أن 7 أشخاص احتجزوا بغرض استجوابهم، وذكر المكتب فى بيان يُشتبه فى أنهم كانوا يخططون لهجوم ضمن أمور أخرى، ولم تتحدد بعد الأهداف الدقيقة للهجوم.
وسيقرر أحد القضاة فى وقت لاحق إذا كانت ستوجه إليهم تهم، وجرى تفتيش المنازل فى مدن أنتويرب وليج وجنت وغيرها من المدن، إضافة إلى منطقة العاصمة بروكسل.
كما فتحت السلطات الفرنسية تحقيقا ضد أحد الإرهابيين لقيامه بأعمال استخباراتية لصالح قوة أجنبية بهدف زعزعة استقرار الدولة خلال الألعاب الأولمبية، وهى جريمة يواجه بسببها عقوبة السجن لمدة 30 عاما.
ويأتى ذلك بعد عدة حوادث شهدتها فرنسا فى الأشهر الأخيرة، مثل ظهور بصمات أيدى مطلية باللون الأحمر على النصب التذكارى للمحرقة فى باريس، أو التوابيت الخمسة الملفوفة بالعلم الفرنسى التى تركت عند سفح برج إيفل.
وتتسلح باريس بـ 45 ألف جندى استعداداً لدورة الألعاب الأولمبية حتى 11 أغسطس.
ما الجهات الفاعلة الإرهابية المحتملة فى دورة الألعاب الأولمبية فى باريس؟
هناك العديد من الجهات الفاعلة المتنوعة التى تسعى إلى زعزعة استقرار سيادة القانون أو تقويضها، ولكن من بين كل هؤلاء، سنركز هذا التحليل على أولئك الذين تحولوا إلى التطرف بموجب المبادئ الإرهابية.
وكشفت دراسة حديثة، أن ما يقرب من ثلثى الاعتقالات المرتبطة بتنظيم داعش فى أوروبا، خلال الأشهر التسعة الماضية، شملت مراهقين، فى وضع يثير القلق بين مسؤولى الأمن الأوروبيين قبيل انطلاق أولمبياد باريس، وأوضحت الدراسة الأكاديمية التى أعدها بيتر نويمان، أستاذ الدراسات الأمنية فى "كينجز كوليدج لندن"، وتناولت 27 هجوما أو مخططا مرتبطا بداعش تم إحباطه منذ أكتوبر، أن من بين 58 مشتبها بهم، كانت أعمار 38 منهم تتراوح بين 13 و19 عاما.
وقالت الشبكة إنها تمكنت من التحقق من معظم البيانات التى أوردتها دراسة نويمان مع مسؤولى الأمن الأوروبيين.
وأشار البحث إلى أن أحدث بيانات "يوروبول" أظهرت أن "عدد الهجمات والهجمات المخطط لها قد زاد بأكثر من أربعة أضعاف" منذ عام 2022.
ويأتى الارتفاع الظاهر فى تجنيد الشباب المتطرفين لتنفيذ أعمال إرهابية فى وقت يعرب فيه مسؤولو الأمن الأوروبيون عن مخاوفهم من عودة محتملة للهجمات الإرهابية المنظمة أو "الموجهة".