أصدرت الدائرة التجارية والاقتصادية - بمحكمة النقض – حكما قضائيا فريدا من نوعه، حول أحكام شهر الإفلاس والتفليسة، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية حول ضوابط "غل يد المفلس عن أمواله"، قالت فيه: "بمجرد صدور حكم شهر الإفلاس - ودون اعتداد بتاريخ نشره - تغل يد المفلس عن إدارة أمواله فلا يصح له مباشرة الدعاوى المتعلقة بتلك الأموال حتى لا تضار جماعة الدائنين من نشاطه القانونى فيما يمسهم من حقوق ويعد وكيل الدائنين منذ تاريخ صدور ذلك الحكم الممثل القانونى للتفليسة".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 11226 لسنة 87 قضائية، برئاسة المستشار محمد أبو الليل، وعضوية المستشارين أمين محمد طموم، وراغب عطية، ومحمد عبد العزيز أبازيد، والدكتور محمد عصام الترساوى، وبحضور كل من رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض محمد مدحت، وأمانة سر إبراهيم عبد الله.
متى تغل يد المفلس عن إدارة أمواله؟
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه بمجرد صدور حكم شهر الإفلاس - ودون اعتداد بتاريخ نشره - تغل يد المفلس عن إدارة أمواله فلا يصح له مباشرة الدعاوى المتعلقة بتلك الأموال حتى لا تضار جماعة الدائنين من نشاطه القانوني فيما يمسهم من حقوق وبعد وكيل الدائنين منذ تاريخ صدور ذلك الحكم الممثل القانوني للتفليسة، إلا أن على اليد لا يقتضى بطلان التصرفات التي يجريها المفلس في أمواله منقولة كانت أو عقارية وإنما يؤدى إلى عدم نفاذها في مواجهة جماعة الدائنين مع بقائها صحيحة بين طرفيها.
وبحسب "المحكمة": وأنه ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المشرع وإن أوجب بقوة القانون بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة 369 من قانون التجارة قفل الحساب الجارى فى جميع الأحوال بوفاة أحد طرفيه أو شهر إفلاسه أو إعساره أو الحجر عليه ورتب على قفل الحساب تصفيته وإجراء المقاصة لمرة واحدة تلقائياً بين مفرداته على جانبيه لتحديد الرصيد النهائي الذي يحدد حقوق كل من الطرفين في مواجهة الآخر - وكان حكم شهر الإفلاس يتميز عن غيره من الأحكام، بأنه لا يحدث أثره بالنسبة إلى طرفي الخصومة فحسب، وإنما يكون له حجية مطلقة على الكافة.
قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999
ووفقا لـ"المحكمة": فكان من اللازم والحال كذلك أن يجيز المشرع لكل ذي مصلحة في هذا الحكم - خروجاً عن القواعد العامة في قانون المرافعات - حق الطعن فيه ما دام أن حقوقه تتأثر به، وذلك بطريقي الإعتراض والاستئناف لإعادة بحث المنازعة بشأن زوال حالة الوقوف عن الدفع في الفترة الواقعة بين صدور حكم شهر الإفلاس والفصل في الاعتراض أو الاستئناف - إلا أنه وكان من المقرر أن الحساب الجارى ينتهى بتوقف المدفوعات المتبادلة بين طرفيه وعدم الاستمرار فيها، وذلك وفقاً لما تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى، إلا أن المشرع قد جعل العبرة بقفل الحساب بمنع دخول مدفوعات جديدة فيه.
وتضيف "المحكمة": إذ أكد رضائية عقد الحساب الجاري فأجاز قفله باتفاق طرفيه ولو كان محدد المدة وبإرادة أي منهما إذا لم تحدد له مدة على نحو ما ورد بنص المادة 369/1، 2 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 ورتب على قفل الحساب تصفيته وإجراء المقاصة لمرة واحدة تلقائياً بين مفرداته على جانبيه لتحديد الرصيد النهائي الذي يحدد حقوق كل من الطرفين في مواجهة الآخر، وأن الرصيد النهائي يعتبر مستحقاً بأكمله بمجرد قفل الحساب وتسويته، ما لم يثبت العكس باستمرار المدفوعات المتبادلة بين طرفيه، وبالتالي يعد ديناً عادياً مما لا يجوز وفقاً لنص المادة 232 من القانون المدنى تقاضى فوائد مركبة عنه إلا إذا أثبت الدائن وجود عادة أو قاعدة تجارية تقضى بذلك.
الأصل على ما جرى به العرف المصرفي أن العوائد على التأخير في الوفاء بالقروض
وتابعت: كما تسرى عليه الفوائد القانونية لا الفوائد الاتفاقية ما دام العقد قد خلا من الاتفاق على سريانها بعد قفل الحساب، وذلك لأن قفل الحساب الجارى المصرفى يضع حداً لتقديم الخدمات المصرفية، ومن ثم وجب التوقف عن حساب الفوائد بالسعر المتفق عليه لتشغيل الحساب الذي لم يعد يعمل وأصبحت علاقة الطرفين خاضعة للقواعد العامة وهى علاقة دائن بمدين تحكمها قواعد القانون المدنى، وهذه العلاقة الجديدة تحل محل العلاقة السابقة، إلا أنه إذا كانت بعض العمليات الواجب قيدها في الحساب لا يزال قيدها جارياً تنفيذه، وكان من شأن هذا القيد تعديل مقدار الرصيد، فإن دين الرصيد لا يكون حالاً إلا من اليوم التالي لآخر قيد تستلزمه تلك العمليات بما يستتبعه احتساب الفوائد الاتفاقية ما دام قد نص عليها وكانت في نطاق تعليمات البنك المركزى.
وأوضحت "المحكمة": وأن الأصل على ما جرى به العرف المصرفي أن العوائد على التأخير في الوفاء بالقروض التي تمنحها البنوك في نطاق نشاطها المعتاد أن تستحق من تاريخ استحقاقها أى بحلول أجال الوفاء بها والتأخير في هذا الوفاء وهو ما قننه المشرع في قانون التجارة الجديد بالنص في المادة 64 منه على أن يستحق العائد على التأخير على الوفاء بالديون التجارية بمجرد استحقاقها ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك.
حكم شهر الإفلاس يتميز عن غيره من الأحكام بعدة ميزات
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض الدكتور أحمد اليوسفى، yن حكم شهر الإفلاس يتميز عن غيره من الأحكام بأنه لا يحدث أثره بالنسبة إلى طرفى الخصومة فحسب، وإنما يكون له حجية مطلقة على الكافة، فكان من اللازم والحال كذلك أن يجيز المشرع لكل ذى مصلحة فى هذا الحكم - خروجاً عن القواعد العامة فى قانون المرافعات - حق الطعن فيه ما دام أن حقوقه تتأثر به، وذلك بطريقى الاعتراض والاستئناف لإعادة بحث المنازعة بشأن زوال حالة الوقوف عن الدفع فى الفترة الواقعة بين صدور حكم شهر الإفلاس والفصل فى الاعتراض أو الاستئناف.
وبحسب "اليوسفى" في تصريح لـ"برلماني": الأصل فى ضم الدعاوى المختلفة سبباً وموضوعاً إلى بعضها تسهيلاً للإجراءات لا يترتب عليه اندماج أحدهما فى الأخرى أو تفقد أى منهما استقلاليتها ولو اتحد الخصوم فيها أو فصل فيهما بحكم واحد بل تظل كل منهما محتفظة بذاتيتها واستقلالها، ومن ثم فإنه لا يؤثر فى مركز الخصوم فى كل منهما، أما إذا كانت إحدى الدعويين هى الوجه الآخر للدعوى الأخرى، وتعتبر دفاعاً فيها أو رداً عليها، فإنه يترتب على ضم الدعويين فى هذه الحالة أن تفقد كل منهما ذاتيتها واستقلالها وتصبح الدعويان خصومة واحدة فيتحد مركز الخصوم فيها وتسرى عليها نفس الأحكام.
ويؤكد: بمجرد صدور حكم شهر الإفلاس - ودون اعتداد بتاريخ نشره - تغل يد المفلس عن إدارة أمواله فلا يصح له مباشرة الدعاوى المتعلقة بتلك الأموال حتى لا تضار جماعة الدائنين من نشاطه القانونى فيما يمسهم من حقوق ويعد وكيل الدائنين منذ تاريخ صدور ذلك الحكم الممثل القانونى للتفليسة، إلا أن غل اليد لا يقتضى بطلان التصرفات التى يجريها المفلس فى أمواله منقولة كانت أو عقارية، وإنما يؤدى إلى عدم نفاذها فى مواجهة جماعة الدائنين مع بقائها صحيحة بين طرفيها، طبقا للطعن رقم 11226 لسنة 87 قضائية.