أصدرت الدائرة "ج" بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه – يهم ملايين الورثة، رسخت فيه لعدة مبادئ بشأن عقود البيع بالوصية واسترداد الحقوق حتى لو لم يكن الأوراق الثبوتية كاملة أو الحق ليس واضحا، قالت فيه: "1-اعتبار عقد البيع وصية لا تنفذ في حق الورثة إلا في حدود ثلث التركة".
2-قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه مطلقة لا استثناء فيها طبقا للمادة 218/1 من قانون المرافعات.
الخلاصة:
مورث تصرف بالبيع لأحد الأشخاص لغرض حرمان الورثة من ميراثهم، فأقام المشتري دعوي صحة ونفاذ، إلا أن الورثة تمسكوا بالصورية واعتبار عقد البيع وصية، وفي النقض تحصلوا علي حكم باعتبار عقد البيع وصية لا تنفذ في حق الورثة إلا في حدود ثلث التركة، ورسخت لمبدأ لا يضار الطاعن بطعنه، وذلك في الطعن المقيد برقم 12838 لسنة 85 قضائية.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 12838 لسنة 85 قضائية، برئاسة المستشار عمران عبدالمجيد، وعضوية المستشارين سالم سرور، وجمال عبد المولى، وأحمد يوسف، وأسامة أبو العز.
الوقائع.. نزاع قضائى بسبب المطالبة بالحكم بصحة ونفاذ عقد بيع
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا على مورثة المطعون ضدهم دعوى قضائية مدني بمحكمة شمال الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 12 فبراير 1998، وقالتا بياناً لذلك إنه بموجب هذا العقد باعت مورثتهما ومورثة مورثة المطعون ضدهم المرحومة "ك. م" إليهما حصة مقدارها 8 قراريط من 24 قيراطا مشاعا في عقار النزاع نظير مبلغ 100 ألف جنيه تم سدادها بالكامل، وإذ توفيت هذه البائعة وانحصر إرثها فيهما ومورثة المطعون ضدهم، فأقامت الدعوى.
المحكمة تقضى بصورية العقد واعتباره وصية في حدود الثلث ورفض الدعوى
وفى تلك الأثناء - طعنت مورثة المطعون ضدهم على العقد سالف البيان بالصورية، فأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت لشهود الطرفين حکمت بتاريخ 29 نوفمبر 2008 بصورية هذا العقد واعتباره وصية في حدود الثلث، وبندب خبير في الدعوى، وبتاریخ 31 يناير 2009 قضت برفض الدعوى بحالتها، ثم استأنفت الطاعنتان الحكم الأول بالاستئناف رقم 82 لسنة 125 قضائية القاهرة، كما استأنفتا الحكم الثاني بالاستئناف رقم 7550 لسنة 126 قضائية أمام ذات المحكمة، فضمت المحكمة الاستئناف الثاني للأول للإرتباط وبتاریخ 13 مايو 2013 حکمت بعدم جواز نظر الاستئناف الأول، وفي موضوع الاستئناف الثاني بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في 29 نوفمبر 2008 والقضاء مجدداً بالرفض، ثم طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، ثم عرض الطعن على هذه المحكمة - في عرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
المحكمة ترسخ عدة مبادئ قضائية
وحيث إنه من المقرر أنه يجوز للخصوم كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والمحكمة النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه المستفادة من مفهوم ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 218 من قانون المرافعات هي قاعدة لا استثناء فيها وأن الاستثناءات التي أوردها المشرع في الفقرة الثانية من المادة المذكورة قاصرة على أحوال تتعدى الإفادة من الطعن إلى غير من رفعه ولا تتناول أية حالات يمكن أن يضار فيها الطاعن بطعنه.
وتضيف "المحكمة": ومن ثم فإن قاعدة أن لا يضار الطاعن بطعنه قاعدة مطلقة تطبق في جميع الأحوال، وقد وردت في القواعد العامة للطعن في الأحكام فتري على جميع الطعون بما فيها الطعن بالنقض وعلى أساسها يتعدد أثر نقض الحكم نقضا كليا أو جزئياً فلا ينقض الحكم إلا فيما يضر الطاعن لا فيما ينفعه، فلا يجوز للمحكمة التي تنظر الطعن أن تسوىء مركز الطاعن بالطعن الذي قام هو برفعه، ولو كان ما تقضي فيه المحكمة متعلقا بالنظام العام، وأن الاستئناف وفقا لنص المادة 232 من قانون المرافعات وإن كان ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط، فإن لازم ذلك أنه لا يجوز لهذه المحكمة الاستئنافية أن تتعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها كما وأنه ليس لها أن تسوي مركز المستأنف بالاستئناف الذي قام هو برفعه .
النقض تقرر: قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه مطلقة لا استثناء فيها
لما كان ذلك - وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنتين أقامتا الاستئنافين رقمي 82 لسنة 125 قضائية القاهرة، 7550 لسنة 126 قضائية أمام ذات المحكمة، حيث أن الأول عن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 29 نوفمبر 2008 والقاضي بصورية عقد البيع موضوع الدعوى المؤرخ 12 ديسمبر 1998 صورية نسبية واعتباره وصية، والثاني عن الحكم الصادر من ذات المحكمة بتاريخ 31 يناير 2009، والقاضي برفض الدعوى بحالتها، فإن محكمة الاستئناف وقد انتهت إلى عدم جواز الاستئناف الأول لأنه عن حكم غير منه خصومة، فإنه لم يبق أمامها سوى الاستئناف الثاني ولا تملك إزاءه إلا أن ترفضه أو تعدل الحكم المستأنف لصالح رافعتيه إذ ليس لها أن تسوئ مركزهما.
وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدعوى تأسيسا على بطلان العقد موضوع الدعوى وهو ما ينطوي على تسوئ لمركز الطاعنتين لأن بطلان العقد كاملا بالنسبة إليهما أسوأ من صوريته صورية نسبية فإنه يكون قد خالف القانون مما يعينه و يوجب نقضه لهذا السبب المتعلق بالنظام العام دون حاجة لبحث أسباب الطعن، وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم: فإنه يتعين القضاء بصحة ونفاذ العقد باعتباره وصية تنفذ في حق الورثة في حدود ثلث التركة.
لذلك:
نقضت المحكمة: الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت في موضوع الاستئناف 7550 لسنة 125 قضائية القاهرة بالغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ العقد المؤرخ 12 فبراير 1998 باعتباره وصية لا تنفذ في حق المستأنف ضدهم إلا في حدود ثلث التركة، وألزمتهم المصروفات عن الدرجتين ومائة وخمسة وسبعين جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
النقض: عقد البيع وصية لا تنفذ في حق الورثة إلا في حدود ثلث التركة 1