الإثنين، 24 فبراير 2025 01:52 ص

الاقتصاد الخيرى فى رمضان.. التبرعات بين الدعم ورقابة القانون.. 5 دول عربية نظمت المسألة.. مصر والسعودية وعمان أبرزها.. وخبير قانونى: ضرورة تحقيق التوازن بين حرية العمل الخيرى والرقابة القانونية

الاقتصاد الخيرى فى رمضان.. التبرعات بين الدعم ورقابة القانون.. 5 دول عربية نظمت المسألة.. مصر والسعودية وعمان أبرزها.. وخبير قانونى: ضرورة تحقيق التوازن بين حرية العمل الخيرى والرقابة القانونية التبرعات فى رمضان
الأحد، 23 فبراير 2025 10:00 م
كتب علاء رضوان

تعددت الوسائل لجمع التبرعات بمناسبة قدوم شهر رمضان المعظم، الذى أصبح على الأبواب، حيث تفصلنا عنه أيام معدوات، وتباينت الأفكار والحملات لجلب تلك التبرعات وتحصيلها، وسط تساؤلات سنوية عن حجم الإنفاق الإعلاني ومصير تلك التبرعات، وتنوع حملات التبرعات مع قدوم شهر رمضان وكثافتها، يُعد مؤشرا حولها بين الدعم ورقابة القانون.  

 

ومما لا شك فيه أن شهر رمضان يمثل ذروة العمل الخيري في المجتمعات الإسلامية، إذ يحرص الأفراد والمؤسسات على تقديم التبرعات والزكاة لدعم الفئات الأكثر احتياجًا، ولأن العمل الخيري أصبح ركيزة أساسية في تحقيق التكافل الاجتماعي، فقد عمدت الدول العربية إلى وضع أطر قانونية تنظم جمع التبرعات وإنفاقها، وذلك لضمان وصولها إلى مستحقيها، ومنع أي استغلال غير مشروع لها.   

 

ددسس

 

الاقتصاد الخيري في رمضان: التبرعات بين الدعم ورقابة القانون

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على التبرعات بين الدعم ورقابة القانون في التشريعات العربية، حيث إنه رغم أن الهدف الأساسي من هذه التشريعات هو تعزيز العمل الخيري وحمايته، إلا أن طبيعة التنظيم القانوني تختلف من دولة إلى أخرى، وفقًا لخصوصيات كل نظام قانوني، وبينما تفرض بعض الدول رقابة صارمة على التبرعات، تتيح دول أخرى هامشًا أوسع من المرونة، مما يدعو إلى دراسة هذه الفروقات، واستعراض أثرها على الاقتصاد والعمل الخيري، مع تقديم رؤية قانونية تحقق التوازن بين حرية التبرع ومتطلبات الرقابة – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض رجب السيد قاسم.

 

مصر: أقدم نظام قانوني مع تعديلات متكررة

 

في مصر، يخضع جمع التبرعات للقانون رقم (149) لسنة 2019 بشأن العمل الأهلي، حيث تشرف وزارة التضامن الاجتماعي على الجمعيات الخيرية، وتفرض قيودًا على التمويل الأجنبي كما أنشأت الدولة جهات لتنظيم التبرعات الرسمية، على الرغم من محاولات الدولة لتحسين وتنظيم العمل الخيري، إلا أن التحديات المتمثلة في عدد الجمعيات الخيرية الكبير وغياب التنسيق بين بعضها يعيق عملية الرقابة الفعالة تعمل الحكومة على تحسين الأداء الرقابي عبر برامج توعية وتطوير منصات إلكترونية موثوقة لجمع التبرعات – وفقا لـ"قاسم". 

 

ططسسس

 

يُظهر النظام المصري العديد من التحولات القانونية التي تهدف إلى ضمان نزاهة العمل الخيري، كما تركز الحكومة في تعزيز الرقابة على الأموال الخارجية، وخصوصًا تلك التي تأتي من المنظمات الدولية التي تسعى لتمويل مشاريع إنسانية.

 

السعودية: رقابة مركزية وتشديد على الامتثال

 

في المملكة العربية السعودية، تخضع التبرعات لإشراف وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، مع حظر أي حملات خيرية دون ترخيص رسمي، كما يتولى مركز الملك سلمان للإغاثة والهيئة العامة للأوقاف الإشراف على أموال الزكاة والأعمال الخيرية وتُفرض عقوبات صارمة على جمع التبرعات دون إذن مسبق، خاصة عبر الإنترنت، وتسعى المملكة إلى تحقيق العدالة في توزيع التبرعات لضمان وصولها إلى مستحقيها. بالإضافة إلى ذلك، يتم التركيز على دعم مشروعات إعادة إعمار المناطق المنكوبة والإغاثة العاجلة في حالات الطوارئ كما يفرض القانون مراقبة دقيقة على الأموال التي يتم جمعها عبر القنوات الإلكترونية – هكذا يقول "قاسم". 

 

ككسس

 

وما يميز النظام السعودي هو تكامل البنية القانونية والرقابية التي تضمن عدم استغلال العمل الخيري لأغراض أخرى غير تلك التي حددها الشرع. كما أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تعمل على تكثيف الحملات التوعوية للمواطنين حول كيفية التبرع من خلال القنوات الرسمية.

 

الإمارات: إطار قانوني حديث ومنصات رسمية

 

في الإمارات، ينظم القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 2021 جمع التبرعات، مع اشتراط الحصول على تراخيص مسبقة وفرض عقوبات على المخالفين كما أنشأت الحكومة منصات رسمية مثل "هيئة الهلال الأحمر" لضمان شفافية التبرعات.

 

تعمل الإمارات على تشجيع المواطنين والمقيمين على التبرع من خلال منصات إلكترونية مضمونة، مما يسهم في تنظيم العملية الخيرية وتحقيق العدالة في توزيع المساعدات في الوقت نفسه، تحرص الإمارات على ضمان أن هذه الأموال تُستخدم فقط في الأغراض الخيرية، وأنه يتم تسليمها إلى الجهات المعتمدة – الكلام لـ"قاسم". 

 

خخؤؤ

 

من خلال هذا التنظيم، تهدف الإمارات إلى تحسين عمليات جمع التبرعات وتوجيهها نحو المشاريع التي تخدم أهداف التنمية المستدامة، كما تسعى إلى تعزيز الشفافية من خلال تحديث المنصات الإلكترونية التي تتيح للأفراد متابعة تبرعاتهم وكيفية صرفها.

 

البحرين: موازنة بين العمل الخيري والرقابة المالية

 

في البحرين، تشرف المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية ووزارة التنمية الاجتماعية على العمل الخيري، مع اشتراط الترخيص المسبق لأي حملة لجمع التبرعات، واعتماد آليات تسجيل إلكتروني لتعزيز الشفافية.

 

البحرين تعتمد على قاعدة بيانات شاملة لجمع التبرعات، مما يساهم في ضمان أن الأموال تُستخدم للأغراض المخصصة لها. كما تعمل الحكومة على زيادة الوعي بين المواطنين بشأن أهمية الرقابة على الأموال العامة والمساهمة الفعالة في العمل الخيري.

 

من ناحية أخرى، يعزز النظام البحريني التفاعل بين الدولة والقطاع الخاص في إدارة الأعمال الخيرية، مما يعكس درجة من التعاون بين مختلف الأطراف لتحقيق الأهداف الاجتماعية المرجوة البحرين أيضًا تشهد العديد من المبادرات الخيرية التي تهدف إلى دعم الفئات الاجتماعية المهمشة.

 

سلطنة عمان: تنظيم صارم لحماية المال الخيري

 

تُشرف وزارة التنمية الاجتماعية والهيئة العامة للأوقاف على جمع التبرعات، ولا يُسمح بأي تبرعات خارج القنوات المرخصة. كما أنشأت الحكومة منصات إلكترونية معتمدة، مع فرض قيود مشددة على التبرعات الخارجية.

 

سلطنة عمان تشدد على احترام القيم الدينية والاجتماعية التي تحكم العمل الخيري، وتعمل على منع أي تلاعب أو استغلال في جمع التبرعات كما تشارك الدولة بشكل نشط في تنظيم حملات إغاثية وإنسانية في شهر رمضان، مما يعكس التزامها العميق بالمبادئ الإنسانية.

 

الرقابة الصارمة في عمان تهدف إلى الحفاظ على نزاهة العمل الخيري من أي محاولات استغلال الحكومة العمانية تضع خططًا استراتيجية لتنظيم الأموال القادمة من داخل وخارج الدولة، بهدف تحقيق العدالة في توزيع المساعدات على المستحقين.

 

 

الأثر الاقتصادي للتبرعات والزكاة في رمضان

 

تؤثر التبرعات والزكاة بشكل مباشر على الاقتصاد، إذ تسهم في دعم المشروعات الصغيرة، وتوفير فرص العمل، وتمويل الخدمات الصحية والتعليمية. ففي دول الخليج، تُوجه أموال الزكاة إلى صناديق حكومية تدعم برامج الإسكان والرعاية الصحية، بينما تعتمد مصر على الجمعيات الخيرية في سد الفجوات الاجتماعية.

 

السعودية والإمارات تركزان على مشروعات التنمية المستدامة، مما يعزز الاقتصاد المحلي، ويخلق فرصًا عمل جديدة وفي البحرين وعمان، يساهم تنظيم العمل الخيري في ضمان أن الأموال تُستثمر في برامج اجتماعية مفيدة، مثل بناء المرافق العامة وتحسين مستوى المعيشة. 

 

أما في مصر، فإن ضخ الأموال في مشروعات التنمية الاجتماعية يعزز من قدرة الحكومة على مواجهة التحديات الاقتصادية والظروف الاجتماعية الصعبة.

 

ورغم أهمية هذا الدور، فإن غياب الرقابة الصارمة قد يؤدي إلى استغلال التبرعات في أنشطة غير مشروعة، وهو ما دفع العديد من الدول إلى تشديد القوانين المنظمة لهذه العملية.

 

مقارنة بين النظم القانونية في الدول العربية

 

تظهر فروقات واضحة بين التشريعات في الدول العربية ففي دول الخليج، تفرض القوانين رقابة صارمة على التبرعات، مع اشتراط الحصول على تراخيص مسبقة وفرض عقوبات على المخالفين أما في مصر، فبالرغم من وجود تنظيم قانوني محكم، إلا أن العدد الكبير من الجمعيات الخيرية واعتماد بعضها على التبرعات غير المنظمة يشكلان تحديًا أمام الرقابة الفعالة – الكلام لـ"قاسم".

 

وفي البحرين وسلطنة عمان، تسعى القوانين إلى تحقيق توازن بين الرقابة وحرية العمل الخيري، بينما تتبنى الإمارات والسعودية نموذجًا صارمًا يركز على العمل الخيري المؤسسي، مع قيود كبيرة على التبرعات الفردية العشوائية.

 

رؤية قانونية

 

إذ يتجه العالم إلى تعزيز الشفافية المالية، فإن التشريعات المنظمة لجمع التبرعات ينبغي أن تحقق التوازن بين دعم العمل الخيري ومنع إساءة استخدامه وتقدم التجربة الخليجية نموذجًا متقدمًا في هذا الصدد، حيث تعتمد على الرقابة الحكومية المباشرة، مما يقلل من مخاطر استغلال أموال الزكاة والتبرعات.

 

وفي المقابل، فإن مصر بحاجة إلى تطوير آليات رقابية أكثر كفاءة، خاصة مع تزايد اعتماد الجمعيات الخيرية على التبرعات الفردية. كما أن تعزيز استخدام التكنولوجيا في إدارة أموال الزكاة، عبر إطلاق منصات إلكترونية رسمية، يمكن أن يسهم في زيادة كفاءتها وضمان وصولها إلى مستحقيها.

 

وعليه، فإن تطوير التشريعات بما يحقق الشفافية والكفاءة في إدارة التبرعات والزكاة في رمضان أمر ضروري لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية على المستوى العربي، ينبغي تبني نماذج قانونية مبتكرة تتناسب مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية، وتراعي التنوع الثقافي والشرعي بين الدول ومن خلال تحسين الرقابة على الأموال التي يتم جمعها، سواء عبر الجمعيات الخيرية أو عبر القنوات الإلكترونية، يمكن تحقيق نتائج إيجابية تعود بالنفع على المجتمع ككل.

 

كما أن التشريعات يجب أن تواكب تطور الأدوات المالية الحديثة، مثل الدفع الإلكتروني، من خلال وضع قوانين تحكم هذه الوسائل وتوفر الأمان والحماية للمساهمين وعلى الدول أن تواكب هذا التغير سريعًا، وتُعزز من قدرتها على مراقبة الأموال باستخدام التكنولوجيا الحديثة لضمان أن التبرعات تُوجه بشكل صحيح.

 

وفي هذا السياق، لا بد من التأكيد على أهمية التعليم والتوعية القانونية في كافة الدول العربية حول أهمية الرقابة على الأعمال الخيرية والتبرعات، وأثر ذلك على الاقتصاد الوطني وهذا يتطلب تكاتفًا بين الحكومة والمجتمع المدني لتحقيق الأهداف المرجوة.

 

ختاما

 

في نهاية المطاف، يمكن القول إن العمل الخيري في شهر رمضان يشكل جزءًا أساسيًا من النسيج الاجتماعي والاقتصادي في العالم العربي، لكن لا بد من مراعاة الجوانب القانونية والتنظيمية لضمان استمراريته، ونجاحه ويجب على الدول العربية أن تواصل تعزيز التشريعات المتعلقة بالتبرعات والزكاة، والعمل على تبسيط الإجراءات القانونية لتحقيق أقصى استفادة من هذه الأموال الخيرية.

 

إن تحقيق التوازن بين حرية العمل الخيري وبين الرقابة القانونية سيكون له دور محوري في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية المستدامة، ويبقى التحدي الأكبر في تطبيق هذه الأنظمة بفعالية وبما يحقق الأهداف الإنسانية والتجارية على حد سواء، مما يضمن تقديم أفضل الخدمات لأبناء المجتمع في الشهر الفضيل.  

 

367396368_6390240287689085_5499510531000584345_n
 
 
الخبير القانونى والمحامى بالنقض رجب السيد قاسم
 

print