تُعد القضايا الضريبية المرتبطة بأعمال التحول الرقمي والمعاملات الإلكترونية في مصر من أهم القضايا الحالية التي تؤثر على قدرة الدولة في توفير موارد وإيرادات ضريبية، وتعد الركيزة الأساسية والداعمة الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة في البيئة المصرية في ظل رؤية مصر 2030، ومن ثم فإن هناك ضعفا في المنظومة الضريبة في التعامل مع التحول الرقمي بالشكل التقليدي للحد من قضايا التهرب الضريبي وقضايا الازدواج الضريبي الذي لا يحقق العدالة الضريبية.
وقد تناولنا في العدد السابق الحلقة الأولي من سلسلة تقارير عن التحول الرقمي وكانت مخصصة للحديث عن بداية رحلة التحول الرقمي في مصر، ونتناول في هذا العدد الحلقة الثانية الحديث عن التحول الرقمي وحوكمة العمليات الضريبية، حيث إن مصلحة الضرائب المصرية من أهم الجهات السيادية فى الدولة لما توفره من نسبة كبيرة من إيرادات الدولة تزيد عن 75% منها، ومن ثم سيعود النفع فى حسن إدارة عملياتها الضريبية بالنفع على الدولة بشكل عام، وهى من أولى الجهات الحكومية المصرية التي تتبني استراتيجية للتحول الرقمي فى كافة إجراءاتها وعملياتها التشغيلية.
التحول الرقمي وحوكمة العمليات الضريبية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على التحول الرقمي وحوكمة العمليات الضريبية، واهتمام القيادة السياسية بالتحول الرقمي في مصلحة الضرائب المصرية، حيث تمثل الضريبة إحدى أهم أدوات السياسات المالية في مصر، لكونها تمثل أحد مصادر الإيرادات العامة التي تعتمد عليها الدولة في رسم سياستها المالية، وتستحوذ الضرائب على النصيب الأكبر من الإيرادات، فقد بلغت الايرادات الضريبية المتوقعة فى موازنة العام المالي الجديد 2022-2023 نسبه 76.8% من إجمالي الإيرادات، لتتخطى بذلك حصيلة الضرائب قيمة تريليون جنيه لأول مرة في تاريخ مصر (بيان الموازنة العامة للدولة لعام 2022-2023) - بحسب الدكتور أحمد عبدالوهاب، الخبير واستشاري التدريب، ومؤسس الجمعية المصرية للباحثين العلميين.
نبذة تعريفية عن مصلحة الضرائب المصرية
في البداية - مصلحة الضرائب المصرية إحدى الجهات الايرادية التابعة لوزارة المالية، والمختصة بجمع الضرائب فى مصر، أُنشئت سنة 2006 بقرار رئيس الجمهورية رقم 154 لسنة 2006 بدمج مصلحتي الضرائب العامة والضرائب على المبيعات، و"الجناح الأول" لمصلحة الضرائب المصرية وهو مصلحة الضرائب العامة يعود تاريخها إلى عام 1939 حيث صدر القانون رقم 14 لسنة 1939 الذي قرر فرض ضرائب على دخول الثروة المنقولة فى مصر – وفقا لـ"عبدالوهاب".
أما الجناح الثاني لمصلحة الضرائب المصرية وهو مصلحة الضرائب على المبيعات يعود تاريخها إلى عام 1971 حيث أنشئت مصلحة الضرائب على الإنتاج والأعمال بعد أن كانت إدارة تابعة لمصلحة الجمارك، ثم عدل اسمها فيما بعد ليصبح مصلحة الضرائب على الاستهلاك بموجب القانون رقم 133 لسنة 1981 الصادر بتاريخ 30/07/1981 بشأن الضريبة على الاستهلاك، ثم عدل اسمها إلى مصلحة الضريبة العامة على المبيعات بموجب القانون 11 لسنة 1991 – الكلام لـ"عبدالوهاب".
الهيكل التنظيمي لمصلحة الضرائب المصرية
والهيكل التنظيمي لمصلحة الضرائب المصرية الحالي والمعتمد من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وصدر بشأنه قرار رئيس الجهاز رقم 108 لسنه 2019 باعتماد جدول وظائف مصلحة الضرائب المصرية، يأتي على قمته رئيس المصلحة ويشغل المستوى الوظيفي "الممتازة"، وهو المتعارف أن يطلق عليه وكيل أول وزارة، ويعاونه اثنان من النواب من نفس المستوى الوظيفي، ويشتمل الهيكل على 9 قطاعات تتبع رئيس المصلحة، ويرأس كل قطاع رئيس يشغل المستوى الوظيفي " الدرجة الممتازة"، وهى قطاعات – طبقا لـ"عبدالوهاب":
1- قطاع الحصر والإقرارات.
2- قطاع الفحص.
3- قطاع التحصيل والإيرادات.
4- قطاع مكافحة التهرب الضريبي.
5- قطاع البحوث الضريبية.
6- قطاع شئون المناطق والمراكز والمنافذ.
7- قطاع الموارد البشرية.
8- قطاع الشئون المالية والإدارية.
9- قطاع نظم المعلومات والتحول الرقمي.
وبناء على هذا الهيكل الجديد فقد حظيت نظم المعلومات والتحول الرقمي على قطاع مستقل، وهو أعلى التقسيمات الادارية مرتبةً فى الهياكل التنظيمية للوحدات الادارية، حيث يرأسه أحد العاملين بمسمي وظيفي "رئيس قطاع"، ومن يشغل وظيفة رئيس قطاع يشغل المستوى الوظيفي "الممتاز"، وذلك يعكس رؤية صائبة من قيادات المصلحة نحو أهمية التحول الرقمي فى المرحلة الحالية من العمل الضريبي، ويتكون هذا القطاع من 3 إدارات مركزية، الأولي للبنية الأساسية وتأمين المعلومات، والثانية للنظم والتطبيقات والدعم الفني، والثالثة للإحصاء والتقارير والنشر الإلكتروني – هكذا يقول خبير الضرائب.
اهتمام القيادة السياسية بالتحول الرقمي في مصلحة الضرائب المصرية:
والمتتبع لموازنات الدولة ولبيانات وزارة المالية عن مشروعات الموازنة العامة للدولة يمكنه أن يعرف بسهولة سبب اهتمام القيادة السياسية بالتحول الرقمي فى مصلحة الضرائب المصرية، حيث تمثل الضريبة إحدى أهم أدوات السياسيات المالية فى مصر لكونها تمثل أحد مصادر الإيرادات العامة التي تعتمد عليها الدولة فى رسم سياستها المالية، فطبقا لدليل تصنيف الموازنة العامة للدولة ووفقا لإحصاءات مالية الحكومة لعام 2001 فإن الحكومة تتلقى ثلاثة انواع من الإيرادات، أولها الإيرادات الضريبية التي يتم ادراجها فى الباب الأول من الإيرادات (دليل تصنيف الموازنة العامة للدولة 2016).
ويتأكد ذلك بمطالعة تفاصيل موازنات الدولة وبيانات وزارة المالية عن مشروعات الموازنة العامة للدولة للاثني عشرة الأعوام الأخيرة، عن الأعوام المالية (2011/2012 وحتى 2022/2023)، وعقد مقارنة بين أول عام منهم وآخر عام منهم.
ومن الجدول رقم (1) أصبحت الصورة أكثر وضوح، ويمكننا استخلاص أن الإيرادات الضريبية تضاعفت فى موازنة العام المالي الحالي 2022/2023 أكثر من أربعة أضعاف ونصف عن موازنة العام المالي 2011/2012، ويعزي البيان المالي لوزارة المالية بشأن موازنة الدولة للعام المالي 2022/2023 زيادة الإيرادات العامة لعدة أسباب منها ميكنة الادارة الضريبية، واستمرار ميكنة منظومة الضرائب والأجور، وربط قواعد بيانات مصلحة الضرائب بقواعد بيانات صناديق المعاشات، والاستخدام الذكي للبيانات.
كما أشار البيان فى غضون عرضه لآفاق الاقتصاد المحلى المصاحب لمشروع الموازنة ان الإصلاح المؤسسي وتطوير الجهاز الإداري للدولة يشمل برنامج التطـوير المؤسسـي، والذي من خـلاله يتم تنفيـذ العديـد مـن المشـروعات التـي تهـدف إلـى أمور منها تطــوير منظومة إدارة الموارد البشـرية بهـدف تنميـة مهـارات العنصـر البشـرى عن طريق إعـداد بـرامج تدريبيـة متميـزة تسـتخدم أحـدث الأسـاليب فى مجال إدارة الموارد البشرية.
ويشمل كذلك برنامج تطوير الخدمات الحكومية والذي يستهدف تقديم خدمات متميزة بطريقة سهلة لكافة المواطنين والتوسع فى استخدام البوابات الإلكترونية ونظم التواصـل الحديثة لتقديم الخدمات للمواطنين وفق معايير الجودة مع ربط كافـة البيانـات والخـدمات التي تقدم للمواطنين إلكترونياً، ويشمل كذلك تعزيز الشفافية والحوكمة فى الجهاز الإداري للدولة عن طريق وضع نظام يتسـم بالشفافية ويشمل الاستغلال الأمثل للموارد، ما يتطلب مواكبـة التحـول الرقمـي فى إعداد وتنفيذ والرقابة على الموازنة العامة للدولة (البيان المالي عن مشروع الموازنة العامة للدولة – 2022).
وقد نجحت مصلحة الضرائب المصرية في تدعيم وجود هذه الركائز علي أرض الواقع باستخدام آليات وأدوات عديدة يأتي على رأسها التحول الرقمي.
من أهم صور تطبيق الحوكمة مع عملائها الخارجين
تظهر رحلة التحول الرقمي فى مصلحة الضرائب المصرية العديد من الصور التي ترصد استخدام التحول الرقمي في العمليات الضريبية المختلفة، مما يمكنها من تحقيق الحوكمة لعملائها الخارجيين (الممولين خاصة وكافة أفراد المجتمع عامة).
فمصلحة الضرائب المصرية بجناحيها الضرائب العامة وضرائب القيمة المضافة من أوائل المصالح الحكومية التي سلكت طريق التحول الرقمي، وأن كانت فى بداية هذا الطريق أهتمت بالمسح الضوئي للمستندات الضريبية "الميكروفيلم"، وتسجيل بيانات الممولين على أجهزة الحاسب الآلي، وغيرها من الإجراءات، إلا أن الأمر بات يشمل فى الأونة الأخيرة كافة إجراءات وعمليات مصلحة الضرائب المصرية، ولذا ظهرت صور عديدة للتحول الرقمي الأخرى فى مصلحة الضرائب المصرية منها:
1- هندسة الإجراءات الضريبية أي تحول الإجراءات الضريبية من النظام الورقي إلى النظام المميكن، ومنها ما يخص تعامل المصلحة فى الإخطار بنموذج 19.
2- تمكين الممول من الاطلاع على ملفه من خلال الموقع الإلكتروني لمصلحة الضرائب المصرية.
3- ميكنة الإجراءات بلجان الطعن، فلن يتم تداول الملفات أو توزيعها يدويا، بل ستتم هذه العملية آليا وفق ضوابط ومعايير محددة.
4- إنشاء مركز اتصالات متكامل للرد على جميع الاستفسارات بالسرعة والكفاءة المطلوبة لجميع أنواع الضرائب، من خلال الخط الساخن 16395.
ملحوظة:
ضربت مصلحة الضرائب المصرية أروع الصور للتحول الرقمي المبني على خطوات سليمة وواضحة، وظهر ذلك جلياً فى الإقرارات الضريبية، وتحولها من النظام الورقي إلى النظام الإلكتروني، حيث تم ذلك على عدة مراحل وبشكل تدريجي، انتهت بإلزام جميع الممولين بتقديم جميع الاقرارات الضريبية إلكترونيا اعتبارا من اول يناير 2021 وعدم قبولها ورقيا اعتبارا من ذلك التاريخ.
فحتى عام 2018 كان الإقرار الضريبي يكتب من خلال نموذج ورقي مكون من عدة صفحات، ويقدم باليد للمأمورية المختصة، وكان من عيوب هذا النظام التقليدي "الإقرار الورقي" أنه كان يكلف الدولة مصاريف باهظة فى طباعة الإقرارات الضريبية، بالإضافة إلى إرهاق موظفي المصلحة باستلام وإدخال هذه الأعداد الكبيرة من الإقرارات الضريبية على شبكات الحاسب الآلى ومما يؤثر على باقي أعمال موظفي المصلحة، وكثرة الضغط على موظفي الضرائب فى إدخال هذه الأعداد الكبيرة من الإقرارات كان يتسبب فى بعض الأخطاء المادية فى الأرقام، وهذه الأخطاء تسبب بعض المشاكل للممولين، ومن العيوب كذلك تلف كثير من الإقرارات الورقية من جانب الممولين والعاملين مما يهدر أموالا باهظة.
كما واكب ذلك التحول حركة تشريعية نظمت التحول الرقمي للإقرارات الضريبية، وتحولها من النظام الورقي إلى المميكن، وذلك على مراحل:
المرحلة الأولى: وفقاً لقرار وزير المالية رقم 221 فى مايو 2018 بإلزام الأشخاص الاعتبارية بتقديم الإقرارات الضريبية إلكترونيا، وتم إطلاق النظام تجريبياً فى أكتوبر 2018.
المرحلة الثانية: وفقاً لقرار وزير المالية رقم 695 فى ديسمبر 2018 بإلزام المسجلين فى ضريبة القيمة المضافة بتقديم إقراراتهم الضريبية الشهرية إلكترونياً اعتبارا من شهر يناير 2019.
المرحلة الثالثة: وفقاً لقرار وزير المالية رقم 744 فى ديسمبر2018 بإلزام شركات الأموال بتقديم إقراراتهم الضريبية عن ضرائب الدخل إلكترونيا عن العام المالي 2018 /2019.
المرحلة الرابعة: وفقاً لقرار وزير المالية رقم 358 فى يونيو 2019 بإلزام شركات الاشخاص بتقديم الإقرارات الضريبية إلكترونياً اعتباراً من يناير2020، وبالتالي أصبح اعتبارا من 1/1/2020 على كل الأشخاص الاعتبارية (شركات الأموال وشركات الأشخاص) تقديم الإقرار الضريبي إلكتروني، واختيارياً للشخص الطبيعي (الأفراد) على أن يصبح اجباريا من أول 2021.
المرحلة الخامسة: وفقاً لقرار وزير المالية رقم 144 فى مارس 2020 بشأن تقديم اقرارات ضريبة المرتبات الكترونياً اعتبارا من 6/3/2020.
المرحلة السادسة: وفقاً لقرار وزير المالية رقم 296 فى يونيو 2020 الذي إلزام كل الممولين من الأشخاص الطبيعيين بتقديم الإقرار الضريبي إلكترونيًا اعتبارا من 1/1/2021، ومن ثم أصبح جميع الممولين ملتزمين بتقديم اقراراتهم الضريبية إلكترونيا اعتبارا من ذلك التاريخ.
وضربت مصلحة الضرائب المصرية صورة أخرى من صور التحول الرقمي المبني على خطوات سليمة وواضحة، وظهر ذلك جلياً فى نظام الفاتورة الإلكترونية، حيث أصبحت مصر من أوائل الدول الرائدة بأفريقيا والشرق الأوسط فى تنفيذ منظومة الفاتورة الإلكترونية، وانطلقت مرحلتها الإلزامية الأولى منتصف نوفمبر الماضي لتمتد مظلتها إلى 134 شركة ملزمة قانونًا بالانضمام إليها وهي من بين الشركات المسجلة بمركز كبار الممولين اعتباراً من 15/11/2020.
- شملت المرحلة الثانية 350 شركة مسجلة بمركز كبار الممولين اعتباراً من 15/2/2021.
- المرحلة الثالثة شملت كافة الشركات المسجلة بمركز كبار الممولين اعتباراً من 15/5/2021.
- المرحلة الرابعة شملت كافة الشركات المسجلة بمركزي متوسطي الممولين (القاهرة) وكبار الممولين المهن الحرة (مدينة نصر) اعتباراً من 15/9/2021.
- المرحلة الخامسة شملت 3737 من الشركات المسجلة بمأموريتي الاستثمار والمساهمة بالقاهرة اعتباراً من 15/12/2021،.
- المرحلة السادسة شملت المجموعة الثانية من الشركات المسجلة بمأموريتي الاستثمار والمساهمة بالقاهرة اعتبارا من 15/2/2022.
- المرحلة السابعة شملت جميع شركات القاهرة والجيزة والقليوبية اعتباراً من 15/6/2022.
- المرحلة الثامنة شملت جميع الشركات المسجلة بالمأموريات الضريبية بكافة محافظات الجمهورية، على أربع مراحل فرعية:
الأولي: تشمل جميع الشركات المسجلة بالمأموريات الضريبية بمحافظات الاسكندرية والبحيرة ومرسي مطروح اعتبارا من 15/9/2022.
والثانية: تشمل جميع الشركات المسجلة بالمأموريات الضريبية بمحافظات الشرقية والغربية وكفرالشيخ والمنوفية ودمياط اعتبارا من 15/10/2022.
والثالثة: تشمل جميع الشركات المسجلة بالمأموريات الضريبية بمحافظات الدقهلية وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال سيناء وجنوب سيناء اعتبارا من 15/11/2022.
والرابعة: تشمل جميع الشركات المسجلة بالمأموريات الضريبية بمحافظات الفيوم وأسيوط وسوهاج والمنيا وقنا وبني سويف والوادي الجديد والأقصر وأسوان والبحر الأحمر اعتبارا من 15/12/2022.
ومنصة الفاتورة الإلكترونية التي تم تنفيذها بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية، تُعد بمثابة عبور جديد إلى "مصر الرقمية"، باعتبارها أحد الروافد الأساسية للمشروع القومي لتحديث وميكنة منظومة الإدارة الضريبية، حيث ترتكز على إنشاء نظام مركزي إلكتروني لتلقى ومراجعة واعتماد ومتابعة فواتير البيع والشراء للتعاملات التجارية بين الشركات من خلال التبادل اللحظي لبيانات الفواتير بصيغة رقمية دون الاعتماد على المعاملات الورقية لحصر المجتمع الضريبي.
وتطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية، يحقق العديد من المزايا للممولين منها تسهيل إجراءات الفحص الضريبي للشركات، فى أقل زمن ممكن، وإنهاء زيارات الاستيفاء المتكررة، وفحص ملفات فواتير البيع والشراء إلكترونيًا، مع إمكانية الفحص عن بعد، وتيسير إجراءات رد الضريبة، وعملية إعداد وتقديم الإقرارات الضريبية، إضافة إلى تعزيز المراكز الضريبية للشركات بوضعها فى قائمة "المخاطر الضريبية المنخفضة"، وتبسيط إجراءات التسوية بين الشركات من خلال التبادل اللحظي لبيانات الفواتير المميكنة، الذى تُتيحه المنظومة نتيجة ربطها وتكاملها مع الأنظمة المحاسبية للممولين.
وكما حدث فى الاقرارات الضريبية، تمت المواكبة التشريعية للتحول الرقمي للفاتورة الضريبية على عدة مراحل:
فبخلاف النصوص القانونية المتعلقة بالفاتورة الالكترونية والموجودة فى عدة تشريعات ومنها القانون رقم 67 لسنه 2016 بشأن قانون الضريبة على القيمة المضافة، وقرار وزير المالية رقم 66 لسنه 2017 بشأن اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على القيمة المضافة، والقانون رقم 206 لسنه 2020 بشأن قانون الإجراءات الضريبية الموحد، وقرار وزير المالية رقم 286 لسنه 2021 بشأن اللائحة التنفيذية لقانون الاجراءات الضريبية الموحد، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1602 لسنة 2021، صدرت تشريعات خاصة بالفاتورة الإلكترونية منها قرار وزير المالية رقم 188 لسنه 2020 بشأن تطبيق منظومة الفاتورة الضريبية الإلكترونية والزام المسجلين بالقيمة المضافة بالفاتورة الإلكترونية، وقرارات رئيس مصلحة الضرائب المصرية بتحديد مراحل تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية.
مما سبق نرى أن منظومة الفاتورة الإلكترونية هي استكمال لحزمة الإجراءات التي تنتهجها وزارة المالية ومصلحة الضرائب المصرية نحو الميكنة الكاملة، إيمانًا من القيادة السياسية بالدور المحوري الذي تلعبه مصلحة الضرائب المصرية فى دعم الخزانة العامة للدولة والحاجة الملحة نحو التحول الرقمي.
وسبق كل ذلك الأرشفة الإلكترونية لكل مستندات وأوراق عمل مصلحة الضرائب المصرية، حيث أنشئ لهذا الغرض خصيصا مبني على أحدث مستوي من التقنيات الحديثة تتم فيه عملية الأرشفة الالكترونية، وتستخدم فيه برامج حاسب إلى حديثة، تستخدم فقط فى مصلحة الضرائب المصرية وعدد محدود من المصالح والهيئات المصرية، ومنها برامج تحول صور المستندات التي يتم أرشفتها الكترونيا إلى بيانات يتم الاستفادة بها فى قواعد بيانات الممولين.
من أهم صور تطبيق الحوكمة مع عملائها الداخليين:
استخدام التحول الرقمي لتحقيق الإفصاح والشفافية في إدارة رأس المال البشري في مصلحة الضرائب المصرية، فاذا كان من أهم مزايا التحول الرقمي أنه يسهم في القضاء على الفساد من خلال ما يتيحه من إفصاح وشفافية في كافة الأمور التي يعمل عليها وخاصة في إدارة رأس المال البشري، فعلى قدر الإفصاح عن هذه المعلومات تتحقق الشفافية أمام المتعاملين مع هذه المؤسسات، فإفصاح المؤسسة عن حاجتها لعاملين جدد وتحديد الشروط اللازمة للتعيين يحقق الشفافية أمام الكافة في حصولهم على كافة المعلومات، بما يمكنهم من الحصول على فرص العمل بعدالة.
لذا فأنه من أبرز ما قامت به مصلحة الضرائب المصرية فى رحلتها مع التحول الرقمي في إدارة رأس المال البشري استخدام التحول الرقمي فى سد حاجتها من رأس مال بشري، حيث استخدمت التقنيات الالكترونية فى الاعلان عن الوظائف الشاغرة فى عام 2020، وكذا فى استقبال طلبات التعيين من المتقدمين لشغل هذه الوظائف، وفى أخطارهم باستيفاء الشروط من عدمه، وفى أخطارهم بمواعيد الاختبارات المختلفة وكافة التفاصيل المتعلقة بها.
وأعلنت مصلحة الضرائب المصرية عبر الموقع الإلكتروني لها عن حاجتها للتعاقد مع عدد 1700 مأمور ضرائب (مأمور ضرائب فحص - مأمور ضرائب حصر) على مستوى محافظات الجمهورية بالإعلان رقم (1) لسنة 2020، وأعلنت على موقع المصلحة أن التقديم إلكترونيا بداية من 22 نوفمبر 2020 ولمدة شهر، كما نشر الإعلان على المواقع الإلكترونية الأخرى المختصة وهي الموقع الإلكتروني للجهاز المركزي للتنظيم والادارة، والموقع الإلكتروني لوزارة المالية.
وأوضح الإعلان شروط التقديم تفصيلاً، والمستندات المطلوبة للتقدم ومنها استيفاء بيانات طلب التوظيف المتاح على الموقع الرسمي لوزارة المالية، وذلك للمستوفين لشروط التقدم فقط، وتحميل صورة من المؤهــل الدراسي الحاصل عليه المتقدم، وأيضا تحميل صورة من شهادة الميلاد المميكنة، وتحميل صورة من بطاقة الرقم القومي.... الخ، وأوضح الاعلان تفصيلا كيفية تنفيذ اختبارات التقييم والتي ستتم بشكل الكتروني، وذلك بنسبة 75%على الأقل فى مجالات (المحاسبة بصفة عامة بالتركيز على المحاسبة الضريبية - القوانين الضريبية - الحاســب الآلي – المهارات الشخصية الأساسية - اللغة الإنجليزية).
كما أوضح أنه سيتم عقد مقابلة شخصية مع المتقدمين ممن اجتازوا الاختبارات الالكترونية فقط، كما سيتم طلب أصول المستندات السابقة، وغيرها من المستندات المقررة قانوناً، بالإضافة إلى إجراء كشف طبي، وذلك بالنسبة للمتقدمين المرشحين للتعاقد، وأن يتم التقديم للإعلان على الرابط التالي:
https://www.incometax.gov.eg/vac.asp
وفور انتهاء فترة تقديم الأوراق، تم مراجعتها بمعرفة المختصين بالوزارة، وفور انتهاء ذلك أمكن للمتقدمين المستوفين للشروط معرفة موعد ومكان الاختبارات الإلكترونية والتي عقدت بأحد المراكز المتخصصة بالقاهرة، وقد أعلن على الموقع الإلكتروني بعد انتهاء الاختبارات الإلكترونية، أنه يمكن للمتقدمين الذين أدوا الاختبارات أن يعرفوا مكان وموعد المقابلة الشخصية باستخدام الرقم القومي، كما هو موضح بالشكل التالي:
وظهرت الرسالة التالية للمتقدمين المستوفين لشروط الإعلان والذين اجتازوا الاختبارات الإلكترونية بتحديد موعد المقابلة الشخصية ومكانها على النحو الموضح فى الشكل التالي:
( صورة من الموقع الالكتروني للتوظيف بشأن تحديد موعد ومكان المقابلة الشخصية)
وقد أتيح لمن لم يتم قبول أوراقه التظلم إلكترونيا من خلال ذات الموقع الإلكتروني، وظهرت لمن يستعلم عن التماس قدمه إلكترونياً لعدم قبول أوراقه، رسالة تفيد بحث تظلمه، وتطلب منه مراجعة الموقع بشكل دوري لمعرفه مكان وموعد اختبارات التقييم، وذلك على النحو الموضح بالشكل التالي:
( صورة من الموقع الالكتروني للتوظيف بشأن نتيجة تظلم من لم تقبل أوراقه)
كما أتيح على الموقع الإلكتروني الخاص بالتوظيف لمن وقع عليه الاختيار للتعيين الاستعلام لمعرفة مكان وموعد تسليم مسوغات التعيين، كما هو موضح بالشكل التالي:
الإعلان عن الوظائف الشاغرة
ومن كل ما سبق نخلص إلى أن توجه الدولة يتزايد نحو الاهتمام بالتحول الرقمي، وأنه محل لتوجهات الدولة الحالية والمستقبلية، وأن رحلة التحول الرقمي فى مصلحة الضرائب المصرية تكشف أنها من أوائل المصالح الحكومية التي تبنت خطة استراتيجية للتحول الرقمي، وأنها نجحت فى قطع شوط كبير فى هذا الإطار، وأن تلك الاستراتيجية تميزت بعدة أمور منها التدرج فى تطبيق التحول الرقمي، وقد ظهر ذلك جلياً فى التحول الرقمي فى الإقرارات الضريبية وفى تطبيق الفاتورة الإلكترونية، وأتاح ذلك تهيئة المجتمع والعاملين لهذا التحول ومن ثم كسب ثقتهم وتلافى مقاومة التغيير بشكل كبير – الكلام لـ"عبدالوهاب".
كما تميزت تلك الاستراتيجية بوجود دعم تشريعي لها، وظهر ذلك فى العديد من التشريعات التي سبق الإشارة إلىها، وأن وزارة المالية قد استخدمت التحول الرقمي فى سد حاجة مصلحة الضرائب المصرية من رأس مال بشري متميز، حيث استخدمت التقنيات الإلكترونية فى الإعلان عن الوظائف الشاغرة فى عام 2020، وكذا فى استقبال طلبات التعيين من المتقدمين لشغل هذه الوظائف، وفى إخطارهم باستيفاء الشروط من عدمه، وفى إخطارهم بمواعيد الاختبارات المختلفة، وكافة التفاصيل المتعلقة بها، وقد واكبت تلك الإجراءات الفترة العصيبة التي عاشتها كل شعوب العالم نتيجة ظهور وانتشار فيروس كورونا، والتي أفرزت تغييراً جذرياً فى ممارسة كافة الأعمال ومنها إدارة رأس المال البشري.