أصدرت الدائرة المدنية (ب) – بمحكمة النقض – حكما قضائيا يتصدى لإشكاليات إغفال المحكمة عن طلبات الدفاع، مما يؤدى إلى الإضرار بالمتقاضين، رسخت فيه لمبدأ قضائى لتدارك الأمر قالت فيه: " الطلب الذي تغفله المحكمة سبيل تداركه الرجوع لذات المحكمة للفصل فيه طبقا للمادة 193 من قانون مرافعات".
صدر الحكم في الطعنين المقيدين في جدول المحكمة برقمي 20780، 21119 لسنة 92 قضائية، برئاسة المستشار محمد خليفة البري، وعضوية المستشارين أحمد جلال عبد العظيم، ورضا كرم الدين، وأحمد كمال حمدي، وعمرو عبد الحكم غانم، وبحضور كل من رئيس النيابة أحمد غانم، وأمانة سر عبد الفضيل صالح.
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول في الطعن رقم 21119 لسنة 92 قضائية، أقام على المطعون ضدهم الباقين في ذات الطعن عدا الخامس الدعوى رقم 24 لسنة 2010 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية يطلب الحكم بإلزامهم بصفاتهم بالتضامن والتضامم بأن يؤدوا له مبلغ مليون جنيه تعويضا عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء تصدع العقار المملوك له وميله مما جعله عرضة للانهيار؛ بسبب عدم مراعاتهم الأصول الفنية في أثناء تنفيذ مشروع الصرف الصحي بالمنطقة، وبعد أن أدخل المطعون ضده الرابع بصفته الشركة الطاعنة والمطعون ضده الخامس بصفته خصمين في الدعوى ووجه إليهما دعوى ضمان فرعية لإلزامهما بما عسى أن يقضى به عليه في الدعوى الأصلية ندبت المحكمة خبيرا.
وبعد أن قدم تقريره حكمت بإلزام المدعى عليه بصفته بالتعويض الذي قدرته بحكم استأنفه المطعون ضدهم الأول والرابع والسادس، كل منهم على حده بالاستئنافات أرقام 614، 424، 663 لسنة 20 قضائية القاهرة " مأمورية شمال القاهرة " على التوالي، ثم ندبت المحكمة لجنة خبراء ثلاثية، وبعد أن قدمت تقريرها أقام المطعون ضده الثاني بصفته استئنافا فرعيا قيد برقم 10104 لسنة 22 قضائية، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الأربعة قضت بتاريخ 11 مارس 2019 ببطلان الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضدهم الثاني والرابع والأخير بصفاتهم بالتضامن والتضامم بالتعويض الذي قدرته، وبإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضده الخامس بصفته بأن يؤديا إلى المطعون ضده الرابع بصفته ما عسى أن يؤديه من التعويض المقضي به.
طعن المطعون ضده الأخير بصفته في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 9975 لسنة 89 قضائية، فنقضته المحكمة وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وبعد أن عجل المطعون ضده الأخير بصفته السير في الاستئناف قضت المحكمة بتاريخ 18 يوليو 2022 ببطلان الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضده الرابع بصفته بالتعويض الذي قدرته، وبإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضده الخامس بصفته بأن يؤديا إلى المطعون ضده الرابع بصفته ما عسي أن يؤديه من التعويض المقضي به طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 21119 لسنة 92 قضائية، وطعن فيه المطعون ضده الخامس بصفته بالطعن رقم 20780 لسنة 92 قضائية، وأودعت النيابة مذكرة في كل منهما أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها ضمت الثاني للأول والتزمت النيابة رأيها.
أولاً: الطعن رقم 21119 لسنة 92 قضائية:
حيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون قد سبق اختصامه في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، وأنه يشترط فيمن يختصم في الطعن بالنقض أن يكون قد قضي لصالحه بشيء قبل الطاعن لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يقض بشيء على الشركة الطاعنة لمن عدا المطعون ضده الرابع بصفته، ولا تتعلق أسباب الطعن بأي من المطعون ضدهم الباقين، فإن اختصامهم في الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم قد استوفى أوضاعه الشكلية، وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ إذ تصدى للفصل في دعوى الضمان الفرعية محل الاستئناف رقم 424 لسنة 20 قضائية، برغم إغفال الحكم الابتدائي الفصل فيها؛ مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة 193 من قانون المرافعات أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقيا على حاله معلقا أمامها ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه، وأن الاستئناف لا ينقل إلى محكمة الدرجة الثانية إلا ما تكون محكمة أول درجة قد فصلت فيه ورفع عنه الاستئناف، فلا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تعرض للطلب الذي أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيه، إذ إن الاستئناف لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصلت فيها المحكمة ومن ثم يتعين عليها أن تقف عند حد القضاء بعدم قبول الاستئناف المرفوع عن الطلب المغفل وليس لها أن تتصدى للفصل في موضوع هذا الطلب لما يترتب على هذا التصدي من تفويت درجة من درجتي التقاضي مما يعد إخلالا بمبدأ التقاضي على درجتين وهو من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام القضائي التي لا يجوز للمحكمة مخالفتها، ولا يجوز للخصوم النزول عنها لتعلقها بالنظام العام.
لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي أنه قد خلا سواء في أسبابه أو منطوقه من الفصل في دعوى الضمان الفرعية المقامة من المطعون ضده الرابع بصفته؛ ومن ثم فإن محكمة أول درجة تكون قد أغفلت الفصل فيها، ولا يغير من ذلك النص في منطوق حكمها على عبارة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات لأن هذه العبارة مقصورة على الطلبات التي كانت محلا لبحث هذا الحكم ولا تمتد إلى ما لم تكن المحكمة قد تعرضت له بالفصل صراحة أو ضمنا، مما يبقي الطلب المشار إليه معلقا أمام محكمة أول درجة، ولا سبيل للمطعون ضده المذكور للفصل فيه إلا بالرجوع إلى تلك المحكمة لتستدرك ما فاتها القضاء فيه، ومن ثم فلا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تعرض لهذا الطلب المغفل بالفصل فيه، وإنما يتعين عليها الوقوف عند حد القضاء بعدم جواز الاستئناف بالنسبة له، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ومضى إلى الفصل في هذا الطلب الذي أغفلته محكمة الدرجة الأولى، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 424 لسنة 20 قضائية القاهرة مأمورية شمال القاهرة بعدم جواز الاستئناف بالنسبة للطلب المغفل.
ثانياً: الطعن رقم 20780 لسنة 92 قضائية:
حيث إن المحكمة قد انتهت في الطعن السالف رقم 21119 لسنة 92 قضائية إلى نقض الحكم الصادر في دعوى الضمان الفرعية المطعون فيه بالطعن الماثل، وكان نقض الحكم يترتب عليه زواله واعتباره كان لم يكن فإن الطعن الحالي يكون قد زال محله، ولم تعد هناك خصومة بين طرفيه مما يتعين معه القضاء باعتبارها منتهية.
لذلك:
أولا: في الطعن رقم 21119 لسنة 92 قضائية، نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تعويض في دعوى الضمان الفرعية والزمت المطعون ضده الرابع بصفته المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في الاستئناف رقم 424 لسنة 20 ق القاهرة "مأمورية شمال القاهرة " بعدم جواز الاستئناف بالنسبة للطلب المغفل والزمت المستأنف المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ثانيا: بانتهاء الخصومة في الطعن رقم 20780 لسنة 92 قضائية، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.